سرديات التمثيل وفاعلية الجَنْدر -تتمة-

فئة :  أبحاث محكمة

سرديات التمثيل وفاعلية الجَنْدر -تتمة-

سرديات التمثيل وفاعلية الجَنْدر

-تتمة-

ومن هنا لا عجب أنْ نجد في خطابات الكتاب والأدباء فضلاً عن العامة، وفي القصص والمرويات والأخبار والأمثال، ولاسيما ما يتعلق منها بموضوعات الجنسانية على وجه الخصوص؛ ألفاظاً جنسانية عديدة دخلت القاموس اللغوي، وجرى استعمالها، وأُلف انتشارها، بل هذا هو الدليل على وفرتها وشيوع استعمالها في اللغة الاجتماعية، حتى إنَّها دخلت ضمن النصوص الواردة عن كبار الصحابة والعلماء وأئمة المسلمين، وأصبحت أمثالاً تضرب، وأخباراً تسند وتنقل، وفي ذلك ما يذكر الجاحظ في باب أفرده عن (تسمُّح بعض الأئمة في ذكر ألفاظ)، وفيه نجد مجموعة من الألفاظ الجنسية مضمَّنة في مقولات هؤلاء الصحابة والأئمة في سياق أمثالهم وأشعارهم ومروياتهم وحكمهم ووصاياهم[1]، وهو ما يشكّل علامة بارزة في صعود الجنسانية وهيمنتها على مجمل الفعاليات الحياتية آنذاك من خلال السلطة الذكورية.

وكما عرفنا عن الجاحظ في أسلوبه الأدبي والاستدلالي، فهو لا يورد هذه الحكايات إلا لمناسبتها وعلى وفق ما يريد تقديمه للقارئ أو المتلقي، فإنَّ إيراد مثل هذه القصص أن تسمح الأئمة في ذكر ألفاظ ترتبط بالجنسانية هو أمر لا يخلو من قصدية كبيرة استهدفها الجاحظ في كتابه، وهو ربما يحاول تسويغ الأمر لمن استهجنه أو استكرهه، فيكون الجاحظ قد قدم الدليل على استعمال كبار الصحابة والأئمة لهذه الالفاظ، ويحتج عليه أنَّه كان الأولى بهؤلاء أن يتركوه لو كان فحشاً أو رفثاً أو حراماً، ولكنهم تسمّحوا به وصاغته ألسنتهم في مختلف الأحاديث.

ومهما يكن من أمر الجاحظ في إشاراته الذكية للمهيمنات الثقافية، فقد قدم لنا المجتمع بتشكلاته وتناقضاته كافة، وفضح جميع الأسس الراسخة في المجتمع العربي آنذاك، وهو في صدد تقديم ما يسترضي الحكام والأشراف، فإنَّه يقدم لنا العديد من القضايا المهمة من داخل النسيج الاجتماعي، وبذلك نتعرف على الموضوعات المهمة وآليات التحكم فيها وطرائق معالجاتها وتبريراتها وحتى محرماتها.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

[1] - الجاحظ، الحيوان، سبق ذكره: ج3/ 40- 43