الفيلسوف محجوب بن ميلاد ومشروع رؤية لنهضة عربية
فئة : مقالات
الفيلسوف محجوب بن ميلاد ومشروع رؤية لنهضة عربية
ملخص:
يتعلّق هذا البحث أساسا بالنظر في مضامين فكر الفيلسوف العربي محجوب بن ميلاد والتعريف به وبأهمّ الإشكاليات الفكرية والحضارية التي تناولها في كتبه العديدة ومقالاته. ولعلّ أهمّ إشكالية شغلت بال مفكّرنا هي إشكالية النهضة العربية والعوائق التي تقف حائلا دون النجاح في بناء الصرح الحضاري المنشود. ولأجل ذلك تعلّقت همّة ابن ميلاد بمعالجة مسألة جوهرية في هذا السياق، وهي مسألة التربية والطرائق الكفيلة ببناء الإنسان؛ فالإنسان هو مفتاح كل نهضة ممكنة لأيّ شعب من الشعوب، ونجاح مهمّته تتمثّل في إعداده الإعداد الجيّد للاضطلاع بدوره الاجتماعي والحضاري. وهذه الرؤية "التربوية" قدّمها لنا ضمن مشروع فلسفي متكامل ضمّ العديد من الكتب والمقالات التي تحتوي على تأمّلات نقدية في التراث العربي محاولا نفخ روح جديدة فيه ليبعث من جديد بمسحة تنويرية، بعد أن ينبّهنا إلى مكامن القصور في هذا التراث، ويعمل على رسم المنهج القويم لبلوغ الأهداف.
ولا يفوتنا في هذا البحث الإشارة إلى البعد الإصلاحي في فكر محجوب بن ميلاد، بالنظر إلى رهاناته الاجتماعية والحضارية المبنيّة على تغيير الأحوال وتبديلها تبديلا جذريا بواسطة ما يسمّيه "تحريك السواكن"، وهو مفهوم مركزي في فكره.
مقدّمة:
يمكن اعتبار محجوب بن ميلاد[1] من الرواد الأوائل في تأسيس التعليم الفلسفي في البلاد العربية، بل كذلك التأسيس للفكر المتفلسف؛ وذلك بإرساء قواعد التفكير من خلال عمله بالجامعة التونسية وإسهاماته في الكتابة الفلسفية الموجّهة أساسا لوضع تقاليد جديدة في هذا المضمار. ويمكن القول إنّه لم يكن مجرّد أستاذ عادي يضطلع بخطّة وظيفيّة روتينيّة، بل كان حاملا لمشروع فلسفي متكامل ورؤية فريدة لمستقبل بلاده، وتصوّر خاص للأسس التي يمكن أن تنبني عليها نهضة الشعوب عموما. وهذا البرنامج الذي يؤمن به ويسعى إلى تكريسه في واقع التعليم في البلاد العربية يبرز جليّا في كتبه ومقالاته العديدة التي يرسم من خلالها معالم الطريق نحو التقدّم والرقي و"اللحاق بركب الحضارة" كما كان يقول.
ولعلّ هذه الرؤية الفكرية قد توضّحت أكثر في بعض مؤلّفاته مثل كتاب تحريك السواكن في شؤون التربية، وكتاب الفكر الإسلامي بين الأمس واليوم، وكتاب في سبيل السنّة الإسلامية، وكتاب قراءة في النص الديني، وغيرها من الكتب، وبالإضافة كذلك إلى العديد من المقالات المنشورة. ومع ذلك يبقى كتابه تحريك السواكن في شؤون التربية من أهمّ هذه المؤلّفات، ففيه يطرح علينا فكره ومواقفه خاصة في مسألة التربية وكيفيّة صنع الإنسان وإعداده لتحمّل مسؤولياته الحياتية واضطلاعه بمهمّته في تقدّم مجتمعه والخروج به من حالة الجمود الفكري التي تكبّل مسيرته الوجودية. وكان في كل ذلك يبدي اهتماما لافتا بالواقع العربي عموما، ويتساءل عن سبل النهضة العربية ويطرح الفرضيات الممكنة للخروج من حالة التخلّف. ولنا أن نتابع في هذا البحث مدى نجاح هذا الطرح الجديد في وضع الأسس الفكرية لمشروع إصلاحي عربي، خاصة في ظلّ العوائق الاجتماعية والسياسية والحضارية العديدة التي تكبّل الواقع الراهن.
التربية وبناء الإنسان
كان محجوب بن ميلاد يعتبر أنّ بناء الإنسان الذي يتوق إلى النهوض ببلاده ويرتقي بواقعها المتردي، لا يتمّ بصفة فعلية إلّا بـ"تحريك السواكن" في ميدان التربية أساسا؛ لأنّ المجال التربوي وحده الكفيل بنحت العقول والقلوب وشحذ الهمم[2]. فالتربية كما يراها ينبغي أن تساهم في تكوين الحس الفلسفي لدى المتعلّمين؛ وذلك عبر استبعاد طرائق التقليد وتكرار القديم؛ لأنّه لا أمل في التحرّر إلّا بالإبداع والاجتهاد والابتكار. فللتربية مسؤوليّة جسيمة في بناء إنسانيّة جديدة إلى درجة أنّ ابن ميلاد يعتبرها وسيلة حقيقيّة للبعث. ولأجل ذلك، فإنّ أحد أكبر الرهانات الاجتماعية ستتمثّل في إصلاح شؤون التّربية عبر تكريس مبدأ حرّية النفس الفرديّة، والتّخلّص من ظلمة الإيديولوجيا، ونبذ التّعصّب والمغالطة. فهذا الإصلاح يمكّن مجتمعاتنا العربية من الخروج من حالة التخلّف والتبعيّة التي يغذّيها الجهل والجّوع والعري والتّقاليد البالية والأوهام الّتي تمنع النّفس من التّوق إلى الأفضل. ولا شكّ في أنّ أخطر أنواع التبعية هو التّقليد وما يترتّب عنه من جبن عقلي[3]. وهذا التقليد اصطدم به مفكّرنا في عمله اليومي بصفته باحثا في الجامعة التونسية، فلاحظ كيف أنّ أنصار التقليد يقفون سدّا منيعا أمام كل محاولات الإبداع والتفرّد بما هما ميزتان أساسيّتان للفكر الفلسفي، وكان محجوب بن ميلاد يقول لك وينبّهك أيّها الباحث المقبل على دراسة الفلسفة والتعمّق في أغوارها: "أنت لا تعمد إلى أن تعطف على فلسفة فيلسوف من فلاسفة الماضي ولا تخطو خطوة واحدة في حلبة البحث حتّى تصمّ أذنيك نصائح الناصحين، وجلبة المجلّبين. فهذا يريدك "موضوعيا" في بحثك، "علميا" في نزعتك، مستقصيا آثاره، أثرا أثرا، مؤرّخا تدرّجه بمدارج نموّه ونضج تفكيره، معتنيا بربط كلّ خلجة من خلجات إحساسه وكلّ عروس من عرائس أفكاره بكلّ ما سبقه من الزملاء علّك تجد له "سلالة" ينحدر منها أو ينتمي إليها بوجه من وجوه الانتماء، أو بكلّ من تأثّره فكان له من التابعين، وهذا يريدك أن "تتجاوب" معه وأن تلتحم أنفاسك بأنفاسه حتّى تصبح لا "ترى" إلّا بعينه ولا "تفكّر" إلّا بفكره، ولا "تحسّ" إلّا بإحساسه، ولا "تخطو" إلّا خطوه فتذوب فيه وتصبح إيّاه وتنطق بمنطقه... حتّى يمكن أن يقال إنّك أخلصت لعبقريته محض الإخلاص، وصوّرت ملامحه الفريدة أمين التصوير ونسقت أفكاره منطقيّ التنسيق!"[4].
ولعلّنا نلاحظ بذلك، أنّ فكر ابن ميلاد ينبذ كل أشكال التقليد والتبعية ويدعو إلى أن تكون التربية مكوّنة للإنسان المفكّر المبدع؛ وذلك عبر الإحاطة بالمواهب وصون الاستعدادات الإبداعيّة، والرّفع من الذّوق العامّ، وتنمية الإرادة، ولذلك نراه يربط تحرّر الشّعوب العربيّة بمسألة حرّية الإرادة واستقلاليّة الذّات تجاه كلّ ما يسعى إلى تقييدها. وبهذه الطريقة يحدّد للإنسان العربي طريق الحرّية عبر القطع مع منهج الاتّباع والتّقليد. لكنه من جهة أخرى، يربط مشروع تحرير النّفس وتحريك سواكنها العقليّة بمشروع آخر أخلاقي يتّصل بالمثل العليا وتربية الكائن على التّشبّع بأنوارها على غرار قيم الخير والحقّ والجمال.
لا شكّ في أنّنا نجد في تحريك السّواكن تأكيدا على أهمّية التّربية في إحداث رجّة فكريّة لدى النّاشئة، ولكنه بالتوازي مع ذلك يعاين واقع التّربية بالبلاد العربيّة عموما، فيلاحظ فشلا ذريعا في الإحاطة بخفايا النّفس وإدراك مواهبها وقدراتها، وهذا الفشل يَرجع إلى عدم إطّلاع "المُربّي" على أحدث النظريات النّفسيّة والتّربويّة، والّتي من شأنها أن تساعد في إعداد الإنسان أو المواطن القادر على التّغيير. وفي هذا السّياق بالذّات، يتوجّه بالنّقد للطّرق التّربويّة البالية قائلا: "إنّ المربّين أو من يُطْلق عليهم هذا الاسم بهذه البلاد قلّما يهتمّون بالبحوث والدّراسات النّفسيّة وقلّما تحدوهم الرّغبة في الاطلاع على ما جدّ في هذا الميدان كما لم يكن لهم اتّصال بحرفتهم وقلّما يحاولون الكشف عن طباع تلاميذهم أو يتكلّفون الحرص على مراعاة أصول النّفس في عملهم التّربوي أو ما يسمّونه عملهم التّربوي لكونهم فاقدين الثّقافة النّفسيّة اللّازمة"[5].
إنّ من يسمّيهم محجوب ابن ميلاد "فقهاء الإفلاس" قد أغلقوا باب الاجتهاد لخوفهم من التفكير وما يمكن أن يُحدِثه من تغييرات ثوريّة في العديد من المستويات الاجتماعية والثّقافيّة، وأخذ منهم الخوف مأخذا جعلهم يقاومون الفلسفة ويناصبونها العداء باسم المحافظة على التقاليد والغيرة على الموروث، وهذا المنطق مرادف، في حقيقة الأمر، لمنطق الانكماش والضّعف، فهو بمثابة الاستقالة من مهمّة البحث عن الحق والرّكون إلى الأسهل. فغلق باب الاجتهاد معناه بالضبط "إغلاق باب الحقّ ونفي سنن الكون المُشيّد على الجهد، وتواتر الجهد"[6].
وفي مقابل نزعة التقليد المنتشرة في المجتمع، سعى بن ميلاد إلى التأكيد على أهمّية أن تقوم وظيفة التربية على تكوين الحسّ الفلسفي لدى المتعلّمين؛ وذلك عبر تكريس قيم النّقد والشك والمساءلة ونبذ كل أشكال الوثوقية. ولعلّ الخطر الكبير في عمليّة التّربية يكمن في تلقين المتعلّم تجارب مجتمعه بما فيها من عادات متجذّرة فتسيطر عليه وتُوجّه سُلوكه وتمنعه من التّجديد والاجتهاد. والحال أنّ تكوين هذا الحسّ الفلسفي يمرّ عبر إدخال ضربٍ من القلق في نفس المتعلّم بما يدفعه إلى البحث والتّساؤل، وهو قلق، يمكن اعتباره من جهة أخرى، وسيلةً لتحرير الإنسان من الخوف ومن سيطرة العادة. إنّه ينظر إلى القلق بصفته وظيفة نفسيّة تدلّ على وجود ضمير أو عقل قد استيقظ من سبات عميق، وأصبح يبحث عن مخرج يخلّصه من حالة الرّكود الّتي تكبّله، ومن الأشياء الّتي فقدت معناها لكثرة تداولها بين النّاس. ومن هنا، فإنّ "التّربية ترمي إلى التّنبيه من نوم العادة، وإيقاظ الضّمائر إلى نور التّبصّر، والتّروّي، والتّدبّر، وحسن العمل في نطاق ائتلاف قوى النّفس، ووئام وظائفها، ونواميس نظامها، وروعة مبادئها وأشواقها"[7].
ولذلك نرى مفكّرنا متشبّثا بجدوى منهج الشّك في الوصول إلى الحقيقة، فهو المنهج الأمثل الّذي يجعل الإنسان ينتبه دائما إلى ذاته وينفتح على عالمه في نفس الوقت، وكما قال الغزالي، فإنّ "الشّكوك هي المُوصِلة إلى الحقّ، فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقى في العمى والضّلال".[8]
تتمثّل وظيفة المربّي إذن في تحريك سواكن الطّالب وبثّ بذور الحيرة والشّكّ لديه، وإيقاظه من سباته الدغمائي ودفعه إلى العمل والبحث وشحنه بإرادة التّغيير، فيستبدل العادة الغبيّة فيه بالذّكاء المتبصّر، فيجعله مُكتشِفا لذاته من جديد ومنتبها إلى أسرار الكون ساعيا إلى إدراك حقائق الأشياء دون أن تستبدّ به الأحكام المسبقة أو أن تعبث به المغالطات. ولكن محجوب بن ميلاد ينتبه إلى أنّ الأغلبيّة العظمى من المدرِّسين في بلادنا يضربون عرض الحائط بكلّ المناهج والأصول التّربويّة، ولا منهج لهم غير شيوخهم وما ورثوه عن أسلافهم، فلا بديل عن حرمة الماضي واحترام الأجداد، وهم بذلك يزرعون "بذور الفوضى في العقول، والبلبلة في القلوب، والوهن في العزائم، ويشيّدون صروحا للفشل"[9].
