الـنـقـد الـقـانـونـي لـلـكـتـاب الـمـقـدس: الـمـفـهـوم والـمـنــهـج
فئة : أبحاث محكمة
الـنـقـد الـقـانـونـي لـلـكـتـاب الـمـقـدس:
الـمـفـهـوم والـمـنــهـج
ملخص البحث
يندرج موضوع منهج النقد القانوني للكتاب المقدس ضمن الدراسات الكتابية وعلم اللاهوت، حيث ساهمت الحركة العلمية في الغرب، لا سيما في عصر الأنوار وبعده، في إعادة قراءة التراث الغربي؛ الأدبي منه والفلسفي والديني والأسطوري بمقاربات مختلفة ومناهج متنوعة قصد بعث حضارة غربية قائمة على التحديث والعصرنة. وكان الكتاب المقدس ـ باعتباره أهم موروث معرفي وثقافي على الإطلاق، ولأثره الأعظم وتأثيره القوي في الأفراد والجماعات بمختلف خلفياتهم الفكرية والمعرفية ـ أبرز الكتب التي تم وضعها تحت مجهر النقد والتمحيص، نظرا للإشكاليات العديدة التي طرحها، ومن ثم، ظهرت مقاربات مختلفة ومناهج نقدية علمية للكتاب المقدس: كالمنهج التاريخي والفيلولوجي والأركيولوجي والبلاغي والتحريري... ويعد منهج النقد القانوني أهم وأحدث هذه المناهج النقدية للأسفار المقدسة.
ويطرح موضوع "منهج النقد القانوني للكتاب المقدس"، والذي خصصنا له هذا البحث إشكالا جوهريا حول مدى موثوقية الأسفار المقدسة. وللإجابة عن هذا الإشكال، تم وضع فرضية عامة، ووظفنا المنهج الاستقرائي والاستنباطي لمعالجة موضوع البحث، فعرفنا بمفهوم "القانون" الذي يعد مدخلا أوليا من خلال تتبع واستقصاء الكلمة في أسرة اللغات السامية والهندأوروبية، مع كشف الحقل الدلالي لها ومدار استعمالاتها في مختلف المجالات المعرفية وجرد التطور التاريخي للكلمة، والذي استوى مفهومه في بداية العصر المسيحي، فأصبح مفهوم "القانون" مصطلحا يطلق على مجموع الأسفار المقدسة التي تم الإجماع على موثوقيتها، إلا أن القرائن من معطيات تاريخية وتعدد أسفار الكتب الدينية وتضارب نسخها تكشف عن زيف هذا الادعاء، وأن عملية التقنين لا تعكس بالضرورة موثوقية وصحة ومصداقية الكتاب المقدس. ونتيجة لذلك، ظهر منهج النقد القانوني كثمرة وامتداد للمناهج النقدية الأخرى على يد كل من جيمس ألفين ساندرز James Alvin Sanders وبريفارد سبرينغس تشايلدز Brevard Springs Childs فوضعا اللبنة الأولى له، وحددا أصول منهجه، كما اعتمدا على المقاربات التاريخية والهيرمينوطيقية وعلى نظريات العلوم الإنسانية كالنظرية الجشطالتية التي ترتكز على الشمولية والكلية في معالجة الأسفار المقدسة. وقد كان الهدف والغاية والمقصد العام لهذا المنهج النقدي هو محاولة إعادة صياغة وكتابة النص المقدس كما كان في أصله في القرون المبكرة، أو على الأقل كشف ورصد الهفوات والثغرات التي تتخلل نصوص الأسفار المقدسة؛ كالحشو المبتذل والانتحال الأدبي وانتفاء الترابط المنطقي وإشكالية خاتمة كل سفر من الأسفار المقدسة... وغيرها من الإشكاليات التي شغلت حيزا في الجانب التطبيقي والعملي لهذا المنهج النقدي الذي برهن على نجاعته وفعاليته في تمحيص الأصيل من الدخيل والثابت من المتحول والحقيقي من الزائف، وعليه، كانت الصبغة البشرية واضحة وجلية في ثنايا الكتاب المقدس.
مقدمة
يعد النقد الفكري والعلمي شكلا من أشكال الوعي الإنساني، يتغيا ـ رغم نسبيته ـ الوصول إلى حقيقة ذاتية الأشياء بعد سلسلة من التحليلات المنطقية؛ إذ ينطلق من التصورات للوصول إلى التصديقات، ويطرح النظريات لاستخلاص الضروريات، ومن ثم، بناء حكم هادف عبر الاستدراك والاستقراء والاستنباط والاستقصاء والاستدلال، كما يعد النقد منهجا من مناهج العلوم الإنسانية وغيرها من العلوم الدقيقة والحقول المعرفية الأخرى، كحقل الدراسات الكتابية وعلم اللاهوت والثيولوجيا، حيث تم اعتماده كمنهج مهم وفعال قصد إعادة قراءة النصوص الدينية المقدسة لأهمية هذه الأخيرة في توجيه حركة الإنسان ورؤيته إلى الكون والوجود.
وقد كان للمنهج النقدي الأثر الأكبر والفضل الأعظم في تقدم علوم الدراسات الكتابية خطوات إلى الأمام؛ إذ تفرع عنها العديد من المناهج النقدية التي حاولت الاستدراك على مجموعة من القضايا المحورية المطلقة ـ كما بلورها رجال الدين والإكليروس في مجامعهم ـ وإعادة طرح مفاهيم جديدة من خلال توظيف واستثمار هذه المناهج النقدية ذاتها؛ كمنهج النقد التاريخي والفيلولوجي والأركيولوجي والتحريري والنفسي والبلاغي، ونقد الأشكال الأدبية ونقد المصادر... وغيرها من المناهج النقدية الأخرى. ويمثل منهج النقد القانوني للكتاب المقدس هو الآخر امتدادا طبيعيا للمناهج النقدية الأخرى وثمرة لها على المستويين النظري والتطبيقي.
فما مفهوم النقد القانوني للكتاب المقدس؟ وما هي أصول منهجه وضوابط مقارباته؟ وما هدفه وغايته ومقصده؟ وإلى أي حد ساهمت تطبيقاته على نصوص الكتاب المقدس في نجاعته وفعاليته في تمحيص الحقائق التاريخية والدينية؟
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا