المجتمع المدني والديمقراطية في عصر شبكات التواصل الاجتماعي؛ الولايات المتحدة الأمريكية نموذجاً
فئة : مقالات
المجتمع المدني والديمقراطية في عصر شبكات التواصل الاجتماعي
الولايات المتحدة الأمريكية نموذجاً([1])
الملخص:
نحاول في هذه الدراسة مناقشة أهمية دور شبكات التواصل الاجتماعي في تعزيز دور المجتمع المدني في البناء الديمقراطي، ونقدم بعض الخطوط العريضة لكيفية استثمار هذه التكنولوجيات الجديدة ووسائل الإعلام البديلة والمجانية لتقوية تأثير المجتمع المدني في السياسات العمومية ومساهمته في الحكامة.
لقد استندنا في هذه الدراسة إلى بعض التجارب الناجحة في الولايات المتحدة، حيث يستخدم المجتمع المدني الأمريكي شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير لإحداث التغيير. في الواقع، يتعلق الأمر بعرض نتائج وخلاصات (45) سيمينير تم تنظيمها في الولايات المتحدة الأمريكية في إطار استراتيجية الحوار مع المجتمع المدني التي أطلقتها هيلاري كلينتون سنة (2012م) تحت عنوان: المجتمع المدني حجر أساس للديمقراطية.
ونخلص في هذه الدراسة إلى أن طريقة توظيف شبكات التواصل الاجتماعي من طرف المجتمع المدني الأمريكي لتقوية التعاون بينه وبين الحكومة تشكل نموذجاً يمكن الأخذ به فيما يخص تعزيز مشاركة المجتمع المدني في البناء الديمقراطي. ذلك أن التجارب الأمريكية أثبتت أن استثمار شبكات التواصل في الحوار بين المجتمع المدني والحكومة يمكن أن يهيئ بيئة جيدة للديمقراطية، كما تبرهن على أن المجتمع المدني يساهم بشكل كبير في طرح الحلول للعديد من القضايا التي هي في الواقع مسؤولية الدولة مثل التعليم، ومكافحة الفقر، وضمان الوصول إلى الخدمات الصحية، والمساهمة في ضمان انتخابات نزيهة، وغيرها من القضايا، وذلك بفضل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. لكن الأخذ بهذا النموذج يفرض تحدياً آخر وهو ضرورة تأهيل المجتمع المدني وتقوية قدراته في المجال التكنولوجي، بمعنى أن رقمنة منظمات المجتمع المدني في البلدان النامية أساسية لتقوية دوره في تحقيق الديمقراطية، لاسيما في عصر الذكاء الاصطناعي.
مقدمة:
تعد التكنولوجيات الحديثة بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي أداة أساسية للتنمية ولتحقيق أهداف الألفية لأنها تخلق فرصاً جديدة في كل مكان ولها تأثير كبير على حياتنا اليومية[2]. فهي تبقينا على اتصال بكل القضايا ومع كل الفاعلين على الصعيد الوطني والدولي. ولهذا السبب يمكن أن يعزز استخدام هذه الأدوات دور المجتمع المدني في التنمية وفي المسار الديمقراطي. وتؤكد اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي على أن هذه التكنولوجيات الحديثة هي أداة للتنمية وليست في حد ذاتها غاية[3]، فهي تقوم بخلق نوع جديد من العلاقات بين الفاعلين في المجتمعات في العصر الرقمي، كما أن شبكات التواصل الاجتماعي تخلق شكلاً جديداً من التفكير والعيش[4] مع اختلاف الزمان والمكان وتساهم في تعزيز دور المجتمع المدني في البناء الديمقراطي. في الواقع إن هذا الأمر يندرج في إطار إعلان مبادئ مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات، الذي نظم في جنيف سنة (2003م) والذي ينص على: «ﻨﺤﻥ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﻗﺩ ﺍﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺠﻨﻴﻑ ﻤﻥ 10 إلى 12 ديسمبر 2003م ﻟﻠﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ، ﻨﻌﻠﻥ ﺭﻏﺒﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﺘﺯﺍﻤﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺠﺎﻤﻊ ﻫﺩﻓﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﻴﺘﺠﻪ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ، ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﻜﻝ ﻓﺭﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﺴﺘﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ وﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻬﺎ ﻭﺘﻘﺎﺴﻤﻬﺎ، ﻭﻴﺘﻤﻜﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ وﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﻤﻥ ﺘﺴﺨﻴﺭ ﻜﺎﻤﻝ ﺇﻤﻜﺎﻨﺎﺘﻬﻡ ﻟﻠﻨﻬﻭﺽ ﺒﺘﻨﻤﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺩﺍﻤﺔ وﺍﻟﺘﻤﺴﻙ بميثاق ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻟﺘﺤﺴﻴﻥ ﻨﻭﻋﻴﺔ ﺤﻴﺎﺘﻬﻡ، وﺫﻟﻙ اﻨﻁﻼﻗﺎً ﻤﻥ ﻤﻘﺎﺼﺩ وﻤﺒﺎﺩﺉ الأمم المتحدة، والتمسك بالاحترام الكامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان»[5]. مما يدفعنا لطرح السؤال حول دور المجتمع المدني في البناء الديمقراطي في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، وإلى أي حد تساهم هذه التكنولوجيات الجديدة في تعزيز دور المجتمع المدني ومساهمته في المسار الديمقراطي، كما نتساءل أيضاً حول مستقبل الديمقراطية في عصر شبكات التواصل.
1- أهمية شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز دور المجتمع المدني في البناء الديمقراطي:
نشأ مصطلح المجتمع المدني منذ اليونان القديمة مع الفيلسوف أرسطو الذي استخدمه باعتباره (koinonía politikè) أي مجموعة سياسية تخضع للقوانين.ثم استخدم في وقت لاحق باللاتينية (Societas Civilis)، والذي يعني «شركة المواطن»، أي تجمع دون تسلسل هرمي أو سلطة عليا ويتألف من أشخاص يتقاسمون الهدف نفسه[6]. ويتخذ فيما بعد اسم (Polis) ويعني مدني أو المجتمع السياسي[7]. إن مصطلح المجتمع المدني يتكون من الأفراد المستقلين عن الدولة التي ظهرت خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر مع العديد من المفكرين مثل مونتسكيو (1689-1755م) وجون لوك (1632-1794)[8].
وقد استخدم هذا المفهوم بشكل واسع منذ التسعينيات مع العولمة التكنولوجية. ومن ثم، فإن مصطلح المجتمع المدني يشمل الجمعيات والمؤسسات ومعاهد البحوث ووسائل الإعلام والحركة النقابية والفاعلين في مجال الأعمال التجارية والفكر والمجتمعات الدينية والتعاونيات والشبكات ومختلف الحركات الاجتماعية وجميع أنواع المنظمات ذات الأنشطة غير الربحية والأهداف المشتركة. ويعتمد فرانسيس فوكوياما[9] على تعريفه للمجتمع المدني على أربع نقط أساسية:
- العلاقة الجيدة بين الحكومة والمجتمع المدني، والتي تدل عليها مراقبة حقوق الإنسان في البلد.
- المساءلة بين المجتمع المدني والحكومة: والسؤال المطروح هنا: كيف يمكن للمجتمع المدني أن ينشئ آلية للمساهمة في التغيير؟
- التمويل المحلي: على الحكومة أن تشجع المجتمع المدني الذي يعمل مع الحكومة على تحقيق التنمية.
- العلاقة بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي، أي العلاقة بين المجتمع المدني والسياسة.
وتكمن القيمة الخاصة للديمقراطية التي يعمل عليها الفاعلون في المجتمع المدني في تأثير هذا الأخير في رسم السياسات العمومية وتنفيذها وتقييمها.
المجتمع المدني هو فاعل أساسي في عملية الديمقراطية في القرن (21). وقد أثبتت الحركات الاحتجاجية التي عرفها العالم العربي في (2011م) أن هذا الفاعل عنصر أساسي وفعال في البناء الديمقراطي كما تؤكد قدرة المجتمع المدني على إحداث التغيير.
والواقع أن ظهور المجتمع المدني هو في الوقت نفسه نتيجة للعملية الديمقراطية ومشارك فعال فيها. بعبارة أخرى، هناك علاقة تأثير وتأثر بين الديمقراطية والمجتمع المدني. فالمجتمع المدني يساهم بشكل كبير في العملية الديمقراطية، والديمقراطية شرط أساسي لتعزيز دور المجتمع المدني بوصفه فاعلاً رئيسياً في التنمية، بما في ذلك تطور مفهوم الديمقراطية. المجتمع المدني حسب فرانسيس فوكوياما هو فضاء للتربية المدنية والتربية على التعبير عن صوت المواطنين وإذا كان مكاناً للأصوات الناقدة، فهذا يعني أن هناك احتمال معارضته للدولة ومراقبته للعمل الحكومي.
بالنسبة للبروفيسور بول بريست[10] لا بد من التمييز بين المنظمات غير الربحية والمجتمع المدني، فهو يعد أن المجتمع المدني يشمل المنظمات غير الربحية والمنظمات الحكومية، ذلك أنهما معاً يقدمان خدمات مثل التعليم والرعاية الصحية... إلخ. لهذا يجب التمييز بين المجتمع المدني والمنظمات غير الربحية، فالفرق بين المنظمات غير الربحية والقطاع الخاص يشبه الاختلاف بين المجتمع المدني والقطاع العام. والمجتمع المدني بحسب مؤشر سيفيكوس هو «الساحة أو السيناريو، خارج الأسرة والدولة والسوق، الذي نشأ من خلال الإجراءات الفردية والجماعية ومن جانب المنظمات والمؤسسات لتعزيز المصالح المشتركة»[11] وقد تطور هذا المفهوم بالمساهمات النظرية ونتائج الأبحاث التي أتت من أمريكا اللاتينية[12].
وقد استخدم المجتمع المدني الإنترنت بشكل واسع منذ عام (2000م)، وقد بلغ عدد المستخدمين سنة (2017م) إلى (7.4) مليار شخص بمعدل (48) في المئة عالمياً حسب الاتحاد الدولي للاتصالات[13]. هذا الرقم يدل على العدد الكبير من أفراد المجتمع المدني الذي يستخدم الإنترنت، والذي يؤثر ويتأثر بكل ما يحدث على المستوى الوطني والدولي. ذلك أن من ضمن آثار الاستخدام الواسع للإنترنت ارتقاء دور الفاعلين الجدد من بينهم المجتمع المدني في تسيير الشأن المحلي وتنامي دوره في الحكامة الدولية.
ومن المؤكد أن الشبكات الاجتماعية قديمة قدم الوجود البشري. وتكشف دراسة أنجزها ثلاثة خبراء في شبكات التواصل الاجتماعي هم فاولر وداويس وكريستاكيس[14] أن الشبكات الاجتماعية الفردية لها أساس وراثي جزئي، تظهر أنماطاً منهجية مماثلة في سياقات بشرية متنوعة. فمع ظهور شبكة الإنترنت (2.0) تطورت شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير، وانعكس هذا الأمر على تحسين وسائل التواصل. ومن المسائل الأساسية لتوطيد الشبكات نجد الثقة المتبادلة بين الأفراد المرتبطة بشكل مباشر بالقدرة على قبول الآخر مهما اختلفت مرجعيته. وبالنسبة للمجتمع المدني، من المهم جداً أن تنشأ مجالات القرب دون قيود من حيث الزمان أو الفضاء مع توافر الحد الأدنى من الثقة. كما أثبتت الدراسة نفسها أن الناس لديهم ثقة قوية في شبكات التواصل الاجتماعي مثل: الفيسبوك وتويتر وغيرهما.
توفر شبكات التواصل الاجتماعي إمكانية الوصول إلى المعلومات والتواصل مع مختلف الفاعلين في أي بلد. وقد استخدم المجتمع المدني هذه التكنولوجيا لتحسين أنشطته، وتقوية مشاركته في البناء الديمقراطي، وتلبية الاحتياجات الاجتماعية التي تهم المجتمعات. ومن وجهة نظر دافيد فاريس[15]ساهمت شبكات التواصل الاجتماعية في التغلب على الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام في الأنظمة الديكتاتورية، مما يسمح بتدفق سلس للمعلومات بين أعضاء المجتمع المدني وهو أمر ضروري للعمل الجماعي. نذكر هنا حالة مصر التي استخدمت فيها شبكات التواصل الاجتماعي لحشد الناس في الشوارع وفي ميدان التحرير قبل أن تقطع الحكومة خدمة الإنترنت. وقد ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في تحقيق التغيير في مجموعة من البلدان بعد استخدامها من طرف المجتمع المدني، ويندرج في هذا الإطار نموذج لإحدى المنظمات غير الحكومية التي اعتمدت على هذه التكنولوجيات كأداة ضغط ويتعلق الأمر بأفاز[16] التي طورت شبكة تضم اليوم أكثر من (21) مليون عضو في جميع أنحاء العالم. وقد حصلت على نتائج مثيرة جداً للاهتمام حيث إنها وبعد ضغط دولي كبير أثرت هذه المنظمة على قرار الأمم المتحدة بالاعتراف بفلسطين كدولة ملاحظة، واستخدمت الوسائل نفسها لجمع الأموال لمساعدة ضحايا الزلزال في هايتي، وتناضل الآن من أجل حقوق المرأة، وتجنب انقراض الفيلة، إلى غير ذلك من القضايا التي تثير اهتمام المجتمع المدني ويلتف حولها في إطار علاقات عبر-وطنية تتجاوز الحدود الإقليمية المادية لتجد لها مجالاً أوسع في العالم الافتراضي.
إن استخدام المجتمع المدني لوسائل التواصل الاجتماعي يجعلها أكثر قوة كفاعل على الصعيدين الوطني والدولي، بل أكثر قوة من بعض المنظمات الدولية، وهذا يعيدنا إلى نظرية العقد الاجتماعي بين الأفراد والحكومة. وقد تحسنت الرقابة الاجتماعية على العمل الحكومي مع أشكال التواصل والتفاعل والعمل الجماعي. فالحكومات تستمد شرعيتها من الأفراد وهؤلاء يمكنهم بوساطة شبكات التواصل الاجتماعي الضغط على الحكومات لإجراء إصلاحات تلبي احتياجاتهم، حيث يمكن استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال من قبل المواطنين للتأثير في السياسات العمومية. ويبدأ دور المجتمع المدني في عملية الديمقراطية بربط الناس بجميع قضايا الحكم وصنع السياسات. وبهذا المعنى، تشكل شبكات التواصل الاجتماعي عنصراً هاماً يضمن إدماج الجميع في عملية الديمقراطية وممارسة جيدة للمقاربة التشاركية.
يمكن للمجتمع المدني من خلال استخدام شبكات التواصل الاجتماعي تعبئة الأفراد والضغط على الحكومات التي تستمد شرعيتها من الأفراد لإحداث التغيير. وهذا ما أكدته الاحتجاجات التي عرفتها بعض البلدان العربية التي عرفت استخداماً واسعاً لشبكات التواصل الاجتماعي من طرف الأفراد، وكيف أن النتيجة كانت تغيير أنظمة حكم كانت قائمة لسنوات كما هو الأمر في مصر وتونس وليبيا.
فعلى مدى سنوات، أنشأ المجتمع المدني وسائل التواصل التقليدية لتلبية احتياجات هو القيام بأنشطته. وبهذا المعنى، نشارك مالينسكي عندما قال: «العمل الجماعي والمشترك ليس بالأمر الجديد بالنسبة لفاعل تحركه القيم والذي كان تاريخياً يعاني من نقص في الموارد. والجديد هو غلبة أشكال جديدة من التعاون وأدوار التكنولوجيا في تيسير نموها وعملها»[17]. فشبكات التواصل الاجتماعي تسهل التواصل والتفاعل بين الأفراد، وتعزز دور المجتمع المدني في البناء الديمقراطي[18].
2- المجتمع المدني وشبكات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية:
يرى أكرم إلياس[19]، الخبير في الشبكات الثقافية والسياسية الأمريكية، أن المجتمع المدني يلعب دوراً أساسياً وجوهرياً في بلورة السياسات العمومية، لأن الآباء المؤسسين في الولايات المتحدة الأمريكية قرروا منذ البداية الحد من سلطة الحكومة، ذلك أن «إعلان الاستقلال للولايات المتحدة الأمريكية ينص على ثلاثة حقوق: الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة»[20]. وهذا ما يفسر كون الحكومة تتمتع بصلاحيات محدودة وإعطاء الفرد المزيد من الحرية للسعي إلى السعادة. تعطى للفرد في الدستور الأمريكي الأهمية وليس للأسرة أو الولاية أو الأمة، المهم هو الفرد. فكانت النتيجة أن الفرد هو مركز السياسات العمومية، لذلك يستخدم المجتمع المدني في هذا البلد شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير لدمج جميع الفاعلين والأفراد في صنع السياسات ومراقبة ممارسة السلطة من قبل الحكومة.
وحسب أكرم إلياس، فالمجتمع المدني اهتم بالعديد من القضايا، وتوجد في الولايات المتحدة أكثر من (150.000) منظمة غير حكومية خاصة وغير ربحية تعمل في ميادين مختلفة؛ التعليم، والأنشطة الدينية، والأعمال الخيرية، وحقوق المرأة، وقضايا المهاجرين، وتنظيم المشاريع، ... إلخ. وطالما أن الهدف هو التعليم ورفع مستوى الوعي وتوعية الناس أو تقديم الخدمات يمكن لأية مجموعة من الأفراد تنظيم نفسها كمنظمة غير ربحية، ويمكنها الاستفادة من النظام الضريبي ومن الامتيازات الضريبية.
لا يحتاج الناس في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أي إذن لإنشاء جمعية. يمكن لشخصين إنشاء منظمة غير ربحية دون الحاجة للحصول على أي ترخيص. فالجمعيات يتم خلقها، ثم بعد ذلك يتم تسجيلها فقط للحصول على الامتيازات الضريبية، النتيجة أنه يمكن للمنظمات غير الحكومية والجمعيات أن تحكم بعض المجالات خارج إطار الحكومة. ومن التجارب الناجحة للمنظمات الغير حكومية الأمريكية نجد مثلاً:
- ميديك موبايل (Medic Mobile)[21]: مؤسسة غير ربحية تم خلقها من طرف عدد من الطلبة في جامعة ستانفورد ولويس وكلارك وممرضين في مستشفى سانت غابرييل بعدما بدؤوا باستخدام تطبيق يسمى (Frontline SMS) للتنسيق فيما بينهم باستخدام التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، ولاسيما الهواتف المحمولة للحد من المسافة بين المرضى والأطباء، ولضمان الحق في الصحة لسكان المناطق الريفية وفي البلدان النامية. والنتيجة هي تقليص المسافة وتعزيز التواصل عن طريق الرسائل النصية. وقد وفر المستشفى ما يقرب من (2048) ساعة من وقت العمل، و(3000) دولار في توفير الوقود، إضافة إلى نقص في التكاليف التشغيلية، وضاعف القدرة على علاج السل بحيث وصل عدد المرضى المستفيدين إلى (200) مريض، كما ساعد هذا التطبيق على ضمان سهولة الوصول إلى الخدمات الصحية في المجال القروي وفي البلدان الأفريقية التي استفادت من هذه التجربة.
استخدام التكنولوجيا الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي لضمان الخدمات الصحية للأفراد في المناطق النائية ليس فقط هو التجربة الفريدة الوحيدة التي نجدها في الولايات المتحدة الأمريكية، بل إن هذه التكنولوجيات استخدمت أيضاً لمحاربة الفقر، ونعرض هنا نموذج المنظمة غير الحكومية كيفا (KIVA).
- كيفا (KIVA): والهدف العام لهذه المنظمة غير حكومية هو مكافحة الفقر بتمكين الناس في جميع أنحاء العالم من الحصول على القروض الصغرى. وتتمثل مهمة هذه المنظمة في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لخلق علاقات وضمان التواصل بين الناس، المقرضين والمقترضين عبر أنحاء العالم بحيث تستغل هذه المنظمة الإنترنت لخلق شبكة عالمية للأفراد والمؤسسات المانحة، وتتيح للأفراد إقراض مبلغ لا يتجاوز (25) دولاراً أمريكياً للمساعدة على خلق مشاريع مدرة للدخل في جميع أنحاء العالم. وتعمل هذه المنظمة غير الحكومية مع مؤسسات التمويل في خمس قارات لتقديم القروض الصغرى إلى الأشخاص الذين لا يمكنهم الاستفادة من النظم المصرفية التقليدية، وتعتمد في القيام بمهمتها هذه على شبكة عالمية تضم أكثر من (450) متطوعاً[22].
- معهد الأقليات والاقتصاد والتنمية في ولاية كارولينا الشمالية: والهدف الأساسي لهذا المعهد هو تعزيز الاكتفاء الذاتي الاقتصادي لجميع نساء ولاية كارولينا الشمالية من خلال تنظيم المشاريع، وزيادة عدد المقاولات النسائية، ومعدل نجاحها من خلال مساعدتهن على الحصول على التمويل، وذلك بإنشاء العديد من المواقع الإلكترونية تضم العديد من المعلومات لضمان دعم الفتيات في مجال ريادة الأعمال[23].
- منظمة حقوق الإنسان أولاً (Humanrights first): وبالنسبة لتاد ستاهنكي، مدير السياسات والبرامج في هذه المنظمة، فإن حماية حرية التعبير هي السبيل الوحيد لمكافحة التمييز والعنف، ويعد أن شبكات التواصل الاجتماعي تعطي فرصاً جيدة لممارسة حرية التعبير. وتستثمر منظمة «حقوق الإنسان أولاً» هذه التكنولوجيات لتعبئة الأفراد وجميع الفاعلين في جميع أنحاء البلد للضغط من أجل التغيير التدريجي.
إن مكافحة الفقر، وتوفير القروض الصغرى، وتمكين النساء المقاولات، والدفاع عن حقوق الإنسان، ليست المظهر الوحيد لمشاركة المجتمع المدني الأمريكي في البناء الديمقراطي باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، بل يظهر استخدامه الواسع لهذه التكنولوجيات أيضاً من خلال مشاركته الفعالة في وضع السياسات العمومية نذكر على سبيل المثال:
- منظمة كارولينا الشمالية للقضايا المشتركةCommon Cause North Carolina (CCNC): وهي منظمة غير حكومية وطنية ومستقلة موجودة في ولاية كارولينا الشمالية. تأسست من قبل جون غاردنر في (18) آب/أغسطس (1970م). الهدف الأساسي لها هو التأثير على صنع القرار وإرساء الشفافية. في غضون ستة أشهر فقط بعد إنشائها انخرط في هذه المنظمة أكثر من (000 100) عضو، وهي تؤمن بضرورة حياد شبكة الإنترنت بحيث يجب أن يكون كل مستخدمي الإنترنت قادرين على الوصول إلى أي محتوى على شبكة الإنترنت، ونشر المحتوى الخاص بهم، واستخدام التطبيقات التي يختارونها دون قيود. وقد ركزت هذه المنظمة على ثماني قضايا أساسية:
- توظيف المال في السياسة ظاهرة غير صحية وتؤثر سلباً على الديمقراطية:
فقد هيمن توظيف الأموال الكثيرة منذ فترة طويلة على الانتخابات في ولاية كارولينا الشمالية، وتفاقمت المشكلة منذ صدور حكم المحكمة العليا «مواطنون متحدون» في عام (2010م)، الذي سمح للشركات بإنفاق مبالغ غير محدودة من المال على الانتخابات. وفي حملة عام (2012م)، أنفقت الجماعات «المستقلة» حوالي بليون دولار، معظمها من أفراد وشركات مجهولين. المشكلة هنا في توظيف المال في السياسة لا تكمن في المبلغ الذي ينفق على الحملات بقدر ما تكمن في من يدفع للمنتخبين، وفي المقابل الذين يحصلون عليه، وكيف يؤثر ذلك على أولويات السياسة العامة والإنفاق. منظمة كارولينا الشمالية للقضايا المشتركة تعمل على فضح المصالح الخاصة لممولي الحملات الانتخابية، وتعمل على تعزيز الإصلاحات القادرة على تحقيق الديمقراطية مع التركيز على أن القرار بيد الشعب.
- مساءلة الحكومة:
تعمل منظمة كارولينا الشمالية للقضايا المشتركة على جعل الحكومة خاضعة للمساءلة. جون غاردنر مؤسس المنظمة قال «نريد أن يكون لدى المسؤولين الحكوميين الملايين من المواطنين الأمريكيين يراقبون كل خطوة يقومون بها». منذ عام (1970م)، عملت هذه المنظمة على ضمان تصرف المسؤولين الحكوميين لفائدة العموم، وليس من أجل مصلحتهم الشخصية أو لصالح جهة خاصة قوية ومؤثرة.
وقد عملت المنظمة على تسليط الضوء على المسؤولين الحكوميين وجماعات الضغط الذين يفضلون العمل خلف أبواب مغلقة، والإصرار على أن المسؤولين الحكوميين مقيدين بأعلى معايير السلوك الأخلاقي.
- الانتخاب والتصويت:
تشجيع التصويت وجعله سهلاً وممكناً باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
- الأخلاقيات في الحكم:
إن السبيل الوحيد لضمان ذلك هو التقليل من تأثير المال الكبير، الذي يشكل تحدياً كبيراً للديمقراطية.
- مكتب أخلاقيات الكونغرس:
في (11) آذار/مارس (2008م)، مع تصويت (182) من أصل (229)، وافق مجلس النواب على قانون إنشاء لجنة مستقلة من الحزبين من غير المشرعين للمساعدة في التحقيق في الممارسات اللاأخلاقية لأعضاء مجلس النواب. وقد انخرط في هذه العملية الآلاف من المواطنين والناشطين لفضح هذه الممارسات عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
- الريادة الصادقة والحكومة المنفتحة:
قانون الريادة الصادقة والحكومة المنفتحة، الذي سُن في (14) أيلول/سبتمبر (2007م)، هو قانون يعدل أجزاء من قانون الكشف عن لوبيات الضغط لعام (1995م). يشجع على الكشف العلني عن أنشطة لوبيات الضغط والتمويل، ويضع المزيد من القيود على الهدايا الممنوحة لأعضاء الكونغرس وموظفيهم، وينص على الكشف الإلزامي عن المخصصات في فواتير النفقات.
- وسائل الإعلام والديمقراطية:
وهنا تؤكد المنظمة على أن الحياد التام يحتاج إلى الحماية. وقد ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في خلق دينامية جديدة تماماً بحيث أتاحت التكنولوجيات الجديدة المشاركة الفعالة في الديمقراطية.
- التعاون الدولي:
وهو ضروري لتبادل الخبرات مع الآخرين في أي مكان في العالم؛ لهذا أنشأت منظمة كارولينا الشمالية للقضايا المشتركة صندوق التعليم المعني بالقضايا الدولية المشتركة في أيلول/سبتمبر (2008م). وهو مشروع للمساعدة التقنية يهدف إلى تقاسم تجربة المنظمة وتعزيز التعاون الدولي فيما بين مجموعات المساءلة الحكومية. وهي تعمل أيضاً مع منظمات لها الأهداف نفسها في الديمقراطيات الناشئة التي تسعى إلى تعزيز دور المجتمع المدني كشريك في العملية الديمقراطية.
ائتلاف الناخبين في كارولينا الشمالية (North Carolina Voters for Clean Elections Coalition): وهذه المنظمة هي في الواقع ائتلاف للناخبين بولاية كارولينا الشمالية يعمل من أجل ضمان انتخابات نظيفة بمعنى محاربة استخدام المال في الحملات الانتخابية لما له من تأثير سلبي على العملية الديمقراطية. ولتحقيق هذا الهدف تستثمر هذه المنظمة شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر والمنصات وقواعد البيانات لضمان إجراء انتخابات نظيفة. هكذا، استثمرت المنظمة الكثير في تنظيم دورات تدريبية على كيفية استخدام شبكات التواصل الاجتماعي هذه لصالح الديمقراطية. ويشجع هذا الائتلاف على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر والمدونات من قبل الناخبين لفضح مظاهر الفساد أثناء الحملات الانتخابية.
