صورة عمر بن الخطاب في الخطاب الصّوفي بحث في الدلالات والوظائف
فئة : مقالات
صورة عمر بن الخطاب في الخطاب الصّوفي
بحث في الدلالات والوظائف
تمهيد:
لا شكّ في أنّ للصحابة عموما مكانة علية في الضمير الإسلامي؛ فهم يحتلون الهرم من معراج الفضائل والمناقب؛ إذ يعتقد معظم المسلمين أن «للصحابة رضي الله عنهم، أجمعين خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم؛ وذلك أمر مسلّم به عند كافة العلماء، لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص من الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة»[1].
إن هذه المنزلة المخصوصة هي ثمرة عوامل عدّة دينيّة ومذهبيّة وتاريخيّة وسياسيّة. ويحتل الخلفاء الأربعة، من ضمن سائر الصحابة، أرقى المقامات لجمعهم بين المهام الدينية والدنيوية.
فعلى الصعيد الديني أسهم الخلفاء الأربعة في نشر الإسلام واتّساع رقعته وتعاظم شوكته، وعلى الصعيد السياسي خلف هؤلاء الرسول في قيادة المسلمين، وتدبير شؤونهم الدينية والدنيويّة، فكانوا بذلك الأقرب إلى النبي من سائر الصحابة. ولئن كانت أفضلية الخلفاء ومحبتهم من العقائد الثابتة لدى جمهور المسلمين، فإن مكانة هذا الخليفة أو ذاك قد تختلف من فرقة إسلامية إلى أخرى، ومن مذهب فقهي إلى آخر. فأهل السنّة –مثلا- يجمعون على الاعتراف للخلفاء الراشدين الأربعة بجليل الفضل، ويعتبرون الإقرار بفضائلهم ومحبتّهم من أهمّ العقائد، بل ومن مقتضيات الإيمان الصادق بالله ورسوله. ويذهبون إلى أن الفضل درجات ونسب؛ فأبو بكر أفضل الخلفاء، ثمّ عمر بن الخطاب، ثمّ عثمان بن عفان، فعلي بن أبي طالب؛ وذلك بحسب ترتيبهم الزمني في تولي منصب الخلافة.
أمّا الشيعة، فبقدر إعلائهم من شأن الخليفة الرابع علي، والارتقاء بصورته إلى درجة لا تضاهى، نجدهم يحطّون من مكانة أبي بكر وعمر، قادحين في إيمانهما ومتهمين إيّاهما باغتصاب حق علي بن أبي طالب في خلافة كان بها أولى وأجدر، معولين في ذلك على حجج دينيّة ودمويّة وتاريخيّة.
أمّا الصوفيّة، فهم أيضا يُعلون من قدر الخلفاء والصحابة عموما، ولكنّهم لا ينظرون إلى الخلفاء الأربعة النظرة نفسها، ولا يحظون لديهم بالقدر نفسه من الإجلال والتعظيم والتبجيل.
وقد شف الخطاب الصّوفي عن المكانة المتميّزة التي يشغلها عمر بن الخطاب في الوجدان الصّوفي، فقد لاح أعلام التصوّف منجذبين إلى شخصيّة عمر أيّما انجذاب، لذا انبروا يشكّلون له صورة نأت به -في أحيان كثيرة- عن التاريخ ومقتضياته لتحلّق به بعيدا في فضاء المتخيل المتحرّر من كل الضوابط والقيود. هذه الصورة وليدة تمثل صوفي مخصوص، وقد قدت على المقاس عساها تلبّي انتظارات الصّوفيّة ورهاناتهم العقدية والمذهبيّة والفكريّة.
إن العزم لمعقود في هذا المبحث على الخوض في أسس صورة عمر ومكوناتها في المدونة الصوفية وتعقب دلالاتها، ثم الإبانة عن آليات الفكر العرفاني وتقنياته المستثمرة في تشييد معمار تلك الصورة، لنخلص في عنصر ثالث إلى تبين مختلف الوظائف التي أمنتها تلك الصورة.
وسنتوخى في إعداد هذا البحث منهجا ينطلق من الخطاب الصوفي لعرض ما تيسر من نصوص شواهد ذات صلة بشخصيتنا، فنحلل تلك النصوص، ونؤولها لنكتشف ما تحمله من رسائل في اتجاهات شتى ولجهات متعددة.
1- أسس الصورة:
لابدّ من الشارة - بدءًا - إلى أنّ الخطاب الصّوفي شاهد بالحضور الكمّي الواضح لشخصيّة عمر مقارنة ببقيّة الخلفاء، وهو حضور كثيف لا يمكن أن يفسّر إلاّ بما يحظى به هذا الصحابي من مقام محمود، ومن قيمة رمزيّة في الوجدان الصّوفي بمختلف مشاربه. إذا ما استثنينا التصوّف ذا النزعة الشيعيّة الذي يحضر فيه على بن أبي طالب حضورا لافتا.
أمّا أشكال حضور عمر في المصنّفات الصّوفيّة، فتتجسّد من خلال ما نسب إليه العرفانيون من أقوال وأفعال وفضائل وما استخلصوه منها من معانٍ ودلالات هي ثمرة مجهودات تأويليّة أبانت عن تمثل[2] صوفي مخصوص لشخصيّة عمر، هذا التمثل أثمر صورة[3] تحمل هوية صوفية واضحة المعالم جلية المقاصد.
وحسبنا أن نتعقّب حضور عمر في مدوّنة التصوّف الإسلامي، لندرك مختلف العناصر والأسس التي شكلت صورة ابن الخطاب وفق التصور الصوفي، ومنها بالخصوص:
1-1 عمر عالم الغيب:
من الأحاديث العمدة التي تتواتر في المصنّفات الصوفيّة حديث نصّه: «إن يكن في أمّتي محدَّثون فعمر منهم»[4].
والمحدّث عند الصوفيّة هو من يسمع الصوت ولا يرى الشخص. ويذهب ابن عربي أن محادثة عمر تعني تلقيه العلوم الربانيّة كشفا وإلهاما، فالمحدّث يتلقى من علوم الأسرار كما يتلقّى النبي «فإن ذلك ليس من خصائص النبوّة ولا حجر الشارع على أمّته هذا الباب. وقد أثبت النبي (ص) أنّ ثَمَّ من يحدَّثُ ممن ليس بنبي»[5].
أمّا من حيث موضوع الحديث ومحتواه، فيذهب الصّوفيّة أن عمر يتلقى من السماء علوم الأسرار بما هي تعريف بباطن الكتاب والسنة دون أن تتضمّن "نبوته" تشريعا للأحكام من الحلال والحرام؛ لأنّ ذلك من خصائص نبوّة التشريع أي من امتيازات الرسل.
وبالإضافة إلى تلقيه علم الباطن، كان عمر يقرأ الغيب ويعلم ما سيكون، وهذا واضح من خلال ما يسمى بـ"موافقات عمر" ومفادها أنه كان إذا توقع شيئا نزل من القرآن ما يوافق توقعاته حتى قيل: «ما حَذَرَ عمرُ شيئا إلاّ نزل»[6].
ومن الأخبار المتصلة بعلم عمر وامتلاكه سلطة روحيّة فارقة حديث يثبت تلقيه عن الملإ الأعلى أسرار الغيب وعلم ما سيكون، فقد جاء في كتاب "اللمع" ما يفيد أنّه كان يخطب على منبر المسجد في المدينة، وكان سارية أمير جيش المسلمين[7] بصدد فتح بلاد فارس سنة 23هـ وأثناء الخطبة "صاح عمر: يا سارية الجبل الجبل (الزم الجبل) وسارية على باب نهاوند، فسمع صوت عمر واستجاب لطلبه، فظفر بالعدو وحين سئل سارية: كيف علمت ذلك؟ قال سمعت صوت عُمرَ"[8]. استنبط الصوفية من هذا الأمر: قدرة عمر الخارقة على التواصل مع الغيب واستشراف المستقبل.
من منظور تاريخي، لا يمكن لهذه الرواية أن تصمد لأنّها غير متسقة مع ضوابط العقل ونواميس الطبيعة ولكنّها أدّت وظيفة تقديم الحجة والدليل العملي على كفاية عمر في التواصل مع عالم الغيب بوصفه محدَّثًا.
لا شك في أن هذه الكرامة العمرية من نسج المتخيل الإسلامي، وهي منسوجة على مثال سابق هو معجزة الإسراء النبوية، والتي تمثل عقيدة راسخة لدى أهل السنة. إن المقصد من وراء إسناد هذه السلطة الروحية الفائقة لعمر هو تأكيد خصيصة الوارث المحمدي التي خلعها عليه أهل التصوف، وهو تأكيد وظيفي سيمثل لاحقا جسر العرفانيين لإثبات كرامات الأولياء بصفتهم، وفق التصور الصوفي، ورثة الأنبياء.
وبما أنّ عمر محدّث وصاحب أسرار، فقد ارتقى به المتخيل الصوفي مقاما يقترب من مقام النبوة ويتقاطع معه أحيانا. فعمر ليس من ورثة النبي، فقط، بل إنه يشاركه بعضا من علمه بشهادة الرسول نفسه. ولإثبات هذه المنقبة يتداول الصوفيّة حديثا نبويا مفاده أنّ الرسول قال: «بينما أنا نائم إذ رأيت قدحًا أتيت به، فيه لبن فشربت منه حتى إنّي لأرى الرّيّ يجري في أظفاري ثمّ أعْطيْتُ فَضْلي عمر بن الخطاب، قالوا: فما أوّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: العلم».
ويوجد هذا الحديث بصيغة مشابهة في المصنفات الشيعية مع تغيير اسم عمر بعلي، هذا الحديث نصه «نزل جبريل عليه السلام على رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- برمّانتين من الجنّة فأعطاه إياهما فأكل واحدة وكسر الأخرى بنصفين فأعطى عليّا –عليه السلام- نصفها فأكله، فقال: يا علي أما الرمّانة الأولى التي أكلتها فالنبوّة ليس لك فيها شيء، وأمّا الأخرى فهو العلم فأنت شريكي فيه»[9].
إنّ وراثة العلم النبوي محلّ تنازع بين الشيعة والمتصوّفة ما يدفع إلى القطع أنّ هذا الضرب من الأخبار وضعت لاحقا لما احتدم الجدل العقائدي بين الفرق، ولا سيما الشيعة والصوفية. إنّ هذا السلطان الروحي الذي تميز به ابن الخطاب جعله الأقرب إلى النبي، بل إن الرسول نفسه يعترف بجدارة عمر بالنبوة لولا أن بابها قد سد بخاتم الأنبياء والمرسلين. فمن الأخبار المتداولة في هذا المقام قول الرسول: «لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب»[10].
ولكن الباب الذي أغلقه خاتم الأنبياء فتحه الصّوفيّة حين اعتبروا أنّ باب النبوّة الذي أغلق هو باب نبوّة التشريع، أمّا نبوّة التعريف فلن يغلق بابها مطلقا، فهي غير متقطعة. وانتهى بهم الأمر إلى تنصيب عمر نبيّا بهذا المعنى.
1-2 عمر المعصوم:
ليس في القرآن ما ينصّ على عصمة أي نبيّ من الأنبياء فالعصمة مقالة خلعها أهل الشيعة على أئمّتهم وكان الصّوفية الأوائل لا يقولون بعصمة الولي، بل يتحدّثون عن الحفظ، وهو أدنى درجة من العصمة؛ إذ قد يرتكب الولي المحفوظ بعض الخطايا التي لا تصل إلى درجة الكبائر. ولكن لاحظنا أن الصّوفيّة المتأخرين، وفي ظلّ احترام الجدل الكلامي بينهم وبين خصومهم اعتنقوا هذه العقيدة ذات المنبت الشيعي ونسبوها إلى أوليائهم، واستغلوا بعض الأخبار لإثبات عصمة عمر بصفته –وليّا- بل بصفته قطب الأولياء، كما يزعمون.
جاء في كتاب "ختم الأولياء" بعد حديث مطوّل عن موافقات عمر... «قال له قائل: فإن ورد على قلبه شيء لا يوافق الكتاب؟ قال: إن ولاية الله تغيثه كما أغاثت الرسول في رسالته حتى نسخ عن قلبه وحْي الشيطان، ومحال أن يكون قلب موصوف بهذا أن يترك مَخْذُولا»[11].
إن كل ما يأتيه عمر موافق للكتاب؛ لأن الله قد نسخ عن قلبه غواية الشيطان، تماما مثلما فعل مع النبي في الرواية المعروفة عن غسل الملائكة قلب الرسول قبل البعثة، في إشارة إلى أنه محفوظ من عمل الشياطين. ويدعمون مقالة عصمة عمر بأخبار اخرى منها:
«إنّ الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه»[12] و«ما لقي الشيطان عمر إلاّ فَرَّ لوجهه»[13].
هكذا خص الصوفية عمر بما لم يخص به الله واحدا من أنبيائه بمن فيهم خاتمهم. فهل معنى ذلك أن منزلة عمر فوق مرتبة النبوة؟
ويفسر ابن عربي عصمة عمر بمقالة التجلّي الإلهي الدائم، فهو معصوم «لأن الحق له متجلّ على الدوام»[14].
وقد غالى ابن عربي في التعالي بشخصيّة عمر؛ إذ جعله من أقطاب الولاية الصوفيّة، فهو في أعلى درجات السلم الولائي بفضل علمه وعِصْمته. يدل على ذلك قوله: «ومن أقطاب هذا المقام (مقام القطبيّة[15]) عمر بن الخطاب... ولهذا قال صلّى الله عليه وسلّم في عمر يذكّر بما أعطاه الله من القوّة: «يا عمر ما لقيك الشيطان في فجّ إلاّ سلك في غير فجّك، فدلّ هذا على عصمته بشهادة المعصوم»[16].
إنّ تأكيد ابن عربي على عصمة عمر يهدف إلى أمرين أوّلا تعديل صورة عمر والردّ على الشيعة الذين طعنوا في سيرته وفي جدارته بالخلافة. وثانيا لتأصيل صفة العصمة التي خلعها الصّوفيّة على أوليائهم. فعمر في المنظور الصّوفي قطب الأولياء وسيدهم. ففضائله تسري في جميع الأولياء من بعده.
1-3 عمر سلطة مرجعيّة:
ظلّت شخصية عمر حيّة نامية في المتخيل الصّوفي طوال مسيرة التصوّف؛ إذ كانت صورته تتجدّد بتجدّد الحاجة إليها، حتى إنّ محيي الدين بن عربي لم يجد أفضل من ابن خطاب دليلا وحجة على أصالة مقالة وحدة الوجود، هذه المقالة مفادها ألا موجود على وجه الإطلاق إلاّ الله[17].
يقول: ...ما في الوجود إلاّ الله، العين وإن تكثّرت في الشهود فهي أحديّة في الوجود»[18].
إن الوجود المطلق الدائم لله وحده، فهو موجود بذاته أما سائر الموجودات وبوصفها مخلوقات، فوجودها يفتقر إلى مُوجِدِها، فوجودها بغيرها يجعلها في حكم العدم.
يقول: «كل ما سوى ذات الحق فهو في مقام الاستحالة السريعة والبطيئة، فكل ما سوى ذات الحق خيال حائل وظل زائل، فلا يبقى كل ما في هذه الدنيا والآخرة وما بينهما، ولا روح ولا نفس ولاشيء مما سوى الله»[19].
في معرض شرحه لهذه الفكرة، يستدعى ابن عربي قولة منسوبة لابن الخطاب نصّها: «ما رأيت شيئا إلاّ رأيت الله معه»[20] فماذا استنبط من هذا الخبر على افتراض صحّة نسبته إلى عمر؟
يذهب ابن عربي إلى أن في قولة عمر إقرارا وإثباتا لفكرة التجلّي أي تجلّي الخالق في مخلوقاته، التي هي ليست سوى تجليات إلهية. هذا التجلّي هو الفيض الإلهي الإيجادي الذي أوجد العالم. ومن ثمّ فليس لهذه الموجودات وجود مستقل، بل إن وجودها مجازي أو استعاري وعليه فلا موجود مطلق الوجود إلاّ الله.
إنّ عمر -في نظر ابن عربي- أوّل من نطق بوحدة الوجود ولكن هذا الاستنباط لا يستقيم لاعتبارات تاريخية وعقدية. فنظرية وحدة الوجود لم تتبلور إلاّ مع المتصوّفة المتأخرين وأهمّهم ابن عربي. أمّا من حيث الاستحالة العقدية، فلا نتصوّر أن قول ابن الخطاب يعني أكثر من إقراره بعظمة الخالق من خلال مخلوقاته، فضلا عن أن عقيدة التجلّي في المنظور السّنّي فيها خرق لعقيدة المفارقة والتنزيه بما أنّها تجعل وجود الخالق والمخلوق واحدا. وعليه، فإن هذا "الاستنباط" لا يعدو أن يكون عملية إسقاط أو تضمين لمسلمات وعقائد جاهزة على أخبار مصنوعة أو مؤوّلة بطريقة تمنح الصّوفي فرصة توفير الحجة والدليل بصرف النظر عن مقتضيات العقل والشرع وضوابط اللّغة.
