المنطق
فئة : ترجمات
المنطق
يُنْتَظَرُ مِن فصلٍ عن المنطق في كتاب عن الفلسفة الإسلامية أن يغطِّي العديد من الموضوعات، بدءاً من طرائق استدلال الفقهاء والمتكلمين في القرنين الثاني والثالث الهجريين، التاسع الميلادي، إلى التحليلات اللغوية لعلماء النحو في القرن الثامن الهجري، الرابع عشر الميلادي([1]). لكن مع أواخر القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي؛ كانت الكلمة العربية «المنطق» تشير حصرياً للتراث المشائي في التمييز بين الحجج الصادقة والكاذبة، وهو التراث الذي سنركِّز عليه في هذا الفصل. وهذا يعني أن الكتابات العربية في المنطق والمعالجة هنا، مثلها مثل ما يوازيها في الغرب اللاتيني الوسيط، تتعلق بإشكاليات منشَؤها من النصوص الأرسطية؛ والتراث المنطقي العربي المهيمن أكثر قرباً من تلك النصوص الأرسطية، بالمقارنة بالتراث المنطقي اللاتيني كما سيتَّضح فيما يلي.
وعلى الرغم من محدودية نطاق المعالجة؛ فإن الكتابات التي يتناولها هذا الفصل تمتدُّ من سنة 132هـ/ 750م إلى يومنا هذا، وتغطِّي موضوعات عديدة ظهرت معالجتها لأول مرة في «الأورجانون» الأرسطي. ولتسهيل مهمَّتي؛ فقد ركَّزتُ على الإحالة إلى «الرسالة الشمسية» لنجم الدين الكاتبي القزويني (600 - 675هـ/ 1203 - 1276م)([2]). وقد اعتمدتُ عليه؛ لأنه كان العمل الأساسي في المنطق الذي يدرسه المسلم السُّنِّي في دراسته النظامية حتى مطلع القرن العشرين([3]). ولأن الإشكالية التي عالجتها «الرسالة الشمسية» قد ظهرت في كتابات ابن سينا ثم لاقت حلاً مقبولاً بعامة في أواخر القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي؛ فلن أتناول أيَّ عمل منطقي ظهر بعد هذا التاريخ. ولا يعني هذا أن الفترة اللاحقة على هذا التاريخ لم تشهد أعمالاً أصيلة في المنطق، بل يعني أن إشكاليات أخرى صارت موضع الاهتمام.
وأبدأ هذا الفصل بعرض بعض التعليقات على الصعوبات الخفيَّة التي تواجه مؤرخ المنطق العربي، ثم أعرض بإجمال لملامح التراث الذي تنتمي إليه «الرسالة الشمسية»، والطريقة التي قُدِّم بها هذا التراث في البرنامج التعليمي للمدرسة العربية الإسلامية. كما أقدِّم وصفاً لمحتويات الرسالة لإعطاء القارئ فكرة عن مدى تعدُّد الموضوعات التي تقدِّمها لدارس المنطق [في تلك الفترة]، وبعد ذلك أبرز عناصر هامة في معالجة الكاتبي للأقيسة الشرطية وأفحص في سوابقها. وأختم بمحاولة لرسم صورة عامة عن التطور اللاحق للمنطق العربي.
للاطلاع على الملف كاملا المرجو الضغط هنا
([1]) لمعلومات عن هذه الموضوعات الشيقة، انظر J. van Ess, “The Logical Structure of Islamic Theology,” in von Grunebaum [184], 21–50; and B. Weiss, “Ilm al-Waḍ‘: An Introductory Account of a Later Muslim Philological Science,” Arabica 34 (1987), 339–56.
([2]) لدينا ترجمة قديمة للرسالة الشمسية، وإن تأخرت ترجمة حديثة في الظهور: A. Sprenger (ed. and trans.),Bibliotheca Indica: A Collection of Oriental Works, no. 88: First Appendix to the Dictionary of Technical Terms used in the Sciences of the Mussulmans, containing the Logic of the Arabians (Calcutta: 1854). وكانت هذه ترجمة لجزء من الرسالة، وأكملها ريشر: Rescher [178], 39–45، الذي أضاف إليها تحليلات خاطئة، صححها بعد ذلك في دراسته المنشورة في: A. vander Nat [180].
([3]) أما في الحوزات الشيعية؛ فالنص المعتمَد فيها كان شرح العلَّامة الحلِّي (ت 726هـ/ 1325م) على «تجريد المنطق» لنصير الدين الطوسي (ت 672هـ/ 1274م)، وهو «الجوهر النضيض في شرح كتاب التجريد».