جون ميلييه (Jean Meslier)
فئة : أعلام
ولد الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان ميلييه سنة 1664 بقرية مازرني (Mazerny) الواقعة على الحدود الفرنسيّة البلجيكيّة (الحاليّة). تلقّى تعليمه بمدرسة "شالون- سور- مارن الأكليركيّة" (طرابيشي، 2006، ص 664). وأصبح قسّا، فتمّ تعيينه إثر تخرّجه سنة 1688 على أبرشيّة إتريبنييه القريبة من قريته مسقط رأسه. وظلّ في هذه الخطّة 40 سنة إلى حين وفاته سنة 1729. وعرف طوال هذه المدّة بلطفه وطيبته ودماثة أخلاقه، ممّا أكسبه محبّة جمهور المؤمنين وخاصّة الفقراء وذوي الحاجة منهم، لأنّه لم يتوان عن تقديم المساعدة لهم والأخذ بأيديهم. ولهذا كانت الصدمة كبيرة إثر وفاته، حين اكتشف أنصاره وصيّته التي كانت وراء شهرته واعترف فيها بأنّه توقّف منذ زمن عن الإيمان بالدين الذي "حرص ظاهريّا على احترام عقائده وعاداته" (طرابيشي، 2006، ص 664). وكانت هذه الوصيّة سبباً في تحويل مقرّ دفنه من المقبرة المحاذية للكنيسة إلى مكان مجهول إلى اليوم. وعبثا حاول الكهنوت طمس معالم الوصيّة، فقد ترك منها ميلييه نسخا عدّة أتاحت لفولتير نشر مجموعتين مختارتين منها: "مختارات أولى في عام 1762 تحت عنوان وصيّة جان ميلييه، ومختارات ثانية في إنجيل العقل تحت عنوان: مقتطفات من مشاعر جان ميلييه" (طرابيشي، 2006، ص 664). قبل أن يتولّى رودولف شارل سنة 1864 إصدار نسخة أوفى من هذه الوصيّة. وكان كلامه فيها موجّها إلى سكّان المدن والأرياف منتقداً المظالم الاجتماعيّة، داعياً إلى بناء مجتمع يقوم على الملكيّة الجماعيّة، وينتفي فيه التمايز بين الفقراء والأغنياء ولا يكون فيه مقهور أو قاهر ولا مستبدّ أو ظالم، ولا عاطل عن العمل، ويقع فيه توظيف الموارد خدمة للجميع. وكان ميلييه يؤمن أنّ خلاص الناس بأيديهم، وأنّ وحدتهم هي الضمان الوحيد لتحرّرهم وقوّتهم. وكان يرى أنّ الأحكام الدينيّة المسبقة من شأنها تكبيل الإنسان وتعطيل عقله والتضييق على قلبه، فهي تسعى إلى إنشاء عباد متعبّدين ولا يمكن أن تنتج شعوباً إنسانيّة عاقلة وفاضلة.
وكان لوصيّة ميلييه أثر كبير في مفكّري عصر التنوير، وكذلك أنصار المادية الاشتراكيّة الفرنسيّة في القرن الثامن عشر.
انظر:
-روزنتال، م. يودين، ب. (1987). الموسوعة الفلسفيّة. (سمير كرم، مترجم). (ط.6). بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر. ص 519
-طرابيشي، جورج. (2006). معجم الفلاسفة. (ط.3). بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر. ص ص 664-665