حوار مع الكاتب والمفكر العراقي خزعل الماجدي
فئة : حوارات
حوار مع الكاتب والمفكر العراقي خزعل الماجدي
حاوره: د. مولاي أحمد صابر
"كان البابليون يكتبون على معابدهم عبارة (لا تشتم إلها لا تعبدُه) وهذا، في رأيي، هو أرفع أنواع السلوك الديني على مرّ العصور"
********
خزعل الماجدي أكاديمي وباحث في علوم وتاريخ الأديان والحضارات والأساطير، كاتب مسرحي وشاعر. حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ القديم صدر له "53 كتابا" في حقل تاريخ الحضارات والأديان والميثولوجيا، منها (علم الأديان، حضارات ما قبل التاريخ، الحضارة السومرية، الحضارة المصرية، الحضارة الهندية، متون سومر، المعتقدات الكنعانية، تأريخ القدس القديم، المعتقدات الآمورية، المعتقدات الآرامية، الدين المصري، آلهة شام، المندالا الميثولوجية، ميثولوجيا الخلود، بخور الآلهة، إنجيل سومر، الحضارة البابلية، الحضارة الآشورية .. وغيرها).
صابر أحمد: الدكتور خزعل الماجدي المحترم؛ مرحبا بك وشكرا لك على قبول الدعوة لإجراء هذا الحوار معك؛ تبعا لمهمتك كمفكر وباحث في الميثولوجيا وتاريخ الأديان؛ ما هي الآفاق العلمية والمعرفية التي بسطها ويبسطها هذا العلم في وجه الإنسانية؟ وهل هناك اهتمام حقيقي بهذا العلم في الوطن العربي؟
خزعل الماجدي: علم الأديان هو أحد العلوم الإنسانية، والذي نشأ في حدود منتصف القرن التاسع عشر على يد عالم اللغويات والأساطير الألماني (ماكس مولر)، واستمر هذا العلم بالتوسع في تخصصاته الدقيقة لأكثر من قرن ونصف القرن حتى يومنا هذا. وتأسست لهذا العلم كليات وأقسام أكاديمية في جامعة السوربون - قسم علم الأديان (1885). جامعة شيكاغو - قسم الأديان المقارنة (1893). جامعة مانشستر - قسم الأديان المقارنة (1904). جامعة توبنغن في ألمانيا - كرسي علم الأديان (1910). جامعة ميلانو - کرسي علم الأديان (1912). وازداد عددها في العالم المتحضر بعد بدايات التأسيس، وهناك، اليوم، المئات من المختصين في هذا العلم في العالم. أما في عالمنا العربي، للأسف، فيخلو من أقسام متخصصة ومن متخصصين بالمعنى العلمي العميق للتخصص. وواضح أنه علم غير مرحب به بسبب الخوف، غير المبرر، منه، وبسبب الوهم في أن هذا العلم سيشوّه الأديان أو إنه سيقود إلى الإلحاد، وأنا أرى عكس ذلك تماماً في كونه سيجعل الإيمان خالياً من الشوائب، وسيزيل التعصب، ويجعلنا نرى الأديان من منظور التسامح والحوار والتفاعل.
يتسع علم الأديان لما يقرب من خمسين علماً فرعيا ومنهج بحث علميّ في مكوناته، ولذلك فهو مشحون بالثراء المعرفي العميق والراسخ، فقد أثمرت جهود معلميه الكبار عن بيدر كبير من الكتب والبحوث والدراسات المعمّقة التي ننهل منها اليوم مادتنا في البحث والتعليم. وإذا كان هذا العلم، اليوم، مطروداً من جامعاتنا ومنابرنا الأكاديمية؛ فإنه، بلا شك، سيؤسس مكانته الكبيرة، ذات يوم، مع زيادة التنوير والتقدم في عالمنا العربي والإسلامي.
صابر أحمد: هناك وعي لدى البعض من القدماء بأهمية معرفة فهم التنوع الذي تعرفه الأديان والطوائف الدينية... ونستحضر هنا على سبيل المثال، تجربة أبي الفتح الشهرستاني (- 1153م) وكتابه الملل والنحل، بصفتك ناقدا ومحللا؛ كيف تقيّم جهود القدماء في هذا المجال؟
خزعل الماجدي: ربما كان المسلمون من أكثر الشعوب الوسيطة في اهتمامها بالأديان فيما عُرف بـ (الملل والنِحل)، لكنك عندما تدرس ما كتبوه في هذا المجال، ستجدُ أنه مكتوب لإعلاء شأن الإسلام من خلال عرض باقي الأديان والبحث في اضطرابها وأخطائها، من وجهة نظر المسلمين، وبذلك يكون هذا العلم الإسلامي الوسيط مؤدلجاً وعقائدياً، فيفقد صفة العلم الحقيقي. وقد شرحت بالتفصيل في كتابي (علم الأديان) هذا الأمر عبر نتاجات أغلب المفكرين الإسلاميين لحوالي ستة قرون متتالية. ولكي أكون دقيقاً، أقول إنه حتى حين يتم تناول شرح مذاهب وفرق الإسلام، فسنجد الانحياز المذهبي واضحاً في معالجة هذا الموضوع حسب معتقد ومذهب كاتبه، وهو ما يشير، أيضاً، الى عقائدية ودوغمائية هذا العلم الإسلامي الوسيط، وخروجه عن مسار العلم الحقيقي. وربما يكون البيروني هو الأفضل في هذا المجال بسبب نزعته الأنثروبولوجية في عموم كتبه، ولكن كتابته عن الأديان تبقى محدودة وغير منهجية بسبب طبيعة العلوم الإنسانية في العصر الوسيط.
س. صابر أحمد: ما هي أوجه الفرق بين الأسطورة والوحي الذي تميّزت به الأديان الإبراهيمية؟ وهل هناك أوجه تشابه بين الأسطورة والوحي؟ نوجه لك هذا السؤال مع العلم بأن مفهوم "الأسطورة" في الثقافة الإسلامية اليوم يعرف نوعا من الالتباس وعدم الوضوح؛ فهناك، مثلا، من يجعله مرادفا للخرافة وما شابه ذلك.
خزعل الماجدي: الفرق واضح بين الوحي والأسطورة؛ فالوحي هو الوسيط بين الإله والنبي (ويسمى التابع، الرائيّ)، وهو الناقل من الإله إلى النبيّ. أما الأسطورة، فهي إرث متواتر لشعب من الشعوب ينقله الكهنة ورجال الدين للناس، وقد يكون أسلاف هؤلاء الكهنة من وضع هذه الأساطير وأحاطها بالقداسة. الوحي والأسطورة كلاهما مقدّس عند الشعوب، لكن قداسة الوحي تزداد في الأديان الوسيطة ومنها الإسلام.
الوحي، بشكل عام، هو كلام أو نصٌّ مقدّس لا يتضمن، بالضرورة، أسطورة أية قصة مقدسة، بينما الأسطورة هي حكاية مقدسة، أسماها المسلمون (أساطير الأولين)، وهي حكايات الأنبياء والأولياء والحوادث التي تنطوي على عظةٍ أو عبرةٍ ما.
مع العصر الوسيط، خلال انتشار الديانات الإبراهيمية، لم تعد الأساطير كما كانت في العصر القديم حكايات مقدسة عن الآلهة، بل أصبحت تأريخاً مقدساً وأشخاصاً وكائنات ذات طبيعة مقدسة، وهو تحوّل مهم جدّاً حصل بسبب وحدانية الله الذي لم تعد له أساطير وحكايات، فتسربت شحنة الأساطير إلى الحوادث والمعجزات والملائكة والأنبياء والأولياء.
في الحالين يكون نص الأسطورة ونص الوحي مقدّساً، عند الشعب الذي يؤمن بذلك الدين، رغم اختلاف مصدرهما، وهذا أحد جوانب تشابههما.
أما التباس مفهوم الأسطورة، في الثقافة الإسلامية اليوم، فهو إما ينمّ عن الجهل بها أو التعمد في إطلاق الخرافة عليها، كنوع من الشتيمة؛ لأنهم يدركون أنها لصيقة بالشعوب القديمة (متعددة الآلهة) التي سبقتهم. وكما قلت أن الأسطورة الوسيطة تغير مضمونها، ولم يعد يشمل الإله الواحد.
صابر أحمد: في نظرك كيف تساعدنا الميثولوجيا وتاريخ الأديان في الحد من ظاهرة التطرف والتشدد وأعمال العنف التي تتبناها وتدعو إليها الأصولية الدينية باسم الإسلام؟
خزعل الماجدي: التبصّر العلمي، في كل مجال، يساعدنا على تجاوز محننا وظواهره المتطرفة. لكن ما يمنع ذلك هو الجهل والتشدّد والتمسك بالأصول. يمكن للميثولوجيا كعلم منهجيّ دقيق أن ترصد جذور أساطيرنا وعلاقتها بديانات أخرى، لتوضّح أن ما نتداوله هو متداول عند من سبقنا وعند غيرنا، بطريقة أو بأخرى. ويمكن لتأريخ الأديان أن يصلنا بأعمق محطات ظهور الأديان في عصور ما قبل التاريخ مروراً بكل أديان العالم، لنشعر فيما بعد بوحدة الأديان وتأثرها ببعضها فنقبل بفكرة حرية العبادة، ونتعلم أن لا نكره ونسيء لأديان غيرنا، حتى لو كانت منقرضة، وهو ما يجعلنا نحترم الإرث البشري وننظر إليه بعين أخرى لنتخلص من التعصّب.
صابر أحمد: التعدد الذي تعرفه الإنسانية من حيث الأديان؛ هل هو نتيجة لفكرة وأصل واحد من حيث الجوهر تفرعت عنه كل الأديان؟ أم إن ذلك يعود إلى اختلاف في الأصل والجوهر؟
خزعل الماجدي: سيطر السحر بقوانينه النظرية والعملية على أغلب تاريخ الإنسان، وفي العصر الحجري الحديث (نيوليث) في حدود 8000 ق.م نشأ الدين من رحم السحر، واختلف عنه في كونه أدرك أن الآلهة هي التي تسيطر على الحياة والكون كلّه، وقد كانت طبيعته زراعية ماترياركية، ثم تحول إلى طبيعة باترياركية أخرى، ثم رافق حضارات وثقافات الشعوب، وكان التعدد سمته الرئيسة، وبسبب اختلاف بيئات وثقافات ولغات الشعوب نشأ التعدد في الآلهة والأديان، وحين جاء التاريخ الوسيط ظهرت دعوات لعبادة إله واحد كصدى لتكوّن أول إمبراطورية جمعت الشرق والغرب، وهي الإمبراطورية المقدونية، ورافقت طموحات عبادة الإله الواحد نزعات سياسية واجتماعية مختلفة، ومازال التوحيد إلى يومنا متعددا بطبيعته حسب الثقافات التي حملته. خذ مثلا: التوحيد اليهودي يختلف عن التوحيد المسيحي، وهذان يختلفان عن التوحيد الإسلامي، وكلّ هذه الأديان تختلف عن التوحيد الهندوسي والصيني وغيرهما. التعدد في الأديان أمر طبيعي بسبب التعدد في الثقافات. أما تعدد الآلهة، فكانت له ظروفه القديمة المعروفة التي هي نتاج الباترياركية ما قبل التاريخية.
