المقاربة العصبية للحكم الأخلاقي: التطورات العلمية والفلسفية للفكر الأخلاقي
فئة : أبحاث محكمة
المقاربة العصبية للحكم الأخلاقي:
التطورات العلمية والفلسفية للفكر الأخلاقي
الملخص:
تسعى هذه الورقة إلى إبراز الكيفية التي طور بها علم الأعصاب والفلسفة معًا فهمنا للحكم الأخلاقي مع الإشارة إلى الآثار المترتبة عليه، كما أوضحنا كيف ركزت المقاربة العصبية في البداية على مناطق الدماغ المرتبطة بالعقل الذي يقابل العاطفة في الأحكام الأخلاقية المرتبطة بمشكلة التضحية، لتنتقل بعد ذلك إلى دراسة مجموعة واسعة من الأحكام الأخلاقية وكيفية ارتباطها بنماذج نمو الدماغ والتعلم. من خلال ربط هذه النماذج معًا، فإننا نطور فهمًا أفضل للمقاربة العصبية للحكم الأخلاقي في مرحلة البلوغ وإلى حد ما في الطفولة والمراهقة. إلى جانب الأدلة المستلهمة من علم النفس والتحليل الفلسفي الدقيق، يمكن أن تساعد الأدلة العلمية العصبية في تسليط الضوء على مسألة المعرفة الأخلاقية، سواء في صورتها الفكرية أو التربوية، من جهة، وعلى طرائق تعزيز التطور الأخلاقي الصحي، من جهة أخرى.
مقدمة
تخيل أنك تقرأ في الأخبار عن بلد بعيد، بعيد جدا، لا يستقبل اللاجئين الفقراء، العاجزين، طالبي اللجوء. "هذا مجرد خطأ"، كما تزعم. ومع ذلك، فإن جارك قد يتوصل إلى الاستنتاج المعاكس. وبهذه الطريقة، يستطيع البشر الحكم على الأفعال على أنها صحيحة أو فاسدة، وأن الناس أخيار أو أشرار، حتى لو كان هؤلاء الذين تم انتقادهم (أو مدحهم) هم "أطراف محايدة" لا علاقة لهم بالفرد الذي يصدر الحكم، كما أن هناك ميزة أخرى مثيرة للاهتمام تخص الحكم الأخلاقي، هي أنه حتى لو كان هناك ما يحفز المرء على اتباعه، فإن الفعل الأخلاقي المقابل غالبًا ما يفشل في الظهور. وعليه، فكثير من الناس يكذبون ويخدعون ويسرقون، ولكنهم يشعرون بالذنب بعد ذلك؛ لأنهم يعتقدون أن مثل هذه الأفعال غير أخلاقية. لذلك، يحتوي علم النفس الأخلاقي على العديد من المكونات - بما في ذلك الدافع والقرار والفعل - تجعلنا أكثر تركيزا، في هذه الورقة، على الحكم الأخلاقي.
وبما أن القدرة على الحكم الأخلاقي هي قدرة مكتسبة، تنشأ من تفاعل الإنسان مع محيطه المادي والثقافي، فكيف تنشأ هذه القدرة في الدماغ؟ في هذه الورقة، نحدد بعض المستويات الرئيسة لدراسة الحكم الأخلاقي، والتي ظهرت على مدار العقود الثلاثة الماضية. وقبل مناقشة الاتجاهات المستقبلية لتطور ما سنسميه بـ "القدرة الأخلاقية"، سنوضح كيف ركز المستوى الأول في علم الأعصاب الأخلاقي على تشوهات الدماغ، من خلال دراسة الاضطرابات النفسية. ويمكن الإشارة إلى الأبحاث المبكرة (حوالي 1990-2000) التي ركزت على اللوزة الدماغية، وقشرة الفص الجبهي الداخلي، كما أدت إلى ظهور نظريات تؤكد على المشاعر العاطفية كجزء لا يتجزأ من الحكم الأخلاقي. وقد بشر المستوى الثاني من الأبحاث (2000-2010) بطرائق جديدة، خاصة تصوير الدماغ، وتحفيز الدماغ، والمعالجة بالناقلات العصبية، كما سلط علم الأعصاب الأخلاقي الضوء على مناطق الدماغ المرتبطة بالعمليات المعقدة، كالتعلم، والاستدلال، مثل؛ قشرة الفص الجبهي الخارجي، والفص الجداري الصدغي، الفص الصدغي الخلفي. في هذا الإطار، قدم الباحثون نماذج تطبيقية مزدوجة، لبيان كيف تؤثر المشاعر العاطفية على الإدراك الأخلاقي. اعتمدت الاتجاهات الحديثة بشكل أكثر على النماذج العصبية، والآليات الحاسوبية، لتطوير نظريات التعلم الأخلاقي على مستوى المكافأة والحكم. نتوقع أن يتضمن المستقبل مزيدًا من العمل حول كيفية ارتباط نمو الدماغ بالإدراك الأخلاقي.
في النهاية، سنرى أن علم الأعصاب، عندما يقترن بالنتائج المستخلصة من علم النفس والتخصصات المرتبطة به، سيساهم في معالجة الأسئلة الفلسفية الدائمة حول الحكم الأخلاقي، ولا سيما إمكانية وحدود معرفة الصواب من الخطأ؛ وذلك من خلال المساهمة في الكشف عن الدوائر العصبية، والآليات المعرفية العصبية الكامنة وراء الإدراك الأخلاقي الناضج، وكيف يتطور بشكل طبيعي، وكيف ينهار في حالة الاضطرابات، كما يسلط علم الأعصاب الضوء على مصداقية أحكامنا الأخلاقية، وإمكانية وشكل التطور الأخلاقي. ليس من السهل سد الفجوة المخيفة بين كيفية تشكيلنا لمعتقداتنا الأخلاقية، وكيف ينبغي علينا ذلك. ومع ذلك، وبوجود التفكير النقدي، يمكن لعلم الأعصاب أن يثري فهمنا للحكم الأخلاقي، وبيان ما إذا كان يعمل الحكم الأخلاقي بشكل جيد أو سيئ.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا