تجليات الاغتراب وأثنوغرافيا الواقع في الخطاب الرّحلي الجزائري الحديث
فئة : أبحاث عامة
ملخــصّ:
إنّ الرّحلة مغامرة كشف وبحث يرتاد حقائق الوجود، وبدورها تستلزم الانفلات من ثقل العالم بكلّ مفارقاته بغية الانفراد برؤية تأملية إزاء المحيط الخارجي، وهي وسيلة ناجعة للاتصال بالموجودات اتصالاً يساعد الفرد على إثبات الوجود المباشر، وتحقيق الحرية الوجودية على أرض الواقع، ذلك أنّ التفاعل مع عناصر الطبيعة والكون عموماً يقتضي انسجاماً وتوافقاً من شأنه أن يوطّد العلاقة بين الإنسان وعالمه الخارجي، فكان للرّحلة فضلها في استكشاف المجاهيل من جهة، وفي إثبات الذّات والعيش بكل عفوية "وفق الإطار العام للإنسان الذي يفكّر ويتأمل ذاته ويغوص داخلها" من جهة أخرى. والهدف من كل هذا هو التسامي بالنفس وتعزيز الثقة بها ومن ثمّ بالمحيط الخارجي.
كما أنّ لخصوصيات الرّحلة من اجتماعية وتاريخية وغيرها الدور البارز في توسيع معرفة الرّحالين، وتوجيه اهتماماتهم فليست ترسيمة جغرافية محصورة في إقليم دون آخر، بل تستدعي ترحالاً شاملاً تحدّده الوسائل المتوفرة، وكذلك مقتضيات العصر، فزاد هذا الأمر من انفتاحية الرّحلة وذلك لاعتمادها الطابع الحركي، والاغتراب من مكان إلى مكان، لتفنّد بهذا التنقل فكرة "انعزال الذات انعزالاً مطلقاً ورفضها الاتصال بأي شيء خارجها". ومن أبرز الرّحالة العرب القدامى السيرافي، وسلام الترجمان والمسعودي والمقدسي والإدريسي، وبالعودة إلى عصر الانحطاط على سبيل المثال لا الحصر سنلفي ابن بطوطة (703هـ/779هـ) الذي اغترب من المغرب إلى شبه الجزيرة العربية قاصداً بيت الله الحرام، وأثناء رحلته اعتمد دون وعي أدبي منه عناصر السرد المعروفة بالإضافة إلى ابن جبير.
هذا على الصعيد العربي، أمّا الغربي فقد عرف الأروبيون بخاصة هذا اللون من الأدب في نتاجاتهم، ولم يكتفوا بالتنقل فحسب بل تجاوزوها إلى الاطلاع على تاريخ الإنسان عبر الزمان والمكان، ولعلّ أقدمهم الرّحالة اليوناني هيرودتس (القرن الخامس ق.م)، إلا أنّ الحضارة المصرية هي الأخرى سجّلت محاولات رحلية قبل الميلاد أيضاً بحوالي ألف سنة، وتلت محاولات هيرودتس رحلات بولو في أوائل القرن الرابع عشر، المتزامنة مع رحلات ابن بطوطة وجاما وكولومبس وغيرهم.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا