تقرير حول الندوة الحوارية الخامسة عشرة: سوريا الحاضر والمستقبل: بين الآلام والآمال - الجزء الثاني -

فئة :  حوارات

تقرير حول الندوة الحوارية الخامسة عشرة: سوريا الحاضر والمستقبل: بين الآلام والآمال - الجزء الثاني -

تقرير حول الندوة الحوارية الخامسة عشرة: سوريا الحاضر والمستقبل: بين الآلام والآمال - الجزء الثاني -

في إطار أنشطتها الثقافية، ولقاءاتها الحوارية الفاعلة، نظمت مؤسسة مؤمنون بلا حدود، ندوة علمية أولى على تقنية زوم، يوم الجمعة 10 يناير 2025، وهي ندوة حاول أن يلامس فيها المشاركون والمشاركات وضع المرأة العربية بصورة عامة، والسورية بصورة خاصة.

لقد تناولت الندوة موضوعات حيوية تتعلق بمكانة المرأة في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية، ومناقشة تأثير الإسلام السياسي على أوضاع المرأة في سوريا والعالم العربي، حيث تم استعراض الأبعاد المختلفة للموضوع وتأثيرها على حقوق المرأة ومشاركتها في الحياة العامة.

قدمت المشاركات، ومنهن دة. عفراء جلبي (سوريا: بين خياري الاستبداد والرشد)، دة. ميادة كيالي (الإسلام السياسي وقضايا المرأة)، دة. أسماء معيكل (تأملات في أوضاع المرأة في عالم يمور بالتحولات)، دة. نعمت حافظ البرزنجي (المرأة السورية: فعّالة على أرض الواقع، غائبة عن تطوير المعرفة وصنع القرار) رؤى حول مستقبل المرأة في ظل هيمنة القوى الإسلامية على السلطة، ومناقشة تجارب النساء السوريات وكيفية تأثير الأحداث السياسية على حياتهن اليومية، مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي والتمييز السياسي والإقصاء وتغييب هوية المرأة الذاتية، وبالتالي إبراز دور المرأة في بناء المجتمع، حيث تم التأكيد على أهمية مشاركة النساء في جميع المجالات بما فيها السياسة والاقتصاد.

لقد تحدثت الدكتورة ميادة عن المرأة النموذج في النصوص الدينية والتاريخية، وقالت في هذا الصدد: "الفرق بين نموذج النصوص ونموذج التاريخ في قضية المرأة، هو أنَّ الإيمان بوجود الأنبياء والنساء الواردة قصصهن في النص المقدس هو عقيدة دينية تستند إلى تصديقنا على أنَّها وحيٌ من الله، بينما وجود ملكة مثل زنوبيا يستند إلى أدلة تاريخية ملموسة يمكن دراستها وتحليلها بعيداً عن الإيمان". فالنموذج الذي قدمت في ورقتها مستمد من القرآن ومن التاريخ، وذكرت أسماء نساء حظين بمكانة دينية، مثل أم موسى، وملكة سبأ، وأخريات شهد لهن التاريخ بدورهن مثل زنوبيا.

أما الدكتورة نعمت حافظ، فخصت ورقتها للحديث عن ازدواجية شملت تناقضاً بين ما أقره القرآن من مبادئ، وبين ما يمارسه المسلمون على أرض الواقع، ثم أضافت إن المرأة رغم فاعليتها على أرض الواقع، فإن هويتها الذاتية تبدو غائبة في صنع القرار، وقالت: "إنني أؤمن أن العمل على تطوير الهوية الذاتية هو الخطوة الأولى لتحقيق العدالة والمساواة والقسط. التغيير لن يأتي بسهولة، لكنه ممكن بالاجتهاد والعمل الفعّال، مع الحفاظ على الموضوعية والمصداقية في السعي نحوه".

وأكدت الدكتورة أسماء معيكل على ضرورة الفصل بين وضع المرأة في الإسلام، وما منحها من حقوق في مختلف مناحي الحياة، وبين تجلياته في الأنظمة التي اتخذت من الإسلام السياسي هويّة لها، تقول الدكتورة أسماء: "ففي حين أرادت تلك الأنظمة تطبيق قيم الإسلام وشرائعه في الحياة العامة والخاصة على حد سواء، نجدها عملت على إقصاء المرأة، وتأطير دورها في أمور محددة، وحرمتها من حقوقها التي أقرّها الإسلام"، مع العلم أن إقصاء المرأة وتهميش دورها، لا علاقة له بالإسلام السمح، الذي أعلى من شأنها، ومنحها حقوقها كاملة. ومن ثم، فإن المرأة مستلبة من لدن الثقافة الذكورية التي تتلاعب بها، وتستغلها الأنظمة بمختلف توجهاتها وفقا لأجنداتها، دون العودة إلى ما تريده المرأة، وحقها في تقرير مصيرها! وموضوع المرأة -تضيف الدكتورة أسماء- في بلداننا في غاية التعقيد، ولاسيما في الوقت الراهن، ولعل من أولويات النهوض بالمرأة اليوم، النهوض بقطاع التربية والتعليم، وأن يعاد النظر فيه وفق أسس صحيحة من البداية، أسس لا تعلي من شأن طرف على حساب طرف آخر، وفق تصورات مغلوطة، وتقسيمات جندرية، بل وفق مبدأ تعزيز مفهوم المواطنة الحق، الذي يخلق إنساناً قويًّا يعرف حقوقه وواجباته، التي يضمنها له القانون، بعيدًا عن أي تمييز ديني أو طائفي أو عرقي أو مذهبي، أو جندري، والتفاضل بين مواطن وآخر يقوم على مبدأ الكفاءة وحسب.

وأشارت الدكتورة عفراء جلبي إلى دور المرأة المفصلي في الحوار والتفاوض مع الإسلام السياسي، وبدل أن تكون مهمّشة، يجب أن تكون مشاركة في شؤون الحياة، ومناهضة لكل الممارسات الاستبدادية وناقدة لها، تقول الدكتورة عفراء: "وأريد أن أركز أن هذا الدور ليس من قبيل أخذ حقوقها من طرف ما، أو من موقع المطالبة بالتضمين لها من جهة معينة، وإنما من قبيل المسؤولية المدنية التي تأخذها على عاتقها؛ أي الواجبات السياسية التي تهم المواطن والمواطنة اللذين يدخلان الآن في عقد سياسي جديد مبني على التراضي من قبل الأطراف كلها".

أما المشاركون، فكان منهم د. محمد حبش الذي تحدث عن الدور المحوري الذي تلعبه المرأة في المجتمعات العربية، مشيرًا إلى تأثير التحولات السياسية والاجتماعية على وضعها، وقدم رؤية شاملة حول التحديات والفرص التي تواجه النساء في العالم العربي، مع التركيز على أهمية دورهن في تشكيل المستقبل السياسي والاجتماعي. يقول الدكتور محمد حبش: " في الحقيقة، يجب أن نقول إن مستقبل ما نتطلع إليه في قضية المرأة، يجب أن نحمل الأمل بأن الخيارات التي يوفرها الفقه الإسلامي، يمكن أن تتفق مع كثير من القيم التي يدعو إليها كل من يريد تمكين النساء"، وهو يؤكد على الخيارات التي يشملها الفقه الإسلامي بوصفه منجماً غنيًّا، كما دعا إلى التقليل من المبالغة في الخوف من الإسلاموفوبيا.

وتحدث كريم موسى في ورقته عن التفسير الديني المتوازن، حيث قال: "يجب علينا أن نركز أكثر على التفسير الديني المتوازن، وخاصة النصوص التي تركز على حقوق المرأة وعلى العدالة والمساواة. وهنا أستحضر ما استشهدت به الدكتورة نعمت، المفكر السوري رحمه الله جودت سعيد الذي رفض التفسير التقليدي للنصوص الدينية التي صنعت من المرأة أداة لأداء شيء معين، وقال إن المرأة هي قيمة إنسانية وأساسية لها الحق في المشاركة، وأيضا بسبب إيمانه باللاعنف والمساواة والعدالة التي تحكم العلاقات بين الجنسين. لذلك، كان يقول لنا يجب أن يزيد إشراك المرأة في الحياة السياسية...".

وشهدت الندوة نقاشات حيوية وفاعلة بين المشاركين والمتابعين، عززها د. حسام الدين درويش مدير اللقاء، بأسئلة مكثفة تلتها أجوبة حث فيها المشاركون والمشاركات على ضرورة تعزيز دور المرأة في العملية السياسية وتوفير بيئة ديمقراطية تدعم حقوقها، مع التأكيد على أهمية التعليم والتوعية لتعزيز مكانة المرأة وتمكينها من مواجهة كل التحدّيات، وطرح أفكار حول كيفية إعادة تشكيل الخطاب الإسلامي، ليكون أكثر شمولية ودعماً لحقوق المرأة، مما يمكن أن يؤدي إلى تحسين أوضاعهن في المستقبل.

تعد هذه الندوة، وهي الأولى، حيث ستتلوها ندوة ثانية في الموضوع نفسه والتي ستعقد بتاريخ 17-01-2025، خطوة مهمة نحو فهم أعمق لتحديات النساء في العالم العربي، خاصة في ظل الظروف الحالية، كما أنها سلطت الضوء على الحاجة المستمرة لدعم حقوق المرأة وتعزيز مشاركتها الفاعلة في المجتمع، مع التركيز على أهمية دور المرأة في التغيير الاجتماعي والسياسي.

رابط اللقاء على يوتيوب:

https://www.youtube.com/watch?v=RVjL-w9X9Mw

رابط البرومو:

https://www.facebook.com/mmkayali/videos/2437289916605248