الفضاء العام (Public Sphere)
فئة : مفاهيم
الفضاء العام أو المجال العام يتكوّن "من أمكنة تصوّريّة إلى حدّ ما (مقهى، الصحافة، محكمة، الراديو، أماكن الاجتماعات..) حيث يجتمع المواطنون لمناقشة مواضيع تتعلّق بالمجتمع. إذ يثير الأفراد في هذه الأماكن نقاشات أو يقومون ببعض الأعمال (إضرابات، عرائض، تظاهرات..) تتعلّق بالصالح العام ويمكن لها أن تؤثّر في القرارات السياسيّة" (دورتيه، 2009، ص 963). فهو إذن يمثّل حيّزا من الحياة الاجتماعيّة ينشأ عبر تفاعل الأفراد وحواراتهم الحرّة والعقلانيّة مع بعضهم البعض في مسائل تخصّ الصالح العام، بقطع النظر عن انتماءاتهم والفروق التي قد تكون موجودة بينهم، ويمكن من خلاله أن يتمّ تشكيل ما يقترب من الرأي العام. ويكاد يتّفق علماء الاجتماع على أنّ الفضل في بروز هذا المفهوم يعود إلى الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني يورجن هابرماس الذي قدّمه في سياق نظريّة واضحة المعالم من خلال كتابه الصادر سنة 1961 تحت عنوان: "التحوّل البنيوي للمجال العام" (Structural Transformation of the Public Sphere) وإن اعترف هابرماس نفسه أنّ جذور هذا المفهوم ضاربة في القدم انطلاقا من المدينة الإغريقيّة التي كان فيها الفصل بين مجال الدولة أو الحكومة ومجال جمهور الشعب أو العامة قائما متجسّدا خاصة في ساحة السوق وربّما في أماكن أخرى أيضا، إضافة إلى جملة من المؤسسات الاجتماعيّة التي برزت في القرن الثامن عشر في أوروبا مثل المجلات والصحف والمقاهي بأنجلترا والصالونات الباريسيّة بفرنسا ونوادي القراءة بألمانيا.. وكانت جميعها فضاء لمناقشة القضايا أو المسائل الاجتماعيّة والسياسيّة مناقشة نقديّة دفعت بالمجال العام ليشكّل سلطة في مواجهة الدولة كان من نتائجها الديمقراطيّة النيابيّة. هذا فضلا عن وجود إشارات تثبت أنّ ابتكار هذا المفهوم يعود إلى الفيلسوف الألماني كانط. ويبقى إنجاز هابرماس في كونه اشتغل على هذا المفهوم بعمق أكبر وقدّمه في شكل نظريّة واضحة.
انظر:
· دورتيه، ج.ف. (2009). معجم العلوم الإنسانيّة. (ط.1). أبو ظبي- الإمارات العربيّة المتّحدة، بيروت-لبنان: كلمة ومجد المؤسسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع.