المبدأ الأول [الله] بين أفلوطين المصري والفارابي المعلم الثاني
فئة : أبحاث محكمة
المبدأ الأول [الله] بين أفلوطين المصري والفارابي المعلم الثاني:
دراسة مقارنة
محمد رضا عبد الصادق محمد([1])
ملخص:
لا نعدو الصواب، إذا قلنا إن مبحث الألوهيات؛ ذات الله عز وجل وأسماؤه وصفاته، داخل إطار الحقل التيولوجي كان له بالغ الاهتمام وعظيم الأثر، كما كان من أعقد القضايا الأنطولوجية، وعلى رأسها التي شكلت مادة ثرية للجدل والنقاش بين كافة المدارس الكلامية في صدر الإسلام. كما أن هذا المبحث كان حاضرا، ومن أولويات وكبريات المواد الفلسفية التي شغلت وحارت معها عقول الفلاسفة عبر كافة مراحل الفكر الفلسفي، وكلٌ من هؤلاء الفلاسفة أعطى لهذا المبحث تصوّرًا، وروئ تعددت وتشعبت وفق ما ارتآه وذهب إليه كل فريق، وما ذهب إليه كل فيلسوف وفقا للمنطلقات والمرتكزات التي وضعها للرؤية الوجودية بشموليتها التي انتهجها وقعّد لأصولها وأركانها.
ومن أجل هذا، فلقد وجد الباحث أن من الأهمية والأولويات أن نلتفت إلى هذا الجانب من جوانب الفكر الفلسفي، وأن نلقي بظلال البحث والدرس على تلك الزاوية الوجودية بثراء مادتها وتعدد مشاربها، واتساع دائرة النقاش فيها عن طريق عقد مقارنة بين رؤية اثنين من أهم منظري الفكر الفلسفي في العصر الوسيط، وهما: أفلوطين المصري[2] (205-270م) والفارابي[3]؛ المعلم الثاني (259-339ه) نظرًا لأهميتهما الفكرية والفلسفية في التاريخ الفلسفي برمته، ونظرا لما كان لمشروعهما ولمحاولتهما في التوفيق بين الفلسفة اليونانية الميتافيزيقية، وبين الحكمة الدينية أبلغ الأثر في تاريخ الفلسفة، ما من شأنه أن يبرر لاختيارنا لهما من أجل عقد دراسة مقارنة، وإلقاء النظر حولهما عبر واحدة من أهم وكبريات المباحث الفكرية الفلسفية، وهو المبدأ الأول (الله).
[1] مدرس مساعد بقسم الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية بكلية اللغات والترجمة- جامعة الأزهر، وباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف- وحدة اللغة الفرنسية.
[2] ولد في ليقوبوليس من أعمال مصر الوسطى، حيث تعلم أولا القراءة والكتابة والحساب والنحو. وفي الثامنة والعشرين قصد إلى الاسكندرية، فقاده صديق إلى أمونيوس ولزمه إحدى عشرة سنة. ثم أراد أن يقف على الأفكار الفارسية والهندية، فالتحق بالجيش الروماني المجرد على فارس، ولكن هذا الجيش، بعد أن طرد الفرس من سوريا، انهزم في العراق، فلجأ أفلوطين إلى أنطاكية، ثم رحل إلى روما وهو في الأربعين، وأقام بها حتى وفاته. وكان مجلسه بها حافلا بالعلماء وكبار رجال المدينة، حتى تتلمذ له الإمبراطور وزوجته. انظر: كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين، أبو نصر الفارابي، قدم له وعلق على ه الدكتور / ألبير نصري نادر ص42، دار المشرق (المطبعة الكاثوليكية)، بيرت-لبنان، الطبعة الثانية، 1986. انظر أيضا تاريخ الفلسفة اليونانية، يوسف كرم، ص 289، انظر أيضا الفلسفة اليونانية، فوادسواف تاتاركيفيتش، ص 309، دار كنوز للنشر والتوزيع، 2016. انظر أيضا: تاسوعات أفلوطين، أفلوطين، نقله إلى العربية عن الأصل اليوناني: د. فريد جبر-مراجعة: د. جيرار جهامي ود. سميح دغيم، صفحة ط، مكتبة لبنان ناشرون، الطبعة الأولى، 1997
[3] ولد أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ المعروف باسم الفارابي سنة 257ه-870م في مدينة (فاراب)، وهي إحدى مدن الترك من وراء النهر، وكان أبوه فارسيا، تزوج من امرأة تركية، وأصبح قائد جيش. فلا غرو إذا ذهب بعضهم إلى القول إن الفارابي كان شريف النسب، وأنه، بالرغم من حياة اليسار التي أعدتها لها أسرته، عدل عن هذه الحياة، ومال إلى العزلة والتأمل. تلقى الفارابي علومه الأولى في مدينة (فاراب)، وليس في كتب التراجم ما يوقفنا على نشأته في هذه المدينة، إلا قول ابن أبى أصيبعة: ان الفارابي كان قاضيا، وأنه لما شعر بالمعارف نبذ القضاء، وأقبل بكليته على العلم. قال: وكان سبب قراءة الفارابي للحكمة أن رجلا أودع عنه جملة من كتب أرسطو، فاتفق أن نظر فيها: فوافقت منه قبولا، ومال إلى قراءتها، حتى أتقن فهمها وصار فيلسوفا في الحقيقة. انظر: تاريخ الفلسفة العربية، الدكتور جميل صليبا، ص135، الشركة العالمية للكتاب، 1989م. انظر أيضا: كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين، مرجع سابق ص 71. انظر أيضا: وفيات الأعيان، ابن خلكان، ج2، ص100 وما بعدها من طبعة بولاق سنة 1899، انظر أيضا: كتاب طبقات الأمم، بن صاعد الأندلسي، ص53، المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين، بيروت 1912.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا