تصوّف
فئة : مفاهيم
التصوّف مظهر من مظاهر الحياة الروحيّة في الإسلام قوامه جملة منالرموز والطقوس والأبعاد التي تتأسّس على تعميق النّظر في معاني العقيدة واستبطان ظواهر الشّريعة واستقصاء أحوال الإنسان وعلاقته بالله والعالم سواء تمّ في ذلك التّركيز على تأويل النّصوص الدّينيّة أو التّفاعل مع الموروث العرفاني القديم المنحدر من ثقافات خارجيّة مختلفة أو التّأثّر بمعطيات تاريخيّة أو واقعيّة يعيشها الصّوفي في عصره. ولذلك اختلفت تعريفاته والمواقف تجاهه. ومنها ما يعرضه الجرجاني في التعريفات إذ يقول: "تصفية القلب عن موافقة البريّة، ومفارقة الأخلاق الطبيعيّة، وإخماد صفات البشريّة، ومجانبة الدعاوى النفسانيّة ومنازلة الصفات الروحانيّة والتعلّق بعلوم الحقيقة واستعمال ما هو أولى على السرمديّة والنصح لجميع الأمّة والوفاء لله تعالى على الحقيقة واتّباع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الشريعة" (الجرجاني، 2004، ص 54).
وقد ذكرت المصادر التاريخيّة ومصنّفات الصوفيّة أنّ هذا اللقب قد برز أواخر القرن الثاني للهجرة وأنّ أوّل من لقّب بالصوفي هو أبو هاشم الكوفي (ت150هـ) وقد يكون الجاحظ أوّل من تحدّث عن "الصوفيّة من النسّاك" في كتابه البيان والتبيين، وظهرت عبارة علم التصوّف مع السرّاج الطوسي (ت 378هـ) في كتابه اللمع في القرن الرابع للهجرة.
وقد اختلف القدامى والمحدثون في أصل اشتقاق لفظ الصوفي والتصوّف وحضرت العديد من الأحكام مضمّنة في تحديد هذا الأصل قصد منها تارة استهجان مذهب التصوّف (نسبته إلى رجل عاش قبل الإسلام اسمه صوفة) وقصد أخرى الإعلاء من شأنه مثل نسبته إلى الصفاء أو أهل الصفّة من الفقراء الذين عرفوا بملازمتهم مسجد الرسول..
وقد رجّح السراج الطوسي اشتقاق اللفظ من لبس الصوف بقوله: "نُسبوا إلى ظاهر اللباس ولم ينسبوا إلى نوع من أنواع العلوم والأحوال التي هم بها مترسمون،لأنّ لبس الصوف كان دأب الأنبياء عليهم السلام والصدّيقين وشعار [المساكين] المتنسّكين" (الطوسي، 1960، ص 41).
انظر:
· الجرجاني، علي بن محمّد. (2004). معجم التعريفات. (محمّد صدّيق المنشاوي، تحقيق ودراسة). القاهرة: دار الفضيلة. ص 54.
· الطوسي، أبو نصر السراج. (1960). اللمع. (عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، تحقيق وتقديم). مصر: دار الكتب الحديثة- بغداد: مكتبة المثنّى.