«خلق القرآن» بين الجدل الفكري والتوظيف السياسي
فئة : أبحاث عامة
ملخص:
لم تتقادم مسألة خلق القرآن، ولم يظهر عليها أثر الزمان، بل هي حاضرة فينا ومعنا باستمرار.
لم يكن السجال الفكري الذي ولدته المسألة ترفًا فكريًا، ولا نفلًا من الحديث؛ بل كان استجابة لظروف العصر ولسؤال ميتافيزيقي لاهوتي، توهّج بناءً على دفاع المسلمين عن وحدانية الله، وعن قدمه وأزليته، عن أسبقية المعبود على كل الموجودات.
ذلك هو المنحى الذي اختاره المبحث الكلامي، وأنتج فيه زادًا فكريًا ثري المبنى والمعنى، إنها المسألة التي تشكل النقطة الأرخميدية في السجال الفكري بين قطبي الرحى في علم الكلام، بين أهل العدل والتوحيد (المعتزلة) القائلين بأن الله قديم والقرآن مُحدث، وبين أهل الحق (الأشاعرة) القائلين بأن القرآن قديم قِدَمَ الذات الإلهية.
لذلك، فهذا المقال يبرز هذه المقابلة الفكرية التي تمخضت عن الحقل الكلامي، وشكّلت إحدى أبرز القضايا الكلامية منذ نشأة علم الكلام إلى أن حُرِّم الحديث فيها، بعدما أُصدر ما سمي بـ "الاعتقاد القادري"؛ كما يكشف عن التوظيف السياسي لمسألة خلق القرآن، وكيف تسببت في إقبار الفكر الاعتزالي، بعد أن أخطأ بعض شيوخ المعتزلة في التدبير السياسي، وفرضوا رأيهم بالسيف وقد كانوا أهل الحرية وأهل الحق في الاختلاف داخل المذهب ومع المخالفين.
وإذا كانت مبادئ وأصول الاعتزال تتميز بالاتساق والانسجام على المستوى النظري، حيث يصب الواحد منها في الآخر في انسجام بديع يدل على فراسة وحذق أصحابها في الجدل والنظر الكلامي؛ فإن الاعتزال في تطبيقه العملي قد سقط في محنة خلق القرآن وخرج منها خاوي الوفاض، فأدت بعض مبادئه إلى إبادة كل الأصول والمبادئ، ووُئد المشروع الاعتزالي في شبابه، وثَكِلْنَاهُ نحن في زماننا، رغم أننا في أمس الحاجة إليه. هكذا يبقى هذا المشروع متوقّفا عن الحركية، راسيا في مصنفات أهله، إلى إشعار آخر.
وإن كنّا قد نسجنا خيوط هذا البحث على المقابلة السجالية بين طرفي الجدل، فلأنّ طبيعة الموضوع فرضت ذلك، ومن ثمّ سندرس المناخ السياسي للتوظيف الإيديولوجي لقضية خلق القرآن، وننبه على نتائج هذا التوظيف الذي يؤدي إلى إبادة المشاريع الفكرية وإقبار بذور التنوير والفكر الحرّ.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا