الموسيقى الدينية وتجلياتها: "الموسيقى الصوفية أنموذجا"
فئة : أبحاث عامة
الملخص:
هناك توظيف للموسيقى والغناء الدينيّ ظهر في الاسلام في الموسيقى الصوفية، إنَّ التصوف جزء من خطاب عالميّ امتدَّ في عمق الحضارات القديمة إلى جانب اليونان والهند وأديان التوحيد الثلاث: اليهوديّة، والمسيحيَّة، والإسلام، فكان يمثل موقفا دينيًّا؛ ولكنَّه موقف لا يأخذ بالتفسير الحرفي بل بالتفسير الروحي القائم على تجربة دينيّة عميقة، وفي هذا يقول الغزاليّ (سر القرآن ولبابه الأصفى، ومقصده الأقصى دعوة العباد إلى الجبار الأعلى، رب الآخرة والأولى، خالق السماوات العلى والأرضين السفلى وما بينهما وما تحت الثرى) وهكذا تظهر أصالة الجانب الإسلاميّ في التصوف، الذي انتهج منهجًا وآليات تطورت هي الأخرى وأصبحت من سماته على الرغم من الاختلافات بين المتصوفة واجتهاداتهم المعرفية في فهم الحقيقة وتجليها في الطريقة، التي اتسمت مع الطرق الصوفيَّة بإضافات تمثلت في: توظيف الموسيقى، والرقص الصوفي في التجربة الدينيَّة الصوفيَّة وهي تظهر لدى المتصوف في نظرته الى (النص القرآني له عمق، انه باطن مغطى بالظاهر، وله معنى سري، وحي مخبأ في حنايا المعنى الأدبي، وهذا المعنى يكشفه الاستنباط).
فعلى الرغم من إشارتنا إلى أن حضور الموسيقى عميق في الميراث الدينيّ العالميّ وخصوصا في العراق ومصر واليونان والهند في المقدمة السابقة، وعلى الرغم من موقف الإسلام من الفنون ومنها الموسيقى؛ ولكنَّ بعض الباحثين يرصدون حضورًا للموسيقى في موضوعات دينيَّة إذ تظهر الأنغام الموسيقيَّة، واضحة جلية في العديد من الطقوس التعبديَّة، مثل الأذان، وترتيل القرآن، والتمجيد واستقبال شهر رمضان وتوديعه.
ومع ظهور السلالات الفارسيَّة والتركيَّة ظهرت الكثير من الطرق الصوفيَّة في الشرق وصولا الى الهند وفي المغرب العربي الإسلامي وقد وصار لكل طريقة صوفية مُريدوها وأشعارها وأورادها الخاصة، وأسلوبها في الغناء والرقص. بل إنَّنا سوف نجد أنَّ لهذا التراث أثرًا عميقَ الحضور في الموسيقى العربيَّة اليوم، ففي هذه الممارسات الصوفيَّة وما يصاحبها من موسيقى ورقص جعل العثمانين بشكل عام يعرفون هذه الموسيقى أحياناً باسم "الفن الإلهي"، وعلى الرغم من غموض المصطلح، فإنه كان يشير في عمومه إلى نوعين من الأداء، أحدهما: كان يُغنى باللغة التركية في حلقات الذكر ومولد النبي. والثاني: نوع آخر من الفن الإلهي نشأَ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أطلقوا عليه اسم "الشغول"، وكان عبارة عن ترانيم تؤدَّى باللغة العربيَّة في شهر رمضان ومحرم وذي الحجة. كما ظهر نوع غنائي كان يقوم به المؤذنون بعد صلاة التراويح في شهر رمضان يسمى "المناجاة"، حيث يصعد المؤذن على المنبر ويبدأ في إنشاد مدائحه واستغفاراته، وأحياناً تساعده مجموعة من المرددين من خلفه في أداء بعض المقاطع.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا