الفلسفة باعتبارها اقتدارا لا علاجا
فئة : مقالات
«يجب أن نتفلسف حقا، لا أن نتظاهر بالتفلسف، فحاجتنا ليست إلى شفاء ظاهري، وإنما إلى شفاء حقيقي».
أبيقور
«إنّ الذين يهتمون بالفلسفة بالمعنى الدقيق للكلمة، إنّما هم يتدربون على الموت».
أفلاطون
على سبيل التقديم:
هناك فرق مفصلي بين الفلسفة وبين وظائف الفلسفة، فإن كانت الفلسفة غالبا ما تظل غامضة عن عموم الناس العاديين، لأنّه في الحقيقة لا وجود لـ"الفلسفة" هكذا بالمعنى العام، بل هناك فلسفات لا حصر لها من ناحية الجذور النظرية ومن حيث القصدية النهائية، وبالتالي فالإحاطة بالخطوط العريضة لهذا التنوع يُصعِّب من عملية التّعرف على هذه الفلسفات لغير المتخصص، لِذا غالبا ما يبقى النقاش العام قائما ومرتكزا على أمرين:
1- «منافع/مضار الفلسفة»: وهذه الثنائية يمكن أن نجمل حولها عموم التاريخ الفلسفي القديم للتقليد الثقافي الناطق بالعربية، فهذا التاريخ لم يكن تاريخا فلسفيا بامتياز، بمعنى تاريخ تراكم للأفكار التقنية حول الفلسفة وإشكالاتها، وبالتالي تأسيس تقاليد نظرية صلبة ومتجذرة، بل هو غالبا تاريخ يحاول أن يُموضع ذاته ويبيّئها، ويعلل وجوده. حتى كانت النهاية في الأخير بالحسم قطعا مع قطب المنفعة، فصمتت الفلسفة نسبيا منذ سنة 1198م لسبعمئة سنة تقريبا.
2- «وظائف/أدوار الفلسفة»: رغم العودة النسبية للفلسفة ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر، وخصوص في القرن العشرين، إلاّ أن ثنائية النفع والضرر لم تنسحب نهائيا (ولم تنسحب إلى الآن) غير أنّه تمّ إضافة معطى آخر، نصوغه على شكل السؤال التالي: إذا ما افترضنا أن للفلسفة منافع، فما هي؟ وما هو الدور الأساس الذي يجب أن تقوم به لصالحنا؟ أو بدقة أكبر؛ ما الذي قد تقدمه لنا لصلاحنا وإصلاحنا؟ من هنا دخلنا تاريخا آخر، تاريخ يجعل من الفلسفة أداة، قد تكون أداة للتصالح مع الدين، أو للقيام بثورة عليه، أو لتحقيق التنوير، أو حتى تقديمها كخلاص وعلاج.
إذن وبعد هذا التاريخ الملتبس، الذي ابتدأ بمحاولة إيجاد شرعية التواجد والحضور، وانتهى بتوظيفات تعسفية في معارك وجبهات شتى، أيمكن القول إنّ للفلسفة مبتغى آخر غير هذه التوظيفات؟ أيمكن التنبيه أن للفلسفة آفاقا أخرى لم تدرك بالمعنى الصحيح؟ وأنّ ما سبق ليس سوى صياغات موازية عن الفلسفة، صياغات عامة وبسيطة عنها. وبمعنى آخر هي فهم من فهوم عديدة للفلسفة، انتصرت لا لأسباب تقنية داخلية، بل بسبب انتقاءات خارجية قولَبت الفلسفة في إطار شديد الضيق، إطار يعتبر الفلسفة حلا لمعضلات الجماعة من جهة، ومن جهة أخرى وسيلة لهزيمة العالم، أو العلاج منه، فهل الفلسفة حقا هي كذلك؟
