عصمت نصار: الارهاب وتجديد الخطاب الفلسفي المصري المعاصر
فئة : حوارات
محمد الصغير: الدكتور عصمت نصار أستاذ الفلسفة الإسلامية والفكر العربي في جامعة بني سويف المصرية هو واحد من أبرز المفكرين الذين عالجوا قضية التطرف لدى الجماعات الإسلامية في معظم كتبه.. في البداية نرحب بكم، ونود أن نلقي الضوء على مساركم العلمي والأكاديمي؟
د. عصمت نصار: تخرجت في جامعة القاهرة، ثم انتقلت إلى جامعة سوهاج ثم بني سويف، وقد تدرجت أكاديميّاً حتى درجة أستاذ ورئيس قسم الفلسفة. أما النواحي الإدارية فقد شغلت منصب وكيل الكلية لخدمة المجتمع، ثم الدراسات العليا، ثم التعليم والطلاب ورشحت للعمادة، وقد اخترت ضمن العديد من اللجان العلمية سواء لتحكيم الأبحاث أو الإشراف على مشروعات بحثية أو ترقيات أو جوائز الجامعات أو تعديل اللوائح الخاصة للدراسات العليا أو البعثات العلمية، ولي من المؤلفات المنشورة أكثر من 23 مؤلفًا وعشرات المقالات في معظم الجرائد والدوريات العلمية والثقافية، وقد كرمتني العديد من الهيئات بمنحي الشهادات والدروع والجوائز العلمية، وكل ذلك مفصل في السيرة الذاتية التي أرسلتها إليكم، ولك أن تنتخب منها ما شئت.
محمد الصغير: يقول بعضهم عنك «عصمت نصار: مفكر مسكون بأوجاع الوطن» في إطار ذلك نريد أن تحدثنا عن الإرهاب من وجهة نظركم وكيف يمكن القضاء والسيطرة عليه؟
د. عصمت نصار: لقد عاصرت الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه بداية من الإرهاب الفكري المتمثل في الاستبداد بالرأي والحجر على حرية الأغيار في التعبير والبوح، والاستبداد السياسي الذي يطيح بكل المخالفين، والاستبداد العقائدي الذي يكفر ويتهم الخصم المجتهد بكل ما يُنفر منه ويسيء إليه. وعاصرت كذلك إرهاب الخوارج المعاصرين الذين ضلوا وأضلوا وقادهم جهلهم إلى الإرهاب وتبديد أمن المسلمين، وصد الناس عن الدين فكانوا مضرب النماذج في الانحطاط والمروق، الأمر الذي مكّن المتعصبين والملحدين من رمي الإسلام بما ليس فيه، وأحيوا افتراءات غلاة المستشرقين على أصول الإسلام ونبيّه الكريم، حتى أمسى الإسلام في الدوائر الغربية مرادفاً للغدر والتطرف والهمجية والجهل والكذب والعدوان وغير ذلك من نعوت طالما حاربها أصل الإسلام في قرآنه وأحاديث نبيّه، أما السبيل للقضاء عليه فلا يحتاج إلى خطابات مُدبجة أو خطب على المنابر ذات درس لغوي ومفعمةٍ بكل ما يثبت ضلال ضالين وبراءة الأصوليين من علماء الأمة وحماة الدين، بل إنّ الأمة الإسلامية تحتاج إلى تأسيس مشروعات كبرى تنصب جميعها لتفعيل هذه الغاية؛ أي القضاء على التطرف والإرهاب.
