تقرير حول الندوة الحوارية الثانية عشرة: "جسور الترجمة: نحو فكر عربي متجدد ومعرفة بلا حدود"
فئة : حوارات
تقرير حول الندوة الحوارية الثانية عشرة:
"جسور الترجمة: نحو فكر عربي متجدد ومعرفة بلا حدود"
في إطار ندوتها الحوارية الثانية عشرة، والموسومة ب: "جسور الترجمة: نحو فكر عربي متجدد ومعرفة بلا حدود"، استقبلت مؤسسة مؤمنون بلاحدود، الكاتب والمترجم المغربي الدكتور حميد لشهب؛ وذلك يوم الجمعة 15-11-2024، قصد مناقشة الترجمة وصعوباتها وفائدتها، انطلاقا من كتابه المترجم "ما وراء الغرب" لصاحبه شتيفان فايدنر.
في بداية اللقاء، تحدثت الدكتورة ميادة كيالي عن الترجمة، والتي وصفتها برقصة بين اللغات، كما تحدثت عن دور مؤسسة مؤمنون بلاحدود في بناء جسور التواصل المعرفي بين العالمين الغربي والعربي، إيمانا منها أن الترجمة ليست نقلا للنصوص، بل هي إحياء للفكر وتوسيع للآفاق العقل. لذلك، اتخذت المؤسسة من الترجمة ركناً أساسيًّا في مشاريعها الفكرية، وقدمت أعمالا مترجمة في غاية الأهمية، منها على سبيل المثال: ميشيل فوكو في كتابه "حكم الذات وحكم الآخرين"، شتيفان فايدنر في كتابه "ما وراء الغرب"، هانس كوشلر من خلال ترجمة محاضراته المنتقاة، والتي تضمنت تحليلات فلسفية للديمقراطية والتواصل الحضاري. وقد حظيت المؤسسة على ضوء ما تقدم، بسمعة عالية، جعل العديد من دور النشر الغربية الكبرى تبدي اهتمامها المتزايد بعرض أحدث إصداراتها على المؤسسة.
وفي كلمته، شكر الدكتور حسام الدين درويش الدكتورة ميادة على كل الجهود التي تقوم بها المؤسسة في سبيل نشر المعرفة، وبعد أن عرّف بضيف اللقاء الدكتور حميد لشهب، أعطاه الكلمة للحديث عن تجربته في مجال الترجمة، والتي قال عنها إنها ليست فقط تمرير معنى ومضمون ما من لغة إلى أخرى، بل هي في العمق وسيلة لالتقاء البشر، للتواصل في المقام الأول والتعارف المتبادل ومعرفة طريقة تفكير الآخر، ولم يقف د. حميد لشهب عند هذا، بل إنه وصف الترجمة بالمحبوبة التي شغف بها، وكان يحلم بلقائها. وأضاف ضيف اللقاء أنه بنى علاقات فكرية مع ثلة من الأساتذة الجامعيين في الدول الناطقة بالألمانية والمغرب، وكان يحرص على تنظيم ندوات في رحاب الجامعات المغربية عند إنهاء كل ترجمة ونشرها، وأنه كان يترجم ما يتوافق وتصوره للعالم والإنسان، وما يخدم السلم والحوار بين الشعوب، وكان حريصا على اختيار الناشر بعناية فائقة، وقد وجد في تعاونه مع مؤسسة مؤمنون بلاحدود نكهة خاصة، نظرا لما تتميز به من صرامة ودقة واحترافية.
وتضمن اللقاء عددا من الأسئلة الدسمة التي توجه بها الدكتور حسام الدين درويش إلى ضيفيه دة. ميادة كيالي ود. حميد لشهب، ومنها: لماذا الترجمة مهمة حتى هذه الدرجة؟ ما سر حب الترجمة، رغم أنها محنة؟ هل نترجم ما يتفق مع رؤيتنا وأهدافنا وقيمنا؟ هل نترجم ما ينقد الغرب أم نترجم كل ما ينبغي أن نعرفه؟ ماهي معايير الترجمة؟ ما وضع الترجمة في العالم العربي؟ ما هي تحديات الترجمة؟ هذا بالإضافة إلى أسئلة أخرى، تفضل بها المتابعون للقاء، والتي عمل د. حسام على تكثيفها وإعادة صياغتها.
صبت الإجابات كلها تقريبا في اتجاه واحد، سواء من طرف دة. ميادة كيالي أو من طرف د. حميد لشهب، والتي تفيد أن مهمة الترجمة هي رسالة معرفية قيمية أخلاقية، وإن كانت تحتاج إلى دعم وتمويل، وهذا يعد من التحديات والإكراهات التي تواجهها الترجمة في العالم العربي؛ وذلك بسبب غياب اهتمام مؤسساتي بها. وفي رده عن معايير الترجمة، قال د. حميد لشهب إنه لا يترجم إلا ما يوافق توجهاته المعيارية ولربما الإيديولوجية؛ لأن فكرتنا عن الغرب، يقول د. حميد:" فكرة خاطئة؛ لأن الغرب الذي أعيشه وأعرفه، هو غير الغرب الذي عشش في مخيلاتنا". أما ما تترجمه مؤسسة مؤمنون بلاحدود، فهو المحتوى الجيد والرصين، والذي يتعلق بقضايا فلسفية أو سؤال الدين. أما بخصوص الترجمة من الألمانية إلى اللغة العربية، فأشار إلى غياب المترجمين المتخصصين في المجال، ولذلك أصبح د. حميد لشهب هو سفير مؤسسة مؤمنون بلاحدود في ألمانيا، تقول دة. ميادة. ولم تقف الإجابات عند هذا الحد، بل تفاعل ضيفا اللقاء مع أسئلة المتدخلين، والتي كانت متنوعة وفي غاية الأهمية، حيث أثرت النقاش، بل توسع د. حسام في أسئلته، وقد أثاره فضول ما يعمل د. حميد لشهب على ترجمته، فاعترف له أنه بصدد ترجمة كتاب لصاحبه الفيلسوف النمساوي "يوسف سايفرت" الذي يحاول أن يبني براهين على وجود الله؛ لأنه مسيحي.
في ختام اللقاء، أعلنت الدكتورة ميادة عن اللقاء الحواري القادم، والذي سيتم انعقاده يوم 22-11-2024، واستضافة د. محمد محفوظ لمناقشة كتابه "ما بعد الإسلام السياسي".