تأسس ائتلاف الناخبين في كارولينا الشمالية من أجل انتخابات نظيفة في عام (1999م)، والهدف الرئيسي له هو تحسين الديمقراطية في ولاية كارولينا الشمالية من خلال وضع برنامج التمويل العام الطوعي للمرشحين الذين يكسبون ثقة الجمهور على مستوى الولايات. ومن شأن برنامج الانتخابات النظيفة أن يشجع المرشحين على رفض جميع التبرعات ذات الفائدة الخاصة، وأن يعتمدوا فقط على الناخبين للحصول على دعمهم.
إن استخدام المزيد من المال له تأثير سلبي على عملية الديمقراطية، لكن التكلفة المرتفعة للحملات الانتخابية تدفع المرشحين إلى البحث عن التمويل، وتقريباً جميع التبرعات للحملة (90%) يأتي فقط من (1%) من المتبرعين. لذا يقضي المرشحون الكثير من الوقت في جمع الأموال ووقت قليل للتفاعل مع الناخبين، كما أن العديد من المرشحين المؤهلين مستبعدون بسبب ضعف التمويل. لهذا يقوم هذا الائتلاف باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز الديمقراطية، ويتعاون مع مؤسسات أخرى مثل اتحاد المعلمين واتحاد القوى الطلابية في ولاية كارولينا الشمالية.
تساعد شبكات التواصل الاجتماعي على الحفاظ على العلاقة بين المجتمع المدني والحكومة، وهذه العلاقة أساسية للبناء الديمقراطي، في هذا الإطار يؤكد السيد ويد هندرسون أحد أعضاء منظمة «حقوق الإنسان أولاً» أن وسائل الإعلام الحرة لها دور هام في عملية الديمقراطية، لأنها أفضل طريقة لمكافحة الفساد الذي هو عدو الديمقراطية فلا توجد ديمقراطية إذا كان هناك فساد.
خاتمة:
إن عرض بعض الاستنتاجات المستخلصة من النموذج الأمريكي، والتي هي مجرد استنتاجات أولية باعتبار التجارب المحدودة التي تم عرضها في هذه الدراسة مع مراعاة اختلاف النموذج الأمريكي عن باقي البلدان يقودنا للتأكيد على أهمية شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز مشاركة المجتمع المدني في البناء الديمقراطي، لكن بالمقابل هناك العديد من التحديات المطروحة على هذا المستوى بالنسبة للدول النامية خاصة. أهم هذه التحديات ضرورة التغلب على الفجوة الرقمية، وضرورة تأهيل المجتمع المدني في بلدان الجنوب وتعزيز قدرته على الانخراط في الثورة الرقمية. فارتقاء دور المجتمع المدني على المستوى المحلي والوطني والدولي رهين بمدى استخدامه لشبكات التواصل الاجتماعي ولأنظمتها الذكية، وهذا يعني ضرورة تأهيل الموارد البشرية[24] من خلال، أولاً، تسهيل وصولها للإنترنت كما ينص على ذلك ميثاق حقوق الإنسان والمبادئ على شبكة الإنترنت[25]. وثانياً، الاستثمار في الدورات التدريبية لتقوية قدرات أعضاء المجتمع المدني في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال والثقافة الرقمية، بل والتعامل مع الأنظمة الذكية والروبوتات.
يعمل المجتمع المدني في بعض البلدان على نحو أفضل من الحكومة، وهو أكثر انخراطاً في المسار الديمقراطي من الدولة. لذا، وبالنظر إلى التحديات الداخلية التي تفرضها أهداف التنمية المستدامة والتحديات الخارجية التي تفرضها العولمة والعولمة التكنولوجية، فإن التعاون بين المجتمع المدني والحكومة ليس خياراً بل هو ضرورة. وفي هذا السياق، من المهم اعتبار النموذج الأمريكي نقطةَ انطلاق لفهم أهمية العلاقة بين المجتمع المدني والحكومة لتحقيق الديمقراطية. وقد أثبت الواقع وفي بلدان عديدة أن المجتمع المدني يساهم بشكل كبير في طرح الحلول للعديد من القضايا التي هي في الواقع مسؤولية الدولة، مثل: التعليم، ومكافحة الفقر، وضمان الوصول إلى الخدمات الصحية وغيرها من القضايا. لذلك، فإنه ليس من الصعب إحداث التغيير للأفضل ولاسيما مع الفرص الجديدة التي توفرها التكنولوجيا، مع العلم أن قوة المجتمع المدني تكمن في عدد المتطوعين الذين يكرّسون الوقت لمساعدة الآخرين. وبالنظر إلى دور الموارد البشرية في عملية التغيير، يمثل المتقاعدون قوة بشرية يمكن استثمارها من أجل التنمية، لهذا من الضروري تشجيع إشراك هؤلاء الأشخاص الذين يملكون العديد من المهارات والخبرة الطويلة في البناء الديمقراطي.
في الإطار نفسه يعد خلق روح المواطنة لدى الأفراد اللبنة الأساسية لضمان المشاركة الفعالة للمواطنين في البناء الديمقراطي، وهنا يأتي دور التعليم، فتحقيق الديمقراطية والتنمية ليست مسؤولية الحكومة وحدها بل هي مسؤولية المدارس والجامعات والأسرة والبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الفرد. والمجتمع المدني شريك على قدم المساواة في العملية الديمقراطية التي تبدأ بضمان انتخابات نظيفة. في هذا السياق يؤكد البروفيسور روبرت سميث، ممثل المركز الدولي لدراسات جيفرسون[26]، أننا بحاجة لفهم الديمقراطية، علينا أن نفهم السلطة وممارسة السلطة. لهذا السبب أمضى الأميركيون الكثير من الوقت في قراءة الدستور وفهم الحقوق الواردة فيه، ولهذا يجب على الحكومة والمجتمع المدني التركيز على الفهم الجيد للدستور من جانب المواطنين ليحكموا أنفسهم بأنفسهم. هذه هي الديمقراطية التي تحدث عنها توماس جيفرسون. الحكومات الديمقراطية يجب أن تكون قادرة على تعبئة الأفراد الذين يشكلون قوة عامة، لأن هذه القوة العامة هي التي أضفت الشرعية على الحكومة.