محمد الصغير: بعض الجماعات الإسلامية اعتمدت على كتابات مفكرين أباحوا استخدام العنف وسيلةً للإصلاح؟ من هؤلاء المفكرون؟ وعلام استندوا في تبرير أفعالهم؟ وأين دور الفكر والفلسفة في مواجهة ذلك؟
د. عصمت نصار: هناك بعض النصوص بُترت من سياقاتها، وكتب اُنتزعت من البيئة الثقافية التى نبتت فيها، وقد استثمرت هذه الجماعات بعض الفتاوى والأحكام التي صدرت عن عصبة من المجتهدين وعلى رأسهم ابن تيمية وابن الصلاح ومحمد بن عبد الوهاب ثم سيد قطب والأعلى المودودي وغيرهم من الذين أثرت كتاباتهم في عقول الجماعات الجانحة وبرامجها ووجهاتها، وعندي أنّ أيسر السبل للتخلص من أثر هذه الكتابات هو نقدها نقداً علمياً وتحليل أفكارها من الوجهة الشرعية، وتوضيح الملابسات والأوهام والأسباب التي أدت إلى انتهاج أصحابها هذا المنحى من التشدد ذلك الذي جنح بهم عن وسطية الإسلام، والترويج في الوقت نفسه للكتابات التراثية التي جمعت بين طياتها بين صحيح المنقول وصريح المعقول مثل كتابات فلاسفة الإسلام والمفكرين المعتدلين المحدثين. أما مصادرة الكتب أو سجن أصحابها فهذا ليس من الحكمة في شيء، فالجنوح لا يستقيم إلا بالثقيف، والشطح والتجديف لا يُقوم إلى بالتصحيح وتعيين مواضع التحريف، ويتراءى لي أنّ المناظرات العلمية حول هذه الكتب في المجالس الثقافية والبرامج التوجيهية هي الأيسر والأفضل.
أما عن دور الخطاب الفلسفي فهو بطبيعة الحال غائب، فكان لازماً على المشتغلين بالبحث الفلسفي أن يُسلحوا طلابهم، على قلتهم، بمناهج النقد والحوار والمقارنة والموازنة وغير ذلك من آليات التحليل والاستنباط والاستدلال، الأمر الذي يُمكن عصبة من صفوة المثقفين من مجابهة هذه الكتابات. ولنا في تراثنا الإسلامي المعاصر القدوة والأثر، نذكر جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والمهندس علي يوسف والشيخ مصطفى عبد الرازق ومحمد رشيد رضا في ردهم جميعاً على الفيلسوف الفرنسى رينان، ورد قاسم أمين على الدوق دركور، والشيخ علي يوسف وأحمد لطفي السيد على كرومر، وأحمد زكي أبي شادي ومحمد فريد وجدي على إسماعيل أدهم، وقبل كل هؤلاء رد ابن رشد على الغزالي، فجميع هذه المصنفات تؤكد أنّ النقد العلمي والحوار الفلسفي هو السبيل الأقوم للتقويم وإثبات تهافت حجة الخصم، غير أنّ الكتابات الفلسفية المعاصرة لم تتناول الكتب الجانحة بالنقد العلمي إلا في أضيق الحدود، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام غير المتخصصين لوصف هذه الكتب بصفات أقرب إلى السباق منها إلى النقد والتفنيد، وقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى انتصار هذه الكتب والمتشيعين لها، ولم يحاول المشتغلون بالدراسات الفلسفية الحديثة الرد على تلك المؤلفات إلا في نطاق ضيق مثل مؤلفات الدكتور محمد عمارة، وقد ساهمت في ذلك من خلال مقالاتي وكتاباتي وعلى رأسها: كتاب حقيقة الأصولية الإسلامية، ووجهان لعملة زائفة، ومن جوة نبدأ، ورحلة الرجوع إلى الأمام، وأخيراً مقالاتي عن السياسة الشرعية وفلسفة الجنس والإرهاب.
محمد الصغير: أدى ظهور "داعش" إلى انبثاق اتجاهات ورؤى نقدية داخل المنظومة الدينية، تفسر مسؤولية ما يقع بعوامل ذاتية، ترجعها إلى مضامين النصوص التراثية؛ ألا يعني هذا وجود قابلية للدين عند تسيسه للأدلجة، والانتقال به من السياق الثقافي إلى التوظيف الأيديولوجي؟ وما الأخطار التي تتهدد حياة الإنسان في ظل هذه الأدلجة والتسيس؟
د. عصمت نصار: إنّ أخطر شيء على الدين هو استحالته إلى أيديولوجية، كما أنّ المصيبة الكبرى التي توقع بالمتدينين هى اشتغالهم للسياسة أو لتسيس مصالح الساسة باسم الدين، وقد فطن الغرب إلى هذه الحقائق التي شهدت بها الوقائع التاريخية، فقد جيشت أوربا حملاتها الصليبية الاستعمارية باسم المسيح واصطنعت أكذوبة على لسان أحد الرهبان عرفت باسم (حربة المسيح)، والفتنة الكبرى التي وقعت فى عصر الخلفاء كانت تفوح منها مطامع الساسة، وقد انقلبت بعد ذلك إلى فرق عقائدية مزقت الأمة إلى شيعة وخوارج وسنة وجميعهم يدعي أنّه يملك راية الفرقة الناجية؛ أعني أنّ أمتنا أصيبت بالداءين استحالة الدين إلى أيديولوجية في صورة الجماعات والطوائف العقدية، وخضوع قادة تلك الطوائف لألاعيب السياسة في الداخل والخارج، فمنذ عام 1453 بدأت نظرية المؤامرة التي طالما نتهكم عليها! فقد قرر علماء الاستشراق العقلي الغربيون وضع المخططات لهدم الإسلام من الداخل، وذلك عن طريقين أولهما تقوية الجماعات والفرق الجانحة بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها، وثانيها اصطناع مللٍ حديثة تحمل بين طياتها جراثيم التطرف. وما كان على أقطاب هذه الجماعات والفرق إلا السمع والطاعة لمن يمدونهم بالأفكار الضالة من جهة والأموال والعتاد من جهة ثانية، فالإخوان الملسمون صنيعة المحافل المثونية، والشيعة المعاصرون صنيعة أمريكا، شأنهم شأن داعش والسلفية الجهادية والقاعدة. ولا يستخف القارئ بتلك الحقائق أو ما نعتقد بأنّه كذلك فجميع المتطرفين يجتمعون على دستور واحد قوامه التعصب والعنف وتمزيق الأمة الإسلامية والحيلولة بين وحدة أقطارها، بالإضافة إلى تضليل عقول شبيبتها، ولا أَمل من التكرار بأنّ مصيبتنا الكبرى في استحالة مرونة النصوص الدينية إلى جمود الأيديولوجيات النظرية والسياسية. وقد كشفت الوثائق المعاصرة عن تورط معظم قادة تلك الجماعات فيما نُطلق عليه حروب الجيل الرابع على الأمة الإسلامية ومشاركتها كذلك في خطة أمريكا لإعادة تقسيم العالم العربي، الأمر الذي تأباه بطبيعة الحال الأصول الإسلامية وغاياتها في خيرية العالم. وأتذكر حديث رسول الله الذي جاء فيه أنّ المصطفى سأل ربه عن ثلاثة فأجابه إلى اثنتين: أولهما ألا تهلك أمته من جوع وفقر، وثانيهما ألا تهلك أمته على يد أمة أخرى، أما الثالثة التي لم يجبه الله فيها أن تهلك أمته وتتمزق إذا ما استحالت إلى ما نحن فيه من ضلال وكذب وتعصب وعنف كلها من أمور السياسة، والسياسة كما نعلم لا تخلو من جمود الأيديولوجيات وسقوط القيم.
محمد الصغير: أطلقت بعض الجماعات الإسلامية على نفسها بأنّها جماعات سلفية جهادية تستمد مقومات تصورها الفكري من خليط غير متجانس، يجمع بين تنظيرات سيد قطب الجهادية، وتأصيلات ابن تيمية العقدية، ألا ترون أنّ نقد الفكر الجهادي مازال حبيس نتائج المظاهر السلوكية دون القدرة على تفكيك المنطق الداخلي الذي يحكم أواصره ويحركه ناحية العنف والقتل؟
د. عصمت نصار: قلنا إنّ هناك آفة بين هذه الجماعات ألا وهى غيبة الدربة والدراية في فهم النصوص المقدسة وما هو قطعي الثبوت وقطعي الدلالة وما دونها من الموروث الديني الذي يعتمد على ضمني الثبوت وظني الدلالة، فالخلط بينهما يؤدى حتماً إلى سوء الفهم، فالاعتماد على قراءاتٍ دون غيرها لا ينتج عنه سوى التعصب، فلا يعرف الحق بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق، فمعظم قيادات الجماعات الجانحة لا يرقى منهم إلى مرتبة العالم الحجة وعليه تفرقوا بدورهم إلى عصابات تتخذ من أئمتهم ناصية الحق ودونهم باطل، ولم يفطنوا إلى قول الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرى خطأ يحتمل الصواب". وأنّ رأي الفصل في أمور الدين لم يكن أبداً قطعيًّا فيما يصح فيه الاجتهاد، ولعل أبسط الأمثلة على ذلك وجود اجتهادات الأئمة في عصر واحد لم يكفر بعضهم بعضًا، وأنّ التجديد هو الوسط المحمود بين الجمود على الرأي والتبديد الذي لا يستند إلى الحجة والبرهان والمنطق والعقل.
محمد الصغير: كتبت ذات مرة في معرض حديثك عن تجديد الخطاب الفلسفي في مصر قائلاً: «إنّ التفكير الفلسفي ومصطلح الفلسفة يشغلان موقع الصدارة في قائمة الصور الذهنية المغضوب عليها، فاتهام الفلسفة بالاجتراء على نقد الثابت من المعتقدات والأفكار [..] ورفضها كل أشكال اللامعقول وعزوفها عن التقليد والانضواء تحت لواء السلطة، كل ذلك ما زال من أهم الأسباب التي تدفع الرأي العام القائد والجمهور معاً للزج بها في أتون التكفير!! » لماذا كل هذا الاتهام للفلسفة، وكيف يمكن الخروج من ذلك المأزق وتجديد آليات الخطاب الفلسفي في مصر والوطن العربي؟
د. عصمت نصار: إنّ أزمة الخطاب الفلسفي متشعبة الأسباب ومترامية الدروب ولا يمكن إيجازها في مثل هذا المقام، ولكن يمكننا التصريح بأنّ الخطاب الفلسفي المعاصر لم يفلح في الجمع بين الثابت والمتغير في سياقاته، ولم يحسن فض النزاع المتوهم بين المنقول والمعقول ولم ينجح في التمييز بين التجديد والتبديد، فضلاً عن أنّ لغته وقعت في شرك الإيديولوجية وفقدت مرونة الحوار، وجعلت من التفكير العقلي مرادفاً للكفر، ومن التدين مرادفاً للجمود والتخلف، أضف إلى ذلك كله خلو حياتنا الثقافية المعاصرة من المتفلسفين على شاكلة حسن العطار ورفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وأحمد فارس وحسين الجسر ومحمد عبده ومصطفى عبد الرازق فجميعهم فطن إلى أنّ الفلسفة تكمن في المنهج وليس المذهب، وأنّ الحق لا يضاد الحق.
محمد الصغير: كيف يمكن أن يسهم تجديد الخطاب الفلسفي والديني في نبذ العنف والإرهاب، وهل يعني التجديد مجاراة لما تم في الغرب من فصل الدين عن الدنيا؟
د. عصمت نصار: السبيل إلى ذلك في فتح باب الحوار بين المنهج الفلسفي العقلي والنهج الديني في استيعاب النص وتجديده، ولنا في قادة الفكر الإسلامي في النصف الأول من القرن العشرين الأسوة الحسنة، فقد اجتهدوا في تثقيف المجتمع على نحو يحول بينه وبين التطرف في كل صوره، والابتعاد عن التقليد، والتبعية في شتى دروبها. فوظيفة الفلسفة هى التفسير والتبرير وقيادة ثورة التغيير، وكل ذلك نفتقر إليه في أحاديثنا ومناظراتنا وخطاباتنا على قلتها، حتى بات الخطاب الفلسفي من أعداء الحرية.
