النزوع الديني للإنسان المعاصر
فئة : مقالات
مقدمة:
قاد البحث الدؤوب للإنسان عن أمنه الاجتماعي والنفسي، إلى تعزيز حضور المقدس في حياته، بحثاً عن جواب لمشكلاته وتحديات الحياة المعاصرة. وأحد تجلياته ما يشهده الواقع المعاصر من العودة إلى القدسي، خاصة في المجال التداولي للأديان الثلاثة (اليهودية المسيحية، الإسلام). ويؤكد هذا من جهة أولى، نزعة الإنسان الدينية وتعطشه المستمر للجانب الروحاني، ومن جهة ثانية إعلاناً في الوقت ذاته على تعثر الفكر المادي المعاصر بمختلف مقولاته واتجاهاته في تقديم جوابٍ عن أسئلته الروحية، ما يعني حاجة الإنسان المعاصرإلى جواب آخر، يعيد له ما افتقده في الأول، وله المقدرة التفسيرية التجاوزية في استيعاب (الإنسان الظاهرة) في مختلف جوانبه، ويحفظ للدين أصالته.
إن البحث في إسهامات الدين والمقدس في تقديم جواب عن الظاهرة الإنسانية من خلال الإشكالات الفلسفية، التي أفرزهاالسياق المعرفي الغربي المعاصر مؤسس على ثلاثة أسس؛ أولها بالنظر إلى ما تحتوي عليه النصوص المؤسسة للأديان الإبراهيمية من معطيات عن الإنسان، تفسيراً وخطاباً، ومن هنا الحاجة إلى دراسة هذه النصوص الدينية، لبيان مقدرتها التفسيرية في مواكبة الإشكالات والتحديات التي يفرزها الواقع المعاصر.
والثاني، نظراً لما يشهده الواقع المعاصر من عودة الإنسان إلى التدين والعناية بالمقدس، وظهور عدد من التيارات الدينية المتطرفة التي تؤسس مشروعها السياسي على الدين والمقدس.
والثالث؛ لما يشكل موضوع تكوين الإنسان وخلقه من أهمية معرفية شغلت حقولا معرفية مختلفة (علم النفس، الأنثربولوجيا الدينية، علم الاجتماع الديني الفلسفة) مع التباين الذي تكشف عنه تلك الحقول في دراستها للإنسان وقصورها في تقديم جواب مستوعب للإنسان في مختلف أبعاده التكوينيةوالروحية...
وتنطلق هذه الدراسة من المؤشرات الدالة على عودة الإنسان إلى التدين والمقدس، وقراءتها ضمن الإشكالات المعرفية التي تولدت في السياق المعرفي الغربي وآثارها على الفكر الإنساني، لأجل البحث عن جواب يستثمر المكون الديني والمقدس عموماً لتجاوز الأعطاب الفكرية والإيديولوجية لمقولات موت الإنسان ونهايته...
I. الإنسان في السياق المعرفي المعاصر.. من التحرير إلى الموت!!
سعت العلوم الإنسانية منذ القرن التاسع عشر الميلادي، إلى تقديم تفسير كلي «للظاهرة الإنسانية»([1])، وبناء فكرٍ علمي موضوعي عنها، بحثا عن جوابٍ لما يختزنه هذا الكائن الفريد، الذي عمر الأرض، منذ أن وجد على ظهرها، غير أن ما سعت إليه هذه العلوم، هو جزء من (المهمة الأساسية) للأديان التوحيدية، التي توازي بحثه عن معرفة الله وحقيقة خلقه للإنسان؛ فحاجة الإنسان الفطرية شكلت هاجساً كبيراً لدى الإنسان في الكشف عن سبب وجوده، ومن ثم مصيره، دفعت الإنسان من حيث هو جوهر مفكر، وكائن أخلاقي إلى التساؤل عن ماهيته، وعن تفهمه لمصدره، وفهمه لعلاقته مع الطبيعة، ودوره فيها. وقد ترك لنا الإنسان في عصور سابقة تدوينات وكتابات قديمة، بدأها على ألواح من الطين، كما هو الأمر مع «ألواح سومر»([2])، أو ما يعرف الآن بالعراق أو بين النهرين، من المدونات التي وجدت في «نينوى»([3])، والمؤلفة من 12 لوحة طينية، والمسماة بـ «ملحمة جلجامش»([4])، التي تقدم لنا تصورا عن الخلق وأطواره الوجودية.
إن ما قدمته النصوص الدينية، وبعض الكتابات في الشرق الأقصى القديم([5]) لمعرفة حقيقة الإنسان ومصيره، وجَّه جُهْدَ الإنسان المعاصر، لكشف حقيقة وجوده الأنطولوجي وغايته، ومادة تكوينه، ساعده في ذلك تعدد المقاربات والمداخل المعرفية، بفعل الثورة التي عرفتها العلوم الإنسانية إبان القرن التاسع عشر، وظهور تيار يبحث عن الإنسان، الذي قضت عليه أغلال الكهنوت، وقيود الكنيسة وعصور الظلام، في أوروبا، ليعلن عصر الأنوار نهاية التسلط والتبشير بإنسانية الإنسان من خلال ظهور «النزعة الإنسانية- L'humanisme»»([6]) أو الأنسنة، التي سعى روادها إلى التقدم بالإنسان، وتحريره من سلطة القيود اللاهوتية، والكهنوتية، والعقلية الإحيائية([7])، والثورة على الأنساق الدينية الكنسية، والبحث عن سلطة أخرى للإنسان، بذلك دخلت الإنسانية من خلال أوروبا القرن التاسع عشر في صراع وتوتر حادين، وصل إلى حد «الخصومة بين المذهب المادي وبين الفلسفة المثالية والعقلية الكهنوتية. وقد بلغ التوتر قمته، عندما أعلن كارل ماركس (Karl Marx) (1818م - 1883م) تفسيره المادي للتاريخ، (..) فهز صَرْحَ الكَهنوُتِ بجحده الأديان»([8]). وتعزز هذا بإعلان تشارلز داروين (Charles Robert Darwin) (1809 - 1882م) لنظريته في كتابه "أصل الأنواع" سنة 1859م، «فـقدمت نظريتُه في نشوء الأنواع، وتطورها بالانتخاب الطبيعي، تفسيراً بيولوجياً لما كان من اختصاص التأملات الفلسفية والغيبيات اللاهوتية»([9])، لتتبلور فرضية إمكانية تفسير الكون والوجود والإنسان بالمادة، ومن ثمة بدأت تتسع الهوة بين رجال الدين ودعاة المذهب الجديد، الأمر الذي جعل إنسانيي عصر الانبعاث يستندون إلى سلطة خارجية، بينما ظل إنسانيو عصر الأنوار يبحثون عن هذه السلطة في ذواتهم، ولئن كانت السلطة لدى أولئك سلطة مشخصة، فقد أمست لدى هؤلاء سلطة مجردة، سلطة العقل الإنساني([10]).
إن غاية النزعة الإنسانية الخروج بالإنسان من سلطة الدين إلى سلطة نفسه، وجعله مركز الكون والاعتقاد في إمكانية تحرير قدراته وتأمين حياته، والاطمئنان إلى مصيره، وتطوير وتنمية طاقته الإبداعية، باختصار يتم النظر إلى الإنسان على أساس «تقاليد ثقافية تسندها مقدمات فلسفية صارمة مبنية على تصور للحياة الدنيا محوره الإنسان بوصفه كياناً مادّياً وحيواناً ناطقاً»([11]). الأمر الذي تقرر مع التأسيس لديانة الإنسان مع الوضعية المنطقية([12]) عند أوغست كونت (1798 - 1857م) «Auguste Comte»([13]) واستجاب له "فيورباخ «Ludwig Andreas Feurbach» (1804 - 1872م) في برلين، حينما اقترحا على أوروبا المسيحية أن تعبد إلها جديدا هو النوع الإنساني([14]). ومقولات تاريخية تتحدث عن «موت الإله»([15]) للفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه([16]) (1844 - 1900م) «Friedrich Nietzsche» والحديث عن "نهاية الإنسان والتاريخ"([17]) - لـ فرانسيس فوكوياما «Francis Fukuyama»([18]) (1952م)، و«صدمة المستقبل»([19])، لـ الفن توفلر «Alvin Toffler» و«صدام الحضارات» أو«الثقافات والأديان» للباحث الأمريكي صامويل هنتنجتون.
لقد أدت هذه المفاهيم، والمقولات، والاتجاهات الفكرية، إلى إفراز وتأصيل نسق فكري وثقافي أوصل أوروبا والغرب عموماً إلى إفراز حضارة «الإنسان الإله» في علاقته بالإله والكون والآخر، وهو ما انعكس على الأنساق والمقولات الفكرية المؤطرة للقرن الحادي والعشرين، الأمر الذي عبر عنه جاك دريدا «Jacques Derrida»([20]) (1930 - 2004م) بتفكيكه"لظاهرة الإنسان، وتقويضه لفكرة الهدف والمركز والحقيقة والمعنى والمرجع، ليفكك آخر ما تبقى من المرجعيات، وليصل بمقولات «موت الإله» و«موت الإنسان» و«موت المؤلف»، إلى أقصى حدودها؛ فيعلن، لا عن موت «الإله» و«الإنسان» و«المؤلف» فحسب، وإنما عن عدم إيمانه بأي شيء أصلاً"([21])، يقول دريدا: «لا أؤمن بكل بساطة بأي شيء: الكتاب، الإنسان أو الله»([22]).
وفق هذا المنظور، تكون المعرفة التي أفرزتها الحضارة الغربية([23])، قتلت الإنسان وأخرجته من كينونته الإنسية، وكان لذلك آثار اجتماعية واقتصادية وثقافية في تشكيل وعي الإنسان الغربي، رغم المجهود النظري الفلسفي، لخطاب النزعة الإنسانية، والتطور المنهجي الحاصل في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، واتساع السقف المعرفي الذي حمله القرن التاسع عشر الذي تطورت نماذجه التفسيرية في القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين.
لقد ظل الإنسان في تطلع دائم إلى إجابات مقنعة وكلية لأسئلته الإنسية، فهما ودراسةً قادرين على تجاوز حالة التناقض والتضاد في تركيبه الفيزيولوجي وأبعاده الروحية، وأسئلته الوجودية، بذلك "يكون الموقف الفكري المعارض للنزعة الإنسانية باسم العلم، على صواب، عندما يصر على ضرورة مراجعة المفهوم الفلسفي عن الإنسان، المنحدر إلينا من العقلانية الكلاسيكية، وفلسفة عصر الأنوار، ذلك المفهوم الذي يرشح الإنسان لأن يكون سيد الكون بدون منازع، وغاية الواقع والطبيعة"([24])، كل هذا النقد الموجه للنزعة الإنسانية، في غاياتها الفلسفية يجعلنا أمام سؤال البحث عن مقاربة تفسيرية أخرى قادرة على تقديم جوابٍ للإنسان، تتجاوز إخفاقات النزعة الإنسانية، وتحفظ للمكون الديني أصالته وفاعليته، الذي أثبت التاريخ قوة استعصاءه عن الإلغاء.
ولعل بعض النماذج الفكرية، والمذاهب الفلسفية التي تسعى أن تشكل بديلاً عن الدين، واستبعاده عن الواقع الإنساني، لم تستطع أن تقود الإنسان إلى واقع أكثر تعبيراً عن تطلعاته وآماله الإنسية، حيث ظهر دائما سعي الإنسان إلى المنزع الديني في حياته، وشدت ارتباطه به ومدى حضوره في واقعه الاجتماعي، وهو ما أكدته الدراسات والأبحاث المهتمة بالدين وعلاقتها بالإنسان مثل؛ «علم الاجتماع الديني»([25])، والأنثروبولوجيا»([26]). إلا أن هذا التقدم النوعي الحاصل في العلوم الإنسانية لم يواكبه بشكل كافٍ التقدم في جعل «الدين» أحد المداخل الممكنة لتفسير الظاهرة الإنسانية، وبشكل خاص مع فشل الفكر المادي المعاصر([27]) في تحقيق سعادة الإنسان، الذي بشرت بها الحداثة الغربية بكل مكوناتها المادية، - بل العكس هو الذي حصل -، فقد أدت الحداثة الغربية إلى ظهور «الإنسان الطبيعي»([28]) و«الإنسان الاقتصادي»([29]) و«الإنسان الجنسي» أو «الجسماني»([30]) ليتحقق وعد الحداثة الغربية في تأكيد مركزية الإنسان في الكون، ولكن تحققها تاريخياً يسير بنا كلنا بخطى حثيثة نحو موت الإنسان، بل وموت الطبيعة"([31]).
إن التعثر الذي آلت إليه الحداثة الغربية، بمقوماتها المادية والاستعمارية([32]) في تحقيق ما بشرت به، وفهم واستيعاب الإنسان، بحيث لم تستطع الاستجابة إلى بحثه الدائم عن السعادة، وهو ما يفسره انتكاسة المشروع الحداثي داخل أوربا في القرن العشرين، حقبة (ما بعد الحداثة) التي خضع خلالها الإنسان إلى منطق توتاليتاري «logiquetotalitaire» أصولي في شرقه وغربه وشماله، كل يدور حول فلكه([33])، وبقي الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعيش ببعد واحد وفق ما يقوله هربرتماركوزه «Herbert Marcuse»([34]) (1898 - 1979م)([35]).
إن الأسس المعرفية والحضارية التي تكشف تعثر المعرفة الغربية المعاصرة، بمداخلها الفلسفية والفكرية، في استيعاب الظاهرة الإنسانية، "وفشلها يدور في إطار نماذج مادية في تفسير الإنسان وفي التحكم فيه، هي دليل عجزه عن إدراك الظاهرة الإنسانية، وإدراك أن الحلول التي تأتي بها حلول ناقصة"([36]). هذا التعثر يجعل موضوع البحث عن دوائر أكثر استيعاباً لإنسانية الإنسان من الضرورات الملحة على العقل الإنساني المعاصر، وهي ذات راهنية بحثية أساسا في مجال علم الأديان المقارن، لأن الإجابة عن سؤال أنموذج بديل قادر على فهم ومقاربة موضوع الإنسان؛ بالشكل الذي لا يلغي بعدي الظاهرة الإنسانية (الروحية والجسدية)، ويستثمر المجهود المعرفي والمنهجي للعلوم الإنسانية والتطور العلمي المعاصر، ويتيح للأديان الإبراهيمية تقديم مقاربة متكاملة، تستوعب تكوين الإنسان ومجهوده العلمي، ومن ثمة تقديم جواب ديني للواقع المعاصر.
II. عودة القدسي في الواقع المعاصر .. هل تقدم الأديان أنموذجاً تفسيرياً؟
يشهد الواقع المعاصر اليوم عودة قوية للدين، في دائرة التدافع الثقافي، وجعله أرضية البحث لعدد من مراكز الأبحاث، سواء في الغرب أو العالم الإسلامي، والعودة إلى النظر في الدين والمقدس([37]) عموما؛ نقدا وتقويما، وتجديد منهج قراءته؛ عند النخب الدينية والإسلامية والمسيحية، أو من قبل نخب فكرية وثقافية، ترى في المقدس عائقاً للتقدم والتنوير، ومن ثم السعي الحثيث إلى تقويض الأديان والعقائد.
ونستعرض في هذا العنصر، جوانب من الأسس الفلسفية والفكرية لأهمية الدين وعلاقته بالإنسان، وإبراز سمات ومؤشرات العودة إلى الدين في الواقع المعاصر، التي ينطلق منها البحث لإقامة دعواهعلى أهمية تقديم جواب ديني للإنسان.
1. الأسس الفكرية والفلسفية لأهمية الدين
ساعد انتشار حالة اللاتدين([38])، وغطرسة الغرب الاستعمارية، ورغبته في تعزيز مركزيته - التي شكلت دافعاً قوياً لانبثاق عدد من الحركات الأصولية المتطرفة - . على اشتداد الصراع بين منظومة تسعى إلى التخلي عن الدين والتدين في الاجتماع والسياسية والاقتصاد والحياة بشكل عام، وفي أحسن الأحوال الدعوة إلى تدين ودين علىمقاس حركية السياسي والاجتماعي؛ ثم جهة أخرى ترى في الدين مرجعاً مؤسساً للتشريع والاجتماع والسياسية والاقتصاد، بل تعتبره القادر على إعادة الاعتبار للمجتمع في الحالة الإسلامية، وصنف ثالث ينظر إلى الدين من خلال إجابته على حاجة الإنسان الروحية والاجتماعية، لكنه يعطي له من الحرية ما يدبر به شأنه الاقتصادي والسياسي. والنظر في أثره على حياة الأفراد ضمن سياق ثقافي سياسي متسم بالدينامية والتحول بشكل كبير. الكل يتجه فيه إلى الخطاب الديني والعمل على إعادة قراءته على ضوء المعطيات السياسية، الاجتماعية، والمتغيرات الإقليمية والدولية.
إن اعتبار الدين أنموذجاً تفسيريا، كانت بدايته مع عدد من الفلاسفة الذين اعتبروا دراسة معتقدات الإنسان مدخلاً لدراسته؛ ذلك ما عبر عنه ول ديورانت «Will Durant»([39]) (1885 - 1981م) بقوله: «ليس في وسعنا أن ندرس الإنسان على الإطلاق إلا إذا درسنا آلهته»([40]). هذا يجعل من حضور الدين في حياة الإنسان، معطى ضرورياً وأساسياً أثبت التاريخ قوة ارتباط الإنسان به، فقد «نرى في السابق، أو الحاضر، مجتمعات إنسانية لا حظ لها من علم أو فن أو فلسفة، ولكنا لا نعرفقط مجتمعا لا دين له»([41]). وحتى الذين عملوا على تغييب الدين واستبداله بفلسفات لم يسعفهم مجهودهم الفكري في إزالة الدين من حياة الإنسان، بسبب قوة الاعتقاد الديني، واستعصاء انتزاعه من أطر التفكير البشري، وكذا من أنساقه الثقافية، وبسبب حتمية فشل الفكر المادي ونهايته، وبقاء التدين علامة على ملازمته للإنسان، وقد عبر العلامة عبد الله دراز([42]) على ذلك بقوله: «إن من الممكن أن يضمحل كل شيء نحبه، وأن تبطل حرية استعمال العقل والعلم والصناعة، ولكن يستحيل أن ينمحي التدين، بل سيبقى حجة ناطقة على بطلان المذهب المادي الذي يريد أن يحصر الإنسان في المضايق الدنية للحياة الأرضية»([43]).
لقد تعزز الاهتمام المبكر لعدد من الفلاسفة والمفكرين بموضوع الدين والنظر إلى أهميته في حياة الإنسان بالاهتمام المتزايد للعلوم الإنسانية والاجتماعية في دراسة الدين وقضاياه، مع التقدم النوعي الذي أحرزته دراسة النصوص الدينية في علم الأديان المقارن([44]) بشكل خاص، وهي نتيجة طبيعية لـ«عودة الدين» أو«القدسيّ» عموماً إلى الفضاء العام، من خلال بروز الصحوة الدينية العالمية، وظهور الحركات الأصولية والمتطرفة، التي تنطلق من الدين سواء في الغرب المسيحي أو العالم الإسلامي، فظهرت نتيجة لذلك عدد من مراكز الأبحاث جعلت من الدين موضوعا لها؛ مثل مركز «بيو»([45]) بالولايات المتحدة الأمريكية. فما هي مؤشرات العودة إلى الدين في الواقع المعاصر.
2. مؤشرات عودة الدين والقدسي في الواقع المعاصر
يمكننا رصد سمات هذه العودة إلى الدين والقُدسِيات في الواقع المعاصر، من خلال جملة مؤشرات دينية، سواء في الأديان التوحيدية الإبراهيمة أساساً، أو حتى الأديان الوضعية في أشكال وصيغ متنوعة. نجد هذه العودة إلى الدين مزدهرة في أوروبا وأمريكا؛ «ففي فرنسا مثلاً، عادت إلى الوجود بعض الممارسات التقوية، مثل الحجّ إلى المزارات. وفي إيطاليا وإسبانيا بنوع خاص في الأعياد الدينية، نحو تطوافات الجمعة العظيمة والتركيز على آلام المسيح وموته. ومعروف أن بولونيا قد حافظت على هويتّها الدينيّة إبّان الحكم الشيوعيّ بفضل طقوسها الدينيّة وأعيادها الوطنيّة ورحلات حجّها. وفي أمريكا اللاتينيّة حيث امتزجت، منذ بداية التبشير، طقوس الكنسيّة وشعائرها وعباداتها، بعناصر من ديانات شعوب تلك البلاد وثقافاتها»([46]). وقد شهدت أوروبا مؤخراً دعوات متكررة لعودة الدين وظهور عدد من الطوائف الدينية، وعقد مجموع من المؤتمرات والملتقيات والندوات لدراسة وبحث الحالة الدينية، وإعلاء كلمة الرب، وإسقاط كلمة نيتشه وماركس وحصار الإسلام. وتعد تلك المؤتمرات السنوية المتخصصة في بحث الحالة الدينية المسيحية مؤشرا دالاً على الرجوع إلى النظر في (الدين) وبحث دوره في مواكبة التحولات التي تعيشها العالم.
ومن نتائج هذه العودة ما شهدته النصرانية من حركة إعادة الانتشار؛ فغادرت معاقلها السابقة التقليدية بأوروبا نحو مناطق وجهات أخرى، خاصة الأمريكيتين والقارة الأفريقية والقارة الآسيوية([47]).ويوجد في أوربا الغربية «تيّار روحانيّ قويّ يركّز على الاختبار الروحيّ والصلاة الشخصيّة، وهناك أماكن للحياة الروحيّة في أوج انطلاقها تستميل علمانيّين يبحثون عن المطلق. وهناك أيضاً حركات روحيّة اجتماعيّة تنمو في إطار الكنائس والرعايا كفرق الحياة المسيحيّة وفرق عائلات مريم وبيوت المحبّة ومدارس الإيمان ومدارس الإنجيل وبيوت للرياضات الروحيّة. وبالإضافة إلى ذلك، نذكر أن في فرنسا مثلاً أعداداً كبيرة يستعدون للمعمودّية في دورات الموعوظين و«العائدين إلى الإيمان»، تقام بعدها احتفالات تعميد البالغين من مختلف الرعايا وفي أثناء الليلة الفصحية من كل سنة»([48]).
وحتى اللادينيين شهدوا على عودة الدين من خلال ما قام مجموعة من الملاحدة المنكرين للألوهية والدين والتدين في بريطانيا مع مطلع سنة 2013م من إنشاء معبد خاص بالملحدين سموه «كنيسة بلا موعظة ولا إله»، لها طقوسها واجتماعاتها ومراسيم دفن موتاها. ويؤكد المؤسسون والأتباع أنهم يريدون أن يقدموا الخير للناس والعيش في تضامن دون أي دين، بل يريدون أن يخرج الناس من الكنائس التقليدية وينخرطوا في كنيستهم، أي من دين إلى دين، ومن عبادة إلى أخرى، وهذا حجة على تعبدية الإنسان وتعلقه بالدين([49]).
أما الصحوة اليهودية، فتعتبر الدولة العبرية التي زُرعت في قلب العالم الإسلامي، بخلفية وأُسس دينية؛ وَعد الرب، وأرض الميعاد، وجبل صهيون، بل إنها اختارت لنفسها اسماً توراتيًّا يُعلن عن الهوية الدينية للدولة([50]). ويرافق ذلك حركة استيطانية سعياً لتحقيق وعود التوراة.
وفي العالم الإسلامي، فثمة أكثر من مؤشر على العودة الكبيرة والجماعية للدين والتدين في المجتمعات العربية والإسلامية، سواء منه التدين الرسمي أو الشعبي، ويكفي الإشارة إلى أن نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين شهد ما عرف بـ «الصحوة الدينية»، وهو مصطلح يشير إلى إحياء وبعث الدين الإسلامي في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وهي صحوة بدأت تقريبا في عام 1970م، وتتجلى مؤشراتها في الإقبال المتزايد على ثقافة اللباس الإسلامي، وانتشار الثقافة الإسلامية ومصطلحاتها، والإعلام، ومحاولة الفصل بين الجنسين في المدارس، ودور التربية والتعليم، وبروز ظاهرة الدعاة والخطب المنبرية والمواعظ الدينية، والإقبال المتزايد على شعب التربية الإسلامية في الجامعات العربية والإسلامية، وأحد الأمثلة البارزة على نجاح الصحوة ودعاتها هو زيادة الحضور في الحج إلى مكة المكرمة. وبالموازاة مع هذا الإقبال الجماهيري والشعبي، برز توجه رسمي من خلال الثورة الإيرانية عام 1979م، فأنشئت بذلك الجمهورية (الإسلامية) في إيران بزعامة الخميني.
لقد تزايدت مؤشرات العودة إلى الدين مع ارتفاع الصحوة الإسلامية في التسعينيات من القرن الماضي، فـ "حروب البوسنة والهرسك والشيشان، وكشمير، وسحق الإسلاميين في الجزائر، رغم فوزهم بالانتخابات، واستمرار الممارسات الصهيونية في فلسطين، ثم حرب كوسوفا في نهاية التسعينيات. كل هذا وغيره جعل بداية الألفية الثالثة بداية حافلة، وتفجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية والثالثة في قطاع غزة 2008م - 2009م، وما خلفته أحداث الحادي عشر من سبتمبر، واحتلال أفغانستان ثم العراق، من تعاطف شعبي إسلامي، وحرب لبنان 2006م، وعودة الإساءات المتعمدة للإسلام وللنبي r وللقرآن في البلاد الغربية"([51]). إضافة إلى صعود عدد من الحركات الإسلامية إلى الحكم خلال أحداث الثورات العربية التي حضر فيها المعطى الديني؛ حيث «استندت الانتفاضات الشعبية التي شهدها العالم العربي إلى الدين، (...) وهو تعبير عميق عن تجذر القيم الدينية الفطرية في النفس البشرية الرافضة للظلم والقمع والاستبداد، والباحثة عن الكينونة والعدل والحرية»([52]).
ومن مظاهر حضور الفكر الديني في هذا العصر كذلك سعي بعض علماء الطبيعة، إلى تكوين فرق من العلماء المتدينين، بحثاً عن البراهين والحجج على ربانية الخلق والخليقة وفطرية الإيمان في الإنسان والعالم المخلوق. وتوجد في معظم الجامعات الغربية كليات وشعب مختصة في دراسة الظاهرة الدينية، وأنشئت مراكز ليس لها من شغل إلا تحليل الدين وتحولاته، وتنافس الإعلاميون أبناء الشبكة العنكبوتية في بناء مواقع لرصد الفعل الديني. وبرزت أسماء كثيرة لدى الغربيين اعتبرت أعلاما بارزة في دراسة الدين.([53])
ثمة إذن ما يؤشر على الاهتمام المتزايد بالظاهرة الدينية، سواء في العالم الغربي المسيحي أو الإسلامي، كشفت عنه تقارير ترصد حركية التدين، الدين؛ حيث توصلت دراسة معهد غالوب حول "توجهات التدين عبر العالم"، والتي صدرت نهاية شهر غشت 2010 إلى أن «الدين مازال يلعب دوراً مهماً في حياة العديد من الناس، الذين يعيشون في العالم. وأن النسبة المتوسطة العالمية للبالغين الذين قالوا بأن الدين جزء أساسي في حياتهم اليومية بلغ 84%، وهو رقم لم يتغير كثيراً عن النسبة التي توصلت إليها غالوب في السنوات الماضية؛ ففي عشر دول ومناطق على الأقل هناك %98 قالوا بأن الدين أساسي في حياتهم اليومية»([54]). وقد شملت الدراسة التي أنجزت خلال سنة 2009م، 114 دولة عبر العالم. وتوضح الأرقام التي احتواها التقرير الصادر عن مركز «بيو» في أبريل 2014م، حول التعددية الدينية في العالم، - والذي شمل خمسة أديان عالمية وهي (الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية) -، الانتشار الذي تشهده هذه الأديان ومدى حضورها في الحياة المعاصرة.
وقد شمل التقرير عددا من الدول، يرصد فيها أي الأديان الخمسة أكثر انتشاراً، وقياس التعددية الدينية فيها؛ وتصدرت الترتيب اثنتا عشرة دولة لديها درجة عالية جداً من التنوع الديني، تتموقع ست منها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (سنغافورة وتايوان وفيتنام وكوريا الجنوبية والصين وهونج كونج)؛ وخمس منها في أفريقيا جنوب الصحراء (غينيا، بيساو، وتوغو، وساحل العاج، وبنين، وموزامبيق)؛ بينما تنتمي دولة واحدة فقط إلى أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وهي دولة (سورينام).
وبخصوص وضعية العالم العربي، فيصف التقرير نتائجها بالسلبية عموماً، إذ لا توجد أية دولة عربية بين الدول التي تضم درجة عالية جداً من التنوع الديني.أما الدول ذات درجة عالية من التعددية الدينية، فتضم 36 دولة، من بينها أربع دول عربية فقط هي: جنوب السودان، قطر، لبنان، والبحرين.أما الدول ذات تعددية دينية معتدلة فيصل عددها إلى 47 دولة، من بينها دولتان عربيتان فقط هما على التوالي: الكويت والإمارات العربية المتحدة. بينما تنتمي باقي الدول العربية إلى مجموعة الدول ذات تعددية دينية منخفضة، وفي المراتب المتأخرة عموما: عمان (2.9)، السودان (2.0)، سوريا (1.6)، المملكة العربية السعودية (1.5)، مصر (1.1)، ليبيا (0.7)، الأردن (0.6)، السلطة الفلسطينية (0.5)، الجزائر (0.5)، العراق واليمن وموريتانيا بمعدل (0.2)، تونس والصومال (0.1)، وفي المرتبة الأخيرة يأتي المغرب بمعدل (0.0)([55]).
إن المعطيات والأرقام التي رصدها التقرير تبرز جوانب مهمة من العودة إلى الدين في الواقع المعاصر، الأمر الذي يكشف عن حركة تدين معاصرة، ويعكس بحث الإنسان عن حلول أخرى لإشكالاته الروحية، فشلت فيها الحداثة المعاصرة؛ كما أنها تظهر أيضاً حاجة فطرية لذا الإنسان أكدها القرآن في: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًاۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَاۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِۚذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾([56]).
هذه العودة، إذن هي عودة الإنسان لأصله الذي فطره الله عليه، لكنها في الآن ذاته تجعل الأديان الثلاثة (اليهودية، المسيحية، الإسلام) إزاء تحديات أمام أسئلة الإنسان المعاصر - المسلح بالتقنية وأحدث ما توصلت إليه البشرية في مختلف أصناف المعرفة -، لهذه الأديان.
خلاصة:
بناء على ما تقدم تتضح الحاجة إلى استثمار العودة إلى القدسي والديني في الواقع المعاصر، لأن العودة إلى الدين في حقيقة الأمر هي إعلان الإنسان عن فشل الإيديولوجيات الفكرية، والسياسية في الاستجابة لتطلعاته وآماله، ومواكبة تحديات الحياة بمتغيراتها النفسية والثقافية والاجتماعية، بفعل التحولات الكبيرة التي طرأت على العقل الإنساني. وبحثه (الإنسان) المتزايد عن جواب لإشكالاته في (القدسي) بشكل عام؛ حيث تتيح معطيات الأديان الثلاثة (اليهودية، المسيحية، الإسلام) تقديم مقاربة دينية - تفسيرية للظاهرة الإنسانية، قادرة على التأسيس لرؤية تشاركية تتجاوز التحديات التي دخلت فيها الإنسانية بسبب الفكر المادي، الذي يقوض كلما هو روحي في الحياة، ويعمل على إلغاء دور الدين في الوجود الإنساني.
مراجع:
"تقرير الحالة الدينية بالمغرب"، المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصر، طوب بريس - الرباط -، ط1، يونيو 2015م
"تقرير الحالة الدينية في المغرب"، الإصدار الثاني، 2009 - 2010م، مطبعة طوب بريس
إليادهميرتشيا، "البحث عن التاريخ والمعنى في الدين"، (ترجمة) سعود المولى، المنظمة العربية للترجمة، بيروت - لبنان -، ط1، كانون الأول (ديسمبر) 2007م.
بوعزة الطيب، "الدين من المنظور الفلسفي الغربي - الفلسفة الوضعية نموذجاً" -، مجلة التسامح، عدد 26 ربيع 1430هـ/2009م، مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، - سلطنة عمان - مسقط
توفلر الفن، "صدمة المستقبل"، ترجمة، عبد اللطيف الخياط، دار الفكر، - دمشق -، ط1، يونيو 1974م
الجابري علي حسن، "محنة الإنسان بين العلم والفلسفة والدين: دراسة لعلاقة العلوم المعاصرة بالمعرفة القلبية"، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، سورية - دمشق -، 2009م - 1430هـ
جبر محمد، "الإنسان والخلافة في الأرض"، دار الشروق، رابعة العدوية - مصر -، ط.1، 1419هـ/1999م.
حاج حمدمحمد أبو القاسم، "العالمية الإسلامية الثانية: جدلية الغيب والإنسان والطبيعة "، دار الساقي، 2012م، بيروت، - لبنان - ط3.
حسن محمد خليفة، "تاريخ الأديان دراسة وصفية مقارنة"، دار الثقافة العربية، سنة 2002م، (بدون رقم ط)،
الحنفي عبد المنعم، "الموسوعة الفلسفية"مكتبة مدبولي، (بدون مكان النشر) ط2، 1999م
الحنفي عبد المنعم، "موسوعة الفلسفة والفلاسفة"، مكتبة مدبولي، (بدون مكان النشر) ط2، 1999م.
خزعل الماجدي، "متون سومر الكتاب 1. التاريخ، الميثولوجيا، اللاهوت، الطقوس"، دار الأهلية، المملكة الأردنية الهاشمية - عمان -، ط1. 1998م. وكريمر صمويل، "من ألواح سومر"، (ترجمة)، طه باقر، مكتبة المثني ببغداد مؤسسة فرانكلين للنشر والطباعة، بدون رقم ط. ولا سنة النشر.
دراز عبد الله، "الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان"، مر، س، ص 38.
دراز محمد عبد الله، "الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان"، دار القلم، الكويت -، ط2، 1428هـ/2007م
دريدا جاك، "مواقع حوارات"، (ترجمة)، فريد الزاهي، دار توبقال، - الدار البيضاء -، ط1، 1992م.
الدواي عبد الرزاق، "موت الإنسان في الخطاب الفلسفي المعاصر"، مر، س، ص 25
ديورانت ول، "قصة الحضارة" (ترجمة) محمد بدران، لجنة التأليف والترجمة والنشر - القاهرة -، بدون رقم الطبعة ولا سنة النشر
الرومي شهاب الدين، "معجم البلدان"، دار صادر، بيروت، ط2، سنة، 1995م
السرات الحسن، "الدين والتدين في العالم المعاصر: تشخيص واستشراف"، منشورات مركز المقاصد للدراسات والبحوث، الرباط - المملكة المغربية -، دار الكلمة، مصر - القاهرة -، ط1، 1436هـ/2015م.
السرجاني راغب، "المشترك الإنساني نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب"، مؤسسة اقرأ - القاهرة -، ط1، 1432هـ/ 2011م
شبار سعيد، "الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد في العلوم الإسلامية"، مركز دراسات المعرفة والحضارة، دار الإنماء الثقافي، - الرباط -، ط1، 2014م.
شِلحُت فيكتور، "مسألة الله. في التاريخ: من الكتاب المقدس إلى الظاهرة الدينية المعاصرة"، دراسات لاهوتية، دار المشرق - بيروت -، ط1، 1997م.
صديقي علي، "الأزمة الفكرية العالمية: نحو نموذج معرفي قرآني بديل"، مجلة إسلامية المعرفة، عدد 59، السنة الـ15، شتاء 1431هـ/2010م
عبد الرحمن عائشة، "القرآن وقضايا الإنسان"، دار العلم للملايين، بيروت - لبنان -، ط4، كانون الثاني 1981م
العجيلي محمد علي، "النزعة الإنسانية في عصر التوحيدي القرن الرابع الهجري"، منشورات وزارة الثقافة الجمهورية العربية السورية، إحياء التراث العربي (133) سوريا - دمشق - 1428هـ/ 2006م، (بدون رقم ط)
العطاس محمد نقيب، "مُداخلات فلسفية في الإسلام والعَلمانية"، (ترجمة)، محمد طاهر الميساوي، المعهد العالمي للفكر والحضارة الإسلامية، دار النفائس، عمان، - الأردن -، ط1. سنة 1420هـ/ 2000م، ص 156.
عمر السيد، "الأنا والآخر من منظور قرآني"، تحرير منى أبو الفضل، ونادية محمود مصطفى، دار الفكر - دمشق -، 2008م، ط1، 1429هـ/2008م
فغرور دحو، "نظرة المسيحية لدور الإنسان في التاريخ القديس أغسطين نموذجا"، مجلة الحضارة الإسلامية، عدد 4، شعبان 1419هـ/نوفمبر 1998م، المعهد الوطني للتعليم العالي للحضارة الإسلامية، وهران - الجزائر -،
فوكو مشيل، "الكلمات والأشياء"، ترجمة، مطاع صفدي وآخرون، مركز الإنماء القومي، بيروت - لبنان، 1989م - 1990م، ص 281.
فوكوياما فرانسيس، "نهاية الإنسان عواقب الثورة البيوتكنولوجية"، (ترجمة) أحمد مستجير، المراجعة اللغوية، عمر الشناوى، إصدارات سطور، ط1، سنة 2002م
فوكوياما فرانسيس، "نهاية التاريخ"، (ترجمة) حسين الشيخ، دار العلوم العربية، بيروت - لبنان، ط1، 1413هـ/1993م، ص 15.
ماركوزهربارت، "الإنسان ذو البعد الواحد"، (ترجمة) جورج طرابيشي، دار الآداب، - بيروت -، ط3، 1988م
المسيري عبد الوهاب، "دراسات معرفية في الحداثة الغربية"، مكتبة الشروق الدولية، روكسي - القاهرة -، ط1، 1427هـ/ يناير 2006م
المسيري عبد الوهاب، "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد"، دار الشروق، ط1، القاهرة - مصر -، 1999م
المسيري عبد الوهاب، التركي فتحي، "الحداثة وما بعد الحداثة"، دار الفكر، - دمشق -، ط3، 1431هـ/2010م
مصطفى سليم شاكر، "قاموس الانثروبولوجيا إنكليزي - عربي"، جامعة الكويت، ط1، 1981م.
المغلوث سامي عبد الله، "أطلس تاريخ الأنبياء والرسل"، مكتبة العبيكان 1426هـ، الرياض، ط6، 1426هـ/2005م،
المكي هشام، "لعبة الأرقام: قراءة في تقرير مركز "بيو" للتعددية الدينية في العالم"، مركز نماء، http: //nama - center.com/، استرجعتها يوم 28 أكتوبر 2014م لمراجعة التقرير كاملا أنظر المصدر «the pew forum on religion and public life»
منصور أشرف، لرمز والوعي الجمعي دراسات في سوسيولوجيا الأديان"، رؤية للنشر والتوزيع، - القاهرة -، ط1، 2000م
منصور محمد، "موسوعة أعلام الفلسفة"، دار أسامة، الأردن - عمان -، ط1، سنة 2003م.
منصور محمد، "موسوعة أعلام الفلسفة"، دار أسامة، الأردن - عمان -، ط1، سنة 2003م.
النشار علي سامي، "نشأة الدين"، دار السلام، - القاهرة -، سنة 2008م، ط1، 1430هـ/2009م.
Bergson Henri, «Les DEUX Sources de la Morale Et De La Religion», Aout 1993, Paris
Religosity Highest in World’s Poorest Nations, August 31, 2010, www.gallup.com
([1]) يعد الفيلسوف الدنماركي (سورين كيركجارد) (1813 – 1855م) الرائد الأول للمنهج الجديد في العلوم الإنسانية، حيث نادى بضرورة دراسة «الإنسان» وفق مصطلحات علوم الروح لا علوم الطبيعة، وقال بضرورة وجود منهج يفيد في دراسة الروح والباطن دراسة كيفية خالصة. وذهب إلى المعنى نفسه المفكر المثالي المحدث (دلتاي). وآخر محاولة في وضع منهج للعلومالإنسانية هي تلك التي قام بها (ريكمان) أستاذ الفلسفة وعلم النفس بجامعة لندن، حيث قدم في عام 1967م صورة نفسية متكاملة لمنهج العلوم الإنسانية معتمداً على مصطلحات المعنى والفهم والتعبير والسياق."
-راجع جبر محمد، "الإنسان والخلافة في الأرض"، دار الشروق، رابعة العدوية –مصر-، ط.1، 1419هـ/1999م، ص 25
([2]) استطاع جورج سميث عام (1872) أن يفك قراءتها لنجد فيها كتابات غزيرة عن مفهوم الإنسان للآلهة وعلاقته بها وعن تصورّه لكيفية وجوده فيها. للاطلاع على حضارة سومر ومنظورها الديني للإنسان والإلهة والكون.
-راجع: خزعل الماجدي، "متون سومر الكتاب 1. التاريخ، الميثولوجيا، اللاهوت، الطقوس"، دار الأهلية، المملكة الأردنية الهاشمية –عمان-، ط1. 1998م. وكريمر صمويل، "من ألواح سومر"، (ترجمة)، طه باقر، مكتبة المثني ببغداد مؤسسة فرانكلين للنشر والطباعة، بدون رقم ط. ولا سنة النشر.
([3]) (نينوى) بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح النون والواو، بوزن طيطوى: وهي قرية يونس بن متى، عليه السّلام، بالموصل، وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نِيْنَوَى منها كربلاء التي قتل بها الحسين، t.
-راجع: الرومي شهاب الدين، "معجم البلدان"، دار صادر، بيروت، ط2، سنة، 1995م، ج5، ص 339
وكانت نينوى عاصمة للدولة الآشورية في شمال العراق خلال بعثة نبي الله يونس، وكانت من أغنى وأعظم المدن الشرقية خلال تلك الفترة، وأدت سعة الرزق بها وغناها الفاحش إلى ضلالها بارتكاب الموبقات والمعاصي، بالإضافة إلى ذلك فقد كان أهل نينوى يعبدون الأصنام ولا يؤمنون بالله تعالى.
-راجع: المغلوث سامي عبد الله، "أطلس تاريخ الأنبياء والرسل"، مكتبة العبيكان 1426هـ، الرياض، ط6، 1426هـ/2005م، ص 175
([4]) "ملحمة جلجامش" من الكتابات القديمة التي دونت بعض من قطعها في العهد البابلي القديم، أي في حدود القرن السابع عشر، أو الثامن عشر ق.م، كما وجدت ترجمات قديمة لأجزاء من هذه الملحمة إلى اللغة الحورية واللغة الحيثية (الختية)، وهي من اللغات الهندية- الأوروبية، وقد دونت مثل هذه الترجمات على ألواح من الطين كشف عنها في التنقيبات التي جرت في آسيا الصغرى، ويرجع إلى عهدها إلى النصف الثاني من الألف الثاني ق.م.، وهذا يبين بجلاء أن ملحمة جلجامش البابلية كانت تدرس وتترجم وتقلد في العصور القديمة، في جميع أنحاء الشرق الأدنى القديم، وقد تم حتى الآن الكشف عما يقارب نصف مجموع أسطرها البالغة زهاء 3500 سطراً. ونشر في عام 1930 باحث إنجليزي آخر، وهو الأثري المختص بالدراسات الأدبية الانسانية «كامبل تومسن» نشرة فاخرة متقنة احتوت جميع ما كان معروفاً من النصوص الخاصة بهذه الملحمة. ثم ظهرت من بعد ذلك ترجمتان جديدتان متقنتان باللغة الإنجليزية إحداهما ترجمة «الكسندر هايدل» المعنونة «ملحمة جلجمامش وما يضاهيها في التوراة» والترجمة الأخرى بقلم «افرايمسيايزر» في مجموعة «نصوص الشرق الأدنى القديم».
-راجع كريمر صمويل، "من ألواح سومر"، مر، س، ص 304 - 305
([5]) يمكن العودة إلى كتابات وفلسفات الشرق الأقصى القديم التي جاء بها حكماء أمثال كنفوشيوس (551 – 479 ق. م)، بوذا (563 – 483 ق م)، غيرهم، وكذا فلسفات العالم الهليني –الروماني، والتي حملها رواد فكر أمثال سقراط (470 – 399 ق م) وأرسطو (348 – 322 ق م) وأفلاطون (427 – 347 ق م) وابيقور (342 – 270 ق م) وهيرودوت (القرن الخامس ق م) وفارو (116 – 27 ق م) وساللوستيوس (86 – 34 ق م) وتاسيت (55 – 117 ق م) وغيرهم، كلها فلسفات قديمة تحاول الإجابة عن خلق نموذج إنساني مميز يمكنه أن يرفع ا لتحدي ويدخل التاريخ كعنصر أساسي وفعال، وساد الاعتقاد لدى الفلسفات القديمة أن هناك نواميس خارجة عن إرادة البشر هي التي تسير التاريخ.
-راجع: فغرور دحو، "نظرة المسيحية لدور الإنسان في التاريخ القديس أغسطين نموذجا"، مجلة الحضارة الإسلامية، عدد 4، شعبان 1419هـ/نوفمبر 1998م، المعهد الوطني للتعليم العالي للحضارة الإسلامية، وهران –الجزائر-، ص ص 91 – 92
([6]) النزعة الإنسانية أو الأنسنة هي حركة فكرية أيديولوجية راجت في إيطاليا في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، وامتدَّت منها إلى بقية بلدان أوروبا الغربية، وكانت من أهم عوامل إرساء العلم والثقافة المحدثين. وهي بالإضافة إلى هذا البعد التاريخي كل دعوة موضوعها الإنسان، تؤكد فيه كرامته، وتجعله مقياس كل قيمة. وهي عند كونت ديانة تؤكد أن الإنسانية وليس الله هي الأولى بالعبادة. وهي فلسفة عصر النهضة وإسهام مفكريه، (...) وهي اشتقاق من (Humanitas) اللاتينية بمعنى تعهد الإنسان لنفسه بالعلوم الليبرالية التي بها يكون جلاء حقيقته كإنسان متميز عن سائر الحيوانات.
-راجع الحنفي عبد المنعم، "الموسوعة الفلسفية"، مر، س، ص 71
([7]) تُستعمل عبارة (العقلية الإحيائية) في نظريات علم الاجتماع للإشارة إلى نمط في التفكير يأخذ بأشكال الكثرة في الظواهر من دون رابط بينها، على افتراض أن لكل منها حركته الذاتية الخاصة وتعلقها بروح كامنة فيها؛ فهي نمط من التفكير يسبق اكتشاف النسق الذي يربط بين الكثرة ويشد علاقتها بعضها إلى بعض بطريقة موضوعية. ويعتبر إدوارد تيلر 1832 – 1917م عالم الأنثروبولوجيا الإنجليزي أهم من بحث في العقلية الإحيائية في كتابه الحضارة البدائية الصادر عام 1871. وعلى الرغم من أن الإحيائية ANIMISM تمت إلى العهود الوثنية وتمثل خلفية عقلية لها، إلا أنها تلبّست الديانات التوحيدية في إطار لاهوتي، ومن هناك يمكن وضعها ضمن تقسيمات الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت للمراحل التحولية التي يمر بها المجتمع، والتي تؤثر في أفكار الناس من خلال الظروف البيئية والحضارية التي توجد فيها، وقد قسّمها إلى ثلاث مراحل هي: المرحلة اللاهوتية، المرحلة الفلسفية، والمرحلة العلمية الواقعية. وبتعبير آخر: المرحلة اللاهوتية ثم الميتافيزيقية ثم الوضعية.
-راجع: حاج حمد محمد أبو القاسم، "العالمية الإسلامية الثانية: جدلية الغيب والإنسان والطبيعة "، دار الساقي، 2012م، بيروت، -لبنان- ط3، هامش رقم 1، ص 32
([8]) عبد الرحمن عائشة، "القرآن وقضايا الإنسان"، دار العلم للملايين، بيروت – لبنان-، ط4، كانون الثاني 1981م، ص 209
([9])عبد الرحمن عائشة، "القرآن وقضايا الإنسان"، مر، س، ص 209
([10]) العجيلي محمد علي، "النزعة الإنسانية في عصر التوحيدي القرن الرابع الهجري"، منشورات وزارة الثقافة الجمهورية العربية السورية، إحياء التراث العربي (133) سوريا - دمشق –1428هـ/ 2006م، (بدون رقم ط)، ص 9
([11])العطاس محمد نقيب، "مُداخلات فلسفية في الإسلام والعَلمانية"، (ترجمة)، محمد طاهر الميساوي، المعهد العالمي للفكر والحضارة الإسلامية، دار النفائس، عمان، -الأردن-، ط1. سنة 1420هـ/ 2000م، ص 156
([12]) تشير بعض الدراسات إلى أنه في الوقت الذي وصل فيه المذهب المادي والوضعية المنطقية، إلى أوجها، حينما نشر أوغست كونت كتابه "التعاليم الوضعية" (CatéchismePositiviste) عام 1852 (...) بالتزامن معه ظهرت كتابات غربية حول "الأديان المقارنة" في بدايته أواسط القرن التاسع عشر، ويشر هذا إلى التزامن بين الأيديولوجيات المادية من جهة، والاهتمام المتصاعد بالأشكال الدينية الشرقية والغابرة من جهة أخرى، والبحث عن أسرار الطبيعية. إلى المذهب الوضعي والمادي لا يستجيب إلى تطلعات الإنسان وبحثه عن بداياته الأولى.
-راجع: إليادهميرتشيا، "البحث عن التاريخ والمعنى في الدين"، (ترجمة) سعود المولى، المنظمة العربية للترجمة، بيروت -لبنان-، ط1، كانون الأول (ديسمبر) 2007م، 114- 116
([13]) أوغست كونت ولد في مونبلييه عام 1798م ومات في باريس عام 1857م، درس الطب في مونبلييه وعمل في باريس في مهن مختلفة وهناك حرر أول مؤلفاته "تأملاتي" وفي عام 1830 نشر المجلد الأول من (دروس في الفلسفة الوضعية)ونشر في عام 1851 – 1854 (مذهب الفلسفة الوضعية أو مبحث سوسيولوجي مؤسس لديانة إنسانية) في أربع مجلدات مسبوقة بـ (خطاب في مجمل الوضعية) ويعتبر كونت واضع المذهب الوضعي.
-راجع: منصور محمد، "موسوعة أعلام الفلسفة"، دار أسامة، الأردن –عمان-، ط1، سنة 2003م، ص 265 – 266
([14]) بوعزة الطيب، "الدين من المنظور الفلسفي الغربي –الفلسفة الوضعية نموذجاً"-، مجلة التسامح، عدد 26 ربيع 1430هـ/2009م، مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، -سلطنة عمان- مسقط، صص73 – 74
([15]) يمكن العثور على أول إشارة لعبارة "موت الإله" التي اشتهرت عن الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه في كتابه "العلم الجذل" المنشور في 1882، كذلك تحدث نيتشه عن "موت الإله" في كتابه الأشهر "هكذا تكلم زرادشت"، وتختزل مقولة "موت الإله" مجمل رؤية نيتشه الفلسفية؛ وهي تهدف إلى القضاء على الإنسان، ذلك أن "موت الإله" تستدعي "موت الإنسان"، وتحطيم فكرة المركز الثابت المتعالي، وكل ما هو مقدس ومطلق وكلي."
-راجع: فوكو مشيل، "الكلمات والأشياء"، ترجمة، مطاع صفدي وآخرون، مركز الإنماء القومي، بيروت -لبنان، 1989م – 1990م، ص 281
([16]) فريدريك نيتشه: ولد عام 1804م ناثر من كبار الأدباء الألمان، وفيلسوف يجئ ترتيبه الثالث بعد كنط وهيجل في سُلّم الفلاسفة الألمان، نشأ من أسرة القساوسة، لكنه رغم ذلك كان شديد الإلحاد وجعله محور كتابابته، من أهم مؤلفاته؛ هكذا «تحدث زرادشت» 1883م، «أصل الأخلاق» اشتغل نيتشه بفكرة الإنسان الأعلى أو السوبرمان، واعتبره هو الذي يمجد الحياة وطريقة الخلق والإبداع ولا يشغل باله بالأحقاد والضغائن، وهو صنو الله، أو المقابل الأرضي لله. توفي عام 1872م.
-راجع: الحنفي عبد المنعم، "موسوعة الفلسفة والفلاسفة"، مر، س، ج2، ص 1437- 1440
([17]) يقرر فوكوياما في مقدمة كتابه "نهاية الإنسان عواقب الثورة البيوتكنولوجية" أن التاريخ لا يمكن أن تكون له نهاية، إلا إذا كانت للعلم نهاية، واعترف بأن نهاية التاريخ لا تأتي إلا بنهاية العلم.
-راجع: فوكوياما فرانسيس، "نهاية الإنسان عواقب الثورة البيوتكنولوجية"، (ترجمة) أحمد مستجير، المراجعة اللغوية، عمر الشناوى، إصدارات سطور، ط1، سنة 2002م، ص 18
([18]) فوكوياما فرانسيس، "نهاية التاريخ"، (ترجمة) حسين الشيخ، دار العلوم العربية، بيروت –لبنان، ط1، 1413هـ/1993م، ص 15
([19])توفلر الفن، "صدمة المستقبل"، ترجمة، عبد اللطيف الخياط، دار الفكر، -دمشق-، ط1، يونيو 1974م، ص 5
([20]) فيلسوف فرنسي ولد في الجزائر سنة 1930م وتخرج في قسم الفلسفة بدار المعلمين العليا ثم درَّس فيها، دأب في تعليمه وتأليفه على تفكيك بناء الفلسفة والمذاهب الفلسفية، انطلاقاً من مسألة الكتابة، من مؤلفاته «الكتابة والاختلاف الصوت والظاهرة»، «في علم القواعد أو هدم الفلسفة» و«هوامش الفلسفة»
-راجع: منصور محمد أحمد، "موسوعة أعلام الفلسفة"، مر، س، ص 140
([21]) صديقي علي، "الأزمة الفكرية العالمية: نحو نموذج معرفي قرآني بديل"، مجلة إسلامية المعرفة، عدد 59، السنة الـ15، شتاء 1431هـ/2010م، ص 39
([22]) دريدا جاك، "مواقع حوارات"، (ترجمة)، فريد الزاهي، دار توبقال، -الدار البيضاء-، ط1، 1992م، ص 12
([23]) الحضارة الغربية هي «تلك الحضارة التي تولدت عن الانصهار التاريخي لثقافتي الإغريق والرومان القدامى وقيمهم وتطلعاتهم، ثم اندماجها مع اليهودية والمسيحية، ثم تطورها اللاحق وتشكلها بفعل الشعوب اللاتينية والجرمانية والسلتية(Celtic) وشعوب الشمال (Nordic). فمن الإغريق استُمدَّت العناصرُ الفلسفية والمعرفية المنهجية (الإبستمولوجية) وقواعدُ التربية والأخلاق والجمال، ومن روما استُمدت قواعد القانون وفنّ إدارة شؤون الحكم والدولة، ومن اليهودية والمسيحية استمدت مبادئ الروح والقيم التقليدية المؤسِّسة للاستقلال الوطني، وروح التطور والتقدم في العلوم الطبيعية المادية والتقانة».
-راجع: العطاس محمد نقيب، "مُداخلات فلسفية في الإسلام والعَلمانية"، مر، س، ص 156
([24])الدواي عبد الرزاق، "موت الإنسان في الخطاب الفلسفي المعاصر"، مر، س، ص 25
([25]) اهتم علم الاجتماع الديني بالإجابة عن سؤال انبثاق الدين وعلاقته بالإنسان، وقد استطاع أوغست كونت (Auguste Conte) من خلال قانون الأحوال الثلاثة، أن يبين بواسطة هذا القانون أن الفكر الديني في جوهره هو الخطوة الأولى لنمو الإنسانية العقلي، بل اعتبره الخطورة الأولى لنمو الفرد نفسه. كما ميز دوركهايم في كتابه (Les formesélémentaires de la vie religieuse) بين المقدس وغير المقدس؛ الديني وغير الديني، وهذا التميز مكنه وهو بصدد البحث في الدين من وجهة نظر عند المجتمعات البدائية، مزج مزجا تامًّا بين الاجتماعي والديني. ما جعل الأستاذ علي سامي النشار يعتبر عمله هذا تجاوز فيه استخلاص القوانين العقلية للجماعات الدينية، إلى استخلاص القوانين الباطنية لنمو العقل الإنساني.
-راجع: النشار علي سامي، "نشأة الدين"، دار السلام، -القاهرة -، سنة 2008م، ط1، 1430هـ/2009م، ص ص 20 – 21
([26]) تهتم الدراسة الأنثروبولوجية بالبحث في بنية الأديان البدائية، الإحيائية AnimismوالأرواحيةSpiritualism، من خلال التركيز على دراسة أنظمةالشعوب القديمة اجتماعيا وثقافيا.
-راجع: منصور أشرف في كتابه "الرمز والوعي الجمعي دراسات في سوسيولوجيا الأديان"، رؤية للنشر والتوزيع، -القاهرة-، ط1، 2000م، ص 11
([27]) يرجع الفكر المادي المعاصر إلى كلمة «المادية» Materialism، وهي التي توصف بها اتجاهات ونزعات فلسفية عديدة تشترك في القول أن الأصل في الموجودات هو المادة، لا الروح أو العقل أو الشعور، وهي تردُّ حتى الظواهر الإنسانية، كالوعي والشعور والأخلاق، إلى تفسيرات مادية فيزيولوجية أو عملية منفعية، وتستخدم الكلمة بالمعنى الفلسفي؛ أي الإيمان بأن المادة هي الأصل والمحرك الأساسي للكون، وهي رؤية فلسفية ليست لها علاقة بحب المال، فهناك من الماديين من هم أكثر زهداً من كثير من المؤمنين (...) وقد مرَّ هذا النموذج المادي بمرحلتين: المرحلة العقلانية المادية الصُّلبة، والمرحلة اللاعقلانية المادية السائلة." أنظر لتفاصيل عن أسس النموذج المادي، المسيري عبد الوهاب، التركي فتحي، "الحداثة وما بعد الحداثة"، دار الفكر، -دمشق-، ط3، 1431هـ/2010م، ص ص 16- 17
([28]) هذا المفهوم من المفاهيم الذي يستخدمها عبد الوهاب المسيري رحمه الله ويعرف "الإنسان الطبيعي" بالإنسان المادي، إنسان بلاحدود، يتمتع بكل السمات الأساسية للطبيعة/ المادة، فهو مكتف بذاته، مرجعية ذاته، ومعيارية ذاته، لا توجد أي حدود أو سدود او قيود عليه (اجتماعية أو تاريخية أو أخلاقية أو جمالية، فهو سوبرمان حقيقي. إنسان يعيش في الزمان الطبيعي الحر وليس في الزمان التاريخي الإنساني الذي تتحكم فيه القيم والأعراف) كما يعبر عن المفهوم نفسه بـ"الإنسان الاقتصادي"، وهو الإنسان الجسماني نفسه، وقد تختلف المضامين ولكن البنية واحدة.
-راجع: المسيري عبد الوهاب، "دراسات معرفية في الحداثة الغربية"، مكتبة الشروق الدولية، روكسي – القاهرة-، ط1، 1427هـ/ يناير 2006م، ص 18
([29]) "الإنسان الاقتصادي" هو إنسان آدم سميث الذي تحركه الدوافع الاقتصادية والرغبة في تحقيق الربح والثروة، وإنسان ماركس المحكوم بعلاقات الإنتاج. وهو يعبر عن مبدأ المنفعة بحيث لا يعرف الإنسان سوى صالحه الاقتصادي، (...)
- راجع: المسيري عبد الوهاب، "دراسات معرفية في الحداثة الغربية"، مر، س، ص 24
([30]) هو إنسان فرويد وبافلوف الذي تحركه دوافعه الجنسية وغدده وجهازه العصبي. وهو يعبر عن مبدأ اللذة ولا يعرف سوى متعته ولذته؛ إنسان الاستهلاك والترف والتبذير، إنسان فرويد والسلوكيين، وهو إنسان أحادي البعد خاضع للحتميات الغريزية متجرد من القيمة لا يتجاوز قوانين الحركة)
-راجع: المسيري عبد الوهاب، "دراسات معرفية في الحداثة الغربية"، مر، س، ص 24
([31]) المسيري عبد الوهاب، "دراسات معرفية في الحداثة الغربية"، مر، س، ص 40
([32])أخطر شيء في الاستعمار الغربي منظوره الديني، حيث «اتفق الليبراليون والمحافظون والماركسيون –على السواء- على أن الاستعمار وتفكيك الأنظمة الثقافية للشعوب غير الغربية، وفرض الوصاية عليها هو رسالة مقدَّسة. ووظَّف الأوربيون الدين والعلم معاً لخدمة نظرتهم الاستعلائية تجاه الآخر، وزعموا أن علومهم محايدة، رغم أنها بشقَّيها الإنساني والطبيعيّ تقوم على أسطورة (الإنسان المتوحش) و(رسالة الرجل الأبيض) و(التحقيب التاريخي) الذي يحقق الهيمنة الأوروبية والمركزية الغربية المعرفية والتاريخية».
-راجع: عمر السيد، "الأنا والآخر من منظور قرآني"، تحرير منى أبو الفضل، ونادية محمود مصطفى، دار الفكر –دمشق-، 2008م، ط1، 1429هـ/2008م، ص 30
([33]) الجابري علي حسن، "محنة الإنسان بين العلم والفلسفة والدين: دراسة لعلاقة العلوم المعاصرة بالمعرفة القلبية"، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، سورية - دمشق -، 2009م – 1430هـ، ص ص 67 – 68
([34])هربرتماركوزه ولد في برلين سنة 1898، ومات سنة 1979م، أتم دراسته الفلسفية في فرايبورغ، وأبرز ما يميز ماركوزه ارتباطه بمدرسة فرانكقورت والتقاليد الفلسفية الألمانية بصفة عامة، ويظهر ذلك جلياً في المقالات التي كتبها بين 1933 و1938 التي صدرت لاحقاً في كتاب مستقل بعنوان «الثقافة والمجتمع» وفي «دراسات في السلطة والأسرة».
-راجع: منصور محمد، "موسوعة أعلام الفلسفة"، مر، س، ص ص 295 – 296
([35])ماركوزهربارت، "الإنسان ذو البعد الواحد"، (ترجمة) جورج طرابيشي، دار الآداب، -بيروت-، ط3، 1988م، ص 97 – 99
([36]) المسيري عبد الوهاب، "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد"، دار الشروق، ط1، القاهرة – مصر-، 1999م، ج1، ص ص 79 – 80
([37]) مفهوم المقدس في الاصطلاح كما تداولته الإناسة، والإثنولوجيا (Ethnologie)، والأنثروبولوجيا (l'anthropologie)، والمؤرخون، والأدباء والميثولوجيا (La mythologie)، لأنها جميعها بذلت مجهوداً في مساره ومسلكه، فهو مجال يهم مؤرخ الأديان، والإثنولوجي وعالم الاجتماع، وعالم النفس والفيلسوف. يقصد به «صفة يطلقها المجتمع على أشياء وأماكن وأعمال يعتبرها واجبة الاحترام، فيقيم لها طقوسا دينية لاعتقاده باتصالها بعبادة الإله، أو الآلهة، أو المعبودات والقوى فوق الطبيعية، أو لأنها ترمز إلى القيم الأساسية للمجتمع، ولهذا فهي مصونة من العبث أو التخريب. والمصطلح نقيض مصطلح (غير المقدس) ويختلف تصنيف الأشياء، والأماكن، والأعمال، إلى مقدس، وغير مقدس، باختلاف الجماعات، ووفقا لما تتواضع عليه».
-راجع: مصطفى سليم شاكر، "قاموس الأنثروبولوجيا إنكليزي- عربي"، جامعة الكويت، ط1، 1981م، ص 824
([38]) هو امتداد لمذهب التشكك المعروف باسم اللاأدريةSceptcisme، وهو المذهب الذي أعلنه بيرونpyrrhon في عصر الإسكندر المقدوني، وكان بيرون في أول أمره سوفسطائياً، ثم سئم الجدل والنقاش، وأخذته الحيرة في الاختيار بين الفلسفة الإيجابية التي تقرر وجود حقيقة ثابتة قطعاً، والفلسفة السلبية التي تنكر جزماً هذه الحقيقة.
-راجع: دراز عبد الله، "الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان"، مر، س، ص 38
([39]) فيلسوف أمريكي من أبوين كنديين، ولد بولاية ماساشوستس سنة 1885م، ويعتبر كتابه "قصة الفلسفة" و"قصة الحضارة" (عشر مجلدات الذي كتبه من 1937 حتى 1967) من أفضل الكتب في موضوعيهما، وقد بيع من الكتاب الأول أكثر من ثلاثة ملايين نسخة خلال أقل من عشر سنوات، وترجم إلى كل لغات العالم الكبرى، وبيع في الكتاب الثاني خلال خمس وعشرين سنة أكثر من مليونيّ نسخة. تعلم ديورانت بجامعة كولومبيا بنيويورك وعلّم بها، ويعد من الفلاسفة الذين روّجوا للثقافة الفلسفية وأسسوا ما يسمى "الفلسفة الرائجة".
-راجع: الحنفي عبد المنعم، "موسوعة الفلسفة والفلاسفة"، مكتبة مدبولي، (بدون مكان النشر) ط2، 1999م، ج1، ص 613 – 614
([40])ديورانت ول، "قصة الحضارة" (ترجمة) محمد بدران، لجنة التأليف والترجمة والنشر -القاهرة-، بدون رقم الطبعة ولا سنة النشر، ج.2، ص 156
([41])Bergson Henri, «Les DEUX Sources de la Morale Et De La Religion», Aout 1993, Paris, pp 99
([42]) هو محمد عبد الله بن محمد بن حسنين دراز، الأديب والمحدث الفقيه المالكي المذهب، ولد في الثامن من شهر نوفمبر لعام 1894م بقرية "محلة دياي"، محافظة كفر الشيخ –مصر-، حصل على العالمية من الأزهر عام 1916م، وشهادة الليسانس في الآداب من السوربون عام 1940م، ودكتوراه الدولة حول "الأخلاق في القرآن"، من السوربون عام 1947م، من أهم مؤلفاته "بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان"، "النبأ العظيم نظريات جديدة في القرآن الكريم"، توفي رحمه الله يوم الاثنين السادس عشر من شهر جمادى الثاني سنة 1377هـ.
-راجع: دراز محمد عبد الله، "الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان"، دار القلم، الكويت-، ط2، 1428هـ/2007م، ص ص 19 - 29
([43]) دراز عبد الله، "الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان"، مر، س، ص 134
([44]) يطلق عليه كذلك "تاريخ الأديان"، أو "الأديان المقارنة"، أو "علم فينومينولوجيا الأديان" أو "علم ظاهرة الأديان"، ويدور هذا العلم على اختلاف مسمياته حول وصف الأديان وصفاً علمياً موضوعياً يهتم بمسيرة الأديان في التاريخ من ناحية وبمقارنة ظواهرها الأساسية مع الاهتمام بكل العناصر المكونة للظاهرة الدينية والعوامل المكونة للتجربة الدينية عند الإنسان. ويهدف إلى تجاوز ما عرفته الدراسات الدينية التي تهتم بجانب واحد من هذه التجربة، فاهتم المؤرخ مثلا بالعنصر التاريخي في الظاهرة الدينية واهتم عالم النفس بالجانب النفسي فيها، واهتم عالم الاجتماع بالجانب الاجتماعي، وهكذا بالنسبة لبقية الاتجاهات العلمية. ونتيجة لهذا التفرع العلمي لجانب من الجوانب الظاهرة الدينية يهدف "علم تاريخ الأديان" إلى توحيد الدراسات المتعلقة بالظاهرة الدينية، والاستفادة من المنجزات العلمية التي حققتها العلوم المختلفة في مجال دراسة الدين، ومحاولة التوفيق بين الاتجاهات المتعددة لنحصل في النهاية على علم للظاهرة الدينية.
-راجع: حسن محمد خليفة، "تاريخ الأديان دراسة وصفية مقارنة"، دار الثقافة العربية، سنة 2002م، (بدون رقم ط)، ص ص 21 - 22
([45]) مركز "بيو"، يعد من أهم مراكز التفكير الأمريكية، تم تأسيسه عام 1948، من خلال صناديق خيرية أسسها أربعة أبناء لمؤسس شركة "صن" للنفط، "جوزيف ن. بيو" وزوجته "ماري أندرسون بيو"، ليتحول بعدها إلى منظمة ذات نفع عام، ويمكنها تلقي الهبات والتبرعات، وذلك بدءا من سنة 2004، حيث أصبح المركز مؤسسة بحثية ضخمة لها موارد مادية هائلة وإمكانات كبيرة جدا.
وفي العالم العربي هناك دراسات ومراكز تهتم كذلك بدارسة الحالة الدينية مثل؛ تقرير مؤسسة راند حول الديمغرافيا في العالم العربي"، حيث أصدرت سنة 2011م دراسة بعنوان: "التحديات المستقبلية للعالم العربي: إيحاءات التوجهات الديمغرافية والاقتصادية"، فمن بين خلاصات تقرير راند أنالعالم العربي يتجه نحو مزيد من إدماج الإسلام في الحياة العامة.
-راجع: "تقرير الحالة الدينية بالمغرب"، المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصر، طوب بريس- الرباط-، ط1، يونيو 2015م، ص ص 19 - 20
([46]) شِلحُت فيكتور، "مسألة الله. في التاريخ: من الكتاب المقدس إلى الظاهرة الدينية المعاصرة"، دراسات لاهوتية، دار المشرق -بيروت-، ط1، 1997م ص ص 82 – 83
([47]) السرات الحسن، "الدين والتدين في العالم المعاصر: تشخيص واستشراف"، منشورات مركز المقاصد للدراسات والبحوث، الرباط –المملكة المغربية-، دار الكلمة، مصر- القاهرة-، ط1، 1436هـ/2015م، ص 52
([48]) شِلحُت فيكتور، "مسألة الله في التاريخ: من الكتاب المقدس إلى الظاهرة الدينية المعاصرة"، م، س، ص 106
([49]) السرات الحسن، "الدين والتدين في العالم المعاصر: تشخيص واستشراف"، مر، س، ص 28
([50]) السرجاني راغب، "المشترك الإنساني نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب"، مؤسسة اقرأ –القاهرة-، ط1، 1432هـ/ 2011م، ص 293
([51]) السرجاني راغب، "المشترك الإنساني نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب"، مر، س، ص 289
([52])شبار سعيد، "الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد في العلوم الإسلامية"، مركز دراسات المعرفة والحضارة، دار الإنماء الثقافي، -الرباط-، ط1، 2014م، ص 109
([53]) السرات الحسن، "الدين والتدين في العالم المعاصر: تشخيص واستشراف"، مر، س، ص 20
([54])Religosity Highest in World’s Poorest Nations, August 31, 2010, www.gallup.com أورده المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، في "تقرير الحالة الدينية في المغرب"، الإصدار الثاني، 2009 – 2010م، مطبعة طوب بريس، ص 29
([55]) المكي هشام، "لعبة الأرقام: قراءة في تقرير مركز "بيو" للتعددية الدينية في العالم"، مركز نماء، http: //nama-center.com/، استرجعتها يوم 28 أكتوبر 2014م لمراجعة التقرير كاملا؛ انظر المصدر «the pew forum on religion and public life»