نعلم أن هذه الفكرة لقيت معارضة شديدة من علماء أهل السّنّة وخاصّة الحنابلة منهم، حتى إن ابن تيميّة كفر من يقول بهذه المقالة وأطلق عليهم "أهل الوحدة من الملاحدة".
وما تخفّي ابن عربي وراء عمر بن الخطاب سوى محاولة لتوفير الحجة والدليل على شرعيّة مقالة "وحدة الوجود"، والإيهام بأنّها صادرة عن أحد رموز الصحابة المشهورين بصدقهم وعدالتهم، ومن ثم إلجام أفواه المعارضين لهذه النظرية التي اعتبروها بدعة من بدع الصّوفيّة وضلالاتهم.
أما في مستوى السلوك، فقد كان لباس الصوفية الخرقة مسألة مثيرة للجدل في الفكر الإسلامي بين أهل السنة والصوفية والشيعة. من يعتبر الخرقة سنة، ومن يرى أنها مجرد بدعة مفتقدة للدليل الشرعي.
والخرقة لغة: القطعة من الثوب الممزق، واصطلاحا هي ما يلبسه المريد من شيخه الذي دخل في إرادته. ويرى الصوفية أن في لبسها معنى المبايعة والولاء، وأنّها تمثل عتبة دُخول المريد في صحبة الشيخ الذي يتولّى تربيته وتهذيب أخلاقه وتقويم سلوكه.
يذهب بعض الفقهاء من أهل السنة إلى أنّها بدعة في حين يرى الصوفية أن لبسهم الخرقة ليس سوى سنة حميدة بصريح الحديث، وهو ما يستفاد من قول الهجويري: «اعلم أن لباس المرقعة شعار المتصوّف ولبس المرقعات سنّةٌ، ومن هنا قال الرسول عليه والسّلام: عليكم بلباس الصّوف تجدون حلاوة الإيمان في قلوبكم»[21].
وإلى جانب الاحتجاج بالحديث النبوي استنجد الصّوفيّة بعمر، فأقرّوا أنّه كان يلبس المرقعات ويشجع على لبسها فقد نقل صاحب كتاب اللّمع خبرا عن أبي عثمان النهدي يقول فيه: «رأيت على عمر قميصا فيه اثنتا عشرة رقعة»[22].
ويذكر الهجويري أن «عمر، رضي الله عنه، كانت له مرقعة عليها ثلاثون رقعة»[23].
إنّ الجدل الكلامي الذي كان مدارة لبس المرقعات سنّة أم بدعة لم يندلع إلا في طور متأخّر من نشأة التصوّف أي مع القرن الخامس حين استفحلت ظاهرة التصوّف الطرقي وتدعمت سلطة الشيخ إلى درجة القداسة حتى أن من العقائد الطرقية التي راجت وقتئذ «من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان»[24].
يبدو أن ما أسند لعمر من أقوال وأفعال لإثبات شرعية المرقعة قد وضع في فترة تاريخية متأخرة؛ أي حينما فقد التصوف أبعاده الروحية والخلقية واستحال عناية بالشكل وكلفا بالمظاهر.
هذه، إذن، بعض أسس الصورة العمرية التي رسم معالمها الصوفية، وقد عولوا في ذلك على جملة من التقنيات لعل أهمها التضخيم والتركيب والتأويل، وهو ما سنتولى بيانه في العنصر اللاحق.
2- في الآليات:
لقد عمد الصّوفية إلى تضخيم شخصية عمر فانتقلوا به من شخص تاريخي إلى شخصية متعالية حملت معتقدات من صنعوها ولبت انتظاراتهم. وما كان للصوفية أن يرسموا لعمر هذه الصورة المفارقة لولا القيمة الاعتبارية والرمزية لعمر في الضمير الإسلامي.
إنّ صناعة الصّورة التي هي ثمرة تمثل معين، تحتاج إلى تقنيات يعوّل عليها المتخيل لتحقيق الغرض. وقد توخى الصّوفية في تشكيل صورة عمر جملة من الآليات منها:
2-1 التأويل:
ينطلق الصوفيّة غالبا، وهم يشكلون صورة عمر، من نواة مركزيّة مادتها مناقبه وأخباره ثمّ تبنى حولها تمثلات يتمّ الكشف عنها عبر التأويل بما هو عملية تجاوز للمعنى الظاهر نحو معنى باطني من وضع المؤوّل وإبداعه. ويطلق العرفانيون على هذه الآلية الإبستيمولوجيّة مصطلح "الاستنباط"، وهو عندهم طريقة في توليد المعاني الخفية من خلال النصوص الدّينيّة والأخبار المأثورة كما ينص على ذلك أبو نصر السرّاج الطوسي (ت 378هـ) بقوله: «اعلم أيّدك الله بالفهم وأزال عنك الوهم، أن أبناء الأحوال وأرباب القلوب، أن لهم أيضا، مستنبطات في معاني أحوالهم وعلومهم وحقائقهم، وقد استنبطوا من ظاهر القرآن وظاهر الأخبار معاني لطيفة باطنة وحكما مستطرفة وأسرارا مذخورة»[25].
ولئن كان التأويل عمليّة معرفيّة خصبة تعكس جهدا ذهنيا محمودا؛ إذ يدفع إلى التفكير في سبيل تعقب الحقيقة، فإن التأويل الصّوفي موغل في الذاتية؛ إذ لا يعدو أن يكون عملية إسقاط أو تضمين لمواجيدهم. والصّوفي وهو يؤوّل النصوص، لا يفعل أكثر من سلب تلك النصوص طاقتها الدلالية الموضوعيّة، ليجعلها رغما عنها، ناطقة بما يريد، بصرف النظر عن الوسائط اللغويّة والعقليّة والتاريخيّة. فالتأويل الصوفي ليس سوى عملية إسقاط لأفكار جاهزة على النّصوص المؤوَّلة منفلتة من كل رقابة عقليّة. وحسبنا أن نتعقب تأويل المتصوّفة لأخبار عمر وفضائله حتى نتأكّد من حقيقة التأويل الصّوفي وما يتّسم به من شطط وتحرّر من كلّ رقابة أو ضابط؛ فالمهمّ بالنسبة إلى المؤوّل أن تكون اللّغة ترجمانا لما وقر في صدره وضميره.
2-2 التزيد والمبالغة:
إن التعالي بصورة ابن الخطاب إلى مستوى المفارق جعل أعلام التصوّف ينهجون منهج تفخيم الشخصيّة إلى درجة المبالغة والغلو، وجعلها باستمرار حاضرة في دائرة الضوء. وتتمّ عملية التضخيم حين لا تكون الغاية من نقل الأخبار مجرّد الإبلاغ بما يعنيه من أمانة بل أن تكون الغاية التأثيرية هي الهدف والمقصد. ولتحقيق الغاية التأثيريّة يعوّل الروّاة على الوضع والتزيد وحتى الكذب؛ «فالإنسان في نقله الأخبار يريد أن يحقّق غايتين أساسيتين غاية إبلاغيّة وغاية تأثيريّة، وإذا كانت الغاية الإبلاغية تحيل إلى الأمانة في النقل، فإن الغاية التأثيريّة تحتاج إلى استخدام أدوات متعدّدة قصد تحقيق الغاية ومنها الكذب والتزيّد والمبالغة والغلو»[26].
ومن وجوه المبالغة والتزيّد ما روي عن ابن مسعود من أنّه قال لما توفي عمر بن الخطاب: «إنّي لأحسب أن هذا الرّجل ذهب بتسعة أعشار العلم. فقيل له أتقول هذا وأصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- كثيرٌ؟ فقال إنّما أعني العلم بالله»[27].
ولعلّ نسبة عديد الخوارق والكرامات لعمر بن الخطاب يدخل في باب تضخيم صورة هذه الشخصية، ثمّ توظيفها لاحقا في تحقيق مآرب صوفيّة اعتقادية وفكريّة وجداليّة. وفي هذه القولة لابن عربي في عمر خير مثال على مدى غلو الصوفية في التعالي بصورة ابن الخطاب إلى درجة المفارق.
يقول محيي الدين بن عربي: «هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، القلب القوي، الذي ليس للشيطان عليه سبيل، حسب الشيطان أن ينجو، نزل القرآن موافقا لحكمه وأدّه أن يقول: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ما يعرفه من إيمانه وعلمه، وقد جمع بين العلم والعيان وتبرز في صور مشاهدة الأعيان ليس واحد من وقته إلى يوم القيامة يبرز أمامه ولا يكون في حال من الأحوال إمامه...».[28]
هذه بإيجاز بعض الآليات التي أتاحت لأهل العرفان التضخيم في صورة عمر وتحميلها جملة من الرسائل الموجهة لأطراف عدة، فجاءت تلك الصورة خادمة للتوجهات الصوفية مؤمنة لكثير من الوظائف التي يحتاجها العرفانيون في تأصيل كيانهم والرد على خصومهم.
3- وظائف الصّورة:
لقد نشط المتخيل الصّوفي لصناعة صورة متألّقة لعمر بن الخطاب منطلقا من نواة مركزية من الأحاديث النبوية والأخبار المتّصلة بسيرته. وقد جاءت الصّورة خادمة لرؤى صانعيها مُستجيبة لتطلعاتهم ورغباتهم مؤمّنة لما أريد لها أن تؤمّن من وظائف، لعلّ أهمّها:
3-1 التّأصيل والرّدّ على المخالفين:
نعلم يقينا أن التصوّف –ظاهرة وعلما- لم يحْظ بالقبول ولم ينظر إليه غالبا بعين الرّضا، فقد حورب منذ النشأة وعدّ من البدع والضلالات ورُمي أعلامه بالكفر والإلحاد واُقتيد بعضهم إلى حبل المشنقة كالحلاج (ق 309هـ) وعين القضاة الهمذاني (ق525هـ)[29] وشهاب الدين يحيى السّهروردي (ق 586هـ)...
ولمواجهة هذه الإدانة الواسعة لم يجد الصّوفية من مخرج سوى العمل على رفع التّهم المنسوبة إلى التصوّف ومحاولة تأصيل العقائد الصّوفيّة والمذهب الصّوفي برمته في صميم التعاليم الإسلامية النّابعة من الكتاب والسّنّة وسيرة السلف، ومن ثمّ إثبات الهويّة الإسلاميّة للتصوّف وأهله. ولا شكّ في أن كل فرقة دينيّة تحتاج، كي تعبّر عن نفسها وتسوّق مقالاتها، إلى نفوذ رمزي تضمنه شخصيات متألّقة فذّة ذات حضور فائق في الوجدان. ولتحقيق هذه الغاية لم يجد أعلام التصوّف بعد الكتاب والسّنّة أفضل من شخصيّة عمر بن الخطاب وسيرته معينا تشرّبوا منه أهم أصول معتقداتهم وأفكارهم فجعلوه أوّل صوفي في الإسلام ونصّبوه سيّدا للأولياء جميعهم، ونسبوا إليه الزهد والورع وعلوم الأسرار والكرامات، بل إن ابن عربي الذي اتهم بالكفر جرّاء مقالته في وحدة الوجود[30] زعم أن عمر كان مؤسّس القول بهذه العقيدة.
هكذا مثلت صورة ابن الخطاب الجسر الذي أتاح للصّوفيّة أن يضفوا الشرعيّة الدينيّة على مذهبهم، فقد عوّلوا على صحابي ذي مكانة عليّة وقيمة رمزية في الضمير الإسلامي السّنّي، ورسخوا في الأذهان أنّه "رأس" الجماعة و"مؤسسها" وأنّهم ورثته وأتباعه.
فكيف يكون التصوّف بدعا وضلالات وهو الطريقة الّتي اعتنقها عمر الفاروق وسار عليها طوال حياته؟
إن ما فعله الصّوفيّة لعمر شبيه بما صنعه الشيعة بشخصيّة على بن أبي طالب. وقد تبيّن لنا أن الصّوفيّة قد استثمروا الصورة الّتي رسموها لعمر في الدّفاع عن مذهبهم بإثبات أنّ التصوّف سنّة وليس بدعة وضلالة. هذه الرسالة موجهة إلى الفقهاء والعلماء ورجال السياسة الذين كفروا التصوّف وحاربوا أهله. أما الرسالة الثانية فهي موجهة إلى الشيعة في سياق الجدل الكلامي والمذهبي بين الإسلام الصّوفي والإسلام الشيعي. إن الصّوفيّة قد بثّوا في صورة عمر كل المناقب التي يخلعها الشيعة عادة على علي بن أبي طالب، في محاولة منهم لتعديل الصّورة وردّ كل المطاعن الصادرة عن الشيعة في حقّه. فعمر في التصوّر الصّوفي ليس أقلّ إيمانا وعلما وعدلا وأخلاقا وقربًا من الرّسول من عليّ، كما ترسّخت صورته في الضمير الشيعي. ومن ثمّ فإنّ عمر، بهذا الاعتبار وهذه الجاذبية جدير بأن يكون القدوة والمثل الأعلى لا للصوفيّة وحدهم، بل للإنسانية جمعاء: «بعد أن صار –رضي الله عنه- إماما للخلق في كلّ شيءٍ»[31].
3-2 تكريس عقيدة القدوة والاقتداء:
لا شكّ في أنّ كلّ فرقة دينيّة تحتاج، كي تعبّر عن نفسها وتثبت وجودها وتضمن استمرارها، إلى نفوذ رمزي تؤمنه شخصيات فذّة جذّابة ذات حضور فائق في الضمير الإسلامي. هذه القاعدة تنطبق على الفرق الإسلاميّة ومنها الصّوفيّة. إنّ المتأمّل في الصّورة التي نسجها المتخيل الصّوفي لعمر ليخلص إلى نتيجة أساسية مفادها أن منتجي تلك الصّورة كانوا يهدفون إلى استعادة قيمة القدوة وتقديم النموذج الجدير بالاقتداء والمحاكاة سيما أن صاحب الصّورة ينتمي إلى جيل مثال من "خير القرون" كما نصّ الحديث النبوي"[32]. ولا شكّ في أنّ الأجيال اللاحقة ظلت مشدودة إلى هذا الزمن وأهله وتحلم باستعادته كلما اشتدّت وطأة الحاضر وسطوته.
إنّ انتماء عمر إلى "الزمن المقدّس" وفضائله الدّينيّة والعلمية والأخلاقيّة أغرت أهل التصوّف بأن يشيدوا له صورة رمزيّة مشحونة بأحلامهم في إحياء الرّموز الفاضلة وتكريس عقيدة القدوة والاقتداء. ولم يكن طموح العرفاني مجرّد الإشارة والتذكير بل إن مراده كان أن يرى تلك الفضائل والقيم التي جسّدتها تلك الرموز، من أمثال عمر، ترى النّور من جديد، ولن يتأتى ذلك إلا بتقريب الصّورة إلى السالكين الطريق الصّوفي علّهم يكونون اليوم وغدا، ما كانه عمر بن الخطاب ماضيًا.
إنّ ما خصّ به عمر من فضائل ومناقب لا تعادل جعل الصّوفيّة يصورونه على أنّه مثلهم الأعلى وقدوتهم المثلى وهو ما أفصح عنه صاحب "اللّمع" حين قال: «ولأهل الحقائق أسوة وتعلق بعمر، رضي الله عنه، لمعاني خصّ بها، رضي الله عنه، من اختياره لبس المرقعة والخشونة وترك الشهوات واجتناب الشبهات وإظهار الكرامات وقلة المبالاة من أئمّة الخلق، ومحق الباطل ومساواة الأقارب والأباعد عند انتصاب في الحقوق والتمسّك بالأشدّ من الطّاعات»[33].
وترجمت صورة عمر أحلام المتصوف في استعادة فضائل الزعيم القدوة وإحيائها وتجسيدها من خلال الأولياء حتى تستمر تلك القيم والمناقب فلا تنقطع.
إن الحلم باستعادة الماضي المجيد وإن كان يحقق لصاحبه ضربا من التوازن النفسي وبلسما لحيرته وقلقه فإنّه لا يعدو أن يكون وهما، فشتان بين الحلم والواقع بين المتخيل والتاريخ.
الخــــاتمـــــة
نخلص في هذه الخاتمة إلى نتيجتين أساسيتين؛
- النتيجة الأولى، مفادها أنّ الضمير الصّوفي قد رسم بكل عناية ورعاية صورة باهرة فائقة لعمر بن الخطاب؛ صورة انطلق في تشكيلها من بعض مكوّنات سيرة عمر، ثمّ ضخّمها بواسطة التأويل والتركيب والوضع، وبث فيها من روح التصوّف ومقوماته ومقاصده ما شاء ممتطيًا في سبيل ذلك صهوة خياله الخلاّق.
- أمّا النتيجة الثانية، فتتعلّق بالرسائل التي أراد الفكر الصّوفي بثّها من خلال تلك الصورة. أولى تلك الرسائل موجّهة إلى الخصوم الّذين رموا التصوّف وأهله بالبدع والضلالات، فاستثمر الصّوفيّة ما نسبوه لعمر من أفعال وأقوال وأفضال حاملة لقيم وأخلاق وأفكار صوفيّة لرفع التّهمة وتبرئة السّاحة وإثبات الهويّة وتأصيل كيان المقالات الصّوفيّة في صميم الإسلام معتقدا ومسلكا. أمّا الرسالة الثانية فهي موجّهة للسالكين الطريق الصّوفي تدعوهم إلى ضرورة الاقتداء بسيرة عمر بصفته أب الأولياء وأصلهم وقدوتهم المثلى عسى أن تتجسّد صورته وتستمرّ فضائله ومناقبه في "الولي" بصفته الوريث الشرعي لما اختص به السلف من امتيازات هي، في التصوّر الصّوفي، صالحة لكل زمان ومكان.
المصــــــادر والمراجع:
*- المصادر:
1- الباقلاني (أبو بكر محمد بن الطيب): مناقب الأيمّة الأربعة، بيروت، دار المنتخب العربي، 2002
2- البخاري (محمد بن إسماعيل): الجامع الصحيح، دار الكتب العلمية.د.ت.
3- الترمذي (محمد بن علي بن الحسين): كتاب ختم الأولياء، تحقيق عثمان إسماعيل يحيى، المطبعة الكاتوليكية، بيروت، 1965
4- الجرجاني (أبو الحسن علي بن محمد): التعريفات، دار الكتب العلمية، ط1، 2000
5- ابن الجوزي (أبو الفرج عبد الرحمان بن علي): مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، الاسكندرية، دار ابن خلدون، د. ت.
6- ابن حجر العسقلاني (أحمد بن علي بن محمد): الإصابة في تمييز الصّحابة، بيروت، دار الكتاب العربي، د. ت.
- نفسه: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار المعرفة، 1379هـ.
7- الحلاج (الحسين بن منصور): الأعمال الكاملة، جمع وتحقيق قاسم محمد عباس، مكتبة الاسكندرية، ط1، 2002م.
8- الطوسي (أبو نصر السرّاج): كتاب اللّمع، تحقيق عبد الحكيم محمود وطه عبد الباقي سرور، طبعة دار الكتب الحديثة، مصر، مكتبة المثنى، بغداد 1960.
9- ابن عربي (محيي الدين): الرسائل، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1361هـ.
10- القشيري (أبو القاسم): الرسالة القشيرية في علم التصوّف، تحقيق معروف زُريق وعلي عبد الحميد، دار الخير، ط2، 1995
11- القرآن الكريم.
12- الكلاباذي (أبو بكر محمد): التعرف إلى مذهب أهل التصوّف، نشر مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، 1994
13- موسوعة السّنّة، الكتب السّتّة وشروحها، تونس / اسطنبول، ط2، 1992
*- المراجـــــع:
1- الجزار (منصف): المخيال العربي في الأحاديث المنسوبة إلى الرسول، صفاقس، بيروت، دار محمد علي مؤسسة الانتشار العربي 2007
2- الجمل (بسّام): من الرمز إلى الرّمز الديني: بحث في المعنى والوظائف والمقاربات، كليّة الآداب والعلوم الإنسانية، وحدة البحث في المتحيل، صفاقس، ط1، 2007
3- الجويلي (محمد): الزعيم السياسي في الخيال الإسلامي بين المقدّس والمدنّس، تونس، دار سيراس للنشر 1992
4- حمزة (محمد): فضائل الصحابة بين المتخيل والواقع التاريخي ضمن أعمال ندوة "المسلم في التاريخ" (دورة 25-27 مارس 1998 بالدار البيضاء بإشراف عبد المجيد الشرفي)، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1999، ص ص: 77-113
5- الحمامي (نادر): صورة الصحابي في كتب الحديث، الدار البيضاء المغرب، المركز الثقافي العربي، ط1، 2014
6- ابن الطيب (محمد): وحدة الوجود في التصوّف الإسلامي وتاريخيّته، دار الطليعة، بيروت، 2008
7- عمامو (حياة): أصحاب محمد ودورهم في نشأة الإسلام، تونس، دار الجنوب للنشر، 1916
8- القاضي (محمد): الخبر في الأدب العربي، تونس، بيروت منشورات كلية الأداب بمنوبة، دار الغرب الإسلامي، 1998
9- الكليني، محمد بن يعقوب بن إسحاق: الكافي، تحقيق قسم إحياء التراث، مركز بحوث دار الحديث، 15ج، طهران، إيران، ط.4، 1389ه، 1/ 263
10- المكشر (نور الدين): الولاية في التراث الصوفي، بحث في الأبعاد النظرية والوظيفية، مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، المملكة المغربيّة، الرباط، أكدال، ط1، 2018
- Abric (J. C.): «Les représentation sociales: aspecs théoriques» in: Pratiques sociales et représentations, Paris, P.U.F., 1994
- Bourdieu (D): Langage et pouvoir symbolique Paris, Points, 2001
- Durand (G): L’imagination symbolique Paris, P.U.F., 1968
- Durkheim (E): Représentations individuelles et représentations collectives, in sociologie et philosophie, Paris, P.U.F., 1967
- Ricœur (P): L’écriture de l’histoire et la représentation du passé, in Annales Histoires, Sciences sociales, Année 2000, volume 55, n° 4, pp: 731-747
- Le conflit des interprétations, Essais d’herméneutique II Ed., Seuil, 1969.
- Molinio (J): Interpréter, in: L’interprétation des textes, les ED. de Minuit, 1989
[1]- ابن حجر العسقلاني (أحمد بن علي بن محمد): الإصابة في تمييز الصّحابة، بيروت، دار الكتاب العربي، د. ت.، ص: 47
[2]- التمثل (Représentation): «هو الفعل الذي بواسطته نقدّم من جديد وعلى شكل آخر مشهدا معينا».
- Pascal Moliner: Images et représentations sociales,de la théorie des représentations a l’étude des images, P. U.de Grenoble,1996, p: 147
[3]- الصّورة (L’image): «هي الشكل الذي اخترنا أن نمثل به الشيء». المرجع نفسه، ص: 147
فالصورة إذن هي ثمرة التمثل.
[4]- البخاري، أبو عبد الله محمد، صحيح البخاري، الكتاب السّتون، الباب الخامس والأربعون.
[5]- ابن عربي، محيي الدين، الفتوحات المكيّة، تحقيق وتقديم د. عثمان يحيى، المكتبة العربية، القاهرة 1974، 3/251
[6]- الطوسي، أبو نسر السراج، كتاب اللمع، تحقيق عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، دار الكتب الحديثة، مصر، مكتبة المثني، بغداد، 1960 ص: 173
[7]- سارية بن زنيم الدؤلي: صحابي اشتهر بحادثة نداء عمر بن الخطاب، له لما كان يقود جيش المسلمين في بلاد فارس سنة 23 هـ. انظر ترجمته في: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، دار الكتاب العلمية، بيروت، د.ت.
[8]- الطوسي، كتاب اللمع، ص: 173
[9]- الكليني، محمد بن يعقوب بن إسحاق: الكافي، تحقيق قسم إحياء التراث، مركز بحوث دار الحديث، 15ج، طهران، إيران، ط.4، 1389ه، 1/ 263
[10]- الطبري، محب الدين أبو جعفر أحمد بن عبد الله: الرياض النضرة في مناقب العشرة، تحقيق حمزة النشتري وعبد الحفيظ فرغلي وعبد الحميد مصطفى، القاهرة، المكتبة القيمة، د.ت، ص: 323
[11]- الترمذي: كتاب ختم الأولياء، تحقيق عثمان اسماعيل يحيى، المطبعة الكاتوليكية، بيروت، 1965، ص 358
[12]- نفسه، ص. نفسها.
[13]- نفسها، ص. نفسها.
[14]- ابن عربي: الفتوحات المكيّة، 3/19
[15]- يعرّف ابن عربي القطب قائلا: «هو الغوث، فعبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان»، الجرحاني، التعريفات، دار الكتاب المصري، دار الكتاب اللبناني، ط1، 1991، ص: 273
[16]- ابن عربي: الفتوحات المكيّة، ج3، ص: 252
[17]- حول وحدة الوجود عبد ابن عربي، راجع: ابن الطيب، محمد، وحدة الوجود في التصوف الإسلامي وتاريخيته، دار الطليعة، بيروت، 2008
[18]- ابن عربي، الفتوحات المكيّة، 4/357
[19]- نفسه، 2/160
[20]- ابن عربي: كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام، ضمن رسائل ابن عربي، ص: 75
[21]- الهجويري، أبو الحسن علي بن عثمان: كشف المحجوب، ترجمة وتعليق إسعاد عبد الهادي قنديل، دار النهضة العربية، بيروت، 1980، ص: 241
[22]- الطوسي: كتاب اللمع، ص: 173
[23]- الهجويري، كشف المحجوب، ص: 141
[24]- السّهروردي، شهاب الدين أبو حفص عمر، كتاب عوارف المعارف، مصر، 1998 ص: 96
[25]- الطوسي، أبو نصر السرّاج: كتاب اللّمع، ص: 15
[26]- الجزار، منصف: المخيال العربي في الأحاديث المنسوبة إلى الرسول، صفاقس، بيروت، دار محمد علي مؤسسة الانتشار العربي 2007.ص: 32
[27]- ابن الأهذل، الحسين: كتاب كشف الغطاء عن حقائق التوحيد، ط1، تونس 1964. ص: 140
[28]- نفسه، ص: 133
[29]- عين القضاة الهمذاني: هو الشيخ عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن علي الميزاجي الهمذاني السّهروودي وكنيته أبو المعالي وأبو الفضل ولقبه عين القناة. كان من أكابر متصوّفة همذان، رماه علماء عصره، من أعداء التصوّف، بالكفر والزندقة فصلبه وزير السلطان السلجوقي محمود بن محمد بن ملكشاه سنة 525هـ. من مؤلفاته: زبدة الحقائق، ورسالة شكوى الغريب عن الأوطان إلى علماء البلدان». انظر ترجمته في: الأصفهاني (عماد الدين محمد بن محمد بن حامد) فريدة القصر وجريدة العصر. طهران جمهورية إيران الإسلامية، ط1، 1999
[30]- حول نظرية وحدة الوجود عند ابن عربي يحسن الرجوع إلى:
- ابن الطيب (محمد): وحدة الوجود في التصوّف الإسلامي وتاريخيّته، دار الطليعة، بيروت، ط1، 2008
[31]- الهجويري، أبو عثمان: كشف المحجوب، ص: 271
[32]- توجد عديد الأحاديث التي تقرّ أنّ أفضل الأزمنة زمن النبوّة وأنّه كلما ابتعدنا عن تلك القمّة تدحرجنا إلى النقص، من ذلك الحديث المروي عن عائشة: «عن عائشة قالت: سأل رجل النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم أيّ الناس خير؟ قال: القرن الذي أنا فيه، ثمّ الثاني ثمّ الثالث». صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل الصّحابة ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم.
[33]- الطوسي، أبو نصر السّراج، كتاب اللّمع، ص: 174