انحسار الوجود وفقدان الهوية: هجرة مسيحيي العراق وسوريا بين مواقف التشجيع والرفض؛
فئة : أبحاث عامة
انحسار الوجود وفقدان الهوية:
هجرة مسيحيي العراق وسوريا بين مواقف التشجيع والرفض؛
(قراءة في خطاب الكنائس والتنظيمات السياسية المسيحيّة المحلية بعد 2003)
ملخّص:
أظهرت التطورات السياسية في الشرق الأوسط غداة حرب الخليج الثانية والثالثة ونتائجهما واقعاً جديداً للأقليات الدينية غير المسلمة بشكل عام والمسيحيّة بشكل خاص، فشهد العراق ما بعد العام (2003) أكبر موجة نزوح وهجرة شبه جماعية للمسيحيين، ثم حصل الشيء نفسه في سوريا عقب اندلاع الحرب الأهلية عام 2011. إن الواقع الجديد لتلك التطورات ينذر بتعرض المسيحيين إلى خطر الزوال والانقراض النهائي في هذين البلدين، بسبب استمرار الحروب والفراغ الأمني وانعدام الحماية الكافية لهم من قبل السلطات الرسمية، ويرافق تلك التطورات صعود الإسلام السياسي والتدين الاجتماعي، وبروز تنظيمات راديكالية جهادية وازدياد ممارسات التمييز والتهميش والاضطهاد بسبب الانتماءات الدينية، الأمر الذي يشكل عوامل داخلية تشجع الهجرة، وإلى جانب تلك العوامل، هناك عوامل خارجية تشكل حافزاً في تشجيع تلك الهجرة، وذلك من خلال التصريحات العلنية لبعض الدول الغربية مثل فرنسا التي أعلنت في أكثر من مناسبة عن استعدادها لاستقبال واستيعاب المسيحيين من بلدان المشرق، فضلا عن دعم بعض المنظمات وجماعات الضغط (اللوبيات المسيحيّة) المؤثرة في دفع مؤسسات الدول الغربية في إصدار قرارات وتشريعات رسمية تسَهل منح الإقامة واللجوء في دولهم بسبب الاعتبارات الدينية.
إن الأقليات المسيحيّة في هذين البلدين، تنقسم وتصنف بشكل عام على شكل مجتمعات إثنوـ دينية ذات أبعاد وانتماءات قومية، مثل أقليات الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن، وهم في الوقت نفسه يتوزعون وينقسمون في انتماءاتهم الدينية على عدة مذاهب، مثل الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والسريان وغيرهم. ففي العراق مثلا اعترفت الحكومة بـوجود 14 طائفة مسيحيّة في وثائقها الرسمية. وفي سوريا، فإنّ الغالبية العظمى منهم أرثوذكس ثم تأتي الطوائف الأخرى من ناحية المذهب الديني، ويصنف معظمهم كعرب في هويتهم القومية. وبغض النظر عن هذه التقسيمات المذهبية والقومية، فإنهم بشكل عام يصنّفون كمسيحيين على أساس ديني من قبل المحيط الإسلامي.
وفي إطار ذلك، تعرض هذه الورقة البحثية لهجرة المسيحيين من العراق وسوريا، وتطورها المستمر في سياقات تاريخية. وتبدأ بالتطرق إلى خلفية موجزة لهجرتهم في القرن العشرين، وذلك بالتركيز على العهود الجمهورية، ولاسيما الفترة التي تلت وصول القوميين إلى سدة الحكم في حقبة الستينيات. وبعدها يتم التركيز على الهجرة الكبرى التي ظهرت منذ مطلع القرن الواحد والعشرين، حتى وقت كتابة هذه الورقة وذلك من خلال التعرف على الأسباب والدوافع التي سرعت الهجرة والنزوح الجماعي للمسيحيين. وبعد ذلك، يتم التركيز على المواقف المتباينة لمختلف الجهات الخارجية حول تشجيع الهجرة واستيعابها لأكبر عدد من المهاجرين المسيحيين، والجهات الداخلية التي تطالبهم بالبقاء، وفيها تتم محاولة فحص المواقف والمخاوف لبعض القادة المسيحيين، ولاسيما قراءة الخطاب العلني لرجال الدين والكنائس والتنظيمات السياسية المسيحيّة المحلية ومحاولاتها ردع عمليات الهجرة والحد منها.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا