سوسيولوجية الــــتدين ومأسسته في المغرب
فئة : أبحاث عامة
مقدمة
المحور الأوّل: سوسيولوجية التديّن في المغرب
المحور الثاني : المجتمع الديني ومأسسة التديّن في المغرب
المحورالثالث: التديّن المغربي والمؤسسة الدينيّة في المرحلة الراهنة
إنّ الإيمان في أصله حالة فردية، عبر بعدها سيرورات تاريخية تحوّل فيها إلى مؤسسات وأيديولوجيات؛ ولأنّ الإنسان حيوان اجتماعي، فإن تثبيت الإيمان جسمًا اجتماعيًا يلبّي الحاجات الفطرية للأفراد والجماعات، وتغذي النصوص المقدّسة هذه الفطرة الاجتماعية، لكن ما يدفع باتجاه مؤسسة الإيمان والتديّن هو ظروف سياسية من خارج منظومة الإيمان، التي تستغّل انسياق التديّن الجماعي لتأخذه نحو منعرجات غالبًا ما تكون إيديولوجية.
تكمن خصوصيّة هذه الدراسة في كونها بحث في موضوع سيكولوجية التديّن وعلاقته بالتدين الجماعي من جهة، ومن جهة أخرى علاقته بالمؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية وغير الرسمية في المغرب. لقد أنجزت دراسات متعددة عن التدين الفردي وعلاقته بالتقاليد والمجتمع وبالمجال في المغرب؛ من قبيل أبحاث كل من عبد الغني منذيب "الدين والمجتمع ـ دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغرب"، ونور الدين الزاهي "المقدس الإسلامي"، وعبد المجيد الانتصار "من أجل أنسنة الظاهرة الدينية" (في مقالة في مجلة آفاق العدد 74 يونيو 2007)، وعبد الصمد ديالمي "الهويّة والدين" ( مقالة في مجلّة آفاق نفسها ) وعبد الله حمودي، كما نجد الدراسة الاجتماعية التاريخية لنور الدين الزاهي "بركة السلطان". وهناك أبحاث عن علاقة التدين والمجتمع بجهات تعمل على احتوائه، سواء أكانت جهات رسمية أو حركات أو جماعات، لكنها دراسات قليلة مقارنة بحجم الظاهرة، من قبيل مؤلف عبد الإله سطي " الملكية والإسلاميون في المغرب" الذي تطرق إلى علاقة الحركات الإسلامية بالمخزن، ويقصد به السلطة الحاكمية، ودراسة منتصر حمادة "الوهّابية في المغرب"، وأبحاث كلّ من محمد مصباح "سلفيو المغرب يعتدلون بعد "الربيع" ويتجهون نحو السياسة"، والحسن مصباح"المؤسسة الدينية في المغرب وموقعها من الإصلاح".
أمّا الدراسات المهتمّة بالمجال السياسي والدين في العالم الإسلامي فكثيرة، نذكر منها دراسة محمد الشريف الفرجاني "السياسي والديني في المجال الإسلامي"، وتهتم بالبدايات الأولى في العلاقة بين الدين الإسلامي والمجتمع والسياسة، ودراسة عبد اللطيف الهرماسي " في الموروث الديني الإسلامي : قراءة سوسيولوجية تاريخية"، ولا ننسى الدراسات الدينية المهتمّة بعلاقة الدين في عمومه بالمجتمعات المتعددة، وهي كثيرة كذلك.
وفي دراستنا نريد أن نعالج بدايات الظاهرة الدينية في مجال المغرب وامتداداتها، وما ارتبط بها من مؤسسات، وذلك على مستويين؛ أما الأوّل فعلى مستوى المجتمع، فتحليلنا لهذا الواقع يفرض علينا الالتزام بالحيادية وتقصّي الحقيقة ما أمكننا ذلك، ولكن تكمن المشكلة، كما يقول الباحث عبد اللطيف الهرماسي، في السهولة التي ينتقل بها هذا التيّار، فمن الضرورة المنهجية دراسة الدين كظاهرة اجتماعية بما تقتضيه من اقتصار الباحث على تفسير الاجتماعي بما هو اجتماعي والامتناع عن إقحام التفسيرات الميتافيزيقية في العمل العلمي إلى نزع الشرعية بالمطلق عن تلك التفسيرات التي هي مبرّر الإيمان ووجود الظاهرة الدينية[1]. بينما كان الثاني على المستوى السياسي والعلاقة بين المؤسسة الدينية على المستوى العقدي وعلى مستوى موقعها ضمن المؤسسات الحكومية، وهذا أمر لا يقّل تعقيدًا عن المستوى الأوّل بحكم ارتباط المسألة بالواقع الداخلي والخارجي، والدخول من ثم في متاهات تخرجك عن الوصول إلى الحقائق كما ينبغي، لكن سنحاول الإمساك ببعض خيوط الدراسة ما أمكننا ذلك.
* نورة لعروسي باحثة - المغرب
للإطلاع على البحث كاملا المرجو ضغط هنا
[1] ـ الهرماسي ، عبد اللطيف . (2012) في الموروث الديني الاسلامي : قراءة سوسيولوجية تاريخية ،(ط. 1) بيروت لبنان التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، ص 30