بنجامان كونستان (Benjamin Constant)
فئة : أعلام
ولد الأديب والسياسي الفرنسي (من أصل سويسري) بنجامان كونستان في لوزان (Lausanne)، في 25 أكتوبر سنة 1767، وهو من أهمّ منظّري الليبراليّة في عهد الإصلاح، فضلا عن كونه من أشهر كتّاب الرواية التحليلية في بدايات القرن التاسع عشر. درس في جامعتي أكسفورد وأدنبره البريطانيتين، وتنقّل بين عدد من البلدان الأوروبيّة، مثل ألمانيا وإنجلترا وبلجيكا، قبل أن يستقرّ نهائيّا في فرنسا، وتحديدا في باريس. وقد سجّل قسطا كبيرا من سيرته الذاتيّة في عدد من رواياته وكتاباته، لعلّ أشهرها روايته المعنونة بــ "أدولف" (Adolphe)، التي ألّفها سنة 1805، وأصدرها خلال إقامته بلندن سنة 1816. وكذلك كتاباه المذكرة الحمراء (Cahier rouge) (1907) واليوميّات (1887)، اللذين صدرا إثر وفاته. وتميّزت حياته بعدم الاستقرار عامّة، ومن الناحية العاطفيّة خاصَّة.
انطلق نشاطه السياسي مع السيدة دي ستايل سنة 1795، إذ تبعها إلى باريس، وكانت تجمع بينهما أفكار ومشاغل سياسيّة مشتركة. أيّد حكومة الديركتوار أو المديرين (Directoire) في البداية، ثمّ انضمّ لمساندة انقلاب نابليون بونابرت، إلاّ أنّه عارض سياسته حين أدرك رغبته في التحوّل نحو الحكم المطلق، وهو ما كلّفه الإبعاد زمنا عن باريس.
ولبنجامان كونستان كتابات سياسيّة عدّة، وقع جمعها ونشرها في مؤلّف واحد تحت عنوان "دروس في السياسة الدستوريّة" (1816). دافع فيها عن الحرّيّة والليبراليّة، وطالب بإقامة دولة ليبراليّة " تتمتّع بحدّ أدنى من السلطات، يقتصر دورها على وظيفة أمين صندوق، مهمّته تقديم المساعدات لأماكن العبادة دون ممارسة الرقابة عليها" (الكيالي، 1985، ج5، ص 275). وفي هذا يقول: "مضى عليّ أربعون عاما وأنا أدافع عن المبدإ نفسه؛ الحرّيّة في كلّ شيء: في الدين، في الأدب، في الفلسفة، في الصناعة، في السياسة. وأفهم الحرّيّة على أنّها انتصار الفرديّة في وجه السلطة التي تريد أن تستبدّ، في وجه الجماهير التي تطالب بإخضاع الأقلّيّة للأكثريّة" (الكيالي، 1985، ج5، ص 275).
ولهذا ساند كونستان فكرة الحكم الملكي الدستوري، باعتبار أنّ الملك في نظره "كائن على حدة" (الكيالي، 1985، ج5، ص 275)، يملك ولا يحكم، والسلطة الحقيقيّة بيد الشعب، ولا شرعيّة لسلطة تضطهد الفرد أو تظلمه أو تتعدّى على حرّيّته. ولتوفير ضمانات هذه الحرّيّة، اقترح كونستان عديد الإجراءات، مثل وضع دستور والفصل بين السلطات. إلاّ أنّ تصوّره لنظام الحكم ظلّ متأثّرا بنظام الحكومة التمثيليّة على الشاكلة الإنجليزيّة، ولم يكن مساندا لفكرة الديمقراطيّة المباشرة أو المطلقة، بل كان مع ديمقراطيّة دستوريّة برجوازيّة. وهذه البرجوازيّة نتبيّنها في موقفه من الحقوق؛ فالاقتراع مثلا عنده لا يمنح إلاّ لمن يدفع ضريبة الاقتراع؛ أي للبرجوازية والملاّكين. فالملكيّة وحدها في نظره: "تجعل الرجال قادرين على ممارسة حقوقهم السياسيّة" (الكيالي، 1985، ج5، ص 275).
توفّي كونستان في باريس في الثامن من شهر دجنبر سنة 1830.
انظر:
-الكيالي، عبد الوهاب. (1985). موسوعة السياسة. (ط.2). بيروت-لبنان: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر. ج5، ص 36