إن تعزيز دور المجتمع المدني في عملية الديمقراطية يبدأ بتكوين مواطن يشارك بفعالية في العملية الديمقراطية، هنا يأتي دور المؤسسات التعليمية التي يجب أن تعمل على خلق روح المواطنة لدى المتعلمين، وجلب الديمقراطية للأقسام، وإشراك الآباء وباقي الفاعلين في بناء المواطن مع ما يقتضيه ذلك من أهداف محددة تعمل المؤسسات التعليمية على تحقيقها، دون إغفال ضرورة إعادة النظر في العلاقة بين المعلم والمتعلم التي يجب أن تبنى على الاحترام المتبادل والمساواة بينهما في الأنشطة لما لذلك من تأثير إيجابي على العملية التعليمية. في هذا السياق تؤكد ليزلي غرين بومان، رئيسة مؤسسة توماس جيفرسون، "إن جميع الشركاء في الدائرة الرئاسية يفهمون قوة المكان"، وهي تقصد دور وادي السيليكون في صناعة الأفكار الأمريكية حول الديمقراطية، وفي خلق مجتمع مدني يشارك بفعالية، وتكوين المفكرين بدءاً من جيفرسون وماديسون ومونرو، والاستمرار اليوم مع مجموعة هامة من كبار العلماء والخبراء في أميركا، إلى غير ذلك من القضايا ذات الصلة بالبناء الديمقراطي.
وترتهن الديمقراطية أيضاً بالمساواة بين الأفراد، وهذا يحيل على أهمية تمكين النساء، الذي يجب أن يدرج في جميع السياسات العمومية كهدف رئيسي، ولاسيما في السياسات التعليمية، لأن المساواة التي هي الهدف الرئيسي للتمكين يبدأ تحقيقها من البرامج التعليمية. في هذه الحالة، من الضروري إنشاء برنامج استراتيجي يركز على تنفيذ تدريب تشاركي مرن وميسر لعدد متزايد من منظمات المجتمع المدني والنساء على مستوى القاعدة الشعبية؛ حتى يتمكن من تولي القيادة والمساهمة في عملية إرساء الديمقراطية في بلدهن.
المراجــع
- الاتحاد الدولي للاتصالات، القمة العالمية لمجتمع المعلومات، جنيف 2003م – تونس 2005م، إعلان مبادئ جنيف، ديسمبر 2005م،
https://www.itu.int/net/wsis/outcome/booklet-ar.pdf
References:
Armony, Ariel C. (2008) Sociedad civil y democracia en AméricaLatna, Pensamientopropio, Año 13, 28,11-37. P12.
Blasco, Miguel. (2010) Organizaciones sociales y TIC: Retos y oportunidadesEmpoderamiento digital, 02, 9 – 11
Butts, Carter T. (2008) Social network analysis: A methodological introduction Asian Journal of Social Psychology, 11, 13 – 41.
Common Cause North Carolina, Electronic references. Retrieved from www.commoncause.org/nc
Faris, David M. (2012) La révolte en réseau: le “printemps árabe” et les médias sociaux, Politique étrangère, 99-109.
Fowler, James H., Dawes, Christopher & Christakis, Nicolas A. (2009) Model of genetic variation in human social networks PNAS, vol. 106, no. 6, February, 1720–1724.
Internet Rights & Principles Coalition.(2018). Charter of Human Rights and Principles on the Internet 5th edition. Available from:
internetrightsandprinciples.org/site/charter-of-human-rights-and-principles-on-the-internet/ (Accessed: 4 July 2019).
International Telecommunications Union (2011) Mesurer la societé de l’information, Géneve: Union internationale des télécommunications
International Telecommunications Union (2013) ICT Facts and Figures 2013.Online document.
http://www.itu.int/en/ITU-D/Statistics/Documents/facts/ICTFactsFigures2013.pdf
Kiva.(2012). Electronic references. Retrieved from, http://www.kiva.org/about/
Malinsky, Eli. (2008) Connecting the Dots: The Institutionalization of Technology in Networks of Nonprofit Organizations The Journal of Networks and Civil Society,Winter Edition, 24 – 6.
Mary Kaldor (2003), Civil Society and Accountability, Journal of Human Development, Vol. 4, No. 1.
http://dspace.cigilibrary.org/jspui/bitstream/123456789/8446/1/Civil%20Society%20and%20Accountability.pdf?1
Mazo Monsalve César (2012) Claves para la formación ciudadana en la era digital, Revista Q. Vol 6, No 11.
Medic mobile.(2012).Electronic references. Retrieved from, http://medicmobile.org/about-us/
Nina Cvetek& Friedel Daiber (2009) , Qu’est ce que la société civile ?, KMF-CNOE, en partenariat avec la Friedrich-Ebert-Stiftung (FES).
Peres, Wilson. & Hilbert, Martin. R.. (2009) La sociedad de la información en América Latina y el Caribe: Desarrollo de las tecnologías y tecnologías para el desarrollo Santiago de Chle: CEPAL
Rushkof, Douglas. (2011) Global Village to Grass Roots: Digital Media’s Civic Potential eJournal USA, Volume 16, Number 3, 10 – 14.
Tad Stahnke (2011), Institutions and Different Types of Policies, online document http://www.ohchr.org/Documents/Issues/Expression/ICCPR/Santiago/TadStahnke.pdf
The Carnegie UK Trust (2007) Scenarios for Civil Society, London: The Carnegie Trust
http://www.carnegieuktrust.org.uk/getattachment/06ab0cc6-0b71-404c-b73e-b994dba
US Department of State, AkramIlias (2012). “the American concept of federalism”, lecture at the International Visitor Leadreship Program on, Civil Society as a Cornerstone of Democracy, 3-14 December.
US Department of State, Francis Fukuyama (2012). “Civil Society as a Cornerstone of Democracy”, lecture at the International Visitor Leadreship Program on, Civil Society as a Cornerstone of Democracy, 3-14 December.
United States Department of State, Paul Brest (2012). “The role of philanthropy in civil society”, lecture at the International Visitor Leadreship Program on, Civil Society as a Cornerstone of Democracy, 3-14 December.
Women’s Business Center of North Carolina. (2012). Electronic references. Retrieved from, www.ncimed.com/.../business.../women-business-cent..
World Bank (2013). World Development Indicators. Washington, DC: World Bank. doi: 10.1596/978-0-8213-9824-1. License: Creative Commons Attribution CC BY 3.0
[1] نشر هذا البحث في مجلة ألباب الصادرة عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود، عدد 14
[2] World Bank (2013) World Development Indicators 2013. Washington, DC: World Bank. doi: 10.1596/978-0-8213-9824-1. License: Creative Commons Attribution CC BY 3.0
[3] Peres, Wilson. & Hilbert, Martin. R. (2009) La sociedad de la información en América Latina y el Caribe: Desarrollo de las tecnologías y tecnologías para el desarrollo Santiago de Chle: CEPAL.
[4] Blasco, Miguel. (2010) Organizaciones sociales y TIC: Retos y oportunidades Empoderamiento digital, 02, 9 – 11.
[5] الاتحاد الدولي للاتصالات، القمة العالمية لمجتمع المعلومات، جنيف 2003م - تونس 2005م، إعلان مبادئ جنيف، ديسمبر 2005م.
https://www.itu.int/net/wsis/outcome/booklet-ar.pdf
[6] Mary Kaldor, Civil Society and Accountability, Journal of Human Development, Vol. 4, No. 1, 2003, p6; online document
http://dspace.cigilibrary.org/jspui/bitstream/123456789/8446/1/Civil%20Society%20and%20Accountability.pdf?1
[7] Nina Cvetek& Friedel Daiber , Qu’est ce que la société civile ?, KMF-CNOE, en partenariat avec la Friedrich-Ebert-Stiftung (FES), octobre 2009. p 7.
[8] Ibid.
[9] Francis Fukuyama and Olivier Nomellini, The Freeman Spogli Institute for International Studies, he discussed "Civil Society as a Cornerstone of Democracy". He offered thoughts on what civil society is, why it matters and what role it plays in both nudging nations along to path to democracy, and making existing democracies better. More information: US Department, IVLP books program 2012, p. 17.
[10] Paul Brest, Faculty Co-Director, Stanford Center on Philanthropy and Civil Society, Professor of Law, Emeritus, Stanford Law School and Former Dean, Stanford Law School.
[11] Butts, Carter T. (2008) Social network analysis: A methodological introduction Asian Journal of Social Psychology, 11, 13 – 41.
[12] Armony, Ariel C. (2008) Sociedad civil y democracia en AméricaLatna, Pensamientopropio, Año 13, 28,11-37. P.12.
[13] International Telecommunications Union (2013), "Percentage of Individuals using the Internet 2000-2012" June 2013, https://www.itu.int/en/ITU-D/Statistics/Documents/statistics/2013/... ·Accessed: July 9, 2019
[14] Fowler, James H., Dawes, Christopher & Christakis, Nicolas A. (2009) Model of genetic variation in human social networks PNAS, vol. 106, no. 6, February, 1720–1724.
[15] Faris, David M. (2012) La révolte en réseau: le “printemps árabe” et les médias sociaux, Politique étrangère, 1,99-109
[16] للمزيد من المعلومات حول هده المنظمة يمكن زيارة الموقع الآتي: avaaz.org.
[17] Malinsky, Eli. (2008) Connecting the Dots: The Institutionalization of Technology in Networks of Nonprofit Organizations The Journal of Networks and Civil Society, Winter Edition, 24 – 61. P. 25.
[18] Rushkof, Douglas. (2011) Global Village to Grass Roots: Digital Media’s Civic Potential eJournal USA, Volume 16, Number 3, 10 – 14. P.12.
[19] أكرم إلياس خبير في الشبكات الثقافية والسياسية الأمريكية يشتغل في هذا المجال لما يزيد عن (25) سنة بواشنطن.
[20] Akram Ilias (2006), “Religion, Civil Society & Governance: The American Experience”, Centre for Security Analysis, Religion,Civil Society and Governance, Bulletin No.12,Chennai, Indiap8. Online document.
http://www.csa-chennai.org/Files/Bulletin12.pdf
[21] Medic mobile.(2012).Electronic references. Retrieved from, http://medicmobile.org/about-us/
[22] Kiva. (2012). Electronic references. Retrieved from, http://www.kiva.org/about/
[23] هنا لائحة لبعض المواقع الإلكترونية التي أنشأها هذا المعهد لتقوية قدرات الفتيات في مجال ريادة الأعمال:
us.smetoolkit.org
http://us.smetoolkit.org/us/en/content/en/5019/Jim-s-Corner
BuzGate.org
http://us.smetoolkit.org/us/en/content/en/3580/An-Overview-SME-Small-Business-Training
http://us.smetoolkit.org/us/en/content/en/4781/Micro-MentorConnecting
[24] Mazo Monsalve César (2012) Claves para la formación ciudadana en la era digital, Revista Q. Vol 6, No 11.
[25] Internet Rights & Principles Coalition. (2018). Charter of Human Rights and Principles on the Internet 5th edition. Available from:
internetrightsandprinciples.org/site/charter-of-human-rights-and-principles-on-the-internet/ (Accessed: 4 July 2019).
[26] Robert H. Smith International Center For Jefferson Studies.
https://www.monticello.org/site/research-and-collections/robert-h-smith-international-center-jefferson-studies