تزايد العمليّات الإرهابيّة في العالم الغربيّ: المظاهر والخلفيّات والنّتائج سبتمبر 2001 ـ 2016
فئة : أبحاث عامة
تزايد العمليّات الإرهابيّة في العالم الغربيّ: المظاهر والخلفيّات والنّتائج
سبتمبر 2001 ـ 2016
الملخّص:
تعدّ مسألة العلاقة بين العرب والغرب من أبرز المسائل التي تناولها الفكر الإصلاحيّ العربيّ؛ سواء أثناء القرن التَّاسع عشر، أو أثناء فترة النّضال الوطنيّ من أجل التحرّر من الاستعمار، ولقد انقسمت النُخب حول هذا الموضوع إلى قسمين؛ ففي الوقت الذي طالب فيه محمد عبده وطه حسين، وخير الدين التونسي، والطاهر الحدّاد، والحبيب بورقيبة، وعلال الفاسي، بضرورة الاقتباس من الغرب والنّهل من علومه، للاِلتحاق به، وإنقاذ الشّعوب العربيّة من الاِستعمار والتخلّف، فإنّ قسمًا آخر ناهض الغرب بشدّة، وعدّه كافرًا، وكلّ اقتباس منه بدعة وضلال، ومن بينهم؛ سيّد قطب، وكلّ منظُري الفكر السّلفي الجهاديّ، ويتواصل الخلاف في هذا السّياق؛ بل أصبح أكثر خطورة بعد صدور فتاوى تنادي بقتل الأمريكييّن وحلفائهم، ومن أبرزها فتوى أسامة بن لادن سنة 1998.
شهدت العمليّات الإرهابيّة ضدّ الغرب تزايدًا غير مسبوقٍ منذ 1990، خاصّة بين 2001 - 2016، ونذكر من بينها ما سمّاها تنظيم القاعدة "غزوتَي نيويورك وواشنطن"، وحوادث باريس سنة 2015، وكذلك أحداث مانشستر في إنجلترا سنة 2017، وكان ذلك مظهرًا من مظاهر تزايد الحقد والكراهيّة ضدّ الغرب، بالرّغم من كون العرب والمسلمين قد تعايشوا وتعاونوا معه أثناء فترات طويلة من التّاريخ الوسيط والحديث والمعاصر، وبالرّغم - أيضًا - من وجود جزء مهمّ من المجتمع المدنيّ الذي ساند - ولا يزال - العرب في قضاياهم العادلة، من أجل التحرّر من الاستعمار وإقامة نظام دوليّ عادل.
لقد اِرتبط تزايد الإرهاب والتّكفير تجاه العالم الغربيّ بعوامل عديدة، من بينها؛ شعور جزء من شباب العرب والمسلمين بوجود سياسة دوليّة غير عادلة، وتأكّد ذلك من خلال تدمير العراق وليبيا تحت عنوان "حقوق الإنسان"، بينما حرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطينيّ يقف الغرب تجاهها عاجزًا أو متواطئًا، ويرتبط تزايد العمليّات الجهاديّة واتّساعها ضدّ الغرب بعدّة عوامل أخرى، مثل؛ ثورة عالم الاتّصالات، واِنتشار الفكر الجهاديّ في صفوف الشّباب الأوروبّي (الحاصلين على جنسيّات غربيّة)، خاصّة في فرنسا وإنجلترا، وغيرها من الدّول التاّبعة للعالم الغربيّ.
وكان لتزايده في العالم الغربيّ العديد من النّتائج الوخيمة، من بينها؛ صعود اليمين المتطرّف، وتزايد الكراهيّة في العالم الغربيّ ضدّ المهاجرين، خاصّة العرب والمسلمون.
وفي هذا السّياق؛ تناولنا بالبحث الإشكاليّات الآتية:
- مفهوم الغرب ومظاهر تزايد العمليّات الإرهابيّة نحوه.
- عوامل تزايد الحقد والإرهاب نحو العالم الغربيّ، خاصّة فرنسا.
لقد تناولنا بالبحث والتّحليل - في القسم الأوّل - مفهوم الغرب الّذي لم يكن ثابتًا؛ بل كان متغيّرًا حسب الفترات التّاريخيّة، فبعدما كان يعكس - في البداية - الصّراع داخل العالم الغربيّ بين قسم تابع لروما وقسم ثانٍ مرتبط باليونان، أصبح لاحقًا - خاصّة مع بداية القّرن الثّامن - يعكس الصّراع بين المسيحيّة والإسلام، خاصّة بعد هزيمة العرب المسلمين في مدينة بواتيي جنوب فرنسا سنة 732م، وتعرضّنا في هذا القسم إلى المكوّنات الحاليّة للعالم الغربيّ، ومظاهر تزايد العمليّات الإرهابيّة ضدّ هذا العالم، والتي تجسّمت من خلال أحداث نيويورك وواشنطن سنة 2011، وباريس سنة 2015، وغيرها.
أمّا في القسم الثّاني؛ فتناولنا بالبحث والتّحقيق أسباب تزايد الإرهاب ضدّ العالم الغربيّ، التي بالرّغم من تعقيداتها، فيمكن التّأكيد على أنّها مرتبطة بعدّة عوامل؛ مثل سياسات الغرب الخاطئة تجاه القضايا العربيّة، خاصّة فلسطين، وتدمير العراق وليبيا، وبالمقابل؛ هناك صمت تجاه ما يحدث في فلسطين المحتلّة، واِرتبط هذا التّزايد - أيضًا - بثورة الاتّصال التي استغلّها المناهضون للغرب بشكل كبير، وبدون أن ننسى - كذلك - القراءات غير التّاريخية لمسألة الجهاد وتكفير الغرب، فكلّ هذه العوامل تزامنت لتخلق أزمة خطيرة بين قسم من العرب والمسلمين من جهة، والغرب الذي يشهد صعودًا متناميًا لليمين المتطرّف، وتراجع الأمن وتزايد الحقد والكراهيّة بين العرب المسلمين من جهة، والسكّان الأصليّين في العالم الغربيّ من جهة أخرى.
ولقد توصّلنا من خلال هذه الدّراسة إلى النّتائج الآتية:
- مفهوم الغرب غير ثابت، وشهد العديد من التحوّلات، ويُقصد به حاليًّا: اوروبّا بقسميها الشّرقيّ والغربيّ، أمريكا الشّمالية، أستراليا، وزيلندة الجديدة.
- لقد شهد المجال الغربيّ بين - 2001 و2017 - تزايدًا غير مسبوق للعمليّات الإرهابيّة، مثل؛ أحداث سبتمبر 2001 بالولايات المتّحدة، وأحداث باريس لندن، وغيرها، ولقد اِرتبط ذلك بعدّة عوامل مثل وجود نظام دوليّ غير عادل في نظر قسم من العرب المسلمين وغيرهم، وِاٍرتبط - أيضًا - بغياب الإصلاح والاِجتهاد، وتواصل تكفير الآخر، وعدّ المجال الغربيّ جزءًا من دار الكفر والحرب، لكن بعوامل تاريخيّة وسياسة غربيّة فاشلة تجاه المهاجرين، في فرنسا خاصّة.
- لقد كان لتزايد العمليّات الإرهابيّة في العالم الغربيّ - منذ 2001 إلى اليوم - دورًا لا يُستهان به في صعود اليمين المتطرّف في العالم الغربيّ، ومن بين مظاهر ذلك؛ وصول (دونالد ترامب) إلى سدّة الحكم في الولايات الّمتّحدة في نوفمبر 2016، وهو الذي أكّد في حملته الاِنتخابيّة اتّباع سياسة متطرّفة ضدّ الهجرة، خاصّة القادمة من البلدان العربيّة الإسلاميّة، ونفس الشّيء بالنّسبة إلى فرنسا التي مثّل فيها صعود ماري لوبان إلى الدّورة الثّانية من الانتخابات الرئاسيّة في ماي 2017، بأكثر من 20% من الأصوات، اِنتصارًا غير مسبوق لليمين المتطرّف صاحب الخطاب العنصريّ تجاه العرب والمسلمين، الذي ينادي بطردهم، وبقاء فرنسا فضاءً مسيحيًّا.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا