الميراث بالتعصيب في القرآن: اختلاف الحكم الفقهي باختلاف الدلالة اللغوية
فئة : أبحاث محكمة
الميراث بالتعصيب في القرآن:
اختلاف الحكم الفقهي باختلاف الدلالة اللغوية[1]
مدخل
الميراث في اللغة: هو الإرث الذي يورثه الشخص أو الجماعة لمن بعدهم، فقد ورد في لسان العرب: "أورثته الشيء أبوه، وهم ورثة فلان، وورثَه توريثا؛ أي أدخله في ماله على ورثته، وتوارثوه كابرا عن كابر.... وقيل الورث والميراث في المال، والإرث في الحسب"([2]). أما في الشرع، فهو "انتقال الملكية من الميت إلى ورثته الأحياء".
وقد امتاز نظام الإرث في الإسلام عن غيره من أنظمة التوريث التي كانت سائدة قبله، عند العرب، وفي الأديان الأخرى، فلم يجعل قسمة الميراث إلى مالكه ليورث من يشاء ويحرم من يشاء، بل جعل ذلك بقانون، يطبقه القاضي بعد وفاة المورّث، كما وضع للميراث شروطاً وموانع، فإذا توفرت الشروط، وانتفت الموانع حصل الإرث وإلا فلا، وأحكام الميراث مفصلة في كتب الفقه؛ فمن أراد التوسع فليرجع إليها في مظانها.
ومن القضايا التي تثير السؤال والتساؤل في مواضيع الميراث هي القضايا المتعلقة بميراث المرأة، حيث يقوم الميراث في الإسلام في بعض الحالات على إعطاء الرجل حصة أكبر في الميراث، وقد يشير ذلك إلى طبيعة المجتمع وطبيعة عمل الرجل والواجبات الموكولة إليه في النفقة والإنفاق على غيره، فقد كانت "المرأة عند الرومان تساوي الرجل فيما تأخذه من التركة مهما كانت درجتها. أما الزوجة، فلم تكن ترث من زوجها المتوفى؛ فالزوجية عندهم لم تكن سبباً من أسباب الإرث، حتى لا ينتقل الميراث إلى أسرة أخرى"([3])، وكذلك كان نظام الميراث عند اليهود يحرم الأنثى من الميراث، مهما كانت درجة قرابتها، ولا ترث إلا في حال عدم وجود الابن الذكر"([4])، وكذلك فإن الميراث عند الأمم السامية أو الأمم الشرقية القديمة "يقوم على إحلال الابن الأكبر محلّ أبيه، فإن لم يكن موجوداً فأرشد الذكور، الإخوة ثم الأعمام .... وهكذا إلى أن يدخل الأصهار وسائر العشيرة، وتميز نظام الميراث عندهم فضلاً عما ذكرنا بحرمان النساء والأطفال من الميراث"([5]). أما العرب في الجاهلية "فلم يكن لهم نظام إرث مستقل أو خاص بهم، إنما ساروا على نهج الأمم الشرقية؛ فالميراث عندهم خاص بالذكور القادرين على حمل السلاح والذود عن القبيلة، دون النساء والأطفال، ذلك لأنهم أهل غارات وحروب، بل أكثر من ذلك كانوا يرثون النساء كرها، بأن يأتي الوارث، ويلقي ثوبه على أرملة أبيه، ثم يقول: ورثتها كما ورثت مال أبي. فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها بدون مهر، أو زوجها من أراد، وتسلّم مهرها ممن يتزوجها أو حجر عليها لا يزوجها ولا يتزوجها"([6])، ويبدو أن القرآن الكريم قد نهى ومنع مثل هذا السلوك، حين قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"([7]).
ومن هنا يظهر نظام الميراث في الإسلام أكثر عدالة في الوقت الذي نزل فيه القرآن في مكة والمدينة، وكان من أهم ما جاء به الإسلام هو فرض الميراث للرجل والمرأة على حد سواء، كل حسب حصته، وذلك في قوله تعالى: "لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا"([8])، فأعطى المرأة حقا في ميراث والدها، وجعله من الفرائض، وذلك إلزاما للعرب في ذلك الوقت، لأن توريث الأنثى لم يكن مقبولا لديهم، إذ كان المجتمع يعنى بالذكور، بسبب طبيعة العيش والعلاقات القائمة على القوة والغلبة والغزو، فكان الاعتماد على الذكور لحماية القبيلة والذود عن حماها، ولذا فقد كان الذكر يحصل على نصيب كبير من الميراث، بل ريما كله، في الوقت الذي لا تحصل فيه الأنثى على شيء.
لقد جاءت أغلب آيات الميراث في القرآن الكريم صريحة وواضحة في تقسيم الأنصبة المستحقة لكل وارث، ولو تتبعناها لوجدناها في سورة النساء، على الشكل الآتي:
- "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"([9]).
- "وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ"([10]).
- "يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"([11]).
ومن خلال التقسيمات التي وردت في هذه الآيات، يبدو أن هناك قانونا للميراث في الإسلام، لكن بقيت هناك قضايا اجتهادية وخلافية، تعتمد في مجملها على اختلاف في الفهم اللغوي للنص القرآني، الذي نتج عنه اختلاف في الآراء الفقهية أيضا. ومن هذه القضايا ميراث المرأة، وحصتها فيه، إذ نجد أحيانا خلافات بين الفقهاء في مقدار حصة المرأة من الميراث بكافة أشكاله. ومن خلال قراءاتي في قضايا المواريث والخلاف بين الفقهاء فيها، وجدت أن هناك قضية مهمة تحتاج إلى بحث ودراسة، وهي قضية "الميراث بالتعصيب"، ورغم وجود دراسات في القضية، تعتمد على الترجيح من ناحية الأدلة الشرعية في الكتاب والسنة، إلا أنه ليس هناك دراسة تعنى بالجانب اللغوي للمسألة، ثم تعمل على الترجيح من خلال العامل اللغوي؛ أي الدلالة اللغوية للكلمة في سياقها من الآيات القرآنية.
وقد يكون من المفيد البحث في قضية "الميراث في التعصيب" في الفقه الإسلامي، بالاعتماد على الدلالة اللغوية، وذلك من أجل تطوير بعض الأحكام الفقهية بما يتناسب مع التشريعات الحديثة في العالم، إذ إن هذه المسألة تحتمل - من خلال التفسير اللغوي - أن تكون أكثر انسجاما مع الواقع من التفسيرات القديمة.
التعصيب في اللغة والاصطلاح
ورد في القاموس المحيط: "والعَصَبَةُ، محركةً: الذين يَرِثونَ الرَّجُلَ عن كَلالَةٍ من غيرِ والدٍ ولا وَلدٍ، فأَمَّا في الفَرائِض: فكُلُّ من لم يَكُنْ له فَريضةٌ مُسَمَّاةٌ فهو: عَصَبَةٌ، إنْ بَقِيَ شَيْءٌ بعد الفَرْضِ أخَذَ، وقومُ الرَّجُلِ الذين يَتَعَصَّبونَ له"([12]). وجاء في لسان العرب: "والعِصابة: العمامة، وكلُّ ما يُعَصَّبُ به الرأْسُ؛ وقد اعْتَصَبَ بالتاج والعمامة. والعِصْبةُ: هيئةُ الاعْتِصاب، وكلُّ ما عُصِبَ به كَسْرٌ أَو قَرْحٌ، من خِرْقةِ أَو خَبِـيبَةٍ، فهو عِصابٌ له"([13]).
أما في الاصطلاح، فهو "أن يرث الشخص جميع المال إذا انفرد، أو ما بقي منه بعد الفرض، وإن استغرقت الفروض المال سقط من له التعصيب"([14])، وقد جعل الفقهاء القائلين بهذا النوع من الميراث أن العصبة لا تكون إلا للذكر فقط، ولا تكون للأنثى، فهو يعني توريث العصبة مع ذي فرض قريب، كما إذا كان للميت بنت أو أكثر، وليس له ولد ذكر، أو لم يكن له أولاد أصلاً لا ذكور ولا إناث، وله أُخت أو أخوات وليس له أخ، وله عمّ.
وقد قسم العلماء العصبة إلى قسمين([15]):
الأوّل: العصبة النَّسَبيّة، وهي ثلاثة أصناف؛ العصبة بالنفس، وهي كلّ ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميت أُنثى. والعصبة بالغير، وهي الأُنثى التي يكون فرضها النصف حال الانفراد، والثلثين إذا كان معها أُخت أو أكثر، فإذا كان معها أو معهن أخ صار الجميع حينئذ عصبة به. والعصبة مع الغير، وهي كلّ أُنثى تحتاج في كونها عاصبة إلى أُنثى أُخرى وتنحصر العصبة مع الغير في اثنتين فقط من الإناث، وهما، الأُخت الشقيقة أو الأخوات الشقيقات مع البنت أو بنت الابن، والأُخت لأب أو الأخوات لأب مع البنت أو بنت الابن، ويكون لهن الباقي من التركة بعد الفروض.
الثاني: العصبة السببيّة، وهو المولى المعتِقُ، ذكراً كان أم أُنثى، فإذا لم يوجد المعتِق فالميراث لعصبته الذكور.
ومن الواضح في تعريف الفقهاء للتعصيب، أنه يقوم على النظر للذكر بوصفه الأهم في الحصول على الميراث، وقد يكون ذلك انسجاما مع نظرة العرب لوظيفة الذكر مقابل وظيفة الأنثى، ثم الثقافة السائدة في ذلك المجتمع، والفقه جزء لا يتجزأ من تلك الثقافة. وتشير بعض الروايات أن العرب قد اعترضوا على نظام الإرث الجديد، وأنهم ليسوا بحاجة إلى نظام جديد ما دام موجودا عندهم، وهو لا يختلف عن النظام المذكور في التوراة، الذي يعمل به يهود المدينة، وقد سبق للقرآن أن مدح التوراة وما فيها من شرائع، وذلك في قوله تعالى "إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ"([16])، فقد أورد ابن كثير أن العوفي روى عن ابن عباس عند تفسيره لقوله تعالى "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" أنه قال: لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين كرهها الناس - أو بعضهم - وقالوا: تعطى المرأة الربع أو الثمن وتعطى الابنة النصف ويعطى الغلام الصغير وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يجوز الغنيمة، اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه أو نقول له فيغير، فقالوا: يا رسول الله تعطى الجارية نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم ويعطى الصبي الإرث وليس يغني شيئا، وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ولا يعطون الإرث إلا لمن قاتل القوم، ويعطونه الأكبر فالأكبر. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير أيضا"([17]).
وقد يكون التعصيب عند الفقهاء جزءا من هذه الثقافة التي كانت ترى أن عصبة الرجل تتحقق بالذكور، ذلك أن العقلية القبلية تقوم على أن حفظ النسل والسلالة يكون بتسلسل الذكور من الجد إلى الأبناء. أما الأنثى، فإنها تنسب إلى عشيرة زوجها، وقد يكون الحرص على زواج البنت من ابن عمها جزءا من هذا الفهم، وذلك بعد أن صارت البنت ترث من مال أبيها، ليبقى الميراث داخل العائلة ولا يخرج لشخص آخر، وربما يكون النص التوراتي الذي يحث على بقاء الإرث داخل العائلة هو أيضا أحد الأسباب التي تؤثر في فهم العرب لمسألة الميراث بين الذكور والإناث، فقد ورد في سفر العدد "وَتَقَدَّمَ رُؤُوسُ الآبَاءِ مِنْ عَشِيرَةِ بَنِي جِلْعَادَ بْنِ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى مِنْ عَشَائِرِ بَنِي يُوسُفَ، وَتَكَلَّمُوا قُدَّامَ مُوسَى وَقُدَّامَ رُؤَسَاءِ الآبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ* وَقَالُوا: «قَدْ أَمَرَ الرَّبُّ سَيِّدِي أَنْ يُعْطِيَ الأَرْضَ بِقِسْمَةٍ بِالْقُرْعَةِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ أُمِرَ سَيِّدِي مِنَ الرَّبِّ أَنْ يُعْطِيَ نَصِيبَ صَلُفْحَادَ أَخِينَا لِبَنَاتِهِ*فَإِنْ صِرْنَ نِسَاءً لأَحَدٍ مِنْ بَنِي أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يُؤْخَذُ نَصِيبُهُنَّ مِنْ نَصِيبِ آبَائِنَا وَيُضَافُ إِلَى نَصِيبِ السِّبْطِ الَّذِي صِرْنَ لَهُ. فَمِنْ قُرْعَةِ نَصِيبِنَا يُؤْخَذُ *وَمَتَى كَانَ الْيُوبِيلُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يُضَافُ نَصِيبُهُنَّ إِلَى نَصِيبِ السِّبْطِ الَّذِي صِرْنَ لَهُ، وَمِنْ نَصِيبِ سِبْطِ آبَائِنَا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُنَّ*فأَمَرَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ قَائِلاً: «بِحَقّ تَكَلَّمَ سِبْطُ بَنِي يُوسُفَ*هذَا مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ عَنْ بَنَاتِ صَلُفْحَادَ قَائِلاً: مَنْ حَسُنَ فِي أَعْيُنِهِنَّ يَكُنَّ لَهُ نِسَاءً، وَلكِنْ لِعَشِيرَةِ سِبْطِ آبَائِهِنَّ يَكُنَّ نِسَاءً* فَلاَ يَتَحَوَّلُ نَصِيبٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ سِبْطٍ إِلَى سِبْطٍ، بَلْ يُلاَزِمُ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ سِبْطِ آبَائِهِ* وَكُلُّ بِنْتٍ وَرَثَتْ نَصِيبًا مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَكُونُ امْرَأَةً لِوَاحِدٍ مِنْ عَشِيرَةِ سِبْطِ أَبِيهَا، لِكَيْ يَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ آبَائِهِ*فَلاَ يَتَحَوَّلْ نَصِيبٌ مِنْ سِبْطٍ إِلَى سِبْطٍ آخَرَ، بَلْ يُلاَزِمُ أَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ"([18]). فالنص هنا يحث على زواج بنات صلفحاد من أزواج من السبط نفسه، وإذا أرادت المرأة أن ترث من أبيها فعليها أن تتزوج رجلا من سبط أبيها، وكل ذلك من أجل بقاء الميراث في العائلة الواحدة. وما زال هناك وإلى يومنا هذا من يفكر بهذه الطريقة، عند الحديث عن ميراث المرأة، كما انني أعرف بعض الناس في مجتمعاتنا يحرمون المرأة من الميراث، بحجة أنهم لا يريدون أن يخرج إرث أبيهم لرجل غريب عن العائلة.
التعصيب: حكم قاطع أم اجتهاد فقهي؟
جاءت في المواريث مسائل قاطعة بنص القرآن الكريم، فلا مجال فيها للاجتهاد، وفي المقابل هناك مسائل بقيت من غير حكم قاطع، وتخضع لاجتهادات الفقهاء، حسب فهم كل منهم للنص القرآني، ومن أمثلة ذلك ما يسمى في علم المواريث "الرد على أصحاب الفروض النسبية"، والرَّد: ضد العول، وهو في اللغة الصرف والرجوع، فهو رجوع الشيء إلى صاحبه أو مكانه([19]). وفي الاصطلاح زيادة في الأنصبة، ونقص في السهام([20])، فيرد ما فضل عن فرض ذوي الفروض النسبية عليهم بقدر سهامهم، ولا يرد على الزوجين، وأصحاب الفروض النسبية. وقد اتجه العلماء في مسألة "الرد" اتجاهين: الأول يرى عدم الرد، وإنما يكون الباقي من التركة بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم، ولا عاصب لبيت المال. وهذا مذهب زيد بن ثابت، وبه أخذ مالك والشافعي، لكن المعتمد عند المتأخرين من المالكية، والمفتى به عند المتأخرين من الشافعية: إذا لم ينتظم بيت المال يرد الباقي على أهل الفروض غير الزوجين، بنسبة فروضهم، فإن لم يكونوا فعلى ذوي الأرحام([21]). أما الاتجاه الثاني، وهو رأي الجمهور من فقهاء الصحابة والتابعين، فيرون أن الرد يكون على غير الزوجين من أصحاب الفروض بنسبة فروضهم. وبه أخذ الحنفية والحنابلة ومتأخرو المالكية والشافعية، وعللوا ذلك بسبب فساد بيت المال([22])، قال الغزالي في المستصفى: "والفتوى اليوم على الرد على غير الزوجين عند عدم المستحق، لعدم بيت المال، إذ الظلمة لا يصرفونه إلى مصرفه"([23]).
تشبه مسألة "التعصيب" في الميراث مسألة "الرد"، من حيث إنهما مسألتان خضعتا لاجتهادات الفقهاء عبر الزمن، وربما يتغير الحكم فيهما من وقت إلى آخر، بحسب الظروف التي يعيشها المجتمع، ونحن نلاحظ ذلك من خلال فتوى الغزالي آنفة الذكر، حيث أفتى بعدم رد المال لبيت مال المسلمين، بسبب فساد القائمين عليه، وأنهم لا ينفقونه في وجوهه الصحيحة. وربما نستطيع أن نستنتج اجتهاد النبي عليه السلام فيما أورده ابن منظور، حين قال: "وفي الحديث: أنه أمر أن تورث دور المهاجرين، النساء. تخصيص النساء بتوريث الدور، قال ابن الأثير: يشبه أن يكون على معنى القسمة بين الورثة، وخصصهن بها؛ لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهن، فاختار لهن المنازل للسكنى، قال: ويجوز أن تكون الدور في أيديهن على سبيل الرفق بهن، لا للتمليك كما كانت حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيدي نسائه بعده"([24]). فقد راعى الرسول عليه السلام الظروف الاجتماعية للنساء عند تقسيم الميراث، وقد يكون ذلك إشارة إلى أن توزيع الميراث غير المنصوص عليه هو قضية اجتهادية، خاضعة لظروف الزمان والمكان، وليست حكما قاطعا.
فالتعصيب في الميراث قضية اجتهادية غير منصوص عليها، استنبطها الفقهاء من آيات القرآن، وكل قضية اجتهادية لا بد أن تتأثر بالظروف المحيطة بها، وبالأعراف الاجتماعية أحيانا، فكثير "من الأحكام التي بناها المجتهدون بأحكام وفتاوى معيّنة تغيرت بناءً على اختلاف الزمان والمكان، وذلك لتغيّر الأعراف لحدوث ضرر أو فساد؛ إذ لو بقي الحكم على ما كان عليه للزم منه المشقة والضرر على الناس، ولخالف الحكم قواعد الشريعة المبنية على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد"([25]). وهناك محددات وضوابط خاصة للقضايا التي يجوز فيها الاجتهاد، ويبدو أن التعصيب هو من هذه القضايا الخلافية، فقد اختلفت المذاهب السنية والمذاهب الشيعية في استنباطه، فاستدل أهل السنة على الإرث بالتعصيب بالآتي:
أولا: قوله تعالى: "وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ"([26]). ووجه الاستدلال هنا أن الآية نصت على نصيب الأب والأم عند وجود أولاد للميت وهو السدس، وذكرت الآية نصيب الأم فقط عند وجود الولد، ولم تذكر نصيب الأب، ولذا فقد فهم الفقهاء أن الباقي يكون للأب بالتعصيب.
ثانيا: قوله تعالى: "إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ليْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ"([27])، حيث دلت الآية على أن الأخ الشقيق ليس له فرض مقدّر، وإنما يأخذ كل المال إذا لم يكن لها ولد، وهذا معنى العصبة.
ثالثا: قوله عليه السلام: "أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ"([28]). ومعنى الحديث أن يعطى أصحاب الفروض حقوقهم، والباقي يعطى لأقرب ذكر للمورث.
أما الشيعة الإمامية، فقالوا: إن الإرث يكون بالفرض، أو القرابة. فيعطى صاحب الفرض فرضه، ويعطى الباقي للأقرب رحماً سواء كان ذكراً أو أنثى، ولا يعطى البعيد وإن كان ذكراً، والقول بالعصبة باطل عندهم، ولا يورث بها في موضع من المواضع، وإنّما يورث بالفرض أو القربى، وروي ذلك عن ابن عباس، لأنّه قال فيمن خلّف بنتاً وأُختاً: إنّ المال كلّه للبنت دون الأُخت([29]). فأعطى البنت كل الميراث دون وجود الذكر. وقد استنبطت الإمامية بطلان التعصيب من خلال الآيات الآتية([30]):
أولا: قوله تعالى: "لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً"([31])، وفسروا ما في هذه الآية على أن النساء في درجة الرجال من حيث استحقاق الإرث لا من حيث مقداره، ولذلك يجب أن لا تحرم الأنثى من الميراث بحجة أن الذكر أولى منها، وهما في درجة واحدة([32]).
ثانيا: قوله تعالى: "وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"([33])، ووجه الاستدلال في الآية أن ذوي الأرحام والقرابة أحق بميراث بعضهم؛ فكل من كان أقرب إلى الميت في النسب كان أولى بالميراث، بغض النظر عن كونه ذكراً أو أنثى.
إن الخلاف الذي حصل بين الفقهاء في مسألة التعصيب هو في الأساس مبني على تفسير الآيتين (11 و176) من سورة النساء، ففي الآية الحادية عشرة ذكر أن نصيب الأم هو الثلث في حال عدم وجود الولد، ولم يحدد نصيب الأب، ففهم الفقهاء أن الباقي يأخذه الأب، وكذلك في الآية السادسة والسبعين حدد نصيب الأخت إذا ورثت أخاها الذي ليس عنده ولد، ولم يحدد نصيب الأخ إذا ورث أخته التي ليس عندها ولد، ففهم الفقهاء أن الأخ الذكر يأخذ ميراث أخته كاملا، ومن ذلك استنبطوا ما سمي بـ (التعصيب). وربما يكون في ذلك بعض الحق، لكن ما حدث في التطبيق الفقهي أنهم فسروا كلمة (ولد) الواردة في الآيات على أنها تعني الذكَر خاصة، فجعلوا للعم نصيبا في ميراث أخيه إذا لم يكن عنده ولد ذكر، ولم يعتبروا الإناث حاجبات لميراث أبيهن حتى لو كان عددهن عشرا. وقد جعلوا عصبة الرجل هم أبناؤه أو إخوانه ثم الأقرب فالأقرب من الذكور، وهذا التفسير - باعتقادي - ليس مبنيا على فهم مباشر لدلالة آيات الميراث آنفة الذكر، بل هو متأثر بالنمط الثقافي السائد عند القبائل العربية، حيث إنّ هذا النوع من التوريث قام على أساس الانتماء والنصرة([34])؛ أي القدرة على الحماية والدفاع، فعلى أساس ذلك أصبح الأصل في الرجال وقرابتهم الاستحقاق ؛ لقدرتهم على حماية المورّث والأسرة، والأصل في النساء وقرابتها الحرمان؛ لضعفها عن القيام بمهمّة الدفاع أو عدم انتمائها إليه.
ولذلك، فعندما وجدوا شخصا عنده إناث فقط أشركوا معهن الذكور من الأعمام مثلا، ولم يورثوا العمات. ومن هذه المسائل ما ورد في كتب المواريث عند فقهاء المذهب السني بشكل عام([35])؛ أي أن ما حصل لابد أن يكون فيه نوع من التحيز نحو ثقافة الذكورة التي كانت سائدة آنذاك، لأن القضية اجتهادية كما ذكرنا سابقا، وهي بذلك تتأثر بما فيه المجتمع من عادات وتقاليد وثقافة اجتماعية مسيطرة.
الدلالة اللغوية ودلالة السياق
لو عدنا إلى الآيات التي اعتمدها القائلون بالتعصيب لوجدنا أنهم اجتهدوا في تفسير المعنى من جهتين؛ السياق، والدلالة اللغوية، ففي السياق استخدموا تقدير المحذوف في أسلوب الحذف، ففي الآية الأولى: "وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ"، وجدوا أن الآية لم تحدد حصص الميراث بالاسم، بل ذكرت جزءا وتركت الآخر، حيث ذكرت نصيب الأم في حال عدم وجود الولد، وكان التفسير للمحذوف أن يرث الأب الباقي.
والحذف عند البلاغيين هو "إسقاط جزء الكلام أو كله لدليل"([36])، وحددوا الهدف منه، وهو يتمثل في إيجاز الكلام، والتأثير على المخاطب وإثارة فكره وخياله للاستدلال على المحذوف، والزيادة في المعنى وتقوية قدرة الملفوظات على إيصال المعنى المراد، وقد يكون أيضا بهدف الإبهام([37])، وعندما يستخدم المتكلم الحذف، فإن ذلك يكون محددا بالمقام التداولي، ولا بد أن يحقق القصد المطلوب، لأن تحقيق التفاعل المطلوب في أي تواصل يشترط أن يشارك المخاطبُ المتكلمَ في هذه القصدية وهو على حال المستمع، أي أن يتحقق ما يسمى بالتفاعل الخطابي الذي يعد الأصل في الكلام([38])، ومعنى هذا أن المتكلم لا يبني كلامه بمعزل عن مخاطبه والعالم المحيط به، بل إنه يفعل ذلك انطلاقا من الفرضيات التي يكون قد بناها مسبقا عن شخصية المخاطب الاجتماعية وملكاته اللغوي واستعداداته التأويلية والاستدلالية([39]).
فعندما يتكلم المرسل، فإنه يسعى إلى تحقيق قصد معين في ذهن المخاطب، ولذلك فإن المخاطب لا يستطيع أن يعرف المعنى الدقيق إلا إذا عرف في ذات الوقت قصد المتكلم([40])، فإذا كانت المعلومات ضمن المشترك فالحذف أولى من الذكر. أما إذا كانت هذه المعلومات والأفكار تنتمي إلى قائمة المعلومات "الجديدة" التي يجهلها المخاطب، فإن المتكلم مطالب بالذكر تفاديا للإبهام والتعتيم. فقد يكون ترك الذكر أفصح من الذكر والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة([41])، والحذف أسلوب تفرضه دواع بلاغية ومقامية.
إن الحذف المقصود هنا، والذي اتبعه الفقهاء في فهم آية الميراث هو من النوع الذي يتطلب فهم القرائن المقامية التي تؤدي إلى تقدير المحذوف، ومن ثم فهم المعنى، وهو في الفقه أولى وأهم. وقد تنبه اللغويون والبلاغيون والأصوليون والمفسرون إلى أهمية القرائن - وبخاصة المقامية - في فهم المعنى، يقول ابن جني: "قد حذفت العرب الجملة والمفرد والحرف والحركة، وليس شيء من ذلك إلا عن دليل عليه، وإلا كان فيه ضرب من تكليف علم الغيب في معرفته"([42]). والمشهور عند النحاة والبلاغيين أن القرينة نوعان: مقالية أو لسانية ومقامية أو حالية ويقصد بالقرينة اللسانية كل المكونات اللسانية والقرائن شبه اللسانية التي ترافق الكلمة داخل الجملة، وكذلك المحيط اللساني المكون من الملفوظات السابقة للجملة أو اللاحقة بها([43]). أما القرينة المقامية، فيقصد بها الإشارة إلى القرائن المحيطة بالنص، كالمعارف السابقة المشتركة بين المتكلم والمخاطب، والأعراف، والملفوظ وما ينتج عنه، وشخصية المتكلم والمخاطب وتكوينهما الثقافي والتنظيم العشائري والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية([44]).
ويبدو أن تقدير المحذوف في آيات الميراث قد تأثر بالقرينة المقامية، وهي هنا – باعتقادي– التكوين الثقافي والاجتماعي للمجتمع العربي، الذي كانت تسيطر فيه فكرة أحقية الذكر في الميراث، ضمن الفكرة السائدة آنذاك، ثم إن التسمية (التعصيب) هي أيضا دليل على ما ذهبنا إليه، فالعصبة هي مفهوم قبلي، يقوم على فكرة النصرة وحماية العشيرة والذود عنها، وهو في العرف الذي كان سائدا تعد من عمل الرجال ووظيفتهم.
أما في الدلالة اللغوية، فإنهم فسروا كلمة "ولد" في الآية: ""وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ" بأنها تعني الذَّكَر فقط، فجعلوا الذكر عاصبا بنفسه يحجب ميراث أبيه مطلقا، وحرموا الأنثى من هذه الميزة، باعتبارها لا تشكل عصبة بنفسها. وهذا التفسير لمعنى كلمة "ولد" يظهر انحيازا غير مبرر، وغير مبني على أسس علمية دقيقة، فلو عدنا إلى الكلمة ومشتقاتها في سياقات القرآن الكريم لوجدناها على النحو الآتي:
وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ
116
البقرة
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
233
البقرة
قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ
47
آل عمران
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ
11
النساء
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم
12
النساء
إِنَّمَا اللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا
171
النساء
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَد
176
النساء
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
101
الأنعام
قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ ۖ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
68
يونس
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا
111
الإسراء
وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا
4
الكهف
وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا
39
الكهف
مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ
35
مريم
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا
77
مريم
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا
88
مريم
أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا
91
مريم
وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا
92
مريم
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ
26
الأنبياء
مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
91
المؤمنون
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا
2
الفرقان
لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
4
الزمر
قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ
81
الزخرف
قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا
21
نوح
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا
3
الجن
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا
10
آل عمران
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا
116
آل عمران
وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ
137
الأنعام
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ۚ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ
140
الأنعام
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ
151
الأنعام
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
28
الأنفال
فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ
55
التوبة
كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ
69
التوبة
وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ
85
التوبة
وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا
31
الإسراء
وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
64
الإسراء
وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
35
سبأ
وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ
37
سبأ
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
20
الحديد
لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
17
المجادلة
لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ ۚ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
3
الممتحنة
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
12
الممتحنة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
9
المنافقون
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
14
التغابن
إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
15
التغابن
ففي الآيات السابقة جميعها، ترد كلمة ولد بمعنى كل مولود سواء كان ذكرا أو أنثى، بل ريما دلت في مواقع كثيرة على البنت، وبخاصة في الحديث عن قتل الأولاد، ونحن نعرف أن وأد البنات خاصة كان من عادات العرب قبل الإسلام، لكن التعبير القرآني استخدم لفظ "ولد" ليعطي دلالة عامة على الجميع. ولو عدنا إلى معاجم اللغة لوجدنا أن ابن منظور يقول: "الوَلِيدُ: الصبي حين يُولَدُ، وقال بعضهم: تدعى الصبية أَيضاً وليداً، وقال بعضهم: بل هو للذكر دون الأُنثى، وقال ابن شميل: يقال غلامٌ مَوْلُودٌ وجارية مَوْلودةٌ؛ أَي حين ولدته أُمُّه، والولد اسم يجمع الواحد والكثير والذكر والأُنثى"([45])، ويقول الفيروزأبادي: "الوَلَدُ، محرَّكةً، وبالضم والكسر والفتح: واحِدٌ وجمعٌ، وقد يُجْمَعُ على أوْلادٍ ووِلْدَةٍ، وإلْدَةٍ، بكسرهما، ووُلْدٍ، بالضم. و"وُلْدُكِ مَنْ دَمَّى عَقِبَيْكِ"، أي: مَنْ نُفِسْتِ به فهو بْنُكِ. والوَليدُ: المَوْلودُ، والصّبِيُّ، والعبدُ، وأُنْثاهُما بهاءٍ"([46]). وفي مقاييس اللغة "الواو واللام والدال: أصلٌ صحيح، وهو دليل النَّجْل والنسْل، ثمَّ يقاس عليه غيرُه. من ذلك الوَلَد، وهو للواحد والجميع، ويقال للواحد وُلْدٌ أيضاً"([47]).
إن كلمة "ولد" تعني في أصلها اللغوي كل مولود من حيث وجوده في الأصل، وليس لها دلالة خاصة على معنى الذكورة، كما أن الاستخدام القرآني يثبت ذلك في مختلف سياقاته في الآيات السابقة، والدليل الأكثر وضوحا على ذلك هو في الآيات التي تتحدث عن تنزيه الخالق سبحانه وتعالى في اتخاذ الأولاد، ولو عدنا إلى تفسير هذه الآيات في كتب التفسير، فسنجد أن تفسير كلمة "ولد" عن المفسرين جميعهم تعني كل مولود، سواء كان ذكرا أو أنثى، وهي مسألة عليها إجماع عند المفسرين([48]).
يقول الطبري في تفسير آية الميراث من سورة النساء: "فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه": "قال أبو جعفر: يعني - جل ثناؤه - بقوله: فإن لم يكن له، فإن لم يكن للميت "ولد" ذكر ولا أنثى وورثه أبواه، دون غيرهما من ولد وارث فلأمه الثلث، يقول: فلأمه من تركته وما خلف بعده - ثلث جميع ذلك"([49])، وكذلك يرى القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن([50])، ويبدو من ذلك أن تخصيص كلمة "ولد" للذكر دون الأنثى هو قول لا يقوم على حجة علمية، بل هو تأويل منسجم مع طبيعة المجتمع وثقافته السائدة.
وإذا كنا قد أثبتنا أن الولد تعني كل مولود من ذكر وأنثى، فإننا نزيد على ذلك أن القرآن الكريم عندما تحدث عن الذكور أفرد لهم لفظا خاصا، وهو لفظ (ذَكَر) مفردا ومؤنثا وجمعا، وإذا تتبعنا ذلك في القرآن، فإننا نجده على النحو التالي:
الآية
رقمها
السورة
"فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ* وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ".
36
آل عمران
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ.
195
آل عمران
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ.
11
النساء
وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا.
124
النساء
وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
176
النساء
ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۖ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ.
143
الأنعام
وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ.
144
الأنعام
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
13
الحجرات
أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ.
21
النجم
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ.
45
النجم
فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ.
39
القيامة
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ.
3
الليل
مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ.
40
غافر
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.
79
النحل
ويتضح لنا من ذلك أن ليس هناك خلط في الدلالة اللغوية بين لفظي (ولد) و(ذَكَر)، ولكل منهما دلالته الواضح، إذ تدل الأولى على عموم المواليد، وتدل الثانية على خصوص الجنس، ونحن هنا نتحدث عن الاستعمال القرآني، وليس الاستعمال الدارج في المجتمع، لأن هناك من يستخدم لفظ (ولد) مقابل بنت للدلالة على الجنس أيضا، لكن الآيات الكريمة التي أوردناها من القرآن الكريم، فإنها تستعمل الكلمة للدلالة على المولود بمختلف أنواعه.
وإذا كانت الدلالة السياقة والدلالة المعجمية تؤيد القول بالتعصيب لصالح الذكر دون الأنثى، فإننا لا نعدم أدلة أخرى تؤيد ما ذهبنا إليه، وهو أن هذه القضية هي قضية اجتهادية، استخدم فيها الفقهاء رأيهم بكل ما يحيط به من تأثيرات، حيث إن هناك روايات عديدة تؤيد سعة الاجتهاد في مثل تلك القضايا، ومن ذلك ما أورده القرطبي، عند تفسيره لآية الميراث، فقال: "روى عكرمة قال: أرسل ابن عباس إلى زيد بن ثابت يسأل عن امرأة تركت زوجها وأبويها. قال: للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي. فقال: تجده في كتاب الله أو تقول برأي؟ قال: أقوله برأي؛ لا أفضل أما على أب. قال أبو سليمان: فهذا من باب تعديل الفريضة إذا لم يكن فيها نص؛ وذلك أنه اعتبرها بالمنصوص عليه، وهو قوله تعالى: "وورثه أبواه فلأمه الثلث". فلما وجد نصيب الأم الثلث، وكان باقي المال هو الثلثان للأب، قاس النصف الفاضل من المال بعد نصيب الزوج على كل المال إذا لم يكن مع الوالدين ابن أو ذو سهم؛ فقسمه بينهما على ثلاثة، للأم سهم وللأب سهمان، وهو الباقي. وكان هذا أعدل في القسمة من أن يعطي الأم من النصف الباقي ثلث جميع المال، وللأب ما بقي وهو السدس، ففضلها عليه فيكون لها، وهي مفضولة في أصل الموروث أكثر مما للأب، وهو المقدم والمفضل في الأصل، وذلك أعدل مما ذهب إليه ابن عباس من توفير الثلث على الأم، وبخس الأب حقه برده إلى السدس؛ فترك قوله وصار عامة الفقهاء إلى زيد. قال أبو عمر: وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنه في زوج وأبوين: (للزوج النصف، وللأم ثلث جميع المال، وللأب ما بقي). وقال في امرأة وأبوين: (للمرأة الربع، وللأم ثلث جميع المال، والباقي للأب). وبهذا قال شريح القاضي ومحمد بن سيرين وداود بن علي، وفرقة منهم أبو الحسن محمد بن عبدالله الفرضي المصري المعروف بابن اللبان في المسألتين جميعا. وزعم أنه قياس قول علي في المشتركة"([51]). ويبدو من خلال هذا النص التوسع والاجتهاد في توزيع التركات التي لا نص فيها بما يضمن العدالة للوارثين بحسب ظروفهم المادية، وهو ما يمكن أن يكون اليوم بابا لتطوير أحكام المواريث غير المنصوص عليها بما يناسب الواقع، والظروف الاجتماعية المتغيرة والمتطورة.
ومن جهة أخرى، فإن ما يسند حجتنا هو أن الفقهاء من المذهب السني قد اختلفوا في تعريف التعصيب، فضلا عن الخلاف بينهم وبين الفقهاء من المذهب الشيعي، ولو تتبعنا أقوال الحنفية في تعريف التعصيب لوجدنا أن عبدالله بن محمود الموصلي، يقول: "هم كل من ليس له سهم مقدر ويأخذ ما بقي من سهام ذوي الفروض، واذا انفرد أخذ جميع المال"([52])، وقال أبو البركات النسفي: "من أخذ الكل إن انفرد، والباقي مع ذي سهم"([53])، في حين اكتفى غير واحد من فقهاء المذهب الحنفي البارزين كالتمرتاشي وتابعه الحصكفي وابن عابدين([54]) بذكر أقسام العصبات دون الإشارة إلى تعريف منضبط لها. أما الجرجاني الحنفي، فقال: "والعصبة مطلقاً كل من يأخذ من التركة ما أبقته الفرائض".([55])
أما أصحاب المذهب المالكي، فبعضهم وافق الأحناف، ومنهم ابن عبد البر([56])، وخليل بن إسحق، وتبعه على ذلك في تعريف العصبة، وأنواعها، وكيفية التعامل معها، أبوعبدالله الحطاب الرعيني([57]). أما القرافي، فقال: "العصبة اسم من يحوز جميع المال إذا انفرد أو يأخذ ما فضل وهم ثلاثة أقسام عصبة بنفسه وعصبة بغيره وعصبة مع غيره"([58])، وعرفه ابن الحاجب بقوله: "فالتعصيب فيمن يستغرق المال إذا انفرد والباقي عن الفروض بقرابة ولا يكون إلا في ذكر يدلي بنفسه".([59])
أما من فقهاء الشافعية، فقد قال أبو الحسين العمراني: "العصبة كل ذكر لا يدلي إلى الميت بأنثى، وإنما سمي عصبة لأنه يجمع المال ويحوزه، مشتق من العصابة، لأنها تحيط بالرأس وتجمعه"([60])، أما من المذهب الحنبلي، فنجد تقي الدين الفتوحي يقول: "وهو من يرث بلا تقدير ولا يرث أبعد بتعصيب مع أقرب، وأقرب العصبة ابن فابنه، وإن نزل فأب فأبوه وإن علا"([61])، وكذلك قال منصور البهوتي في كشاف القناع([62])، أما من الإباظية، فقال محمد بن يوسف أطفيش في كتابه النيل وشفاء العليل: "إن من يرث به يحوز المال إن انفرد أو الفضل عن ذوي السهام إن كانوا معه"([63]). وجاء في الموسوعة الفقهية: "هم كل من لم يكن له سهم مقدر من المجمع عليهم على توريثهم، فيرث المال إن لم يكن معه ذو فرض أو ما فضل بعد الفروض"([64])، ويقول أبو البقاء الكفوي: "العصبة كل من ليس له فريضة مسماة في الميراث وإنما يأخذ ما يبقى بعد أرباب الفرائض".([65])
إن هذا الاختلاف في تعريف العصبة والتعصيب هو دليل على أن المسألة ليست محكومة بنص قاطع في الدلالة، بل هي محكومة بنص مفتوح، يمكن الاجتهاد به، بحسب الزمان والمكان والظروف، وذلك ما حصل عند فقهاء الشيعة، حيث أبطلوا القول بالتعصيب في الميراث، وجعلوه للقرابة فقط، وذلك اعتمادا على اجتهاد خاص في فهم آيات الميراث، كما سبق شرحه وبيانه في ثنايا البحث.
خاتمة
يعد الميراث من القضايا المهمة في الفقه الإسلامي، وذلك لأنه يحفظ حقوق الناس، ويحقق العدالة بينهم، ومن هنا فقد سمي "علم الفرائض"، وتم التشديد على تعلمه بوصفه من أهم علوم الشريعة، ذلك أن فكرة الميراث – وبخاصة ميراث المرأة – لم يكن مقبولا لدى القبائل العربية، وثقافتها الذكورية القائمة على حماية الذمار والديار، فوجدت الفكرة الجديدة معارضة من المجتمع، واعتراضا واسعا، وقد أشار بعض المفسرين إلى أن سبب نزول آية ميراث الأبناء، ذكورا وإناثا هو ممانعة العرب الداخلين في الإسلام لتلك الفكرة.
والميراث نوعان؛ نوع منصوص عليه بآيات صريحة وواضحة الدلالة، ونوع متروك للاجتهاد بحسب ظروف الواقع ومعطياته، والميراث بالتعصيب - موضوع بحثنا- هو من النوع الثاني الذي اختلف فيه الفقهاء، تعريفا وتطبيقا. وقد أوردنا في متن بحثنا كثيرا من الآراء والمواقف والأحكام، فوجدنا أنها مختلفة وتعارضه أحيانا، وقد تعرضنا لآيات الميراث، وحاولنا أن ندرس فكرة "التعصيب" التي قال بها بعض الفقهاء دراسة تقوم على استنباط المعنى باستخدام الدلالة اللغوية، ووجدنا أن استنباطهم قد قام على قاعدتين في التحليل؛ قاعدة الساق والقرائن، وقاعدة الدلالة اللغوية للكلمة المفردة، وفي التحليل السياقي لم نتوصل لتحليل مقنع يتوافق مع ما ذهبوا إليه، بل إن المعنى يحتمل دلالات متعددة وليست ثابتة ولا قاطعة، أما في دلالة المفردة، فإننا وجدن أن كلمة "ولد" تدل دلالة عامة على كل مولود وليست خاصة بالذكر.
إننا من خلال ما تقدم، يمكننا القول اليوم إن قوانين الميراث التي تعطي للذكر خاصية التعصيب، وتجعله عصبة بمفرده، يحجب ميراث أبيه، وتحرم الأنثى منها، هي قوانين كانت تتناسب مع الواقع الذي كان يعيشه العرب في زمن سابق، ويمكننا تطوير هذه الأحكام - القابلة للتطوير- لتناسب القوانين الوطنية المعمول بها في الدول العربية والإسلامية، وتحقق العدالة القائمة على تغير الظروف وطرق العيش والنظم الاجتماعية، ذلك أن التعصيب - كما ذكرنا- هو قضية اجتهادية تخضع لظروف الزمان والمكان، وبذلك نعطي الأنثى مثل الذكر الحق في حجب ميراث أبيها كاملا، دون أن يقاسمها في ذلك أقارب ذكور، وهي الأولى بالميراث والأحق به، استنادا لقوله تعالى: "وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله".
قائمة المصادر والمراجع:
1- القرآن الكريم
2- التوراة
3- إدريس سرحان، طرق التضمين الدلالي والتداولي في اللغة العربية وآليات الاستدلال، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة من شعبة اللغة العربية وآدابها. جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، فاس، 2000م.
4- أطفيش، محمد بن يوسف، النيل وشفاء العليل، جدة، مكتبة الإرشاد، وبيروت، دار الفتح، ط2، 1972م.
5- الإمام، أبو نصر محمد بن عبدالله، إعلام النبلاء بأحكام ميراث النساء، صنعاء، النتخصص للطباعة والنشر، ط1.
6- ابن باز، عبدالعزيز بن عبدالله، الفوائد الجلية في المباحث الفرضية، الرياض، الإدارة العامة للطبع والترجمة، ط5، 1989م.
7- البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله، صحيح البخاري، بيروت، دار ابن كثير، ط3، 1987م.
8- البهوتي، منصور بن يونس، شرح منتهى الإرادات، تحقيق: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1, 2000م.
9- الجرجاني، عبد القاهر، درج الدرر في تفسير القرآن العظيم، تحقيق: طلعت الفرحان، دار الفكر، ط1، 2009م.
10- الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز، مكتبة سعد الدين، ط 2، 1987م.
11- الجرجاني، علي بن محمد، شرح السراجية في الفرائض والمواريث، تعليق: عبد المتعال الصعيدي، مصر، مطبعة الاعتماد.
12- ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تحقيق: محمد علي النجار، المكتبة العلمية.
13- الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، بيروت، دار العلم للملايين، ط4، 1990م.
14- الخبري، عبدالله بن إبراهيم، كتاب التلخيص في علم الفرائض، تحقيق: ناصر الفخيري، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم.
15- الدردير، أحمد، الشرح الكبير، دمشق، دار الفكر، دت.
16- الرُّعيني، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، تحقيق: زكريا عميرات، دار عالم الكتب.
17- الزركشي، بدرالدين محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن. تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.
18- أبو زهرة، محمد، الميراث عند الجعفرية، الدمام، دار الفكر العربي، 2005م
19- سابق، السيد، فقه السنّة، بيروت، دار الفكر، ط4، 1983م.
20- الشيرازي، أبو إسحق، المهذب في فقه الإمام الشافعي، تحقيق: محمد الزحيلي، دمشق، دار القلم.
21- الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: محمد محمود شاكر، مصر، دار المعارف.
22- الطوسي، ﺃﺑو ﺟﻌﻔﺮ ﻣﺤﻤد ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ، الخلاف، تحقيق: ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺨﺮﺍﺳﺎﻧﻲ، قم، ﻣؤﺳﺴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻰ، ط2، 1420ه.
23- ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دار عالم الكتب، 2003م.
24- ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط2، 1992م.
25- عبد الرحمن، طه، اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، ط 1 1998م
26- ابن عثيمين، محمد بن صالح، تسهيل الفرائض، الرياض، دار طيبة، ط1
27- العمراني، أبو الحسن يحي بن أبي الخير، البيان في مذهب الإمام الشافعي، اعتنى به: قاسم محمد النوري، دار المنهاج للطباعة والنشر والتوزيع.
28- عورتاني، ورود عادل، ميراث المرأة في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، 1989م.
29- الغزالي، أبو حامد، المستصفى من علم الأصول، دار الفكر، ط1، 1413هـ.
30- ابن فارس، أبو الحسن أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1979م.
31- الفتوحي، تقي الدين محمد بن أحمد، منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات، تحقيق: عبدالله عبدالمحسن التركي، بيروت، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر، ط1، 1999م.
32- الفرضي، إبراهيم بن عبدالله، العذب الفائض شرح عمدة الفارض، دت.
33- الفيروزآبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، الهيئة المصرية للطباعة، 1301هـ.
34- القادري، محمد بن حسين الحنفي، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1997م.
35- ابن قدامة، موفق الدين، المغني، تحقيق: عبدالله التركي، بيروت، عالم الكتب، ط3، 1997م.
36- القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس، الذخيرة في فروع المالكية، تحقيق: محمد حجي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1994م.
37- القرطبي، أبو عبدالله محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، القاهرة، مكتبة دار الكتب المصرية، ط2، 1938م.
38- ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير ابن كثير، الرياض، دار طيبة، 2002م.
39- الكفوي، أبو البقاء أيوب بن موسى، الكليات، أعده للطباعة: عدنان درويش، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط2، 1992م.
40- المالكي، خليل بن إسحق الجندي، التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب، ضيط: أحمد بن عبدالكريم نجيب، مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث، 2008م.
41- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط1.
42- الموسوعة الفقهية، الكويت، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط2، 1987م.
43- الموصلي، عبدالله بن محمود، الاختيار في تعليل المختار، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، دمشق، دار الرسالة العالمية، 2009م.
44- النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، تحقيق: محمود القوجاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط7، 1981م
45- النسفي، أبو البركات عبدالله بن أحمد، كنز الدقائق، تحقيق: سائد بكداش، المدينة المنورة، دار السراج، ط1، 2011م.
المواقع الإلكترونية:
1- آدم يونس على الرابط: http://arabic.alshahid.net/columnists/5823
2- الميراث بالقرابة أو بالتعصيب، على الرابط: http://imamsadeq.com/ar/index/articleView?articleId=2728
3- حسن بدوح، مقاربة تداولية، على الرابط: http://www.ta5atub.com/t5286-topic
[1]- ذوات 53
([2]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط1، مادة (ورث).
([3]) عورتاني، ورود عادل، ميراث المرأة في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، 1989م، ص 18
([4]) ينظر: سفر العدد، الإصحاح/ 27، 1-11
([5]) عورتاني، ورود عادل، ميراث المرأة في الفقه الإسلامي، ص21
([6]) عورتاني، ورود عادل، ميراث المرأة في الفقه الإسلامي، ص 23
([12]) الفيروز أبادي، القاموس المحيط، باب: عصب.