صابر أحمد: كما تعلم بأن القرآن يشترك مع العهد القديم والعهد الجديد في الكثير من المواضيع، كيف تقرأ هذا التشارك والتداخل بين هذه الكتب الثلاثة؟ وفي رأيك بما تتميز به بنية النص القرآني في نظرتها من حيث المضمون والمنهج لتلك المواضيع؟
خزعل الماجدي: التشابه جاء بسبب البيئة الثقافية الواحدة لهذه الأديان الثلاثة، وهي بيئة الشرق الأدنى القديم، وهي ذاتها بيئة الأديان المتعددة الكبرى، والتي تكمن في تربتها أديان الشرق الأدنى كالسومرية والمصرية والبابلية والكنعانية والآرامية والفارسية... إلخ. وربما سيكون السؤال الحاسم والأقوى هو لماذا تتشابه هذه الأديان الثلاثة مع تلك الأديان المتعددة التي سبقتها في المكان نفسه؟ وهو مجال بحث غزيرٍ ونوعي عند العلماء الآن!
لو أن كلّ دين، من هذه الأديان الثلاثة، نشأ في بيئة مختلفة (كالصين والهند وأمريكا القديمة) لما وجد تشابه بينها في موضوعاتها وفي أسلوبها وتفاصيل مكوناتها.
صابر أحمد: تخبرنا العلوم الانسانية وعلم الأديان وتاريخها أن الثقافي يكون حاضراً في نشأة وتشكل مختلف الأديان؛ فتبعا لطبيعة التطور العلمي والتكنولوجي، الذي يعرفه العالم، هل هذا يعني ظهور أديان وتشكل معتقدات جديدة فيما هو قادم؟
خزعل الماجدي: نعم هذا مؤكد، بل إن مثل هذه الأديان ظهر بعد الإسلام مثل السيخية والقاديانية والبابية والبهائية والربوبية، والرائيلية وأديان الكائن الحي والسنتولوجي وغيرها من الأديان المعاصرة التي تتناسل في المجتمعات الغربية واليابان وكوريا والصين وغيرها. وسيحفل المستقبل بظهور أديان جديدة ونزعات روحية جديدة. وهذا يشير إلى العلاقة بين الثقافة والدين، حيث التلازم بينهما وشيج وقويّ.
المشكلة، عندنا، أننا نتصور نهاية واحدة، أيضاً، للأديان وهي انتصار دين واحد سيكون دين البشر كلّهم، متناسين أن هذا هو المستحيل بسبب تنوع الثقافات وتحولها الدائم، بل لابد أن أقول إن الأديان التي ستبقى في حاضنة الجهل والتعصب ستذبل وتتآكل وقد تموت، وربما يمكن القول إن الأديان التي في حاضنة حضارية ومتطورة ستحافظ على تماسكها بسبب مرونتها ومطواعيتها للتفاعل مع تطورات الزمن.
صابر أحمد: هناك نوع من الالتباس في تعريف الأسطورة في الثقافة العربية والإسلامية بشكل عام بكونها تتعارض مع العقل أو قريبة من الخرافة ما هي الأسباب التي من وراء سوء الفهم هذا؟ وكيف بالإمكان رفعه؟
خزعل الماجدي: نوّهت سريعاً عن هذا الموضوع، وسأتفصّل فيه. ولابد من القول، أولاً، أن ثقافتنا في العلوم الإنسانية المرتبط بالأديان، سواء علم الأديان أو مقارنة الأديان أو تاريخ الأديان أو علم الاجتماع الديني وغيرها ثقافة بسيطة وغير معروفة إلاً عند المختصّين. أما الجماهير العريضة ورجال الدين، فلا علاقة لهم بها، وإذا تناولوها فإنهم سيوظفونها بطريقة أيديولوجية لصالح ما يعتقدونه، وهذا أمر مربكٌ. هذه علوم لابد من إبعادها عن النزعات الدوغمائية والعقائدية والدينية والقومية وغيرها. الناس لا يريدون فهم هذا؛ لأنهم تعلموا ذلك من داء العصر العربي الحالي الذي هو السياسة. ولذلك، تنأى حقيقة الأسطورة بعيداً وتلتبس وتخلط بالخرافة والحكاية والملحمة وغيرها.
الأسطورة لا تحمل الحقيقة ولا تريد أن تعبّر عنها، بل ما يهم في الأسطورة ليس صدق ربط السبب بالنتيجة، وليس ما فيها من أحكامٍ ومعتقدات، وليس صحة أو خطأ المعلومات التي تحملها. المهم هو ما ترويه وكيف ترويه، وما تشحنه في الحواس، قبل الدماغ ... وفي اللاعقلي قبل العقلي، من شحنات وبرقٍ يضيء، ولو لوهلةٍ !؛ ذلك العالم اللامتناهي في أعماقنا. المهم أن تكشف شيئاً سينغلق على نفسه بعد كشفه السريع هذا.
في الأسطورة، لا بد من المبالغة، ولا بد من اللاعقلانية لكي تكون الأسطورة على حقيقتها، وإلاّ ما جدواها إذا كانت بدون هذا، وهي، في هذا الحال أو ذاك، خطاب يخاطب الحواس قبل مخاطبته للعقل. والحواس بحكم طبيعتها الغريزية لا تحتمل العقلنة. إنها تريد أن توصل لنا رسالة وليس حقيقة راسخة، وهذه الرسالة تفيدنا في الإيمان والقلب، وليس في التاريخ والعقل؛ فالأسطورة، إذن، نصّ غريزة وحواس لا يمكن أن يرقى ليكون نصّاً عقلياً؛ لأنه سيتحول إلى فكر أو فلسفة، وهذا ما يؤيد نشوء الفلسفة في بواكيرها الأولى، من الأسطورة، وهي، بهذا التحديد، لا تعني أنها نتاج هابط القيمة، بل ربما هذا هو ما يرفعها إلى كونها نتاج الطراوة الجمالية والروحية، والذي يمنحها القدرة على البقاء والتنوّع.
تختلف الأسطورة عن الخرافة في أن بطل أو أبطال الأسطورة هم من الآلهة أو الكائنات الإلهية. أما أبطال الخرافة، فهم من الجنّ أو العفاريت أو الشياطين، والخرافة هي الشكل الشعبي للأسطورة حين تقل فيها القداسة، وتهبط القيمة المقدسة العليا لبعض الآلهة، فيتحولون إلى أشباه آلهةٍ ثم يتحولون إلى أنواع من الكائنات الغيبية القليلة أو المعدومة القداسة، وتكون الخرافة مثقلة بالخوارق والمبالغات والأحداث البهلوانية، في حين تعبِّر الأسطورة عن تناسق عميق ودفين وتتوازى أحداثها في إيقاع واضح وتأخذ خوارقها منطقاً معقولاً ومتوازناً. وتظهر الأسطورة كجزءٍ مقدس وعضويٍّ من الدين الذي تكون جزءاً منه، في حين لا تكون الخرافة جزءاً من الدين وليس لها أية علاقة عضوية به.
فرق الأسطورة عن الخرافة يكمن في أنها مقدّسة مهابة تتحدث بجلال عن إله ما، أما الخرافة فليست مقدسة وبطلها الجن والشياطين والغيلان والسعالي وغيرهم، وهي ليست جزءاً من الدين، بل هي جزء من الذاكرة الشعبية المثقلة بالخوارق.
صابر أحمد: كلمة أخيرة
خزعل الماجدي: جميع الأديان محترمة، ويجب أن نضعها في زمنها ومكانها ومجتمعها وأن لا نعتدي عليها ولا نزدريها، ولكن من حقنا أن نناقشها ونحللها علمياً دون المساس المتعمّد بها.
كان البابليون يكتبون على معابدهم عبارة (لا تشتم إلها لا تعبدُه) وهذا، في رأيي، هو أرفع أنواع السلوك الديني على مرّ العصور، ويمكننا القول اليوم (لا تسئ لدينٍ لا تعتقد به)، لكي نعيش بسلام مع الجميع. وثق أن أعظم ما يمكن أن نعمل للدين، أيّ دين، هو النظر إليه علمياً، ونقل أهله من بيئة التخلف إلى بيئة التحضر لكي ننقذه من الضياع والموت، الجهل هو الذي يميت ويدثر الأديان وليس العلم والتحضّر.