شارل فورييه (Charles Fourier)
فئة : أعلام
ولد المفكّر الاجتماعي والسياسي الفرنسي فرانسوا ماري شارل فورييه في 7 أبريل سنة 1772، بمدينة بيزانسون (Besançon) شرقي فرنسا. توفّي والده، وهو في التاسعة من عمره، فربّته أمّه. ترك الدراسة مبكّرا بعد منعه من السفر إلى باريس لمتابعة دراسة الرياضيات.
ومع كونه لا يميل إلى التجارة، فإنّه عمل وكيلاً تجارياً متجولاً لواحد من كبار التجار في ليون (Lyon)، ممّا مكّنه من زيارة مناطق عدّة داخل فرنسا وخارجها، قبل أن يستلم ميراث أبيه، واتّخذ متجرا مستقلا به. ولكن مع محاصرة حكومة "الميثاق" (convention) لمدينة ليون، ومصادرة متجره وتعرّضه للإفلاس، تولّدت لديه كراهية شديدة للثورات وأعمال العنف والإرهاب، وحصلت لديه قناعة بأنّ إصلاح المجتمع وتغيير الحياة لا يمكن أن يتحقّق إلاّ عبر الإقناع والبرهان العلمي. وفي سنة 1803، كانت أولى مقالاته عن "الانسجام الكوني"، تبعها كتابه عن "نظريّة الحركات الأربع والمصائر العامّة" سنة 1808. ومع أنّ هذا الكتاب لم يلق الرواج المنتظر، فإنّ كتابات فورييه تتالت حاملة أفكاره الاجتماعيّة والسياسيّة، ومنها: "بحث في الوحدة العالميّة"، "العالم الصناعي والجماعي الجديد"...
وقد حمل في هذه الكتب على صعود الرأسماليّة، والمجتمع الصناعي، والتجار الذين نعتهم بالطفيليّين لاستغلالهم حاجة البشر، ببيع بضائعهم بأثمان تتجاوز قيمتها الحقيقيّة، وانتقد تحكّم الأرستقراطيّة في دواليب الدولة. ويعود دفاعه عن العمّال والفقراء لما شاهده في ليون من بؤس، نتيجة تدنّي أجور العمّال مقابل ارتفاع الأسعار. ولهذا أيضا كانت نظرته إلى المجتمع الصناعي مبالغة في التشاؤم؛ فقد اعتبره عالما يسير بالمقلوب. ورأى أنّ تقدّم الصناعة يتسبّب في مزيد إفقار العمّال، وأنّ الليبراليّة الاقتصاديّة تولّد البؤس والفوضى، ومن هنا دعوته إلى الاهتمام أكثر بالنشاط الزراعي، وبرفاهية المستهلكين وتوفير أسباب سعادتهم.
وقد اقترح فورييه لتحقيق هذه الغاية إنشاء "تجمّعات عمّاليّة إنتاجيّة مشتركة" (Phalanstères)، تكون أساس الوحدة الاجتماعيّة في المجتمع الجديد المنشود. وتشكيل هذه الوحدة يكون ذاتيّا وحرّا؛ فهذه التجمّعات تشكّل نفسها بنفسها وفق طبيعة المهن، وعدد من السمات العاطفيّة المتّصلة بشخصيّة الفرد. "ويذهب فورييه بعيدا في وصفه لنمط حياة هذه التجمّعات، فيصف الإطار الفيزيائي للتجمّعات والأروقة وغرف الأكل والعلاقات الجنسيّة وغيرها. وحتّى يكون للعمل جاذبيّته، يقترح فورييه تخصيص وقت كبير للاعتناء بزراعة الجنائن والحدائق ورعاية الماشية" (الكيالي، 1985، ج4، ص 628). واتّحاد هذه التجمّعات الحرّة يشكّل الدولة، وتنظيم المجتمع ينطلق من القاعدة ولا يكون فوقيّا مسلّطا.
توفّي فورييه سنة 1837.
انظر:
-الكيالي، عبد الوهاب. (1985). موسوعة السياسة. (ط.2). بيروت-لبنان: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر.
-بدوي، عبد الرحمن. (1984). موسوعة الفلسفة.(ط.1). بيروت: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر. ج2، ص ص 197-201