ماركوس أوريليوس متأملا نفسه، أو الفلسفة كعودة لنظام الطبيعة
لم يفرض ماركوس أوريليوس[1] أية وصاية على العالم، وهو الإمبراطور الأعظم حينها، الرأس الأعلى لأكبر كيان سياسي ومدني في العالم القديم. لم يفكر في ادعاء الربوبية ولا النبوة، ولا حتى سلطة وصاية الحكيم على شعبه، ولم يجعل من تأملاته عقيدة ولا شريعة لمن يحكمهم، أو وصايا إلزام. ربما لو فعل هذا لكانت دراسته اليوم تنتمي إلى حقل تاريخ الأفكار الدينية، أو تاريخ الفكر السياسي، ولربما لقيت مجدا غير الذي هي عليه اليوم، إلاّ أنّه اختار طريقا غير تلك تماما، وما دوّن عنه التاريخ سوى كونه إمبراطورا من أباطرة الرومان، حتى كتاب التأملات الذي تركه من بعده، كان حريصا أن يبدأه بعنوان «Ta eis heauton» وهي عبارة باليونانية تعني "إلى نفسي"[2]. السائر على حواف هذه التأملات سيلتقي برجل يحاول أن يخوض معركة ضد ذاته، فهو يرى أنّ غزو العالم وتغييره يبتدئ بغزو دواخل الذات، ومُعاركتها بهدف الانعتاق من انجرافاتها. ليقول في إحدى الشذرات الباهرة: «أما أن تظل الإنسان نفسه الذي كنته حتى الآن، أن تتمزّق وتتشوه في هذه الحياة التي تحياها، فهو مجرد حرص بليد على الحياة، أشبه بحال المجالدين Gladiators الذين أكلت الوحوش نصف أبدانهم وهرستهم وسربلتهم بالدم، ولا يزالون يتوسلون للإبقاء على حياتهم إلى اليوم التالي، رغم أنهم في اليوم التالي سيتعرضون في نفس الحالة إلى نفس المخالب والأنياب. إذا أحسست أنّك تسقط وتفقد توازنك فالجأ بنفس راضية إلى ركن، حيث تستعيد اتزانك. وإلاّ فاجعل لك مخرجا عاجلا من الحياة، لا بانفعال بل ببساطة وحرية وتواضع...»[3]. أكبر سوء قد يلحقه المرء بنفسه هو أن يقبل وضعه في هذا العالم، فالحياة حسب فيلسوفنا ستغدو مقاما مرعبا لا يعفي منها سوى رحيل أنيق[4]. لهذا، فالحصول على الحل لا يأتي من خارجنا، بل هو حل داخلي بامتياز، حل قائم على المكابدة بغرض التلاؤم مع نظام العالم. فالفساد القائم في هذا العالم ليس أصليا، هو انعكاس لتشوهاتنا الداخلية، وما دامت هناك إمكانية لتصويب الذات، فهناك إمكانية لتصويب جزء من هذا العالم. لهذا، فالخلاص الذي يقترحه ماركوس أوريليوس -بتواضع لا بوصاية- خلاص لا يبشر بنهايات مطلقة، ولا بوعد ورائي، ولا بثورة ضد كل شيء، هو خلاص يلتقي فيه الإنسان بدواخله، وبتذكيره بأنّ المعركة الكبرى هي معركة ضد النزوع والانفعالات.
لم يكن يوما نيتشه شافيا، أو مخمد آلام، كان مشعل حرائق، بل كائناً مدمراً لأوهام الطمأنينة
بوئيثيوس السجين، أو الفلسفة كمقاومة للانعزال
شخصت «الفلسفة»[5] المرض الذي أصاب السجين بوئثيوس[6] بداء النسيان، وهو حسبها أعصى الأمراض وأكثرها فتكا، وما هي؛ أي الفلسفة، سوى الشفاء منه[7]. فحسب المونولوج الداخلي الذي شق به نفسه لكينونتين، الأولى ذاته المادية، والثانية مجمل فكره ومدركاته التي ما كان لها إلاّ أن تسمى بربّة الحكمة، باعتبارها أناه الثانية التي بها قاوم عزلة السجن واقتراب لحظة الرحيل. كينونتين اتفقتا على أنّ الفلسفة ومريديها يحملون دوما قدر الإدانة، لتذكره بأقدار حزينة لرجال عظام من قبله، نالوا ما يناله حينها، فمن أنكساغوراس المنفي وإلى سورانوس القاتل نفسه غصبا بأمر كاليغولا المجنون، لا يملك إلاّ أن يدرك أنّ هذا قدر كل من اختار طريق النشاز عن أخلاقيات الطّغام[8]. تلك الطريق، وذلك القدر، هما قائمان في أساسهما على الانعزال، انعزال عن البله المستشري في هذا العالم، ومقاومة له، وما الفلسفة إلاّ مكابدة دائمة له وانعزال مؤسَّس عنه؛ فلا يحق للمختارين للإمساك بطرف ردائها كأم رحوم أن يشتكوا من انعزال أصغر، ما دام الأكبر هو مصيرهم ودرب التقائهم مع أقدارهم المشتهاة. أما الشقاء؛ أكان سجنا، أو موتا، أو ما تظنه، فليس شقاء إلاّ ما تعده أنت كذلك تقول الربّة الكريمة[9]. لم يكن يكتب بوئثيوس في هذا السفر النهائي، كتاب وصايا أيضا، ولا تعاليم نهائية لفلسفته، بل لم يكن يكتبه لأحد أساسا، كان محض رجل على شفا الانقذاف في العدم، وما كان منه في خضم ذلك الانعزال الماقبل الأخير، إلاّ أن يكتب عزاءً لنفسه، فحتى الكتاب في أصله الأول كان يحمل العنوان التالي: de consolatione philosophiae»»؛ أي باللاتينية مواساة الفلسفة. عبر بشجاعة الملاقي للموت قريبا عما يؤمن به وبه يرى العالم والحياة، فكان مسيحيا يكتب سفرا أبطاله أفلاطون وأرسطو، فجعل ربّة الحكمة تنطق بالرضى والثناء عنهم، مسيحيًّا لا يدرك نفسه ولا بواطنه كحامل لخطيئة أزلية، بل يرى داخله كحامل لحقيقة الذات. في متم سفر بوئثيوس لا نجد شيئا لأنفسنا، فالرجل لا يوصي أحدا ولا يقدم تعليمات بالمعنى الصريح الفجّ، بل يقدم لنا طريقه الخاص، وقدره الأحادي، وشغفه بالحكمة كعزائه المستلذ في لحظاته الأخيرة. أما ما قد نستفيده نحن، فهو أنّ لكل منا عزاءه، ولكل عزاء خرائطه، فما علينا إلاّ أن نصنعها بدون وَصَايَا أو وِصاية.
زرادشت، أو الفلسفة كتذكير بالانتماء إلى هذا العالم
لم يكن يوما نيتشه شافيا، أو مخمد آلام، كان مشعل حرائق، بل كائناً مدمراً لأوهام الطمأنينة: «إنني أفظع إنسان من بين ما وجد إلى حد الآن؛ لكن هذا لا ينفي أنني سأكون الأكثر إحسانا. أعرف لذة في التدمير تتناسب وطاقتاي التدميرية؛ وأنا في كلا الأمرين خاضع لطبيعتي الديونيزية التي لا تفصل بين فعل النفي والاستجابة الإثباتية. إنني اللاأخلاقي الأول؛ لذلك فأنا المدمر بامتياز»[10]. فالألم والمأساة والمصائب عليها أن تكون دليلاً على الاستجابة الإثباتية للحياة، لا نفي لهذه الحياة، فنفي الألم أو الاقتيات عليه، أو البحث عن الخلاص بشتى أشكاله، هو نفي وضيع للطابع الأرضي للألم، فديونيزوس والمسيح مثلا، انطلقا من نفس الألم والمكابدة، ولكن مآلات ألم كل واحد منهما كانت تعبيراً عن تناقض صارخ[11]. ديونيزوس الإله الهائم دليل الاقتدار على الحياة، على تجلياتها، نبضا وموتا، بكاءً وفرحا. والمسيح دليل للمسيحية، دليل لإدانة الحياة بما هي حياة، ونفي للعالم على حساب طمأنينة الغيب. من هنا كان نيتشه محاربا شرسا للعلاج بالوهم، للتطبيب من الألم بالأكاذيب. فإن كان الموت والألم دليلا على أحقية وجود هذه التطبيبات البئيسة، فبالتالي ما علينا إلاّ الاحتفاء بهما ضدا على ثقافة العدم. وهذا ما يجعل نيتشه يسأل: «تريدون إلغاء المعاناة؛ أما نحن؟... يبدو حقا أننا نريدها بالأحرى أعظم وأسوأ مما كانت عليه في أي زمن مضى! إن الرفاه كما ترونه أنتم ليس بهدف البتة؛ بل يبدو لي نهاية! وضع سيجعل من الإنسان كائنا مضحكا وجديرا بالاحتقار...»[12]. لهذا فنيتشه يتكلم عن تربية الألم لا علاجه والشفاء منه، على الاقتدار عليه، فما الحياة حسبه إلاّ معركة اقتدار لا يرتقي فيها إلاّ الشجعان. لا وهم يحكمهم، ولا خلاص يرجونه منها. مكابدون أكابر، مروِّضين مهرة للمعاناة، وجاعلين من كل ألم دليل وشرط ارتقاء فوقه. من هنا سيكون من المضحك جدا، أن ينظر اليوم نيتشه من خرم عدم ما، فيجد أنَّ نصوصه صارت علاجا، أو أنّ تهديماته صارت صكوكاً ووصايا، وأن الخنازير بالفعل داست بستانه[13]. فجعلوه سيّدا لأتباعه، وهو من نبّه أن التابع هو من يتبع نفسه، وأن الحياة لا تعالج، بل يجب أن تعاش دائما في خطر.
على سبيل الختم
في العلاج، في عمق مبدأ العلاج هناك وعد بالتخلي، فعلاج العلل فيه اشتراطان؛ الأول هو زوال الاعتلال، والثاني إزالة كل أثر لما عولج به ذلك الاعتلال. من هنا ستصير الفلسفة شيئا قد تم استدعاؤه، ثم بعد حين يتم استبعاده ما دام شرط استدعائه قد زال. أما من ناحية أخرى، فمنطق الخطاب الذي يروج للفلسفة كعلاج حاليا، غالبا ما يتعامل مع الفلسفات السابقة، باعتبارها خلاصات نهائية يجب توظيفها كعقاقير وأمصال لأمراض وأعطاب مختلفة، بينما ما يفيد في كل فلسفة ليست خلاصاتها، بل مساراتها، وحتى النظر في تلك الخلاصات لا يستقيم ويصلح إلاّ بربطها بما سبق عنها من دروب وطرق أدت لها في النهاية؛ لهذا فهذه الموجة السائدة اليوم، ليست سوى امتداد لتوجهات عديدة حاولت أن تتعامل مع الفلسفة كأدوات ووسائل لغايات خارجة عن الفلسفة، ونظنها محض موجة موالية من موجات التوظيف اللافلسفي للفلسفة. من ناحية ثانية، لا يمكن أن لا ننتبه في أن هذه التوظيفات الاجتزائية للفلسفة تخفي في مضمونها نوعا من الحيرة عن فائدة الفلسفة، حيرة تحاول أن تكفر عن ذنبها بخلق وظيفة جديدة قد تُشَرْعِن وجود الفلسفة، كما هو الحال في توظيفات سابقة أسلفنا الخوض فيها. في الأخير لا يمكن لنا إلاّ أن نختم بتذكير أصلي، وهو أن الفلسفة هي موقف حدسي من العالم، تموضع عقلي منه، تموضع تحكمه سيرورة التحول الدائم لشروط هذا العقل، واستغلال دائم لمستجد الإمكانيات النظرية للتفكير الإنساني؛ لهذا فكل نزعٍ للفلسفة من شروطها الأصلية، لا نمنع عنه الوجود، ولكن من واجبنا أن ننبه أنه وجود موازٍ ليس إلاّ.
[1]- ماركوس أوريليوس أنطونويوس Marcus Aurelius Antoninus (121-180) إمبراطور وفيلسوف روماني، حكم الإمبراطورية الرومانية لتسعة عشر سنة؛ أي من 161 وإلى وفاته مريضا سنة 180. تنتمي فترة حكمه لما يسمى بفترة «الأباطرة الخيرين»، حيث كان حاكما نزيها عادلا، وفيلسوفا زاهدا على قدر كبير من المعرفة والتواضع، وقد عاش حياته بروح رواقية ظاهرة، بل يعد لحظة أساسية في تاريخ الفكر الرواقي، ونصه المعنون ب «التأملات» واحد من الحلقات المركزية لكل مهتم ومشتغل على هذا الفكر.
[2]- أوريليوس ماركوس، التأملات، ترجمة: عادل مصطفى (القاهرة: رؤية للنشر والتوزيع، ط 1، 2010)، ص 9
[3]- أوريليوس ماركوس، التأملات، ص 387
[4]- في إطار تضخم فهوم معينة، صار الموت شيئا مرعبا ورهيبا، انقطاع عن عالم وعبور قاسٍ لآخر، بينما في فلسفات الحكمة القديمة كان امتدادا للنظام الطبيعي القائم، وتجسيد لصيرورات الوجود، فيقول ماركوس أوريليوس في شذرة آخرى: "تخيل أنك ميت، وأن حياتك انتهت في هذه اللحظة، ثم عش ما تبقى لك من عمر في وفاق مع الطبيعة"، نفس المصدر ص 389
[5]- «الفلسفة» في كتاب عزاء الفلسفة لبوئثيوس، هي تعبير عن الشخصية المتخيلة التي عبرت عن روح الفلسفة ووجهة نظرها، في حوار ثنائي بينها وبين بوئثيوس، فكان "عزاء الفلسفة" في عمومه عبارة عن حوار ثنائي بينهما.
[6]- نيكيوس مانليوس سڤرينوس بوئثيوس Anicius Manlius Severinus (480-524) ارستقراطي ورجل دولة روماني، عاصر الحكم القوطي للجزء الغربي من الإمبراطورية الرومانية، كان أديبا وبليغا وعلى قدر كبير من الثقافة، القائمة في مجملها على تشبع بالحكمة اليونانية القديمة، وهي الحكمة التي سيصهرها في كتابه القوي عزاء الفلسفة في محنته داخل السجن بعد الحكم عليه ظلما بالخيانة، ليكون عزاء الفلسفة سفره الأخير قبل أشهر تنفيذ حكم الإعدام في حقه.
[7]- بوئثيوس، عزاء الفلسفة، ترجمة: عادل مصفى (القاهرة: رؤية للنشر والتوزيع، ط 1، 2008)، ص 54
[10]- فريدريش نيتشه، هكذا تكلم زرادشت، ترجمة علي مصباح (كولونيا/ بغداد: منشورات الجمل، 2007) ص 230، (هامش).
[11]- في هذه المسألة بالضبط يقول جيل دولوز:
»En Dionysos et dans le Christ, le martyre est le même, la passion est la même. C’est le même phénomène, mais deux sens opposés. D’une part, la vie qui justifie la souffrance, qui affirme la souffrance; d’autre part, la souffrance qui met la vie en accusation, qui porte témoignage contre elle, qui fait de la vie quelque chose qui doit être justifié. Qu’il y ait de la souffrance dans la vie, cela signifie d’abord pour le christianisme que la vie n’est pas juste, qu’elle est même essentiellement injuste, qu’elle paie par la souffrance une injustice essentielle: elle est coupable puisqu’elle souffre.»
Gilles Deleuze, Nietzsche et la philosophie (Paris: Presses Universitaire de France, 6é édition 1983) P 68.
[12]- هكذا تكلم زرادشت، ص 534 (الهامش).
[13]- إحالة على العبارة التي كتبها نيتشه في إحدى الرسائل لأخته: «سأقيم الحواجز حول أفكاري؛ لئلا تدوس الخنازير بستاني».