([13]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، باب: عصب.
([14]) الخبري، عبدالله بن إبراهيم، كتاب التلخيص في علم الفرائض، تحقيق: ناصر الفخيري، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، ص60، وينظر: ابن قدامة، موفق الدين، المغني، تحقيق: عبدالله التركي، بيروت، عالم الكتب، ط3، 1997م، 6/ 226
([15]) ينظر: سابق، السيد، فقه السنّة، بيروت، دار الفكر، ط4، 1983م، 3/437-439
([17]) ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير ابن كثير، الرياض، دار طيبة، 2002م، 2/226
([19]) ينظر: الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، بيروت، دار العلم للملايين، ط4، 1990م، 1/249
([20]) ينظر: الفرضي، إبراهيم بن عبدالله، العذب الفائض شرح عمدة الفارض، د.ت، 2/ 3
([21]) ينظر: الدردير، أحمد، الشرح الكبير، دمشق، دار الفكر، د.ت، 4/416، والشيرازي، أبو إسحق، المهذب في فقه الإمام الشافعي، تحقيق: محمد الزحيلي، دمشق، دار القلم، 2/32
([22]) ينظر: ابن قدامة، موفق الدين، المغني، 7/46، وابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دار عالم الكتب، 2003م، 5/502
([23]) الغزالي، أبو حامد، المستصفى من علم الأصول، دار الفكر، ط1، 1413هـ، ص 176
([24]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، 2/199
([25]) آدم يونس على الرابط: http://arabic.alshahid.net/columnists/5823
([28]) البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله، صحيح البخاري، بيروت، دار ابن كثير، ط3، 1987م، 6/2476
([29]) ينظر: الطوسي، ﺃﺑو ﺟﻌﻔﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ، الخلاف، تحقيق: ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺨﺮﺍﺳﺎﻧﻲ، قم، ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻰ، ط2، 1420ه، 4/62
([30]) ينظر: النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، تحقيق: محمود القوجاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط7، 1981م، 39/99 وما بعدها.
([32]) ينظر: الميراث بالقرابة أو بالتعصيب، على الرابط: http://imamsadeq.com/ar/index/articleView?articleId=2728
([34]) أبو زهرة، محمد، الميراث عند الجعفرية، الدمام، دار الفكر العربي، 2005م، 1/92
([35]) ينظر على سبيل المثال: ابن باز، عبدالعزيز بن عبدالله، الفوائد الجلية في المباحث الفرضية، الرياض، الإدارة العامة للطبع والترجمة، ط5، 1989م، ص10 وما بعدها. وابن عثيمين، محمد بن صالح، تسهيل الفرائض، الرياض، دار طيبة، ط1، 1983م، ص8 وما بعدها. والإمام، أبو نصر محمد بن عبدالله، إعلام النبلاء بأحكام ميراث النساء، صنعاء، المتخصص للطباعة والنشر، ط1، 2004م، ص40 وما بعدها.
([36]) الزركشي، بدرالدين محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن. تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، 3 /102
([37]) ينظر: حسن بدوح، مقاربة تداولية، على الرابط: http://www.ta5atub.com/t5286-topic
([38]) ينظر: عبد الرحمن، طه: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، ط 1 1998م، ص ص 215 -216
([39]) ينظر: إدريس سرحان، طرق التضمين الدلالي والتداولي في اللغة العربية وآليات الاستدلال، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة من شعبة اللغة العربية وآدابها. جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، فاس، 2000م، 1/98
([40]) ينظر: حسن بدوح، مقاربة تداولية، على الرابط: http://www.ta5atub.com/t5286-topic
([41]) ينظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز. مكتبة سعد الدين، ط 2، 1987 م، ص162-163
([42]) ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تحقيق: محمد علي النجار، المكتبة العلمية، 2/ 360
([43]) ينظر: ينظر: إدريس سرحان، طرق التضمين الدلالي والتداولي في اللغة العربية وآليات الاستدلال، 1/113
([44]) ينظر: ينظر: حسن بدوح، مقاربة تداولية، على الرابط: http://www.ta5atub.com/t5286-topic
([45]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ياب "ولد"
([46]) الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، الهيئة المصرية للطباعة، 1301هـ، باب "ولد"
([47]) ابن فارس، أبو الحسن أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1979م، باب "ولد".
([48]) ينظر على سبيل المثال: الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: محمد محمود شاكر، مصر، دار المعارف، تفسير الآيات (11: النساء، 88: مريم، 26: الأنبياء، 151: الأنعام). والجرجاني، عبد القاهر، درج الدرر في تفسير القرآن العظيم، تحقيق: طلعت الفرحان، دار الفكر، ط1، 2009م، تفسير الآيات (28: الأنفال، 85: التوبة، 3: الممتحنة، 14: التغابن). كما يمكن الرجوع لأي من كتب تفسير القرآن الكريم.
([49]) الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان، 8/36.
([50]) ينظر: القرطبي، أبو عبدالله محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، القاهرة، مكتبة دار الكتب المصرية، ط2، 1938م، 5/68
([51]) ينظر: القرطبي، أبو عبدالله محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، 5/56-57
([52]) الموصلي، عبدالله بن محمود، الاختيار في تعليل المختار، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، دمشق، دار الرسالة العالمية، 2009م، 4 /445
([53]) النسفي، أبو البركات عبدالله بن أحمد، كنز الدقائق، تحقيق: سائد بكداش، المدينة المنورة، دار السراج، ط1، 2011م، ص 700
([54]) القادري، محمد بن حسين الحنفي، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1997م، 9/364
([55]) الجرجاني، علي بن محمد، شرح السراجية في الفرائض والمواريث، تعليق: عبد المتعال الصعيدي، مصر، مطبعة الاعتماد، ص 9
([56]) ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط2، 1992م، ص 568.
([57]) الرُّعيني، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، تحقيق: زكريا عميرات، دار عالم الكتب، 8 /585
([58])القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس، الذخيرة في فروع المالكية، تحقيق: محمد حجي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1994م، 13/ 52
([59]) المالكي، خليل بن إسحق الجندي، التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب، ضبط: أحمد بن عبدالكريم نجيب، مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث، 2008م، 8 /569
([60]) العمراني، أبو الحسن يحي بن أبي الخير، اعتنى به: قاسم محمد النوري، البيان في مذهب الإمام الشافعي، دار المنهاج للطباعة والنشر والتوزيع، 9 /70
([61]) الفتوحي، تقي الدين محمد بن أحمد، منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات، تحقيق: عبدالله عبدالمحسن التركي، بيروت، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر، ط1، 1999م، 4 /562 وما بعدها
([62]) البهوتي، منصور بن يونس، شرح منتهى الإرادات، تحقيق: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1, 2000م، 3 /517
([63]) أطفيش، محمد بن يوسف، النيل وشفاء العليل، جدة، مكتبة الإرشاد، وبيروت، دار الفتح، ط2، 1972م، 15 /381
([64]) الموسوعة الفقهية، الكويت، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط2، 1987م، 30 /132
([65]) الكفوي، أبو البقاء أيوب بن موسى، الكليات، أعده للطباعة: عدنان درويش، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط2، 1992م، ص 598