الوحي والإيمان والنبوّة بين رهانات المعنى وإرادة القوّة
فئة : أبحاث محكمة
الملخّص:
لقد حاول محمّد النبي كشف تجربة مع الإلهي لا تزال مخبوءة وغير معهودة، اتخذها سبيلاً إلى ما أراد، إعلاءً للدين واستهلالاً لجديد ومحواً لقديم، ليستبين جليّاً أنّ للمؤسس مشروعاً مصيريّاً، ومن ثمّة كان يشعر أنّه مدعوم من الله بالوعد الذي وعد.
ولعلّ ما يكون بياناً لذلك أنّ ضمير النّبي يستند على تاريخيّة طويلة المدى تسرّبت من إبراهيم. فالإيمان هو الذي جعله غريباً عن شعبه وعن أرضه وعن نفسه، وبالتالي فالإيمان هو تجربة المنفى، إنّه عنف الانفصال اللّامتناهي.
وإنّنا، لتحت هدي هذا النحو من النظر، نحن مدعوّون الآن إلى تفحّص لحظة انتصاب العلاقة بين الكائن الحقّ المشخّص وهو الله وبين محمّد ـ الإنسان، تلك اللحظة التي تتخذ أهميّة قصوى في عمقها الميتافيزيقي والتاريخي: تلك هي لحظة التجلّي التي فاجأت محمّداً وزجّت بالبيان الإسلامي في تدفّقه الأوّل.
ولو نحن تأمّلنا ما أسلف "هشام جعيط" ذكره، لألفيناه يظهر لنا وعياً حادّاً بثقل ما أورده الرواة والمصادر القديمة. وما حفّ بالوحي من خوارق هيّأت له السبيل. لقد بلغنا في هذا الطور من تقصّينا منعرجاً خطيراً جدّاً في مجرى التوحيديّة السامية، لأنّه أخرج العلاقة بالإله الحقّ عن سلالة الشعب "المختار" وتراثه، فمحمّد نبيّ عربيّ يحاول ولوج واقتحام الذّاكرة وتسجيل شعبه في روحانيّة التوحيد، هذا الذي انقفل وانغلق. ورفْض اليهود لدعوته كان بمثابة جرح. فأهل الكتاب هم الذين توجّه إليهم بالخطاب في أوائل نزول الوحي، لئلا تضيع دموع "هاجر" في الصحراء. وهكذا تحوّلت الحرب بين إيمانين أو قلْ بين شكلين من الإيمان بفكرة التوحيد.
وما يلفت النظر أنّ الدعوة المحمّديّة أيضاً اتّجهت بقوّة إلى محو وشطب الآلهة في تعدّدها، لكنّها لم تمسّ الطبقة الترسبيّة الأبعد، إنّما وجّهتها نحو الإله الأوحد. فكلّما توغّلنا في ثنايا الماضي ينكشف لنا مدى ارتباط عمليّة "إفراغ الذّاكرة" تلك بوجود مخّطط تطهيريّ حقيقي. فثمّة مسافة بعيدة وعميقة استبان في أماراتها إله مبهم مأتاه فيض موروث قديم.
فيما سلف بيانه توضّح أنّه من الضروري إعادة التفكير في "الفرضيّات التأسيسيّة" للسّيرة النبويّة وخلخلة المسلّمات، التي تعرّضت إلى هزّات عنيفة وأصبحت غير مقنعة.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا