رواية "القاتل الأشقر"... الهويّة السّرديّة وانفراط العقد الأسري
فئة : مقالات
رواية "القاتل الأشقر"... الهويّة السّرديّة وانفراط العقد الأسري
سعيد أوعبو
توطئة
يسعى التّمثيل السّردي (القاتل الأشقر، للرّوائيّ المغربيّ طارق بكاري، الصّادرة عن دار الآداب، 2019) إلى خلقِ أفقٍ لتشكيل عوالم الهويّة السّرديّة، ولا سيما أنّ الهويّة الفرديّة ليست معطًى جاهزا بقدر ما تحكُمُه الحركة الديناميّة للشّخصيّة الفاعلة داخل الحبكة السّرديّة، حيث لا تنفكّ الذّات على نسجِ القصصِ حول ثقافتِها وأحوالِها وماضِيها، فضلا عن البَوحِ بكمُونِها وهواجِسِها الذّاتيّة، ولا شكّ أنّ الحكاية تروم دائما تقفّي مساقات الشّخصيّة، واستيعاب مختلف أطوارها الحياتيّة، وبالتّالي فإنّ هاته الأفعال تقتادنا إلى الانتباه لطبيعة السّجالات الدياليكتيكيّة بين الذّات والآخر من جهة، وإلى طبيعة الاعترافاتِ التّلقائيّة والمُتَواتِرة للذّات في ما يؤرقها من جهة أخرى، ليضطلع النّموذج السّردي انطلاقا من هاته التّفاعلات باطلاعنا على الهويّة المفترضة التي تنتسب بشكل مفصليّ للمحتوى السّرديّ، وما توثّقه الكتابة من خلال استحضار الفعلِ السّرديّ الفرديّ في اتصاله بالفعل الجمعيّ داخل التّمثيل الرّوائي.
لعلّ الحبكة السّرديّة تتغيّا رصدَ خُصوصيّة الشّخصيّة، والتي تجسرُ للمتلقّي نظرةً بإمكانِها ترصُّد مكنُونَات الهويّة الخاصّة بالفرد، باعتبار أنّ «الأشقر» يمثّل الشّخصيّة الإشكاليّة في السّرد، فقد أَسْهمَتْ جملة من التّجاذبات في تكوين هويّتهِ الشّخصيّة، بدءا بالمحضن الاجتماعي والأسري الذي يمثّل في طيّاته تجلّيا قفلا في التّشكيل الهويّاتي، بالنّظر إلى حجم الاضطراب في الانتساب بالنّسبة إلى شخصيّة «الأشقر» نظيرَ تفريخِه بإحدى العلاقات الشّبقيّة المتعلّقة بالأوكار داخل التّمثيل السّردي، ممّا أفضى به إلى استنكارِ واقعهِ مع أمٍّ معلومةٍ وأبٍ مجهولٍ، وسنتّبع في إطار التّفكيك مسوغات «الأشقر» في رسم هويّته الشَّخصيّة في ظلّ انفراط العقد الأسري، ونطرح الإشكالات الآتية تقفّيا لماهية الهويّة الفرديّة، فنقول: كيف تمّت بلورة الهويّة الشّخصيّة داخل التّمثيل الرّوائي «للأشقر»؟ وهل نحن أمام هويّة فرديّة أم أمام هويّات مركّبة داخل الذّات المفردة؟
أولا: الهويّة الشّخصية وانفراط العقد الأسري
تتيح لنا إمكانيّة عرض الأطر السّرديّة تشّكل الهويّة[1] المتخيّلة بالتّمثيل السّردي، ويأتي السّرد لتقمّص دور الوسيط بين الواقع وتمثيل الوقائع بغية الوصول إلى نموذج تجريبيّ معيّن يتغيّا رسم عوالم الهويّة، وفي الاتساق الحاصل بين مساقات تشكيل الهويّة المفترضة والتّمثيل السّرديّ، يمكنُ أنْ نرهن تجليّات هذا المعطى في وجود الفاعل المركزّي وتتبّع تَكَوُّنِ هويّته بشكل متّسق داخل الحبكة السّرديّة، حيث يرى المفكر )بول ريكور( (Paul Ricœur) (1913-2005) أنّ السّرد "يؤلّف الخواص الدّائمة لشخصيّة ما، ما يمكن أنّ يسميه المرء هويّته السّردية، ببناء نوعٍ من الهويّة الديناميّة المتحركة الموجودة في الحبكة التي تخلق هويّته الشّخصية"[2]. ومن هذا المنطلق تحديدا نستشف ضرورة الحبكة، لتمثيلِ هويّة شخصيّة معيّنة متحركة مرنة داخل التمثيل السّرديّ. ولعلّ الالتباس الأكبر المتعلّق بالهويّة في شقّها العام بالنّسبة «للأشقر»، سيكون معبرا يجسرُ مساقات السّرد والبحث المتواتر عن الذّات.
يُرجَأ الجنس خارج مؤسّسة الزّواج في الثّقافة العربيّة ذات المرجعيّة الإسلاميّة إلى الخطيئة، بالرّغم من فعل المُشَاركَة بين المرأة والرّجل، إلّا أنّ الاتّهام الأوّل تحوزه الأنثى في سياقاتٍ ماضويّة أنتجتها الهندسَات الاجتماعيّة والثّقافيّة، بالنّظر للخلفيّات والمرجعيّات المستهامة بالمرويّات[3] والمعبأة بالخرافة بما يخلُه الفكر الذّكوري في البنية المجتمعيّة الكلاسيكيّة، ممّا يجترحُ أفكارا ماضويّة على كون المرأة سببا مباشرا في البغي بسبب الإغراء المفترض، والذي يرتسم إثر المخيال الجمعي الكلاسيكي الذي تتمثّله الثّقافات المتخلّفة، حيث نجد في الأساطير والتّقاليد البالية بأنّ "المرأة عاصية قابلة للإغراء ومغرية في نفس الوقت، وتجلب بهذا المتاعب للرجل ولنفسها... سبب وجود البشريّة هو خطيئة من المرأة تتحمّلها كل الأجيال القادمة"[4]، وقد احتلّت هذه التّمثلات حيزا كبيرا في الذّهنية التقليديّة، بيد أنّ الحال يقتضي إدراج الذّكر في التّصورات الكلاسيكيّة بعيدا عن الانحياز، ولعلّ هذه المعطيات هي التي سنتقفّاها خصوصا في هذا الاشتراك الذي أفضى إلى عدم تحمّل مسؤوليّات الإنجاب الذي تمّ خارج إطار العقد الاجتماعي والدينيّ، وجعْل الهويّة السّردية للشّخصية قضيّةً أكبر تنتَظِم في الاعترافات وفق توجّهين: الأول مرهون بالانقلاع الذي ارتسم على الشّخصية نتاج غياب الأب الذي لا يخفت من ذهنيّة الشّخصيّة ووجدانه، والثاني ببغاء الأم المُستمرّ وما اقْتَرن به من أحداث يمكن التّعبير عنها وفق الآتي:
1. الهويّة الفرديّة ومجهوليّة الأب:
يشكّل المحضن التّربوي بؤرةً أساسيّةً في بناء الهويّة الفرديّة التي تبرز لدينا من خلالها الشّخصية المركزّية، سواء تعلّق الأمر بالبناء السّوي للطّفولة المنعكسِ تماما على المراحل التي تعقبها وتحكُمُ عليها وبالطّهارة والقوام في أغلب الظّن، أو في تخريبِها ونكسِ الأصالة عنها نِتاجَ شذوذ معتلٍّ ومنحرفٍ أو سلوكٍ يُسيء إلى الذّات، بالرّغم من كونِها لا تتحمّل مسؤوليّة الفعل بقدر ما تتحمّل أوزاره وعواقبه التي تنعكسُ على وجودها بالسّلبِ. وفي ظلّ هذا السّياق، يمكن القول إنّ «الأشقر» أُخضِعَ لمعايير أبويّة معدّة سلفًا، ولا سيما بأنّ حياته قد افتقدَتْ للتّوازن الأسري، ممّا جعَل هاته الهواجس لا تنفصل عن وجدانِه، ويتحدّث «الأشقر» مع صديقه «وليد» في التّسريد محاولا رسم هويّتِه المتنازعة قائلا: "من عصير السّوائل اختمرت في رحمها، جاءت النّطفة التي استحالت إلى الأشقر الذي تراه، لكن كان من بين المتسللين إلى البويضة المفتوحة أشقر آخر. عن هويّة الأب تقول حياةُ إنّها لا يمكن أن تفتري على أحد، وتدّعي أنّنا ننتسب إليه. الغريب، تقول، إنّه لم يكن من ضمن من تناوبوا عليها رجلٌ أشقر، كانوا جميعا شبابا، وقد قامت فعلا بحضر قائمة من ضاجعوها!!"[5]، والبداهة أنّ هذا التّوجّس من ارتباط الأم بأبٍ مجهول قد أنتج شخصيّة تعبّر بالبوح عن الاستنكار، ولا شكّ أنّ هذا الاعتراف لا يشكّل سوى انبثاقٍ ضامرٍ لفعل التّمزق بمستهل الخصوصيّة والوضعيّة الاجتماعيّة المكتسبَة، والتي ترفض طبيعة وجودها بعلاقة عابرة، فضلا انشقاق الذّات من خلال مجهوليّة الأب.
تُستبان وطأة غياب الأب في طبيعة استرجاع «الأشقر» لبطانة مشهدٍ وشم ذاكرته، وقد جعله مطيّة للاعتراف في مجرى التّمثيل السّرديّ، بعد أنْ تحدّثت أمّه عن بروز أحد المثقّفين على شاشة التّلفاز، والذي تُرجّح كونه الأب المحتمل «للأشقر»، ليستطرد «الأشقر» قائلا: "كان ظهور ذلك الرّجل حدثا مهمّا في تاريخيّ الشّخصي، فبالإضافة إلى أنّه أجّج غياب عقدة الأب، فتح أمامي بابا لا أعتقد أنّه كان لينفتح لي لولاه"[6]، ولعلّ النّبأ الذي تلقّاه «الأشقر» يفضح مبلغ الشّرخ الذي لحقه جرّاء غياب الأب، وهو يعبّر بالكلمات عن مشاعر الحسرة الممزوجة بالأمل، بل أفضى الأمر إلى أن يصير الاعتقاد أثرا منعكسا على «الأشقر»، ممّا يرجح مدى الفقد والاكتراث لصوت الأب، ولقد ولّد هاجس القلق المستمر خروجًا اختياريّا للشّخصية من الموقع بحثا عن لملمة جراح الذّات بغياب الأب، وهذا الخروج إنّما يعكس الانسلاخ عن هويّةِ الجماعة التي تمثّل أقليّة باغية في موضعٍ معيّن، إلى موضع جديد –الدّار البيضاء- بحثا عن استعادة مجهول محتملٍ بعد جملة من الأوصاف، وهذا التّوق لرأب صدعٍ مؤرقٍ للذّات ولهويّتها إنّما يمثّل بحثا عن اكتمالِ هويّة ناقصةٍ في الانتساب، التي أذاقت «للأشقر» نوعا من التّمزّق والشّتات، ويمثل خطاب استعادة الحديث عن الأب تجسيدا لمعاني ومشاعر الخيبة، ولا سيما أنّ هذا الغياب ينعكسُ بجلاء على الهويّة، وهذا البحث يمثّل بالدّرجة الأولى بحثا عن هويّة الانتساب، وهذا الاتصال الوثيق بين الذّات وهويّتها هو في الآن نفسه اتصالٌ بين الابن وحقّ معرفة الأب، ويقول «الأشقر» في الصّدد ذاته وفي مواضع متفرقة: "جاء ذلك اليوم الذي خطر لي فيه أن أزور الجامعة من أجل حضور محاضرات السّيد مراد 'س'؛ الشّاب الوسيم الذي حرّك حياة كثيرا، وكان ضمن قائمة الآباء المفترضين... تمنّيت في كلّ مرّة أجلس إلى محاضراته، لو أنّه كان أبي...كنت سأكون أبهى من ملاك لو تأكّدت من أنّني أنتمي إليه...حين اقتربتُ من مداراته القلقة، وفكّرت في إخباره –وإن كان في الأمر خزي ومذلة كبيران- بأنّني ابن حياة، انعقد الكلام في فمي، وشلّ لساني. أحسست بعدم جدوى إخباره، بأمر قد يزعجه ويحمِّله شكّا ينغّض عليه أيامه"[7]، وهذا البوحُ يُترجم بجلاء التّوق الكبير لما ترتّب عن التّمزق الذي يشطّر ذات «الأشقر»، واستمرار البحث عن هويّة ذاتيّة تضمن له الانتماء لمحضن يمكنُ استدراكه بعد خطأ مزدوجٍ نتاجَ علاقة جنسيّة عابرةٍ، غير أن تردّد «الأشقر» وتوجّسهِ كان ذا أثر في توقّف الإقدام على محاولات استكشاف الأب المحتمل، ممّا يجعل فرضيّة الغياب قائمة، ويلصقُ للذّات هويّة منكسرة على امتداد أطوار السّرد.
2. الهويّة الفرديّة والانحلال الأخلاقي للأم:
يتأطّر انفراط العقدِ الأسري «للأشقر» في السّياق السّردي المُنظّم لفعل الحكي، والذي يفضحُ الأفعال المنتسبة لموقع مغربيّ هامشيّ في أطوار السّرد مُعَبَّأٍ بالممارسات الماجنة، ما يتجسّد بنبذِ «الأشقر» للتّجارب الجنسيّة التي تخرج عن دائرة المؤسّسة الزّوجية في مرحلة معيّنة، وبرفضه للشّبق الغارق في التّحرر الذي يسقط في تسليع الجسد وجعلِه مطيّة للاستهلاك والتّشيؤ، وهو الطّرح نفسه الذي ذهبت فيه الطّروحات النّسوية[8]؛ وهذا الانزلاق الأنثويّ بدا طفاحا على امتداد أطوار الحكي، بعد أنْ انكبّ انتظام السّرد على ملازمة الجرح الغائر في شخصية «الأشقر» الذي نستحضره وهو يمثّل ألمه قائلا: "أنْ تقول لك عاهرة مثلا يا ابن العاهرة، قد لا يضطرّك الأمر إلى النّبش طويلا في تفاصيل الكلمة واستنطاق مسكوتها، لكن أن تسمعها من ابن عائلة شريفة –وهم قلّة- فلا بدّ ساعتها من أن تبحر في الكلمة أو تبحر فيك، موقظة جرحك النّائم"[9]، ويمكن رصد هذا الاعتراف الرّمزي الذي يومئ إلى سلبيّة الانتماء لهذا الوسط الذي يكرّس الإباحية ويتمرّغ في الدّعارة، وقد وُظِّف بمنطقٍ يحتمل الخلّة من حيث الهويّة السّردية، عن طريق التآخي بين موقف (اليوتوبيا) وموقف الشّتات الذي يُلامَس في التّسريد، انطلاقا من خلال جملةٍ من التّحوّلات على مستوى موضوع الهويّة[10] المتّصلة بالمكان في إطار التعريف والتحديد، تلك التي تتحوّل وتتبدّل بين الانتماء الجسدي، واللّاانتماء النفسي والهويّاتي حسب الشّروط الاجتماعية السّائدة.
تتأطّر الهويّة الشّخصيّة أولا بالتّرميزات الدّينية التي من شأنها تحديد الكمون الذّاتي بما في ذلك الهواجس التي ينشغل بها الإنسان وتلازمه في حركاته وسكناته، والتي تُسهم بجلاء في بناء هويّة الشّخصيّة، ولا سيما فيما يتّصل بالإنجاب، ولعلّ المرجعيّة الإسلاميّة تجرّم البغي، باعتباره مذموما ومحرّمًا، ونحن نعلم تأثير الخطاب الدّينيّ في الثّقافة العربيّة خصوصا فيما يتعلّق بالبغي، وتقول (فاطمة المرنيسي) (Fatima Mernissi) (1940-2015) إثر نظرة العربي للجنس خارج إطار المؤسّسة الزّوجيّة "كانت الإباحيّة والانحلال من أبرز سمات الممارسة الجنسية في العصر الجاهلي نظرا لأنّها لم تكن تخضع لمراقبة. أمّا بعد الإسلام، فقد غدت على العكس من ذلك خاضعة لقواعد، فالشّرع الإسلامي يشجب الزنى ويعتبره جريمة"[11]، وهاته الإدانة من طرف الأغلبية بدعامة دينية مشكّلة للسّند الحجاجي تلوح بجعل هاته الممارسة فعلا محظورا ثقافةً ودينا، وبالتّالي فإنّ حيازة هاته الصّفة من شأنِها تركيب عقدٍ نفسيّةٍ تعززّها الثّقافة خصوصا إنْ كان الفرد منتميا للموقع الآسن؛ أي إن كان الفرد قد أفرزه جنس شبقيّ عابرٌ يعمّق الخور والضّعف والإحساس بالدّونيّة، فيثقل الأفراد كما «الأشقر» بمكبوتةٍ ولوثةٍ غير قابلة للتّطهير. لتُسهم هاته التجاذبات في رسم الهويّة الشّخصية «للأشقر» داخل أطوار التّمثيل السّرديّ، بما سيرتسم بشكلٍ أكبر في الهويّة التي ركّبتها بيئة «الأشقر» وعلاقته المتشظيّة بالأسرة الممزّقة، ليلازمنا السؤال، قائلين: هل نحن أمام هويّة فرديّة أم أمام هويّات مركّبة داخل الذّات المفردة؟
ثانيا: هويّات مركّبة في هويّة فرديّة
نستند في صدد رسم الهوية الذّاتية «للأشقر» في ظلّ العقد المركّبة جرّاء التمزّق الذي أنتجه انفراط العقد الاجتماعي والأسريّ إلى طرح (فرنسوا ماركيه) الذي يري أنّ الهوية (Identité) "ذات الكائن من جهة ما هوَ هوَ، أو من جهة ما هو ذاته برغم التغير، أو من جهة ما يتفرّد به في الوجود فيتميّز عن غيره"[12]، ونستند لهذا التفصيل لتقصي هويّة «الأشقر» وفق الآتي:
1. من جهة ما هوَ بذاته:
تظلّ ممارسة الدّعارة بمثابة شبقٍ ممنوع مرغوب، وتنشطر الممارسة إلى مترفعةٍ 'راقية' متواجدة في المراكز التي تُقنّن وتحصر في مواضع عينيّة، وأخرى متدنية في الأرياف[13]، والتي تعرف نشاطا أكبر، ومادام «الأشقر» ينتمي لمدن الهامش، فقد أكسَبَه الموقع هويّة تعوم في أمواج الأسانة التي لا تكاد تغادرهُ وترخي عليهِ بالضّلالة، بل إنّها وشمتْ ذاكرته التي ما فتِئ يجترحها في كلّ مرّة يتحاور فيها مع صديقه «وليد» داخل السرّد، «وليد» الشّخصية التي نقلت أحاديث «الأشقر» بصيغة المنقول المباشر، حيث يتحدّث إلينا «الأشقر» الذي ترعرع في وسطٍ بين المومس قائلا: "وُلدت، يا وليد، في مستنقع آسن، استجلبت له مياههُ الرّاكدة كلّ ضفدعة تافهة وكلّ حشرة أو بعوضة تائهه. ولدت في مدينة عاهرة ينهض اقتصادها أساسا على الاتجار بالجسد البشريّ، عقول جميع من فيها بين أفخاذهم، فالنّساء يستثمرن ذلك المكان والرّجال يصرفون عرق أيّامهم هناك. مدينة صغيرة نصف رجالها قوّادون، والكثيرات من نسائها عاهرات، حتى المتزوجات لم يسلمن من لوثة العهر، وأحيانا بمباركة أزواجهنّ! آه"[14]، إنّ هذا الختم النّهائي يظهر مدى جُرح الفتى وإحساسه بالانقلاع والضّياع في موضع يعجّ بالأسانة ويعرّي لوثة الفضاء، باعتبار الدّعارة ممارسة تشيّءُ الجسد الأنثوي، ولاسيما أنّ الجنس يأتي مقابلا للمادّي، ومساومة الجسد بالمال، علاوة على كون الفعل غير فردي أو شاذّ، بل هو واقع جماعة، فرّخت «الأشقر» نتيجة لأفعال الموقع بمعية توأمه، الجنينان اللّذان اختمرا سويا وقاوما حبوب منع الحمل، ليصيرا ذواتين أفرزتهما علاقات ماجنة لم يستحملها «الأشقر» بشدّة مقارنة بتوأمه، ممّا أسهم في بدأ رسمه هويته من جهة هو نفسه.
يعتبر عيش الشّخصية في موقع آسن يعجّ بالدّعارة والبغي موجّها أساسيّا لاكتساب هوية مركّبة خصوصا في ظلّ تموُّجه في ضحالة القيم، والضّياع في عالمٍ وُجدت فيه الشّخصية قسرا، حيث يستمر الجرح في عمليّة الاستعادة التي أقدم عليها التّمثيل، متحدثا عن والدة «الأشقر» الباغية التي تمارس الزّنا بشبق قائلا: "معاشرة العاهرات ورجال الدّرك والمجرمين الفارين من العدالة علّمتها الكثير"[15]، ويستطرد في موقع آخر: "كان لي أحد عشر أبا محتملا لا أحد بهم أشقر!"[16]، وهذه النوازع العاطفيّة خوّلت للسّارد أفقا هوياتيّا يُشعره بالدّونيّة، ما استوجب أن يتوارى اسم الأم بشكل مباشر وحيازة اسم مباشر محض –حياةُ- على مدار أطوار التّمثيل الرّوائي، وهذا إنّما يشي بعلاقة النّشاز التي يتقاسمها مع الأم وغياب الرضى عن أفعالها، ممّا أفضى إلى التّحلل الدّاخلي الذّي انعكس على شخصه.
لم يتوقّف الشّبق الأنثوي عند حدود هذا الحدّ، بل تجاوز النّزوع الجنسي للعهر صورته المألوفة ليتودّد الكبت على «الأشقر»، فيصير بديلا عن العضَلة التي تتلهّف إليها المومسات الباغيات في ذروة النّشوة 'الرّغبويّة'، ويقول «الأشقر»: "تعرّضت، طفلا، للاغتصاب من قبل خمس عاهرات، من بينهن منانة، والدة شامة. حدث الأمر أول ما حدث حين استيقظتُ بعد منتصف الليل، واتّجهت بخطى ثقيلة صوب دورة المياه، لكن سحبتني يد منّانة التي نتأت من الباب بغتة. اختطفتني وطرحتني فوق السرير"[17]، ولعلّ هذا الكبت في مداعبة الصّغار راجع في التحليل النفسي حسب (سيغموند فرويد) (Sigmund Freud) (1939-1856) للبدائل المتاحة في الممارسة، ويجعله تحديدا "بديلا عن الأداة الجنسية"[18] من طرف الإناث اللائي تستفحل فهنّ الممارسة الشبقيّة، ويغدو السّارد في خضمها ضحيّة للممارسة.
2. من جهة ما هو ذاته برغم التّغير:
لم يكن الجنس خارج إطار الزّواج عبئا على النّساء دون الرّجال، فإنْ كانت هناك امرأة عاهرة تمارس العهر وهي مشيأة، فالرّجل الذي يقصدها يظلّ عاهرا هو الآخر، وقد تولّد من «الأشقر» ذلك المتغوّل في مرحلة الشّباب مباشرة بعد تسليع جسد خليلته «شامة»، وهو يقول: "في اللّيلة التي تخلصت فيها منّانة من صداع الطفل الحالم بالحبّ العفيف، والتّضحية، والأحاسيس الورديّة التي لا تساوي ثمن بصلة، اقتادت ابنتها شامة إلى قصى الخليجي الذي استقبل بفرح فاتح سبيّته الفتيّة. نقد أمها نصف ما اتفق عليه، وألبس ضحيته القاصر أروع فستان"[19]، ومن هنا تتبدّى الهويّة الجديدة بهذا السند الجديد، ممّا أسهم في الدّفع «بالأشقر» لممارسات مماثلة خارج المكان. ولعلّ استمرار فعل الخيانة من طرف أخيه وخليلته «شامة» عزّز فيه مشاعر الخروج عن دائرة النقاء، وهو يقول: "كان عاريين تماما، أخي وشامة! على سرير والدتها، يصور هو بهاتفه المحمول جسدها العاري، وهي تدور حول نفسها في قمة الفرح..."[20]، ولاشكّ أنّ هذا المعطى عمّق غيض الفتى، وزاد جرحه تغوّرا، ممّا عجّل بالاقتلاع من المكان نظرا لما زعزع كيانه.
لقد دخل «الأشقر» خندق البغاء نظرا للصّدمات والاضطرابات النّفسيّة والضّغوط التي لم يفلح في أقلمتها مع واقعه الجديد، بعد أن تجشّأه موقعه القديم، حيث تُرجع الدّراسات أمر الإقبال على الجنس المماثل لهذا الواقع من طرف الذّكر لعوامل متعدّدة، أهمُّها "العوامل النّفسية التي تتمثل في عدم النّضج العاطفي، وعدم القدرة على ربط علاقات جنسية قارة..."[21]، ونضيف إليها عمق الارتياب الدّاخلي للشّخصية، والعُقد النّفسيّة المتراكمة في دائرة الجنس، تلك التي كانت موجها أساسيّا في الممارسة التي أرخت بزلّتها على «الأشقر»، والذي تجاذبته أهواء وأجواء الدّعارة منذ الصّغر ليصير أهلا له في ما لحق من حياته العمرية.
غيّر الأشقر المكان الماجن الذي يتغلغل بالبغاء من أجل التّغيير، وللبحث عن أبوّة مفقودة نظرا لمركزيّتها وقوتها التي تروّجها الثّقافة العربيّة، بعدما سار طولا وعرضا آملا في لقاء الأب الذي صوّرته له الأم في مدينة كبرى إسمنتيّة، بيد أنّ هذا الفشل في تحقيق المراد عجّل بأنْ يحقّق فحولته التي لم يضمنها الوجود المعنوي للأب، بالاتصال العاطفي والممارسة الجنسيّة الفعليّة، حيث استهل أفعال الشّبق مع هناء/ طنجة، أوّل المومسات التي ابتسمت في وجهه وغادرها بعد ذلك قائلا: "غادرتها فجر تلك الليلة، بعد أن أودعتها السّرير ورددتُ على الجسد الجميل الغطاءَ"[22]، وبعدها ظلّ ذات الفعل يتكرّر في موضع عدّة، مع نساء أخريات من قبيل: حياة/ فاس، خولة/ الريف، نيكول/ بارليرمو، إيفا/ روتردام، كارولين/بروكسيل، أليسيا/ برشلونة، أنطونيا/ باليرمو.
لا يعابُ على الفرد أن يتواجد في الموقع الخطأ، لكن العيب في ممارستهِ لشيءٍ استنكره في ماضيه، ولم يستطع تبديل مساره ليسقط في الخندق ذاته ويكرّس الخطأ، بحيث أوغل «الأشقر» في الممارسة التي شجبَها في بادئ الأمرِ، وظّل ذائعا في الشّبق والجسد والمضاجعة، ليتكرّر سلوك الأب المجهول والأم على حد سواء، وتتواتر الهويّة الأبويّة مع الشّخصيّة، ممّا يجعل من الوضعية الاجتماعيّة للفرد سببا وجيها في إلصاق هويّة مماثلةٍ بمبدأ التأثّر.
3. من جهة ما يتفرّد به في الوجود فيتميّز به عن غيره:
نحيط طبيعة هاته الهويّة، باعتبارها "إمكانيّة حركيّة تتفاعل مع الحريّة"[23]، والمتحكّم في تكوّنها مرهون بالهواجس الذّاتية والحركات داخل الفضاء المكانيّ أو التّرحال الرّمزي، ناهيك عن السلوكيات الفرديّة التي تنتظم بالحرّية التي تغدو شكلا مؤطّرا لهذا المعطى الهويّاتي الذي يتميّ به الفرد عن غيره وبشكلٍ استثنائي يجعله علامةً دالّة على نفسه.
ونشيرُ إلى أنّ «الأشقر» قد اكتسب هوية جديدة وصار يختلف بها عن غيره، ما دامت الهويّة معطًى مرنا يمكِنُ أن تستجدّ على الإنسان في مرحلة عمريّة معيّنة، وحسب (هومي بابا) (Homi Bhabha) (1949) فمسألة الهويّة "ليست أبدا مسألة تأكيد على هوية متعيّنة مسبقا، ولا هي نبوءة تحقق ذاتها. إنّها على الدّوام إنتاج صورة للهوية وتغيير للذات باتجاه اتخاذها تلك الصّورة"[24]، وقد تجسّدت هاته الصّورة عن الهويّة مع «الأشقر» في بعض السلوكيات التي يتفرّد بها فيما يعقُب المضاجعة خارج إطار المؤسّسة الزوجيّة بفعلٍ انتدبه لنفسهِ دون سواه، وبات عُرفا يعيدُه مع كلّ فتاة يعاشرها، بشكلٍ سادٍ يبحث في طيّاتها عن رسم صورةٍ بريئة لما يحمله من عُقدٍ نفسيّة طفوليّة، ويسعى بذلك للثأر من الإناث الشّبقيات برسم ملمح البراءة على وجوههنّ بعد أن ينزع عنهنّ الشّعر من فوق الرّأس بمدية أو شفرة أو أي شيء يضمن الحلق، ثم يتأبطّ خصلة ويساوم الخصلة بفدية ممّا يحمله من ثروةِ أمّه، فينصرف بعد أنْ يتركهنّ ممدّداتٍ يغطن في النّوم صباحا، ويقول في أوّل أجرأة سوّاها: "كانت وديعة دون شعر، برية طفلة في الخامسة من عمرها، كنت لسبب ما لا أرى براءة الكائن البشريّ إلّا نائما (هناء)... انتقيت لي من حديقة شعرها البني فوق الطّاولة خصلة شعر، وتركت لها من ثروة أمي قرطين من ذهب، ومضيت"[25]، وكي نتتبع السّلوك الذي لم يتوقف مع «الأشقر»، نجده في موضع آخر مع الفاسية، حيث يقول: "كان جزاؤها –بعد أن امتطيتها- أن زنّت آلة الحلاقة في جمجمتها...تركتها فجرا نائمة، وديعة بدون شعر"[26]، وننتقي تجربة أخيرة خارج الحدود مع المهاجرة الإفريقية في بروكسيل، حيث يستعيد «الأشقر» التّجربة قائلا: "احتميت بحرارة جسدها في شتاء بروكسيل القارس. وقبل أن أغادرها بعد شهور من الجنس والألفة، أضفتُ إلى قائمتي خُصلة من شعرها الأشعث"[27]، ليستمرّ ذات المصير مع الإناث، ويكتسب «الأشقر» هوية جديدة لنفسه يختلف بها عن غيره، مفادها: رجل شبقيّ يمارس الجنس، يغادر بعد فصلِ شعر الرّأس على الجسد، بخفرِ خصلة للذّكرى، ليغادر في البكرة مضجعه. وهنا يمكن وضع سلوك «الأشقر» في ميزان الحقيقة، بين طفولة مفتقدة يحنّ إليها، وأم جنى عليها الحال وغدت بائعة الجسد والهوى، وأبٍ فرّ بعد أن أثقل رحما إثر علاقة مجهولة، ليجمعها «الأشقر» في هوية ثلاثيّة مرّكبة، حيث غدا بنفس مهامِ الأب المجهول، ويفعل بالنّساء ما يلحق أمّه، ليكون بذلك «الأشقر» "ضحيّة للوراثة أو إهمال المجتمع"[28]. ليتوّج انحرافه بحلقِ رأس من يعاشرهنّ، ويحوز هوية خاصّة يختلف بها كلّيا عن الآخرين، بما يدلّ عليه دون غيره.
على سبيل الختم
يُعزى اهتمامنا بالنّموذج الفرديّ إلى البحث عن إمكانات مهمّة في خصوصيّة التسريد بغية بلورة هويّة سرديّة ممكنة بتمظهرٍ يستوجِبُ موضوعا ذاتيّا وفاعلا مركزيّا داخل التّمثيل السّردي تقودُه أفعاله وأفعال غيرهِ لإلباسِه رداء هويّة سرديّة، سواء تلك الثابتة المتعلّقة بأصوله وجذوره، والتي لا تسقطُ عنه بالرّغم من المتغيّرات، أو المتغيّرة التي تستجدّ في شخصيّته، انطلاقا من تفاعلات الذّات؛ لأنّ الهويّة كما رأينا لا تخرج أن تكون اِئتلافا لجملة من العلائق التي يمكن أن تتماثل مع الآخر بالنّظر للسّياقات الاجتماعيّة، سواء تعلّق الأمر بالفضاء أو طبيعة المرجعيّات التّاريخيّة أصلا ونسبا أو ما شاكل ذلك كما «الأشقر» مع توأمه تماما، أو باعتبارها أيضا تضافرا لعديد الخصوصيّات التي ينفردُ بها الشّخص عن غيره فيكتسب ما يتميزُ به، وقد توصّلنا في أطوار التّحليل السّردي أنّ الفضاء المكانيّ يسعفُ بجلاء في استنطاق الهويّة الشّخصيّة للأفراد بما يمكِّنُ الفرد من حيازة انتماءٍ هو الفيصل في تصنيف وجودِه صنوا للتّموقع البيئِي والأسري «للأشقر» داخل أقليّة لا تنفكّ عن الممارسات المسيئة للذّات، ويأتي الزّمن بمثابةٍ شكلٍ أساسيّ مضمر وتجريديّ في تحوّلات الهويّة سواء عبر مسار الرّحلة الدّاخليّة أو الخارجيّة، وبالتّالي جعل الذّات تكتسب من هاته المؤثرات الأساسيّة محدّدا لهويّاتها العديدة والمركّبة داخل هويّة فرديّة لا يمكن مطابقتها مع غيرها بالنّظر لهندستِها ونظم تفكيرها في الواقع فضلا عن مزاياها العينيّة، ولعلّ الموجّهات التي تتبعناها لا تغدو سوى أن تكون أطرا أساسيّة ومركزيّة لا مناص منها في محاولة رسم هويّة الفرد عبر الصّفات التي يحوزها داخل الفضاء السّردي التّمثيليّ، بما يتلاءم وخصوصيّة التّسريد.
[1] يقول عبدالله إبراهيم في سياق تدخّل الذّوات في تشكيل الهويّة: "فلا يطرح موضوع الهويّة في السّرد، والاعتراف بها، إلّا على خلفيّة مركّبة من الأسئلة الشّخصيّة والجماعيّة، وتبادل المواقع فيما بينهما"، ممّا يدعّم طرح كون الهويّة تجلّيا مكتَسبا يُسهم في تشكيلها محيط الشّخصية سيما في سياق تبادل التأثير والتأثر الذي يُنتجُ الهويّة الفرديّة سواء بأسئلتها المقلقة أو بأجوبة الآخرين التي تُشكّل معبرا أساسيّا يفضي إلى تركيب الهويّة، انظر:
عبدالله إبراهيم، موسوعة السّرد العربي، ج7، ط1 (الإمارات: قنديل للطباعة والنّشر والتوزيع، 2016)، ص5
[2] أنظر: بول ريكور، الهوية السّردية، (مترجم) سعيد الغانمي، مجلة القاهرة، العدد180، 1997، ص55
[3] تناول عبد الله إبراهيم في موسوعة السّرد العربي فصلا بأكمله، يتناول من خلاله النّظرة الدّونية للمرأة، والكمّ الهائل الذي لحقها من التّحقير، سواء الذي جرى ما قبل التّاريخ وعلى امتداد العصور التي تعقب بداية التّاريخ؛ متحدّثا في ذلك عن تاريخ العار. أنظر:
عبد الله إبراهيم، موسوعة السرد العربي، ج6، ط1 (الإمارات العربية: قنديل، 2016)، ص11 وما بعدها.
[4] أنظر: بوعلي ياسين، الثالوث المحرّم دراسة في الدين والجنس والصراع الطبقي، ط2 (بيروت: دار الطليعة، 1987) ص24
[5] طارق بكاري، القاتل الأشقر، ط1 (بيروت: دار الآداب، 2019)، ص60
[6] المرجع نفسه، ص 77
[7] أنظر: المرجع نسفه، ص ص127-128
[8] النّسوية مجموعة من الحركات الاجتماعيّة والسّياسية والفكريّة، ويمكن رصدها في معنيين "يشير المعنى الضّيق إلى محاولات تحقيق المساواة بين الجنسين وأيضا الحقوق السّياسية للمرأة، بينما المعنى الواسع يراها على أنّ العلاقة بين الجنسين علاقة تبعيّة أو اضطهاد أو غياب المساواة" انظر:
Ted Honderich, The oxford companion to philosophy, second edition (New York: Oxford university press, 2005), p291-292.
[9] طارق بكاري، القاتل الأشقر، ط1 (بيروت: دار الآداب، 2019)، ص71
[10] تحدث (بول ريكور) عن الهويّة السّرديّة التي تظهر حين يسرد المروي حكاية، بحيث "يلعب فيها الخيال –أي الحكاية- الدّور الأول لا الوقائع التّاريخية" وهنا يتموقع السّرد أولا قبل الواقع والتّاريخ، وبحيث يغدو تتبّعنا للهويّة داخل البنية السّردية واتصالنا بها أفقا ساحرا لتصريفها وتشكيلها وتفسيرها وشرحها، باعتبار البنية السّردية بمثابة الموجّه الأول والمرآة العاكسة للقراءة. أنظر
بول ريكور، الذات عينها كآخر، (مترجم) جورج زيناتي، ط1 (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، مركز دراسات الوحدة العربية، 2005) ص32.
[11] فاطمة المرنيسي، ما وراء الحجاب الجنس كهندسة اجتماعية، (مترجم) فاطمة الزهراء أزرويل، ط4 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005)، ص37.
[12] جان فرانسوا ماركيه، مرايا الهوية، (مترجم) كاميل داغر، ط1 (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2005)، ص434
[13] ترى فاطمة المرنيسي أنّ "البغاء الذي أصبح صناعة حقيقيّة في البلدان التي ترتفع فيها نسبة البطالة، لذلك من الضروري النّظر إلى مشكلة الخدمات الجنسيّة التي تقدمها النّساء من الطّبقات الدّنيا كسلع في سوق اقتصاديّة أبويّة يسيطر عليها تواطؤ القوى الإمبرياليّة الدّولية والشّركاء المحلّيين" غير أنّ ذلك لا يشفع لرأب الانكسار الذّي يلحق الطّفل، إثر صراعات مجتمعية محتدمة بين الطّبقات، أساسها الفقر والرّأسمال، انظر:
fatima Mernissi, Virginity and patriarchy, Women’s studies ht. forum, printed in Great britain,Vol. 5, No. 2, 1982, p191
[14] بكاري، ص64
[15] المرجع نفسه، ص59
[16] المرجع نفسه، ص60
[17] المرجع نفسه، ص72
[18] جاك أندرييه، النزوع الجنسي الأنثوي، (مترجم) اسكندر جرجي معصب، ط1 (بيروت: مجد المؤسسة الجامعية، 2009)، ص24
[19] بكاري، ص93
[20] المرجع نفسه، ص99
[21] فاطمة الزهراء أزرويل، البغاء أو الجسد المستباح، ط1 (الدار البيضاء: أفريقيا الشرق، 2001)، ص96
[22] بكاري، ص.145
[23] حسن حنفي حسنين، الهويّة، ط1 (القاهرة: المجلس الأعلى للثّقافة، 2012)، ص23
[24] هومي بابا، موقع الثقافة، (مترجم) ثائر ديب، ط1 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2006)، ص104
[27] المرجع نفسه، ص156
[28] كامل محمد عوضة، علم نفس الشخصية، ط1 (بيروت: دار الكتب العلمية، 1996)، ص85