اللُّغةُ الاِسْتِعَارِيَّةُ عِنْدَ مَاكْسْ بْلاَكْ: الْكَشْفُ عَنِ الْخَطِ الْفَاصِلِ بَيْنَ التَّحْلِيلِ وَالْجَمَالِ
فئة : ترجمات
اللُّغةُ الاِسْتِعَارِيَّةُ عِنْدَ مَاكْسْ بْلاَكْ:
الْكَشْفُ عَنِ الْخَطِ الْفَاصِلِ بَيْنَ التَّحْلِيلِ وَالْجَمَالِ
من المعلوم أنَّ البحث البلاغي العميق في الاستعارة، في الفترة المعاصرة، لم ينفصل عن شخصيتين بارزتين: الشَّخصية الأولى هي النَّاقد الأدبي الإنجليزي آيفور أرمسترونغ ريتشاردز Ivor Armstrong Richards (1893-1979)، صاحب أشهر كتاب في البلاغة المعاصرة، والَّذي عنوانه: "فلسفة الخطابة"[1]، بالإضافة إلى كتاب "معنى المعنى"[2]، الَّذي ألَّفه بالاشتراك مع الفيلسوف واللُّغوي الإنجليزي تشارلز كاي أوغدن Charles Kay Ogden (1889-1957). والشَّخصية الثانية هي الفيلسوف التَّحليلي الإنجليزي-الأمريكي ماكس بلاك Max Black (1909-1988)، صاحب أشهر مقالة في الاستعارة.[3]
إنَّ أهمية هذه المقالة المُترجمة لا ترجع فقط إلى موضوعها، الَّذي يتجلى في انتقال ماكس بلاك من تحليل الاستعارة إلى بيان قيمتها الجمالية، وإنَّما تتجلى كذلك في عرضها لتصور آيفور أرمسترونغ ريتشاردز لنظريته في المعنى، ولنظريته في الاستعارة التفاعلية، كما تتجلى قيمتها كذلك في تتبعها لمراحل تناول ماكس بلاك للاستعارة، ابتداء من مرحلة الرَّفض، لما اعتبر الاستعارة نوعا من الغموض، ومرورا بمرحلة المُواجهة مع آيفور أرمسترونغ ريتشاردز، لما اعتبر نظريته في الاستعارة غير متماسكة، ومرحلة الاعتراف بدور الاستعارة في المعرفة، لمَّا تناولها بواسطة التَّحليل، وتبنى التَّصور التفاعلي لريتشاردز مع بعض الإضافات، ووصولا إلى اعتبار الاستعارة تتصف بالتَّبصر، وبالنَّظرة الثاقبة، وبالتَّجديد والإبداع، وهي المرحلة الجمالية، ثم مرحلة الجدال والدفاع عن التَّصور الاستعاري التفاعلي الإبداعي في وجه دونالد ديفيدسون، الذي أفرغ الاستعارة من التَّجديد والإبداع وردها إلى التَّوسع، والاستعمال، والحرفية.
بعد الشُّهرة التي نالَها كل من أوغدن وريتشاردز وماكس بلاك في مرحلة التأسيس، ظهرت أعمال بالغة الأهمية في البحث الاستعاري قدَّمتها شخصيات بارزة في المجال الفلسفي واللغوي، مثل ما قدَّمه الفيلسوف البلجيكي شايم بيرلمان Chaim Perlman (1912-1984)، صاحب كتاب "دراسة في الحجاج، الخطابة الجديدة"[4]؛ وما قدَّمه الفيلسوف الأمريكي دونالد هيربرت ديفيدسون Donald Herbert Davidson (1917-2003)، صاحب مقالة "ما تعنيه الاستعارات"[5]؛ وما قدَّمه الفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا Jacques Derrida (1930-2004)، صاحب مقالة "الأسطورة البيضاء: الاستعارة في النَّص الفلسفي"[6]، وما قدَّمه الفيلسوف الفرنسي بول ريكور Paul Ricoeur (1913-2005)، صاحب كتاب "الاستعارة الحية"[7]، وما قدَّمه الفيلسوف الأمريكي جون سورل John Searle (1932)، صاحب كتاب "التعبير والمعنى: دراسات في أفعال الكلام"[8]، وما قدَّمه كلٌّ من اللِّساني الأمريكي جورج لاكوف Georg Lakoff (1941)، والفيلسوف الأمريكي مارك جونسون Mark Johnson (1949)، اللذان ألفا أشهر كتاب في الاستعارة، وهو "الاستعارة التي نحيا بها".[9]
على الرغم من أهمية وجدة تناول هذه الدراسات في الاستعارة، تبقى مرحلة التأسيس الَّتي دشنها كلٌّ من ريتشاردز وماكس بلاك في البحث الاستعاري منعطفا يفصلُ ماضي الاستعارة عن حاضرها، وهي المَنبع الَّذي استقى منه من جاء بعدهما.
للاطلاع على الملف كاملا المرجو الضغط هنا
[1]- Richards, I. A., The Philosophy of Rhetoric, oxford University Press, London, New York, 1965
[2]- Ogden, C. K. & I. A. Richards., The Meaning of Meaning: Study of the Influence of Language upon Thought and of the Science of Symbolism, A Harvest Book, Harcourt, Brace & World, Inc. New York, First Published in 1923
[3]- Black, M., “Metaphor”, Meeting of the Aristotelian Society at 21, Belford Square, W.C.I, On May 23rd, 1955, at 7: 30 p.m.
[4]- Perlman, Ch. & Lucie Olbrechts-Tyteca., Traité de l’argumentation, la nouvelle rhétorique, Bruxelles, éditions de l’université de Bruxelles, 1958, nouvelle édition 2009
[5]- Davidson, H. D., “What Metaphors Mean”, in Sheldon Sacks, ed. On Metaphor, Chicago University Press, Chicago, 1978
[6]- Derrida, J., “White Mythology: Metaphor in the Text of Philosophy”, New Literary History, Vol. 6, No. 1, On Metaphor (autumn, 1974), The Johns Hopkins University Press, pp. 5-74.
[7]- Ricoeur, P., La métaphore Vive, Paris, Seuil, 1975
[8]- Searle, J., Expression and Meaning: Studies in the Theory of Speech Acts, Cambridge University Press, 1999
[9]- Lakoff, G. & mark Johnson., Metaphors we Live by, The University of Chicago Press, 2003
