المنطق الطبيعي وصورنة الظواهر التداولية: ليكوف نموذجا

فئة :  أبحاث محكمة

المنطق الطبيعي وصورنة الظواهر التداولية: ليكوف نموذجا

المنطق الطبيعي وصورنة الظواهر التداولية: ليكوف نموذجا

ملخص

تعالج هذه الورقة كيف أن المنطق الطبيعي الذي اقترحه ليكوف يشكل آلية صورية لتحديد الشروط التي بموجبها نميز بين التعابير النحوية وغير النحوية، من جهة، وربط الصورة المنطقية لجمل اللغة الطبيعية بما يوافقها من بنيات سطحية، من جهة أخرى. كما أنه أداة تجريبية تمكّننا من صورنة الظواهر اللغوية، سواء كانت تركيبية أم دلالية. غير أن المنطق الطبيعي لا يقتصر على دراسة البنيات التركيبية والدلالية للغة الطبيعية فقط، بل يتجاوز ذلك إلى صورنة الظواهر اللغوية ذات طابع تداولي يأخذ بعين الاعتبار دور السياق، والمقام، والذات، في تمثيل الجمل الإنشائية، والاقتضائية.

مقدمة:

اتخذ ليكوف المنطق الطبيعي إطارا يستند إليه في إثبات التشابه الموجود بين البنيات العميقة والصور الدلالية- المنطقية، موظفا مجموعة من الحجج التجريبية مستمدة من اللغة العادية تثبت أن الجمل التي تختلف على مستوى البنية العميقة تختلف من جهة المعنى. الأمر الذي قاد ليكوف إلى التعامل مع الأسوار كما لو كانت محمولات تحتية، مبرزا أهمية الوظيفة الدلالية للأسوار على مستوى البنية العميقة. من هنا سيعتمد ليكوف المنطق التداولي كأساس لوصف الخطاب الطبيعي؛ أي وصف الصورة المنطقية لجمل اللغة الطبيعية، كما يسمح بالتعبير عن كل التصورات القابلة لأن يعبر عنها في اللغة الطبيعية، وتحديد كل الاستدلالات الصحيحة التي يمكن أن تنجز داخل اللغة الطبيعية بشكل يتلاءم مع وصف لساني كاف لكل اللغات الطبيعية[1]. ولتحقيق هذه الغاية استند ليكوف إلى منطق المحمولات الكلاسيكي ودلاليات العوالم الممكنة في دراسته للظواهر اللغوية، خصوصا تلك التي تتخذ طابعا تداوليا، كالاعتقاد، والاقتضاء، وظواهر تداولية أخرى.

إن دراسة مثل هذه القضايا دراسة منطقية يتطلب في نظر ليكوف تجاوز منطق النحو الكلاسيكي إلى منطق حديث للغة الطبيعية؛ أي الخروج من التصور الكلاسيكي للنحو القائم على المنطق الأرسطي من حيث هو منطق الوجود إلى منطق طبيعي كطريقة في التفكير والاستدلال. كما يتطلب منا نسق المنطق الطبيعي استثمار أشكال منطقية ونحوية متعددة لوصف اللغة الواحدة، ويستند إلى حجج تجريبية مأخوذة من اللغة اليومية، بحيث يمكن الاحتكام إلى الوقائع والظواهر اللغوية من أجل الكشف عن تحايل اللغة الطبيعية، قصد وصف أحداث الوجود ومظاهره متوسلا بفروع من النحو، كالحال، والظرف. من هنا، تتجلى أهمية المنطق الطبيعي بالنسبة إلى البحث اللساني، بشكل عام، والتداوليات، بشكل خاص؛ إذ لا يمكن دراسة طبيعة اللغة الإنسانية دراسة تجريبية دون الجمع بين البنية المنطقية والبنية اللسانية، فكل التحليلات المنطقية ينبغي أن تكون من جهة اللسانيات مطابقة وكافية، والعكس صحيح[2]. كما يعمل المنطق الطبيعي على توليد الجمل النحوية وربطها بالصورة المنطقية المماثلة لها، مما يجعله نسقا كافيا، لكونه يستجيب لخصوصيات اللغة الطبيعية ومقتضياتها، وفي نفس الوقت يسمح بتمثيل الأبعاد المنطقية التي تتضمنها كل جملة يتلفظ بها المتكلم آخذاً بعين الاعتبار أهمية الفهم والتصور في تحديد البنيات المنطقية للخطاب الطبيعي. ستعالج هذه الدراسة طبيعة التصورات المتضمنة في الخطاب الطبيعي، من خلال الكشف عن البنيات المنطقية للظواهر التداولية.

إن الهدف الأساسي من دراسة المنطق الطبيعي هو إبراز طبيعة العلاقة بين البنية الدلالية-التداولية والبنية المنطقية من أجل الكشف عن بنيات منطقية ضمن الخطاب الطبيعي، وهو ما لم يتحقق في نظر ليكوف دون دراسة التصورات المتضمنة في جمل اللغة الطبيعية بكل أبعادها الدلالية والتداولية. ومن ثم، فالإشكال العام الذي يعالجه ليكوف في هذا الإطار هو ما إذا كانت العلاقة بين البنية اللسانية والبنية المنطقية قائمة على الصدفة أم تعود إلى بنية الفكر ذاته؟ وبعبارة أخرى، هل يمكن تأسيس البنيات الدلالية والتداولية انطلاقا من البنيات المنطقية للخطاب الطبيعي؟ وبهذا، يمكن توضيح الدور الذي يقوم به المنطق الطبيعي في معالجة الظواهر التداولية بربطها بالصورة المنطقية[3].

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

[1]- Lakoff, G, Linguistique et logique naturalle, traduit de Anglais par, Judith Milner et JoelleSampy, present par Jidith Milner, paris Editions, Klincksieck, 1976, p. 131

[2]- Ibid, p. 133

[3]- Lakoff,George, Linguistique et logique naturelle,op, cit,p. 1