الروح الفلسفية في مشروع محجوب بن ميلاد:
نجد في مؤلّفات محجوب بن ميلاد اهتماما بالفلسفة العربية خاصة، وكانت له إسهامات وآراء ومواقف خاصة به في هذا المضمار. وقد غلبت على أعماله النزعة العقلية حيث كثيرا ما ينتصر للعقل في مواقفه التي يتبنّاها انطلاقا من مباشرته لكبرى النصوص الفلسفية العربية والإسلامية، من ذلك أنّه اِنتصر للعقل في دراسته للفرق الكلاميّة وذهب في اتّجاه تحرير الفكر وتكريس المناهج العقليّة في فهم التراث وقراءة النّصوص الدّينيّة، حيث بيّن أنّ معظم القراءات الّتي تعلّقت بالفكر المعتزلي لم تكن موضوعيّة؛ لأنّها كثيرا ما انطلقت من كتب خصومهم، ولم تنتبه إلى أهمّية منهجهم القائم على فكرة أنّ الحسن ما حسّنه العقل، والقبيح ما قبّحه العقل. ومن جهة أخرى، يُقرّ ابن ميلاد بفضل كتابات ابن خلدون، وخاصّة كتاب المقدّمة، على الفكر العربي الحديث، خاصة وأنّ اهتمام العرب بالشّعر والأدب قد شغلهم عن الاهتمام العميق بشؤون الفكر الفلسفي. وقد تجلّى ذلك في اعتنائهم المتأخّر بابن خلدون الّذي وجد فكره اهتماما بالغا من الغربيّين حيث عرّفوا بأعماله وأنتجوا حولها مكتبة ضخمة. يقول ابن ميلاد: "وهل أنا في حاجة إلى أن أذكّر أّنّ الغربيّين هم الّذين اكتشفوا ابن خلدون في غضون القرن الأخير، وهم الّذين اِنبَروا لترجمة مقدمته إلى شتّى لغاتهم، وهم الّذين أعطوه بعض حقّه من التّنويه من وراء ما بذلوه من الجهود لإماطة اللّثام عن المكانة الّتي يحتلّها في نطاق تاريخ الفكر العالمي؟ فحرّروا في ذلك ما حرّروا من عديد الدّراسات والفصول، وألّفوا ما ألّفوا من مختلف التّآليف. فتكوّن من ذلك كلّه مكتبة لا يستهان بها. أمّا العرب، فإنّهم لم يهتمّوا بشخصيّة ابن خلدون الاهتمام الجدّي إلّا أخيرا: أعني منذ أخذ اِهتمامهم يتجاوز أمر النّهوض بالشّعر أو الأدب ليتعلّق بقضايا العلوم وبقضايا الفكر الفلسفي"[10].
ولقد اِحتاج الفكر العربي إلى ابن خلدون واِنتبه إلى عظمته حين اِحتاج إلى اِنبعاث النّظرة العلميّة والنّظرة الفلسفيّة من أجل النّهوض وتجاوز وضع الجمود والتّخلّف فوجد في المقدّمة خاصةً منابع الفكر الصّحيح المبنيّ على التّثبّت والرّوح النّقدية واليقظة لدقائق الأمور، والتّفاني في سبيل كلّ تدقيق وتمحيص، والبصر الدّقيق بطبائع الأشياء والبحث في أسرارها، ممّا يؤهّل العقول للسّير في سُبل الحقّ[11].
وقد كان ابن ميلاد يدعو دائما إلى توخّي الباحث العربي منهج الموضوعية العلمية والدقّة في نظره للنصوص الفلسفية؛ لأنّ مهمّة التأريخ الفلسفي لا تبدو له مهمّة هيّنة على الإطلاق. ولذلك تجده ينادي بضرورة أن نقف "موقف التأمّل والتروّي والاعتبار" حتّى نبتعد أكثر ما يمكن عن الغلوّ والتناقض، وكذلك نتجنّب قدر المستطاع الفهم السطحي الذي يقف على عتبة الظاهر من المعنى. فهو يعتبر "أنّ قضيّة تأريخ الفلسفة هي من أدقّ القضايا. ولو أنّنا سمحنا لأنفسنا باستعمال المصطلح القرآني لقلنا إنّها قضيّة ما كانت محفوفة بالشبهات إلّا لأنّها من قضايا "المتشابه" وتدعوك بإلحاح دعوة "المتشابه القرآني" نفسه إلى أن تشقّ لنفسك أثناء علاجها طريقا وسط فخاخ التطرّف يمنة وفخاخ التطرّف يسرة، مراعيا ما استطعت سنن "اعتدال حي بن يقظان" ليس أعزّ منه منالا... وفي نطاق أسرار "ملاحة فكرية" أسرارها ممّا لا يقاس بأسرار أيّة ملاحة لخوض عباب أيّ محيط مهما تكن أعماقه وجبابه، وجزره، وعواصفه الهوج!"[12]. ولكنّه من جهة أخرى، يعترف بأنّ العقل العربي تطوّر كثيرا في تناوله للتراث الفلسفي، ويبقى عليه فقط أن يتسلّح بالروح الفلسفية النقدية. ولذلك فهو يرى أنّ من أهمّ النتائج التي انتهى إليه التطوّر العقلي العربي ما نشاهده من الإقبال المتزايد على التراث الفلسفي الإسلامي في تعدّد مشاربه وتباين نزعاته، واختلاف اتّجاهاته، وتباعد أصوله وأشواقه. وهو إقبال إن امتاز بشيء، فإنّما هو يمتاز بالحرص على إحياء هذا التراث: نشرا، وبحثا، وتحليلا، ونقدا، وتقديرا، وتأريخا. وبالتوازي مع ذلك، فإنّ الإقبال على التراث الفلسفي الإسلامي لا يمكن أن ينتهي إلى إعطائه نصيبه من الحق في نطاق أمانة البحث، ودقّة التحليل، ونزاهة الحكم التاريخي، إلّا إذا جرى على أيدي من كان لهم الثقافة الواسعة الأصيلة فكان لهم القدرة على الكشف عمّا "تلاقح في حضيرته" و"تمازج" من عوامل شتّى منها ما يرجع إلى خصائص العقل الإسلامي ومنها ما يمتّ بصلات إلى "العقل اليوناني"، أو "العقل الفارسي"، أو إلى عوامل عقلية أخرى كالمسيحية أو اليهودية أو الهندية[13].
لقد كان الهدف من وراء التأكيد على أهمّية البحث في التراث الفلسفي العربي واضحا في ذهن فيلسوفنا، ويتمثّل أساسا في إحياء الروح الفلسفية في البحوث العربية. وقد لاحظ أنّ هناك "تحويرا جذريا" قد طرأ على "الحساسية" العربية في شأن موقفها من هذا التراث الفلسفي الإسلامي، التي أضحت تنظر إليه في نطاق نظرة أعمق، وشروط في التحليل أدقّ، ووعي بتشعّب مسالك البحث أحدّ بصرا، وهو أمر إن دلّ على شيء، فإنّما يدلّ على أنّ الأهداف التي أصبحت ترمي إليها من وراء "العملية" حرّية بأن تُعتبر "أضمن" لما فيه خير الحياة، وخير البحث الفلسفي الأصيل.
ولا يقف بن ميلاد عند هذا الحد، بل يقدّم لنا عيّنة يعتبرها ناجحة في تناول التراث الفلسفي العربي ممثّلة في محمّد أركون؛ وذلك في قراءة فيلسوفنا لكتابه "الإنسانيات العربية في القرن الرابع هجري، أو مسكويه الفيلسوف والمؤرخ" فيقول ابن ميلاد: "ولمّا كان كتاب الأستاذ محمّد أركون منجما ثريّا خصبا... لا ينفكّ يثير في ذهنك من صنوف القضايا والمشاكل الفلسفية... فتتفتّح أمامك آفاق، وتتجلّى معان، وتتحرّك سواكن، فلست أرغب في أن ألخّص لك ما جاء في غضون الكتاب... وإنّما أكتفي بالوقوف معك عند بعض النقاط الجوهرية. أمّا النقطة الأولى التي أريد أن ألفت نظرك إليها، فتنحصر في هذه "الحرّية العقلية" التي لا تنفكّ تطالعك آياتها في غضون صفحات الكتاب... فهي حرّية الصدق، فلا مؤاربة فيها ولا مداجاة... فلا هو يتردّد في أن يكشف لك عن "أربة الحقّ" من وراء بحثه، ولا هو حاول أن يخفي عنك غموض المعنى أو تمنّعه... وهي حرّية من وجه ثان باعتبار أنّها إخلاص للحياة وللفكر معا. فالمؤلّف إذ يعطف على علَم من أعمال الفكر الإسلامي فيُعنى بتحليل آثاره فلن تراه كما ترى غيره يستعيض عن هذا التحليل أو عن دقّة هذا التحليل أو عن صعوبات هذا التحليل أو عن فخاخ هذا التحليل بمبهم العبارة أو بجزاف القول فيجنح مثلما يجنح بعضهم إلى "تمجيد" هذا العلم و"تمجيد" هذا الفكر فيسدّ بذلك أمام نفسه وأمام القارئ طريق الفهم، وينتهي من حيث يشعر أو من حيث لا يشعر إلى ضرب خفّي من الكذب على النفس أو من الكذب على القارئ."[14]
ويمكننا أن نفهم من خلال هذا التحليل لمنهج أركون في دراسة الأثر الفلسفي الإسلامي بأنّ هناك شغفا يسكن الفيلسوف محجوب بن ميلاد بفكرة تحرير الموروث من "الأنظار الجانبية" على حدّ تعبيره، ولا يتمّ هذا التحرير إلّا بتحرّر الباحث من معوقاته المتمثّلة في المناهج والأساليب التقليدية التي تبتعد أقصى ما يكون عن روح الفكر الفلسفي الذي يعتنقه. ولقد أكّد من جهة أخرى أنّ ما يشكوه المجتمع الإسلامي من تدهور وانحطاط، وتصدّع أركان، وتفاقم شقاق أصبح يتطلّب عملا جذريا أعظم خطرا، ومشروعا أبعد آفاقا، وأعمق غورا، وأشدّ التحاما بمقتضيات النظرة الفلسفية الأصيلة. ولقد ألمح ابن ميلاد في هذا المجال إلى أنّ محمّد أركون أراد أن يقول لنا بأنّ مسكويه حاول في ميدان الأخلاق أن يقوم بنفس العمل الذي اضطلع به أصحاب المذاهب في ميدان الفقه، إلّا أنّ هذا المشروع ما كان في الإمكان أن يتمّ في الأجواء الإسلامية قبل نضج البحوث الفلسفية فيها[15].
وقد كانت لمحجوب بن ميلاد نفسه نظرة متفرّدة في قراءته للنصوص الفلسفية العربية، من ذلك موقفه من فلسفة الغزالي الذي يرى فيه فيلسوف العقل بامتياز، إذ بدا له فيلسوفا منبهرا أمام العالم الصغير الذي اكتشف جدّته وخصبه وروعته ثمّ مقبلا عليه بعزم وبحدّة نظر إقبال العالم المغرم بالتحليل، الشغوف بالمعرفة، المنبعث بحافز النهم العقلي ليغوص في حقائقه ونواميسه ومبادئه ودواليب أجهزته ويفهم تماسك أجزائه وارتباط أركانه، رغم ما هناك من اختلاف بين جوانبه الإدراكية والوجدانية ويدرك أسرار ما يتجدّد في رحابه من "ألوان النشاط والانبعاث" على حدّ تعبيره[16]. ولعلّ غياب أصول البحث العلمي الموضوعي هو الذي يجعل البعض يفهم نصوص الغزالي فهما مبهما، من ذلك أنّهم ذهبوا في كثير من المواضع إلى "تشويه" موقفه من العقل، وقد صرّح محجوب بن ميلاد بذلك دون مراوغة قائلا: "عدّة حماقات وجهالات روّجها كثير من الباحثين المتطفّلين حول الغزالي وحول موقفه من العقل إمّا لعدم اطّلاعهم على آثار الغزالي إطّلاع الاستيعاب الناقد البصير وإمّا لاغترارهم ببعض الألفاظ والاصطلاحات اغترارا حال دون نفاذهم إلى الحقائق وإمّا لجهلهم بالعربية وخصائصها وبالعقلية الإسلامية ووسائل تعبيرها ورموز بيانها وإمّا لعدم فهمهم سنن البحث وأصول الطلب وقواعد الاستنباط والكشف عن الحقائق في مثل هذا الميدان!"[17]. وتبعا لذلك فإنّ الغزالي، من هذه الزاوية، قد ظفر من وراء تنظيره بين مقالات المتكلّمين وما دلّته عليه تجربته النفسية بفكرة أنّ العقل، بالإضافة إلى وظائفه الضرورية بصفته الآلة التي تميّز الإنسان عن الحيوان وباعتباره الخبرة التي تنجرّ للإنسان من احتكاكه بأحداث الدهر وصروف الحياة ومن تدبّره عواقب الأمور، فله وظيفة أخرى هي "الحدس"؛ أي إنّ العقل قادر على أن يرى الحقّ ويهجم عليه مباشرة ومن دون واسطة قياس أو دليل؛ لأنّ الحقّ ينبجس في ذهنه دفعة واحدة "كوميض البرق"[18].
وخلاصة القول هنا، إنّ محجوب بن ميلاد سعى إلى دفع شبهة معاداة العقل التي يلصقها الكثير من الدارسين بالغزالي، فعندما يجيب عن سؤال: ما بال أقوام الصوفية يذمّون العقل والمعقول؟ يجيب الغزالي بأنّ: "السبب فيه أنّ الناس نقلوا اسم العقل والمعقول إلى المجادلة والمناظرة والمناقضات والإلزامات، وهو صنعة الكلام" فالذمّ إذن لا يلحق العقل والمعقول الحقيقيين بل "يلحق أصحاب الخبط في خبطهم"! فالغزالي، بهذا المعنى، يرفع مكانة العقل عاليا، ناهيك أنّه يعتبره "منبع العلم ومطلعه وأساسه" وليس العقل عنده إلّا أسما من أسماء الفكر[19].
البعد الإصلاحي:
إنّ مشروع "تحريك السّواكن" لمحجوب بن ميلاد يُعَد بحقّ مشروعا فكريّا متكاملا يرسم من خلاله الفيلسوف الطّريق للشعوب العربيّة من أجل الانعتاق من التّخلّف والتّبعيّة، وهو من هذه الزّاوية مشروع إصلاحي في جوهره يسعى إلى الوقوف على مكامن الضّعف في مجتمعاتنا من أجل معالجتها وإعادة البناء على أسس متينة. ولكنه من جهة أخرى، مشروع تحرير للذّات يدفعها إلى التصالح مع ذاتها وإلى الانبعاث من جديد بعد أن تتخلّص من الرّواسب الّتي تشدّها إلى مركّبات الهزيمة والانكسار. إنّه مشروع لا يمكن أن يتحقّق إلّا عبر إيقاظ المواهب والقدرات الكامنة في الكائن وتحريك سواكنها ودفعها إلى التّساؤل والنّقد وإعادة التّأسيس؛ أي باختصار تربية الإنسان على الحسّ الفلسفي الّذي دُونَه لا يمكن لأيّ شعب من الشّعوب أن يكون له مستقبل مشرق. ولعلّ خطاب محجوب بن ميلاد ينطوي على راهنيّة قصوى باعتبار أنّ واقعنا اليوم هو واقع تتقاذفه من كلّ جانب رياح التّعصّب والخرافة والتّواكل والانغلاق على الذّات. فنجد أنفسنا في حاجة، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى مِثْل تلك الرّجّة الفكريّة الّتي أراد بواسطتها الفيلسوف ابن ميلاد أن يحرك سواكن شعبه. وإذا كان الفيلسوف، في نظره، مرتبطا ببيئته العقليّة والرّوحيّة والماديّة، فإنّه في نفس الوقت قادر على تحطيم الحواجز الّتي تمنعه من الانفتاح على آفاق جديدة. وقد كان فيلسوفنا متجذّرا في بيئته الاجتماعية والسياسيّة، ولكنّ ذلك لم يمنعه من الاندفاع نحو محاولة تحريك سواكن النّاس في اتّجاه النّهوض والانفتاح على التّطوّر العلمي والحضاري. ولأجل ذلك ينبغي أن نردّ أفكاره إلى سياقها التّاريخي، حيث خرجت الشّعوب العربية عموما لتوّها من الاستعمار والتّبعيّة وبدأت فعليّا في الانخراط في معركة بناء الذّات ونحت الكيان. وهذا ما جعل محجوب بن ميلاد ينتصب واعظا ومرشدا على طريقة المصلحين الاجتماعيين الكبار، يستحثّ الهمم للإقبال على العمل والاجتهاد والقطع مع منطق التّواكل أو الاستكانة إلى مقولة المجهود الأدنى. لذلك تتحدّد أهمّ ملامح مشروعه في ضرورة النهل من العلوم المعاصرة والمتطوّرة، فهي وحدها القادرة على إحداث نقلة نوعيّة لمجتمعاتنا المتلمّسة لطريق تحرّرها. فالمجتمع العربي الإسلامي مدعوّ إلى تكريس مبدأ إعمال العقل في كلّ المجالات بما في ذلك المسائل الدّينيّة حتّى يتخلّص من سيطرة الخرافات الّتي تنسف كلّ روح نقديّة لدى النّاس[20].
ولعلّ الدّوافع الّتي حرّكت محجوب بن ميلاد إلى البحث في ملامح الصّورة الجديدة للإنسان في المجتمعات العربيّة تتلخّص في استفحال الأزمة المعنويّة والأخلاقيّة، حيث أصبحت القيم الرّوحيّة والمعاني الأخلاقيّة مهدّدة في وجودها تهديدا حقيقيّا، ومن هنا كانت دعوته إلى الأقطار الإسلاميّة بضرورة تحسّس جوانبها الرّوحيّة ومراجعة تراثها المعنوي مراجعة نقديّة لا مراجعة تمجيديّة وتقديسيّة. وبالفعل، فإنّه اعتبر مشروعه الفلسفي بمثابة مساهمة في هذه المراجعة المنشودة، إذ إنّ برنامج الدّول العربيّة كافة بعد هذه الأزمة يجب أن يكون "تحريك السّواكن" الذي لا يعني شيئا آخر سوى تكوين الحسّ الفلسفي لدى الأجيال العربيّة والإسلاميّة حتّى تندفع نحو النّقد المفضي إلى البناء[21].
والبعد العربي لدى مفكّرنا لم يسجنه في دائرة الانغلاق، بل أراد لأفكاره المتجذّرة في بيئته أن تكون سندا لرؤية إنسانية وكونية يبثّها في مجتمعاتنا الشرقية أوّلا ليعمّمها فيما بعد على ما يسمّيه "دولة الإنسان". فلننظر إليه كيف يعبّر عن إعجابه بأدب ميخائيل نعيمة "الفلسفي"، فمن خلاله بالذات تتحدّد معالم الرؤية الإصلاحية التي يريدها لهذا الشرق. إذ اعتبر ابن ميلاد أنّنا لا يمكن أن "نخلص في تقديم أدبه وتحديد نظرته للوجود دون أن "نطلّق" ما ورثه الشرقيون عن ظلمة الانحطاط الشرقي في القرون الأخيرة من ضروب "الشعبة اللفظية" وصنوف التمويه البلاغي، وألوان الزيف البياني ودون أن نجشم أنفسنا الغوص عن جوهري الأمور فنثيرها "عوالم فكرية" تترقرق في أجوائها كالنجوم بل تضطرم كالجمر جواهر الحقائق والقيم والمبادئ الإنسانية: الحياة والموت، اللذة والألم، الأمل واليأس، الظفر والانكسار، الهداية والغواية، اليقظة والنوم، الحرب والسلم، المعرفة والجهل، اليقين والشك، الحرّية والعبودية، القضاء والقدر، الجبر والاختيار، الخير والشر، الحسن والقبح، الصدق والرياء، البطولة والجبن... إلى ما هنالك من المفاهيم التي تكتشف "المنزلة الإنسانية" في كفاحها الدائب[22].
وهذا الشرق بالنسبة إلى محجوب بن ميلاد ليس هبة توهب ولا هو عطيّة تعطى وإنّما هو فتح يفتح، فهو يعتبره "واحة" لا يمكن أن ينتهي إليها "من يقتحم مفاوز الطلب والبحث وصبر على جحيم التكدية الروحية ومرارة التحسّس، وهو اكتشاف لا يحظى به إلّا من أرهص النفس إرهاصا فجرّدها من شوائب الأهواء والأطماع وارتفع بها إلى قمم الظفر الأكبر حيث دولة الإنسان ودولة الخير ودولة الحق!..." ويضيف قائلا: "وهل أنا في حاجة إلى القول بأنّ الشرق الخالد لن يبعث البعث الحقيقي إلّا إذا وفّق الشرقيون إلى تصفية حسابهم المعنوي التصفية البصيرة الحاسمة؟ وهل يدعو ميخائيل نعيمة إلى شيء آخر غير هذا؟"[23].
نلاحظ إذن أنّ المشروع الإصلاحي الذي يحمل لواءه هو مشروع فكري في جوهره؛ لأنّه يقوم على محاولة نقد الأسس التي انبنى عليها المجتمع العربي الإسلامي، وهذا النقد قد يمرّ بالضرورة عبر إعادة قراءة التراث الفلسفي لهذا المجتمع قراءة تفتح سبل الانعتاق والحرّية. تلك هي نظرة الفيلسوف محجوب بن ميلاد لواقع عصره ومستقبله وقد أراد أن يبلورها في برنامج تربوي تعليمي من شأنه أن يغيّر وجه الواقع وملامحه. وهذا المشروع كان في جوهره لبنة ضرورية من لبنات التأسيس للتعليم الفلسفي، وهو تعليم أراد منذ بدايته أن يراهن على العقل وتربية جيل ما بعد الاستقلال، وهو الجيل الذي ستلقى على عاتقه مهمّة بناء الدولة الحديثة المنفتحة على قيم عصرها. ولقد كان فيلسوفنا، في كلّ هذا مناضلا حقيقيا من أجل مبادئ تربوية وتعليمية أراد أن يكرّسها في واقع التعليم آنذاك، سواء من خلال دروسه في الجامعة أو في كتبه ومنشوراته العديدة.
خاتمة:
هكذا ننتهي في هذا البحث في فكر أحد روّاد الفلسفة العربية في العصر الحديث محجوب بن ميلاد إلى التأكيد على أهمّية تنمية الحس الفلسفي لدى الشعوب العربية والإسلامية من أجل استنهاض الهمم وتجاوز معوقات التقدّم والازدهار، وهذا في الحقيقة، ما أراد فيلسوفنا أن ينبّهنا إليه من خلال إنتاجه الفكري الذي لامس حقولا عديدة فلسفية واجتماعية وتربوية ونفسية ودينية... والتربية على الحسّ الفلسفي لا تعني شيئا آخر غير إحياء قيم العمل والإبداع والتجديد والقطع مع التقليد والركون إلى الأحكام المسبقة والحلول الجاهزة. وبهذا المعنى يكون مشروع النهضة العربية عند ابن ميلاد مشروعا قائما على الروح النقدية التي يجب أن يتحلّى بها كلّ باحث في التراث، لا من أجل نفض الغبار عنه فقط بل كذلك من أجل تجديده وبعثه بنفس ثوري وتنويري في آن، غير أنّ نجاح هذا المشروع يبقى مشروطا بتوفّر قيمة كبرى يلحّ عليها في معظم نصوصه، هي الحرّية، والتي لا تعني فقط حرّية الباحث في مجال بحثه بل تشمل كذلك كلّ المناخ الاجتماعي والسياسي والفكري الذي ينبغي أن يتّسم بالانفتاح ونبذ كلّ أشكال الانغلاق على الذات.
[1] محجوب بن ميلاد: هو فيلسوف عربي، ولد بتونس عام ستة عشر وتسعمائة وألف وتوفي عام ألفين. عُرف بفكره الإصلاحي. له العديد من الكتب والمقالات المنشورة. شغل خطة مدير مدرسة ترشيح المعلمين بتونس حيث اشرف على تعصير طرق التدريس ووضع البرامج. ثم اشتغل أستاذا للفلسفة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس فساهم في تكوين أجيال من المتفلسفة.
[2] محجوب بن ميلاد، تحريك السواكن في شؤون التّربية، دار بوسلامة للنّشر، تونس 1960، ط1، ص6
[4] محجوب بن ميلاد، حول الإسهام في دراسة "الانسانيات العربية" في القرن الرابع هجري أو مسكويه الفيلسوف والمؤرخ لمحمّد أركون، حوليات الجامعة التونسية العدد9، سنة 1972، ص ص 249ـ250
[7] محجوب بن ميلاد، ابن خلدون في تاريخ الفكر الإسلامي، مجلّة الحياة الثّقافيّة، تونس 1980
[8] أبو حامد الغزالي، ميزان العمل، المطبعة العربيّة بمصر، 1342هـ، ص160
[10] محجوب بن ميلاد، ابن خلدون في تاريخ الفكر الإسلامي، مجلّة الحياة الثّقافيّة، تونس 1980
[12] محجوب بن ميلاد، حول الإسهام في دراسة الإنسانيات العربية...، ص ص 250
[13] محجوب بن ميلاد، حول الإسهام في دراسة الإنسانيات العربية...، ص237
[14] محجوب بن ميلاد، حول الإسهام في دراسة الإنسانيات العربية...، ص ص241ـ242
[15] محجوب بن ميلاد، حول الإسهام في دراسة الإنسانيات العربية...، ص ص241ـ242
[16] محجوب بن ميلاد، أبو حامد الغزالي والعقل، مجلّة الفكر، السنة 2، العدد 5، فيفري 1957، تونس.
[17] محجوب بن ميلاد، أبو حامد الغزالي والعقل، مجلّة الفكر، السنة 2، العدد 5، فيفري 1957، تونس.
[19] محجوب بن ميلاد، أبو حامد الغزالي والعقل، مجلّة الفكر، السنة 2، العدد 5، فيفري 1957، تونس.
[20] محجوب بن ميلاد، حول الإسهام في دراسة الإنسانيات العربية...، حوليات الجامعة التونسية، العدد 9، ص سنة 1972
[21] تحريك السواكن، ص ص 3ـ4
[22] محجوب بن ميلاد، ميخائيل نعيمة، أو حكمة الشرق تُبعث، مجلة الفكر، العدد 7، السنة 2، أبريل 1957
[23] نفس المرجع.