الفكر المرفوض: علي حرب ناقداً لبوبر
فئة : مقالات
"الكلمات لا تهم وأنا في الواقع لا أعبأ بها، حتى وإن ألصقوا بي بطاقة خاطئة ومضللة تماما.....أنا فقط أجادل في أن مثل هذا الإجراء لا هو نزيه، ولا هو خليق بأن يوضح الأمور"
كارل بوبر
هل يمكن للنقد الفلسفيّ أن يوجد دون الحاجة إلى البدء بمرحلة قراءة النصوص الفكريّة المكتوبة بلغاتها الأصلية أو المترجمة إلى اللغات الأخرى؟ وما هي قيمة النص النّقدي الذي ينتج بالاعتماد على نصوص ثانوية، لا تعدو كونها أكثر من مجرد قراءات خاصة بأصحابها للنص الأصلي المفتوح على أفق التأويلات المتعددة؟
يقودنا هذان السؤالان بالضرورة إلى أن نصل لعَتبة سؤال ثالث مفاده: كيف يمكن لنا أن نفرق بين النقد الحقيقي والنقد الزائف؟ أو بصيغة تساؤلية أخرى؛ هل من حدود يمكن الوقوف عندها للتمييز ما بين غنى النقد الموضوعي ذي الحمولة الإبستمولوجية، وفقر نقيضه الذاتي المبني على أساس التحيزات الفكريّة؟
تثير هذه الأسئلة الثلاثة، قضيّتين على درجة كبير من الأهمية؛ فبينما يطرح السؤال الأول والثاني إشكاليّة العلاقة بين الناقد بوصفه قارئا والنص للمناقشة، نجد أن السؤال الثالث يهتم بإبراز مدى الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه المنهج النقدي المعتمد في عملية القراءة، وأثره في تحديد نوع الأحكام والنتائج المترتبة عنها، وهو ما يهمنا هنا من حيث العلاقة بين الفكر البوبري وما كتبه علي حرب عنه تحت عنوان "نقد كارل بوبر، عقلانية ضيقة وليبرالية حصرية"[1].
قبل الدخول في مناقشة الأحكام التي أطلقها علي حرب على بوبر وفلسفته، وتواصلا مع الأسئلة الإشكاليّة التي افتتحنا بها هذا المقال البحثي، أجد ومن الضروري التنبيه إلى أن مفارقة حرب الإجرائية، والتي كانت السّبب في إنتاج سائر ما قرره من أحكام تبخيسيّة، إنما تكمن في أن ناقدنا التفكيكي الكبير لم يقرأ نصوص كارل بوبر!
نعم، علي حرب لم يقرأ مؤلفات بوبر المكتوبة باللغات الأجنبية، كما أنّه لم يطلع على معظم ما كتب أو ترجم عنه إلى اللّغة العربية[2]، تتضح هذه المفارقة وبصورة لا تقبل الشكّ من معطيات القراءة المتأنية لما كتبه حرب على طول صفحاته الثلاث عشرة، فهو لم يستشهد ولو لمَرّة واحدة بأي نص من الكتابات الإبستمولوجية أو السياسية العائدة لبوبر، كما أنه لم يضع أي هامش يشير فيه إلى أي كتاب لهذا الفيلسوف، وذلك بخلاف ما فعله تماما مع معظم المفكرين والفلاسفة الذين تناولهم في نفس الكتاب[3].
إنّ حالة الرّيبة التي سترافق القارئ الناقد منذ أوّل صفحة كتبها حرب، وبسبب عَدَم حضور مقتبسات من كتابات بوبر، وغياب هوامش الإحالة إلى مؤلفاته، سرعان ما ستتبدَّد عند بلوغه الصفحة الأخيرة، وذلك حالما يصل إلى قائمة المراجع التي اعتمد عليها علي حرب، إذ لم تحتوِ هذه القائمة سوى على مرجعين ثانويين: الأول هو كتاب "كارل بوبر، مدخل الى العقلانية النقدية" لمؤلفه الدكتور أسامة عرابي. أما المرجع الآخر، فهو أحد اعداد مجلة القاهرة والصادر في شهر أكتوبر من عام 1994.
وحرصا منا على توخي الدقة في الطرح وتجنب الإطالة، فقد ارتأينا أن نقتصر في بحثنا هذا على مناقشة موضوعتي السَّعادة والعقلانيّة لدى كارل بوبر، واللتان تناولهما علي حرب بالنّقد من بين موضوعات أخرى، علماً بأنّ منهج حرب في معالجة بَقيّة الموضوعات هو ذات المنهج. وعليه، فإنّ الخُلاصة المحددة في نهاية هذا البحث تنطبق بالنتيجة على كلّ ما كتبه حرب عن بوبر.
ـ السَّعادة لا تليق بالفلاسفة
في عُرف علي حرب أن المشتغل بالفلسفة وبحكم توتره الدائم وارتحاله المتواصل في عالم الفكر، لابُدَّ وأن يكون إنسانا مخروم السَّعادة
زَوَّدت القراءة اللامباشرة والمحدودة التي انتهجها حرب، في تعامله مع بوبر، خياله بصورة غير حقيقية عن هذا الفيلسوف ومجمل ما أنتجه من نظريات ومفاهيم معرفية؛ فالصورة التي صنعها حرب كانت شبيهه جدا بهيئة رجل القش في المغالطة ذائعة الصيت تحت هذا المسمى، فحرب فعلياً، لم يستطع أن ينال سوى من صورة بوبر المصطنعة في ذهنه، والتي فضل أن يختتم طعنه الإسقاطي لها من ذات النقطة التي بدأ منها هجومه، والمحددة بمفهوم السَّعادة.
ففي الصفحة الأخيرة من بحثه وتحت لافتة انتقاصية معنونة "بالأقل فلسفية" يكتب علي حرب قائلا: "بقي أمر آخر يختص بعلاقة بوبر بالفلسفة وبعض الفلاسفة. ويعنيني هنا مباهاته بأنه "أسعد الفلاسفة على الإطلاق"، كما كتب في سيرته. وأنا أصدق هذا التصريح الذي يشهد به بوبر على نفسه؛ أي إنه أقل فلسفية مما يحسب. فالفيلسوف، وكل مشتغل بالفكر، يقيم في قلقه ويبقى على توتره. إذ الفكر هو توتر دائم وارتحال متواصل بين الحدود القصوى للأشياء. والمتوتر لا يقر له قرار، ولا يهدأ له بال، مما يجعل سعادته مشوبة أو مخرومة، أو هو على الأقل سعيد بخروجه على ذاته، راض بتوتره وفقدانه الأمن المعرفي. ولا أظن أن بوبر اتجه بذهنه إلى مثل هذا المعنى؛ إذ هو كان دوغمائيا فيما يقرره عن الحقائق. والدوغمائي، الواثق بمبادئه المطمئن إلى معارفه، وحده هو السعيد فلسفيا"[4].
وبعلى الرغم من أن السَّعادة من المفاهيم المختلف عليها لدى الفلاسفة بشكل كبير، إلا أننا نجد حرب في النص الآنف، وقد تعامل معها وكأنها من البديهيات التي لا يتطلب استدعاء معناها إلى الذهن سوى التلفظ بمصطلحها، وهذا مما يدلّ على أن حرب وليس بوبر، هو من تعامل مع مفهوم السَّعادة دوغمائيا، إذ نظر إليها بوصفها معنى محدد الدلالة بصورة قطعيّة، نافياً بذلك أية إمكانية لوجود تعريف آخر مغاير لما يتبنّاه.
ولكي تتضح حقيقة المفارقة التي ارتكبها حرب عند هذه النقطة، لابد لنا، أولا، من أن نقف عند الصورة المفهومية التي يمنحها حرب لهذا المصطلح، ومن ثمّ، بعد ذلك، نعرج على معنى السَّعادة لدى كارل بوبر، وبهذه الطريقة فقط، من التحليل المقارن بين دلالة السَّعادة لدى كلّ من حرب وبوبر، نستطيع أن نكشف عن مدى التحريف التصوري الذي مارسه حرب، وحاول تقديمه للقارئ العربي بهيئة التفكيك الموضوعي المُحايد.
يبني علي حرب فهمه لمصطلح السَّعادة لدى بوبر، على تَصَوَّر مغرق في التبسيط والاختزال، ومن الواضح لكلّ من يقرأ نصه، بأنه ينسب إلى بوبر فهما للسَّعادة يكاد يقترب وما نلقاه حاضرا لدى الإنسان العادي، أو غير الفيلسوف، ففي عُرف علي حرب أن المشتغل بالفلسفة وبحكم توتره الدائم وارتحاله المتواصل في عالم الفكر، لابُدَّ وأن يكون إنسانا مخروم السَّعادة، وذلك بعكس صاحب الفكر الدوغمائي، الذي لا يخالجه الشكّ فيما يتبنى من أفكار ويعتنق من عقائد، فهو وحده السعيد فلسفيا في هذا العالم، أينما حلّ، ومهما فعل.
يبدو واضحا بأن نوع السَّعادة الذي يهاجمه حرب لدى بوبر، هو من نوع الطمأنينة الذهنية، التي لا تنسجم وطبيعة الذات الفلسفية المفكرة، فالفيلسوف وبحكم طبيعته العقلية المتشككة والناقدة لكل ما حولها، لا يمكن، إلا وأن يكون قلقا، ومتوترا، ومرتحلا، وهو ما لا نجده لدى بوبر الذي يتباهى بكونه أسعد الفلاسفة.
إنَّ التعارض المقولي الواضح ما بين نفي حرب لإمكانية سَّعادة الفيلسوف، ومباهاة بوبر بكونه فيلسوفا سعيدا، لا يمكن أن يجد حله الواضح دون الوقوف على معنى السَّعادة في منظومة الفكر البوبري، فعندها فقط، يمكن لنا أن نخرج بحكم موضوعي مقارن، من شأنه إزالة ما يحيط بهذه المسألة من غموض، وأن يبين لنا مكامن الهفوات المفهومية التي وقع فيها حرب.
لحسن الحظ، وكعادته في توخي التعبير الواضح عما يفكر به، يضع بوبر لنا نصا مهما عن الفلسفة وعلاقتها بالسَّعادة، يقول فيه: "في الحقيقة، لا يوجد طريق واحد إلى العلم والفلسفة. في مواجهة مشكلة ما، ينبغي أن تتعرف عليها تماما، وأن تقع في هواها، أن تصير لها زوجا، وأن تعيش معها بسعادة، الى أن يفرق بينكما الموت ـ مالم تواجه مشكلة أخرى أكثر فتنة، أو مالم تصل في الواقع إلى حل، لكن إذا وصلت إلى حل، فإنك قد تكتشف عندئذ بأنك سعيد، بوجود عائلة ساحرة ـ مع أن مشكلة الأطفال قد تكون أصعب، لكن سعادتك قد تكون في العمل من أجل هدف حتى نهاية حياتك"[5].
ليس من قبيل الصُّدَف أن يقرن بوبر سَّعادة الفيلسوف أو العالِم، بوجوب الانشغال بالبحث عن حلول المشكلات التي تواجههما، فهو في هذا الجانب، يعتبر من الفلاسفة الذين يتبنون التَصوّر الكانطي* الأكثر عمقا لمسألة السَّعادة، ذلك التصوّر الذي يشدّد على أنه" وبخلاف التعاسة التي يمكن تعريفها وتحديدها، سيظل من الصعب وللأبد تعريف السعادة بشكل مسبق"[6]، وبحسب هذه الرؤية، فإن مصادر التعاسة في حياة البشر هي ما يمكن رصده وتحديده بسهولة، فالحرب، والاستبداد، والتعصّب، والعبوديَّة، والمرض، والفقر، والجهل، والبطالة وغيرها من الظواهر التي تجلب الآلام للبشرية، هي ما في الإمكان النظري والعملي ملاحظتها، وفهمها، وتفسيرها، وبالتالي هي من يجب أن تحتل مرتبة الصدارة، في أولويات أية نظرية فلسفية أو علمية، تكون غايتها الأساسية العمل على التخفيف من عناء البؤس الذي يثقل كاهل المجتمعات البشريّة ويسحق إنسانية أفرادها.
وبناءً على هذا الفهم لإشكاليّة السَّعادة، عمل بوبر على إحداث تَغيير جوهري في مذهب المنفعة العامة، فمعه لم تعد المنفعة تقدم بوصفها "أكبر قدر من السعادة لأكثر عدد من الناس"، وإنما هي أخذت تعني "أقل قدر ممكن من المعاناة، للجميع"، وقد عد مثل هذا التعديل الذي ادخل على مذهب المنفعة بصيغته البنتامية**، بمثابة "إضافة للمذهب لا نقضا له، وهي صيغة تعكس التوجه التكذيبي في المعرفة العلميّة عند بوبر، بقدر ما تعكس توجهه العملي في الفكر السياسي. ويطلق على هذه الصيغة "مذهب المنفعة السلبية" negative utilitarianism، وهي تتميز بكونها تلفت الأنظار مباشرة الى المشكلات، وتحفز على الفعل العاجل لإصلاح ما يتكشف من العيوب. إننا لا نعرف كيف نجعل الناس سعداء، ولكننا نعرف جيدا كيف نقلل شقائهم. إنه مبدأ سياسي عملي، يكرس نفسه للتغيير، منطلقا في ذلك من الحرص على مصلحة البشر ويشتمل على رغبة في إعادة تشكيل المؤسسات"[7].
من الواضح أن مثل هذا المقترب في النظر إلى السَّعادة، وإذ ينهض على رفض قصرها على مجرد التمتع بالملذات الحسيّة، فإنه لا يؤدي في النهاية، إلا أن يمنحها "معنى عقليا يتلاءم والفضيلة الأخلاقية، ذلك هو معنى الرضا عن الذات، أو الرضا العقلي، وما يمكن تسميته أيضا بالسلم الداخلي"[8]، وهو عين ما قصده بوبر، من وراء قوله: "لكن سعادتك قد تكون في العمل من أجل هدف حتى نهاية حياتك". هذا المعنى البوبري للسَّعادة بوصفها نوعا من السلام الداخلي، هو ما لم ينجح علي حرب، في الإمساك به، وسبب إخفاقه في هذا الأمر، عائد لكونه لم يتعامل مع السَّعادة بوصفها "مفهوم صوري تدخل تحته مضامين متعددة"[9]، يجب أن يأخذ تنوعها بعين الاعتبار عند دراسة فكر أي فيلسوف، وإنّما على العكس من ذلك تماما، نراه قد فضل إسقاط ما يمتلكه من معنى ذاتي للسَّعادة، على النص البوبري، موضوع التفكيك، وهو ما لا يمكن إدراجه نقديا، إلا ضمن إطار ممارسات العقل الاتّهامي وما يتطلّبه من منهجيّة وثوقيّة، تستبعد من دائرة اهتمامها كل إمكانية لفحص الأفكار المُسَبَّقَة التي تبدأ بها.
ـ عقلانيّة معادية أم عقلانيّة تواصلية؟
يبدأ علي حرب مهاجمته لمفهوم العقلانية لدى كارل بوبر، من نقطة عرضه لما يفترض أن يعنيه العقل لديه، فبحسب ادّعاء حرب "تنهض عقلانية بوبر، والتي تعرف بكونها معادية للاعقلانية، على بداهة مفادها أن العقل هو جوهر خال من الشوائب"[10]، واعتماداً على هذا التقرير الوحيد والمنفرد، والخالي من أية إحالة مصدريّة، يشرع حرب بسرد أهم عيوب ونقائص العقلانيّة لدى بوبر، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1ـ إننا مع بوبر "إزاء عقل أحادي تبسيطي، يعمل بمنطق الحصر والاستبعاد. إنه منطق الإحراج الذي يضعنا بين فكي.....العقل واللاعقل، بوصفهما نقيضين يطرد واحدهما الآخر، أو جوهرين يقوم كل منهما بمعزل عن الآخر".
2ـ إن "نفي اللامعقول لدى بوبر، هو تصور مغلق للعقل....وآية ذلك أن للامعقول حقيقته وقسطه من الوجود. إنه أصل العقل ومادته التي يتغذى منها ويشتغل عليها، بل هو صنوه الذي لا يفارقه وضده الذي لا يقوم من دونه".
3ـ تعامل بوبر مع العقلانية النقدية "وكأنها ذات محبوبة، وتعلق بها تعلق العاشق بمعشوقته"، وهو ما دفعه لنفي اللامعقول من دائرة اهتمامه، شأنه في ذلك شأن جميع العقلانيات الحديثة المتوالية منذ ديكارت، والتي عملت، ومن حيث لا تعقل "على تلغيم أنظمتها ومؤسساتها، بقدر ما سعت الى نفي أقاليم اللامعقول. ذلك ان اللامعقول هو البؤرة، والمشكاة، وهو الفطرة والبنية"[11].
يتضح مما تقدم، أنّ جوهر نقد حرب لعقلانيّة بوبر يقوم على أساس نفي هذه العقلانية لحقيقة اللامعقول وعدم الاعتراف بوجوده، وهو ما يساوي بينها وبين سائر اتّجاهات العقلانية الحديثة التي تشترك في إقصائها واستبعادها لكلّ ما هو لا عقلاني ولا واعي. وحرب في نقده هذا محق ومخطئ في ذات الوقت، فمن حيث انتقاده للعقلانيات الحديثة من جهة تمركزها حول العقل ونفيها للظواهر اللاعقلانية من دائرة اهتمامها، والتي ابتدأت مع اللحظة الديكارتية، لاشكّ في أنه مصيب، وهو هنا لم يأتِ بشيء جديد، فكلّ ما ذكره بهذا الصدد قد استعاره من آراء وتحليلات فلاسفة ما بعد الحداثة الغربيين، وفي مقدمتهم كل من ميشيل فوكو وجاك دريدا مؤسس المدرسة التفكيكية التي ينتمي إليها علي حرب.
أما من جِهة إدخاله لعقلانية كارل بوبر من ضمن العقلانيات الحديثة التي لا تعترف بالبعد اللاعقلاني للوجود الإنساني، فلا شكّ بأنّ حرب قد ارتكب خطأ كبيرا، لم يكن بالإمكان إتيانه، لولا حالة النقص المعرفي والتشوش المفهومي التي تلبّسته عند الكتابة في هذا الموضوع، وكما رأينا سابقا في موضوع السَّعادة من تَغييب للتَصوُّر البوبري الحقيقي لصالح حضور تَصوُّر آخر مختلق، كذلك فعل علي حرب عند تعامله مع مفهوم العقل وما يعنيه من دلالات لدى بوبر، وهو ما سنوضحه وبشيء من التفصيل، من خلال الفقرات التالية، والتي سنسلّط الضوء فيها على وجهة نظر بوبر في طبيعة الفارق ما بين كلّ من العقلانية النقدية والعقلانية الكلاسيكية، وكذلك على حقيقة وجهة نظرها في العقل وعلاقته بلا معقوله.
على العكس تماماً من الأسلوب العموميّ الذي يستخدمه علي حرب عند حديثه عن العقلانية، فإن كارل بوبر يَحرص كل الحرص على تحري الدِقَّة والوضوح عند تناولها بالبحث، وينبع اهتمام بوبر في تحليله لمفهوم العقلانيّة وما يندرج تحتها من اتّجاهات إبستمولوجية ومستويات اكسيومية، من كون شرحه لها إنما يأتي بمثابة المشهد الرئيس الذي لا غنى عن تَشييده من أجل تمهيد السَّبيل لتقديم المعنى الحقيقي للعقلانية النقدية، والتي لا يمكن إبراز أهم أسسها الإبستمولوجية المفتوحة، مالم لم تقارن بما في العقلانية الكلاسيكية من خصائص معرفية ذات منحى مغلق.
يدرج بوبر تحت مفهوم العقلانية الكلاسيكية (Classical Rationalism) كلا من العقلانية العقلية (Intellecual Rationalism) والعقلانية التجريبية (Emprical Rtaionalism)، وهو يتخذ من النزعة التأسيسية، لدى هاتين العقلانيتين معيارا أساسيا للتمييز بينهما، وبين العقلانية النقدية (Critical Rationalism)، فما يوحد بين هذين الاتجاهين؛ أي العقلانية العقلية والعقلانية التجريبية، وبالرغم من اختلافهما حول طبيعة مصدر المعرفة البشرية، هو اتّفاقهما على ضَرورة قيام هذه المعرفة على أساس يقيني لا يقبل الشكّ أو المراجعة، "فالعقلانية الحدسية تؤكد على سلطان العقل الوجودي والمعرفي(العقل الحادس)، في حين تؤكد التجريبية الفلسفية على سلطان التجربة(ونسختها الإحساسية تؤكد على سلطان إدراك الحواس). لكن كلا الموقفين يقاسم الثاني النظرة القائلة؛ إنه لابد من وجود سلطان ما لكي نحصل معرفة عقلانية وصورة عقلانية عن العالم معا؛ لأن المعرفة العقلانية معرفة يؤصلها الاستناد إلى سلطات مطلقة اليقين وغير قابلة للشكّ"[12].
وتبعاً لذلك، تسعى العقلانية الكلاسيكية عبر تحديد العقل أو الحَواسّ كأساس ثابت للمعرفة البشرية، إلى حل مشكلة أصل الحقيقة وربطها بحيازة اليقين الصادق في كل مجالات العلوم المختلفة، وبالتأكيد فإن النتيجة المنطقية والعملية لمِثل هذا التوجه ستقود إلى تنصيب الذات كمرجعية مَعصومة لأصل المعرفة، وهو ما يرفضه بوبر بشدة، ويعده اتّجاها فاشلا، كونه لا يفعل شيئا سوى إعادة إنتاج النزعة التسلطية في المعرفة، وهكذا ومع أهمية ما حققته العقلانية الكلاسيكية من إنجازات فلسفية وعلمية في سبيل تحرير العقل من الخضوع الطويل لهيمنة السلطة الدينية والأرسطية، إلا أنها مع ذلك لم تفعل شيئا، سوى إبدال سلطة مركزية بأخرى "فالعقلانية التجريبية تبدل سلطة الكنيسة والإنجيل وأرسطو، بسلطة الحواس، والعقلانية العقلية، تبدلها بسلطة العقل أو الحدس العقلي وما يبدو له واضحا ومتميزا. إنهما ما زالا يلجآن إلى ما يشبه السيطرة الدينية، هما فقط يغيران مصادر الحقيقة القصوى القاطعة اليقينية، التي لا تناقش. فقد وضع بيكون الحس، ووضع ديكارت العقل بدلا من الله"[13].
يرفض بوبر مثل هذا التمركز التأسيسي المفضي إلى تنصيب الذات العاقلة كسلطة عُليا للحقيقة اليقينية، ويدافع عن تموضع إبستمولوجي ينهض على قاعدة كسر المنطق الذاتوي في المعرفة، وضرورة إعادة بنائه على حقيقة جوهرها البينذاتي، ذلك الجوهر القائم في نظر بوبر على ركائز: النّقد، والنِقاش، والحُجّة، الحاضرة دوما ضمن إطار ما هو جماعي تفاعلي، والذي يتحدث عنه موضحا: "عندما أتحدث عن العقلانية، لا أعني بها نظرية فلسفية مثل نظرية ديكارت مثلا أو الاعتقاد اللامعقول بأن الإنسان جوهر عقلي محض. ما أعنيه عندما أتحدث عن العقل والعقلانية ليس سوى الاقتناع بأننا نستطيع التعلم عن طريق نقد أخطائنا، بصفة خاصة نقد الغير لنا ونقدنا لأنفسنا، فالعقلاني هو ببساطة إنسان يتعلم أكثر من إنسان متمسك بالحق، إنسان مستعد للتعلم من الآخرين، لا بمعنى التسليم ببساطة برأي غريب، ولكن بمعنى أن يسمح للآخرين بنقد آرائه.....فما نؤكد عليه هنا هو فكرة النقد أو بالتحديد المناقشة النقدية"[14]، ولا يكتفي بوبر في حدود نقد التمظهرات الحديثة للعقلانية الكلاسيكية التي يصفها بالعقلانية الكاذبة أو الزائفة (False or pseudo rationalism)، بل نجده يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، مُتحرّيا ومتتبعا أصولها الأولى، فما يسميه عقلانية كاذبة يرجع تاريخيا إلى "نزعة الحدس العقلي عند أفلاطون. إنها إيمان المرء غير المتواضع بعطايا عقلية عليا، وزعمه بأنها ملقنة ومتيقنة من معرفتها باستبداد مرجعي.....هذه النزعة العقلية الاستبدادية التي تبجل وجود سلطة مرجعية، هذا الإيمان بامتلاك أداة كشف معصومة، أو منهج معصوم، هذا العجز عن التمييز بين قدرات الإنسان العقلية ومديونيته للآخرين بكل ما أمكنه معرفته أو فهمه، هذه العقلانية الكاذبة تسمى في كثير من الأحيان عقلانية، ولكنها على طرفي نقيض مما نطلق عليه هذا الاسم"[15].
على أرضية مثل هذ الموقف النقدي للعقلانية الكلاسيكية، والواعي بمكامن نقص وهفوات نماذجها الأفلاطونية والبيكونية والديكارتية، يقدم بوبر للعالم بديله من العقلانية النقدية، تلك العقلانية الحقيقية True rationalism)) التي تقع على طرف نقيض من العقلانية الكاذبة، فعلى عكس هذه الأخيرة وبتجذرها الأفلاطوني، تجد العقلانية النقدية/الحقيقية أصلها في التواضع السقراطي "إنها إدراك المرء حدوده وتواضعه عقليا أمام من يعرفون أنهم في الغالب يخطئون، وأنهم يعتمدون كثيرا على الآخرين من أجل معرفة أنهم مخطئون؛ إدراك أننا يجب ألا نتوقع الكثير من العقل، وأن النقاش نادرا ما يحسم مسألة، رغم أنه الوسيلة الوحيدة للتعلم؛ لا من أجل الرؤية بوضوح، بل من أجل الرؤية بوضوح أكبر عن ذي قبل"[16].
إن ربط بوبر لمعنى العقل بدلالات كل من النّقد والنقاش والحُجّة والآخر، هو ما يؤكد وبما لا يقبل الشكّ، بأنّ العقل عنده "لا يمثل سلطة أخيرة غير قابلة للشك؛ لأن العقل ليس معصوما، بل هو خطاء"[17] وأن أخطاء هذا العقل لا يمكن أن تكتشف وتعالج ما لم تكن مصحوبة بالمناقشة النقديّة المتواصلة، فالنّقد وليس الحدس أو الحواسّ هو ما يمثل "القوة المحركة لنمو المعرفة"[18]، والنقد في التصور البوبري لا يمكن أن يفهم بمعزل عن المناقشة الموضوعية، إذ "إن الشخص العقلاني هو من يعتقد في أن المناقشة النقدية هي فقط من تساعدنا على التمييز في ميدان الأفكار بين الغث والسمين. وأنه يعرف بالفعل أن قبول أو رفض فكرة ما ليس مسألة عقلية بحتة، وإنما المناقشة النقدية وحدها هي ما يمكنها أن تقدم لنا النضج اللازم الذي يمكننا من رؤية الفكرة من وجوه شتى والحكم عليها حكما صحيحا"[19].
جوهر نقد حرب لعقلانيّة بوبر يقوم على أساس نفي هذه العقلانية لحقيقة اللامعقول وعدم الاعتراف بوجوده
ووفقا لهذا الفهم يغدو الطابع السوسيولوجي للعقل ذا أهمية كبيرة جدا من المنظور البوبري، فالعقل موضوعا في علاقة بينية تحاورية مع عقول الآخرين، وليس العقل الفردي المعزول، هو ما يجب التركيز عليه، وبوبر يؤكد هنا أن العقلاني هو من يعرف "بأنه يدين بعقله للآخرين، ويعرف أن وجهة النظر العقلانية النقدية يمكن ألا تكون سوى نتيجة لنقد الآخرين له، وأن الإنسان لا يمكنه الوصول الى النّقد الذاتي إلا عن طريق نقد الآخرين"[20]، ومن المنطقي أن يصل مثل هذا المنهج التواصلي في التعامل مع العقل إلى حقيقة أن "العقل كاللغة هو نتاج حياة اجتماعية"[21]، وقرن بوبر لكلّ من العقل واللّغة بالمجتمع هنا، إنما يأتي لإبراز جانب الأصل اللاعقلاني لكليهما، فالعقل واللّغة وبما أنهما ظاهرتان إنسانيتان لا يمكن أن يتجذرا في النهاية، إلا في تربة ما هو عاطفي ولاشعوري، وفيما يخص العقل، فإن العقلانية النقدية تعترف "بأن الموقف العقلاني الأساسي ينتج عن فعل إيمان: ينتج عن إيمان بالعقل. وعلى هذا، فخيارنا مفتوح. قد نختار صورة من اللاعقلانية، راديكالية أو شاملة. ولكننا أيضا أحرار في اختيار صورة نقدية من العقلانية تعترف صراحة في تجذرها في قرار لا عقلاني"[22].
كما رأينا في مفهوم السَّعادة، كذلك يظهر التحليل الموضوعي والمحايد لمفهوم العقل لدى بوبر، مدى الخطأ الكبير الذي وقع فيه علي حرب، وهو يشحن هذا المصطلح بدلالات مخالفة تماما لما قصد صاحب العقلانية النقدية منه، ومن المتوقع أن قارئ بحثنا هذا سيجد في إشارتنا لحقيقة عدم اطلاع علي حرب المباشر والواسع على مؤلفات كارل بوبر، ما يكفي لأن يكون تفسيرا مقنعا لفهم أسباب مثل هذه الممارسة النقدية المجانبة للموضوعية، وهو محق في ذلك بلا شكّ، غير أنه وإن اكتفى بذلك، فسيكون عندها قد رضي بنصف الإجابة، وترك النصف الثاني مهملا دون إضاءة، ذلك النصف الذي يأتي في معرض الإجابة عن سؤال: ولكن لماذا قنع حرب ـ وهو الناقد الكبير والمترجم المتمرس ـ بمثل هذه الحالة من القراءة المنقوصة وغير المباشرة عند الكتابة عن بوبر؟
للإجابة عن هذا التساؤل، لابد لنا من أن نسلط الضوء ولو قليلا على عالم الفكر الذي ينتمي إليه علي حرب، وأن نتعرف على بعض أهم النظريات والمقولات الأساسية التي تبناها وعمل على الاسترشاد بها عند كتابة ما سطره من أحكام بحق كارل بوبر، فالكاتب، أي كاتب، لا يستطيع دراسة أي موضوع فكري أو ظاهرة اجتماعية، ما لم يكن مؤمنا بنموذج معرفي محدد، نموذج تكون وظيفته الأساسية توفير الجهاز المفاهيمي اللازم لمساعدته في فهم وتفسير المادة موضوع الدراسة، وتبعا لذلك فمن المنطقي أن تغدو كل ملاحظة يجريها، أو قراءة ينجزها ملحقة بآثار هذه النموذج النظري، وفيما يخص علاقة علي حرب مع بوبر وعقلانيته النقدية؛ فمن الثابت أنها كانت محكومة بحدود ما أنتجته موجة ما بعد الحداثة من آراء وتصورات نقدية معادية لكل من الحداثة والعقلانية، وحرب لا يخفي هذا الأمر أو ينفيه، بل وعلى العكس من ذلك هو يعلن وبكل وضوح عن هوية المرجعية الفكرية التي سيستخدمها معيارا للحكم على العقلانية، قائلا: "سوف ادخل على العقلانية من الفضاء الفكري المتشكل في هذا العصر، الذي اصطلح على تسميته عصر ما بعد الحداثة".[23]
إذن ووفقا لاعتراف حرب هذا وغيره مما ورد في أكثر من موضع في كتابه، تعتبر ما بعد الحداثة ومقولاتها النظرية هي الإطار المعرفي الذي يسيطر على طريقة تفكيره، وبالتالي فهي من تتحكم في تحديد زاوية نظره للقضايا والأحداث التي ينوي مقاربتها، وهذا الأمر يعني بان علي حرب سيكون مُحيَّز ما بعد حداثيا عند نقده لموضوعات الحداثة والعقلانية وما يندرج تحتهما من ثيمات فرعية؛ أي إنه سيتعامل مع هذه الموضوعات وقد تشبع بجملة من الأفكار المسبقة عنها، والتي أخذها تمثلا عن كل من فوكو ودريدا وليوتار وغيرهم من الفلاسفة الذين يسمون بالنتشويين الجدد، وخير دليل على مثل هذا التعامل الموجه قبليا عند النظر في مفهوم العقلانية، هو ما يخبرنا به حرب في هذا المقطع: "من هذا المدخل النقدي (أي مدخل ما بعد الحداثة) يمكن التعاطي مع مقولة العقلانية التي هي من أبرز عناوين الحداثة. والنقد الذي أجراه المفكرون المعاصرون (مفكرو ما بعد الحداثة) يتيح لنا القول بأن العقل هو أقل معقولية مما حسب مفكرو الحداثة ودعاة العقلانية"[24].
يبدو واضحا ومن بين ثنايا ما أوردناه من نصوص وما أجريناه من تحليلات مفهومية، بأن تبني علي حرب لأطروحات ما بعد الحداثة ومقولاتها في قضايا الحداثة والعقلانية قد عمل على تحديد زاوية النظر لديه وضبطها مسبقا بما يتفق وما تتبناه هذه الحركة من مرجعيات فكرية. وبناءً على ذلك، فإن هذا الأمر قد ساهم وبدرجة كبيرة في إخراجه من دائرة التفاعل الحواري إلى دائرة الانفعال السِجالي، وخصوصا عند مُقاربته للفلاسفة المدافعين عن الحداثة أمثال كارل بوبر[25]، ومن المعروف أن الانفعال السِجالي في حقيقته ما هو إلا نوع من "التفاعل السلبي الذي يمنع المرء من رؤية الموضوع إلا من زاوية ما يسيء إليه (الموضوع) أو يشوه صورته. فهو لا يفكر به إلا ليصده ويردعه عنه"[26]، وهذا بالضبط ما فعله حرب عند تناوله للفكر البوبري، والذي وصل في تطرفه معه إلى الدرجة التي خول فيها لنفسه أن تمارس ما يشبه دور المرشد الفكري الذي يرى أن من واجبه اخبار الآخرين، وبصيغة رَفض شبه مطلقة، بحقيقة "أن فكر بوبر وبالإجمال لم يعد يصلح لنا نموذجا لكي نتمثل به العالم وأشياءه"[27].
إن الموقف السجالي الذي تبناه حرب، والقائم في جوهره على ثنائية الصديق والعدو، هو ما دفعه فعلياً لأن يصبح زاهداً في التعرف المباشر على الفكر البوبري، فحرب وبعد أن تملكته نزعة المغالبة النديّة، لم يعد يفكر بأكثر من هزيمة بوبر، وهو ما تسبب في وقوعه في خطأ الاكتفاء بالقراءة اللامباشرة والمحدودة، ذلك الخطأ المتعارض تماماً مع مخطط تراتبية الشروط الواجب مراعاتها عند الشروع في أية ممارسة نقدية، والتي لا يمكن أن تبدأ إلا من نقطة الشروع في القراءة المباشرة للنصوص المراد نقدها، فالنّقد "في حقيقة معناه الإيتمولوجي الأولي ليس إلا قراءة لاحقة لسابق أو مواز، أو على محادة ومحايثة مع آخر.....إذ ليس بالإمكان إلا القراءة أولا، ومن ثم النقد"[28].
لقد مثل فعل علي حرب بنقده لبوبر دون قراءة مؤلفاته، انتهاكاً فاضحاً لأهم أصل من أصول النقد الموضوعي والمتضمن في "ألا يبدأ الناقد بمذهب أو فكرة معينة، بل يبدأ من دراسة الأعمال الجزئية ذاتها، عملا بعد عمل، قبل أن يكون لنفسه الرأي الذي يكونه"[29]، خرق حرب هذا الموقف المنطقي والمنهجي الواجب مراعاته، وبدلاً من توليده الحكم النقدي من رَحِم القراءة الحوارية المباشرة لكتب بوبر المتعددة، فضل الاعتماد على ما تيسر له من مطالعات ثانوية محدودة في كتابة ما سطره من اتهامات لصاحب العقلانية النقدية، ومع هكذا هفوة ميتودولوجية وما تولد عنها من نقص في المعلومات وبساطة في التصورات، كان من الطبيعي أن تأتي تقريرات الأحكام "الحربية" على شكل سيل متوال من التمثلات المُشوَّهة والتعميمات المَغلوطة.
