الهويَّة والدولة والمواطنة
فئة : أبحاث محكمة
الهويَّة والدولة والمواطنة([1])
الملخّص:
تهتمُّ هذه الورقة للباحث سهيل الحبيّب بالمفارقة الحاصلة في واقع الدولة بعد ثورة الرَّبيع العربيّ، وهي المفارقة بين طموح الثورة إلى حلّ مشكل الدولة بتقويض صورتها الاستبداديَّة وتحقيق خاصيَّة الديمقراطيَّة الضروريَّة فيها، وما آلت إليه من اضطراب في قدرتها على توحيد الولاءات الاجتماعيَّة، حول مشروعها. والمسؤول عن هذه المشكلة حسب الحبيّب هو الفكر الإيديولوجيّ الإسلاميّ الحركيّ، أمَّا أداته في ذلك فهي مقولته المركزيَّة التي تمثّلها مقولة الهويَّة، بما هي في تصوُّره مضمون للذات أصليّ منتمٍ إلى الماضي، حرَّفته الحداثة الغازية، وحوَّرته في اتّجاه هويَّتها المواطنيَّة المرتبطة بالدَّولة.
للاستدلال على هذه المسؤوليَّة يعود الحبيّب لرصد مظاهرها في "اللَّاشعور الإيديولوجيّ" في مقالتين لأحد أبرز ممثّلي الإسلام الحركيّ راشد الغنّوشي.
المقالة الأولى يبيّن فيها الحبيّب ضمور الحسّ المواطنيّ عند الشَّيخ، انطلاقاً من مقارنة ينجزها بين تعليق الشَّيخ على وضع التونسيّين في أوَّل شهر رمضان يعيشونه بعد الثورة التونسيَّة، ينعت فيها جزءاً من الشعب بأنَّه "لفيف أجنبيّ وبقيَّة من بقايا الغزو الاستعماريّ"، لذلك لن يسعد بشهر رمضان، حسب زعمه، وبين تعليق لكاتب نرويجيّ على حادثة عمليَّة إرهابيَّة في النرويج ذهب ضحيّتَها ثمانية وستّون من المسلمين النرويجيّين.
ما يرصده الحبيّب في المقالة الأولى هو الفارق بين منطق راشد الغنّوشي الذي يستثني قسماً من التونسيّين من الانتماء للمجتمع التونسيّ، بحجَّة حداثويّتهم وعلمانويّتهم، ومنطق الكاتب النرويجيّ الذي يعتبر مسلمي بلاده وغالبهم من المهاجرين مواطني بلاده الذين يدافع عنهم ضدَّ إرهاب اليمين المسيحيّ المتطرّف.
أمَّا المقالة الثانية فهي للغنّوشي، وفيها ينجز الغنّوشي مقارنة بين المستقبل المتوقّع لليبيا بعد الثورة ونظيره المتوقّع لتونس. بين الاستشرافين يتكهَّن الغنّوشي أنَّ نجاح التحوُّل سيكون أيسر في ليبيا وذلك لتجانس المجتمع هناك، على نقيض المجتمع في تونس. بمنطقه الهويَّاتي يعتبر الغنّوشي أنَّ واقع القبليَّة والعشائريَّة في ليبيا أخفُّ وطأة على وحدة الدولة والمجتمع من انقسامه إلى علمانيّين وإسلاميّين.
ما الذي يكشفه الحبيّب؟ ما يكشفه هو تعارض هذا المنطق الهويَّاتي مع مفهوم المواطنة الذي يقوم عليه البناء الدولتيّ من الأساس. ومن هذا المنظور تمثّل إيديولوجيا الإسلام الحركيّ أوَّل مسؤول عن تركيز مشكل الدولة بعد الثورة بدل المساهمة في حلّ مشكلات تعثّرها.
ولأجل تأكيد هذا وبيانه، يهتمُّ الحبيّب بتتبّع مرجعيَّة هذه الرُّؤية الإيديولوجيَّة الهويَّاتيَّة في كتابات راشد الغنّوشي، وبما يدلُّ عليه السلوك السياسيّ للإسلاميّين وهم في موقع السُّلطة.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
1 عنوان الفصل الرّابع من كتاب: مقاربات في إشكاليَّة الدولة، تأليف: عبد اللّه إدلكوس، منشورات مؤسّسة "مؤمنون بلا حدود" للدراسات والأبحاث، والمركز الثقافي العربي بالدار البيضاء، 2015، ص ص 70-93.