تفكيك الخطاب الطبي حول الصحة والمرض: حالة العقم نموذجا


فئة :  أبحاث محكمة

تفكيك الخطاب الطبي حول الصحة والمرض: حالة العقم نموذجا

تفكيك الخطاب الطبي حول الصحة والمرض: حالة العقم نموذجا*

الملخص

يهدف هذا البحث إلى الكشف عن طبيعة الخطاب الطبي حول الصحة والمرض من خلال مثال العقم. وقد اعتمد لتحقيق ذلك عينة من الأبحاث الطبية حول العقم المنشورة ما بين أعوام 2000 و2023. وقد تم تناول الموضوع من خلال ثلاثة عناصر، وهي: تعريف العقم، ومنهجية البحث المعتمدة، ثم طبيعة القضايا المتناولة ونتائجها. وقد توصل هذا البحث إلى أن هناك إشارة لثلاثة مصادر لتعريف العقم، لكن اثنين منها فقط هما اللذان تم اعتمادهما: تعريف المنظمة العالمية للصحة بنسبة 91.67 بالمئة، ثم تعريف الجمعية الأمريكية لطب الإنجاب بنسبة 7.33 بالمئة. أما منهجية البحث المعتمدة، فقد تبين أن 58.33 بالمئة من الأعمال بحوث ميدانية، و41.67 بالمئة أبحاث تحليلية، وتعتمد الأبحاث الميدانية كلها الدراسة المقطعية، وتمثل نسبة المشاركين في الأبحاث من المصابين بالعقم الذين يتابعون العلاج 78.6 بالمئة، والمشاركين المختلطين من المتابعين للعلاج الطبي وغيرهم نسبة 14.27 بالمئة، ومن ليسوا خاضعين للعلاج الطبي 7.13 بالمئة. وتمثل نسبة الأبحاث المعتمدة على المشاركات من النساء في حالة عقم وحدهن 64.3 بالمئة، والمعتمدة على الزوجين معا نسبة 35.7 بالمئة. وتدور هذه الأبحاث حول أربع قضايا أساسية، وهي: أسباب العقم وعوامل خطر الإصابة به بنسبة 33.33 بالمئة، وعلاج العقم طبيا بنسبة 29.17 بالمئة، ثم الآثار النفسية والاجتماعية للعقم على المصابين به بنسبة 20.83 بالمئة، وأخيرا تصور العقم من قبل المعنيين به بنسبة 16.67 بالمئة. واستنتج البحث أن المبدأ الناظم للخطاب الطبي حول العقم يدور حول اعتباره "مرضا" عضويا قد تكون له آثار نفسية واجتماعية، وليس رغبة في وظيفة اجتماعية متمثلة في الأمومة والأبوة، واعتمد في بنائه لخطابه على المرأة بشكل كبير، وخاصة تلك التي تسعى إلى العلاج الطبي لرغبتها في الإنجاب وقدرتها على تحمل تكاليفه المادية والمعنوية؛ ولتبرير فشله العلاجي في كثير من الحالات اعتمد الطب مبدأ العلاج بأي ثمن ولو أدى ذلك إلى إعادة تعريف مفاهيم البنوة والأمومة والأبوة.

مقدمة

يرتبط العقم برغبة الزوجين في أن يصبحا أبوين، كما يرتبط كذلك بالمكانة المركزية للولد في تأليف الأسرة، والأبوة وكذا البنوة مفهومان أخلاقيان ومهمتان اجتماعيتان كذلك. وللعقم آثار نفسية واجتماعية صعبة على أحد الزوجين، أو هما معا وكذا محيطهما الاجتماعي بدرجات ومعان مختلفة. وقد عَرَف العقم بداية من الستينيات من القرن الماضي تحولا مهمًّا جدّا في المجتمعات الصناعية، حيث أصبح لأول مرة مشكلة طبية بعد أن كان قضية عاطفية أو أخلاقية، وقد ساهم في هذا الانتقال أمران اثنان: الظروف السياسية والاجتماعية للمجتمعات الصناعية، ومن أهمها انخفاض معدل الخصوبة بتلك المجتمعات، ثم وفرة العرض من أطباء أمراض النساء والتوليد[1]، ثم ازداد تطبيب هذا الموضوع في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بعد نجاح أول عملية لأطفال الأنابيب سنة 1978.[2] وقد اعتبر هذا الحدث البداية الكبرى لانتصار الطب في هذا المجال ليتم رسم خط فاصل تعسفيا بين الأشخاص الذين ينجحون في إنجاب طفل بسرعة ـ في أقل من عام ـ والآخرين، وتم تقديمه من قبل هيئات تتمتع بالقدرة على الإلزام بتصورها في التصنيف أو اتخاذ قرار بشأن الواقع في مسائل الإنجاب البشري. إنهم الأطباء والعلماء.[3] ويعرف هذا الانتقال في أدبيات البحث الاجتماعي حول ظواهر الصحة والمرض والطب بـ "تطبيب المجتمع"، ويحيل هذا التطبيب على العملية التي من خلالها يعاد تعريف التجارب الإنسانية باعتبارها قضايا طبية خالصة.[4] وقد ترتب عن هذا التحول إعادة تعريف السوي والمعتل، وكذا إعادة تحديد المهام داخل المجتمع. وقد عمل الطب، بالإضافة إلى علاج العقم، على إنتاج خطاب لبيان مشروعية ممارساته في هذا المجال، وتهافت كل الخطابات والممارسات الأخرى حول العقم. ويهدف هذا البحث إلى تحديد طبيعة هذا الخطاب الجديد من خلال عناصر ثلاثة، وهي: تعريفه للعقم، ومناهج وأدوات بناء الخطاب حوله، ثم القضايا الأساس التي يدور حديثه عنها.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

* ـ هذا البحث جزء من بحث أوسع تم تنفيذه من خلال دعم المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، برنامج "الصحة وسبل المعيشة في المنطقة العربية: الرفاه والهشاشة والنزاع" بدورته الثالثة (2022ـ2023) الممول من مركز أبحاث التنمية الدولية الكندي (IDRC).

[1] - Ann V. Bell, «The margins of medilization: Diversity and context through the case of infertility», Social Science & medicine, vol.156, 2016, p. 40

[2] - Ines De Santiago and Lukasz Palanski, «Data-Driven Medicine in the Diagnosis and Treatment of infertility», Journal of clinical medicine, vol. 11, n° 21,2022, p. 8

[3] - Laurence Charton et Nong Zhu, «Les couples à l’épreuve de l’infertilité: une analyse à partir des enquêtes ERFI», Papier présenté à la réunion de XVIII ͤ Colloque International de l’AIDELF, Paris, 26- 29 Mai 2014, p. 1.

[4] - Gay Becker and Robert D. Nachtigall, «Eager for medicalisation: the social production of infertility as a disease», Sociology of health & illness, vol.14, n°4, 1992, p. 456