[1] علي حرب، الماهية والعلاقة، نحو منطق تحويلي، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1998، ص165
[2] لمعرفة عدد وعناوين الكتب المخصصة لدراسة الفكر البوبري، والتي كانت متداولة في المجال الثقافي العربي قبل صدور كتاب الماهية والعلاقة لعلي حرب، راجع مقالنا البحثي المعنون بالفكر المحظور: في التلقي العربي لفلسفة كارل بوبر، والمنشور على موقع مؤسسة مؤمنون بلا بحدود.
[3] على العكس من عدم اعتماده على القراءة المباشرة لمؤلفات بوبر، نجد بأن علي حرب يحرص كل الحرص على الرجوع المباشر الى نصوص معظم الفلاسفة الآخرين الذين تناولهم في نفس الكتاب، وهو ما تثبته حقيقة إحالاته المتكررة إلى كتب كل من كانط، وهيدجر، وفوكو، ودريدا، ورورتي، وليوتار، وبورديو، وفاتيمو باللغة الفرنسية، ومؤلفات تشومسكي، وغيتاري المترجمة الى العربية، ولمزيد من المعلومات راجع كتاب: الماهية والعلاقة، الصفحات: 17، 18، 32، 37، 52، 263
[4] الماهية والعلاقة، مصدر سبق ذكره، ص ص 176ـ177
[5] دراسة في مبدأ اللاحتمية عند كارل بوبر، محمد هاني خليل السيد أحمد، أزمنة للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 2013، ص225
* نسبة الى الفيلسوف الألماني الشهير عمانوئيل كانط (1724-1804)
[6] لوك فيري، مفارقات السعادة، ترجمة: أيمن عبد الهادي، دار التنوير، بيروت، ط1، 2018، ص50
** نسبة إلى الفيلسوف الانكليزي ومؤسس المذهب النفعي جيرمي بنتام (1748ـ1832)
[7] د. عادل مصطفى، فقه الديمقراطية، رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، ط1، 2012، ص ص19ـ20
[8] د. عبد الحق منصف، الأخلاق والسياسة، كانط في مواجهة الحداثة، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2010، ص166
[9] د. معن زيادة، الموسوعة الفلسفية العربية، معهد الإنماء القومي، بيروت، المجلد الأول، 1986، ص479
[10] الماهية والعلاقة، مصدر سبق ذكره، 169
[11] نفس المصدر، ص169ـ170
[12] أدموندس أبسالون، الموجز في راهن الإشكاليات الفلسفية، ترجمة: أبو يعرب المرزوقي، الدار المتوسطية للنشر، تونس، ط1، 2009، ص69
[13] يمنى طريف الخولي، فلسفة كارل بوبر، منهج العلم.. منطق العلم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1989، ص ص108 ـ109
[14] كارل بوبر، الحياة بأسرها حلول لمشاكل، ترجمة: د. بهاء درويش، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1998، ص168
[15] كارل بوبر، المجتمع المفتوح واعداؤه، ج2، ترجمة: حسام نايل، دار التنوير، بيروت، ط1، 2015، ص328
[16] نفس المصدر، ص327
[17] الموجز في راهن الإشكاليات، مصدر سبق ذكره، ص78
[18] كارل بوبر، أسطورة الإطار، ترجمة: يمنى طريف الخولي، سلسلة عالم المعرفة، العدد292، الكويت، ط1، 2003، ص172
[19] الحياة بأسرها حلول لمشاكل، مصدر سبق ذكره، ص168
[20] نفس المصدر، ص169
[21] المجتمع المفتوح وأعداؤه، مصدر سبق ذكره، ص325
[22] نفس المصدر، ص333
[23] الماهية والعلاقة، مصدر سبق ذكره، ص247
[24] نفس المصدر، ص249
[25] على شاكلة تعامله السجالي مع كارل بوبر، يفعل علي حرب ذات الشيء عند مقاربته للفيلسوف الألماني يورغان هابرماس، أحد أهم الفلاسفة المدافعين عن الحداثة وقيمها، إذ يصفه حرب وفي معرض تقييمه للحوار الذي دار بينه وبين فوكو بخصوص الأنوار، بأنه ذو عين تنويرية تقليدية، وأنه متحزب للأنوار، والأكثر من هذا وذاك، هو أن النقد الذي قدمه لنقاد التنوير وهم هنا فلاسفة ما بعد الحداثة، يمثل في نظر علي حرب شاهدا على الجانب المعتم والإقصائي في تجربة هذا الفيلسوف الكبير!! لمزيد من المعلومات راجع كتاب: الماهية والعلاقة، ص ص 254ـ255
[26] برهان غليون، اغتيال العقل، محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط3، 2004، ص68
[27] الماهية والعلاقة، مصدر سبق ذكره، ص166
[28] د. غضابنة الطاوس، استراتيجية القراءة المزدوجة في الفكر العربي المعاصر، بحث منشور في مجلة دراسات، العدد الرابع، جوان 2016، ص67.
[29] د. عبد الجليل كاظم الوالي، العقل والنقد، دار الكتاب الجامعي، العين ـ الإمارات العربية، ط1، 2006، ص17