الفلسفة الطبيعية


فئة :  ترجمات

الفلسفة الطبيعية

الفلسفة الطبيعية

تحتل الفلسفة الطبيعية، أو الفيزياء، مكاناً إشكالياً في متون القدماء؛ فهي في حقيقتها أنطولوجيا للعالم المحسوس، وهي بهذه الصفة غير منفصلة عن الميتافيزيقا. فعلى سبيل المثال، لا يمكن فهم أبحاث أرسطو الفيزيائية إلا في ضوء نظرياته في الجوهر والقوة والوحدة والمحرك الأول، والتي نجدها في كتابه «ما بعد الطبيعة». لكن ليست الفلسفة الطبيعية مجرَّد أنطولوجيا للعالم المحسوس، فهي لا تهدف إلى مجرد تفسير ما نسمِّيه «سيمانطيقا» العالم المحسوس**؛ فهي تحاول كذلك، في بعض الحالات، تقديم قواعد وصفيَّة تُمكِّننا من وصف المقولات التي تنتمي إليها الظاهرات على نحو عقلي. والمثال على ذلك هو الاختلاف بين الأنطولوجيا والفيزياء الرياضية. لكن كما سنرى في هذا الفصل، فإن الوصف العقلي للظاهرات ليس في حاجة بالضرورة لأن يكون رياضياً.

شهد الإسلام في عصره الكلاسيكي العديد من النظريات الفيزيائية، ومن بينها يمكن أن نذكر النظرية الذريَّة [نظرية الجزء الذي لا يتجزَّأ] لدى المتكلمين، والنظرية الفيزيائية الأرسطية الجديدة لدى الاتجاه السينوي، والنظرية الأرسطية الأرثوذكسية لابن رشد، ونظرية اللامتناهيات لدى الهندسيين. فهل هذا يعني الفشل في أيِّ سعي للعثور على فلسفة طبيعية موحدة في ذلك العصر؟ الإجابة هي على العكس التامُّ من ذلك، فرغم تعدُّد المدارس، فإن الجدل بينها تركَّز على مشكلات أساسية معدودة. ولا يعني هذا أن تلك المدارس اتَّفقت على مجموعة من المشكلات وحسب، بل وقدَّمت أيضاً حلولاً لها نابعة من بعض الأفكار المشتركة بينها. ويمكننا النظر إلى هذه الأفكار المشتركة على أنها تميِّز المرحلة الكلاسيكية، حتى ولو كانت نقاط الخلاف أوضح بين هذه المدارس المتنازعة فيما بينها. ولا يمكننا فهم ذلك التوافق النسبي بمجرَّد البحث في «مَنْ أثَّر في مَنْ». فالأحرى أن نوجِّهَ انتباهنا للضرورة الداخلية التي استشعرها الكثير من مفكري الإسلام في معاودة البحث في موضوعين أساسيين (ومترابطين) في الفيزياء الأرسطية: وضع «الفيزياء الصغرى»*، والتمييز بين القوة والفعل.

للاطلاع على نص الترجمة كاملا المرجو الضغط هنا

** أي: ما يشكل من هذا العالم معنى ودلالة بالنسبة إلينا، أو إلى الذات العارفة.

* «الفيزياء الصغرى» هي فيزياء الأجسام وتفاعلاتها مع بعضها وما تحوز عليه من «أعراض» وصفات أولية وثانوية، وهي ترجمة للمصطلح اللاتيني minima naturalia، في تمييز لها عن فيزياء أرسطو المهتمة بظواهر أكبر مثل المكان والزمان والحركة والأفلاك والمحرك الأول. والفيزياء الصغرى هي في الأساس فيزياء المتكلمين، مع نظريتهم الذرية في الجوهر الفرد أو الجزء الذي لا يتجزأ.