محمد الصغير: قلت ذات مرة بأنّ «الفلسفة لوحدة الأمة لا تمزيقها»، فكيف ترون رسالة توظيف الفلسفة لخدمة قضايا الواقع؟
د. عصمت نصار: أكرر أنّ الفلسفة هى طوق النجاة بكل ما نحن فيه من تردٍّ وانحطاط، وسبيلنا الأقوم للنهوض والرقي، ونعني بالفلسفة (المنهج). فالمنهج هو الآلية التي تمكننا من إحياء التراث ونقد الوافد والفصل بين ثوابت الهوية والمتغيرات الحضارية في التجديد، وهى التي تقوم بتوعية الرأي العام القائد وترشده إلى ما يجب الأخذ به وما ينبغي العزوف عنه وتؤهل الرأي العام التابع بقبول التحديث والمبادئ العلمية وأصول المدنية، وهى أيضاً التي تنقذ المجتمعات من الأوهام الأربعة (خرافات الموروث، والمعتقدات الزائفة، ولجاجة العوام والسفسطة، وأكاذيب أصحاب السلطة والمشاهير ومزيفي الوعي) وهي كذلك التي تستطيع التمييز بين الأفكار الزائفة والحقيقة والخيال والواقع، وتمكن الأنا من الحوار الهادئ مع الآخر لذلك كله أرى ضرورة إعادة بناء كل برامجنا التعليمية والثقافية على أسس فلسفية.
محمد الصغير: إنّ الفكر الكلامي في مصر في العصر الحديث هو عبارة عن مجموعة من الأفكار والنظريات الإصلاحية التي نادى بها رواد الإصلاح العاملون على نهضة العالم العربي في العصر الحديث. هذا الفكر الكلامي يرتكز على أسس تراثية –أشعرية تارة، واعتزالية وتيمية ورشدية أخرى... كيف ترون ذلك؟
د. عصمت نصار: على الرغم من غيبة المتكلمين الوعاة على شاكلة الجاحظ والباقلاني وأبي منصور الماتريدي إلا أنّنا نقول بأنّ ما يطرح اليوم من آراء عقدية ليس إلا ترديدًا لأقوال وأصداءً لآراء، وليس أدل على ذلك من ذيوع الجماعات الجانحة، ولا يعني ذلك إنكار وجود بعض المستنيرين من الإصلاحيين في ميدان علم الكلام، بل نؤكد وجودهم في دائرة الظل. فآفاق الإعلام لا تبرز إلا الجانحين وأصحاب الشطح والماجنين حتى أضحك العقلانية والوسطية من المسكوت عنه والذي لا يغنى ولا يثمر.
محمد الصغير: حدثنا عن الرواد في تاريخ الفلسفة المصرية؟ وكيف يمكن تجديد الخطاب الفلسفي المصري المعاصر؟
د. عصمت نصار: إنّ معظم المجددين الذين تحدثت عنهم في كتبي كانوا يتفقون على عدة سمات وثوابت على تباينهم في الرؤى، وتتمثل في:
- العمل على نقد التراث وتخليصه من كل آفات الجمود والتقليد، إعمال العقل فى الاجتهاد والتجديد، الإيمان بأنّ الحرية من المقاصد الشرعية دون إفراط أو تفريط، وأنّ نهوض الأمة في الجمع بين النظر والعمل والتمسك بين مشخصات الهوية، وعدم الانجراف في وحل التبعية لمظاهر المدنية الغربية، وأنّ منهج الإصلاح يجب أن ينبع من الداخل، فالأفكار والنظريات المستوردة ليس صالحة دوماً في تطبيقها على الثقافات المغايرة. فللعلمانية والعولمة والحداثة والاشتراتكية والليبرالية إيجابيات وسلبيات، وعلى قادة الرأي في الثقافة العربية الإسلامية استيعابها وانتخاب ما يصلح منها للتطبيق بعد نقده وتطويعه بصبغته الثقافية. فإذا كان العلم ليس له وطن، فإنّ لكل عالم وطناً يجب أن يسعى إلى إنهاضه، والدفاع عنه. وأنّ رسالة الإصلاح في تحدي الصعاب والقدرة على تجييش الرأي العام لتطبيق خطة التقويم والتحديث.
محمد الصغير: قمت بتأصيل خريطة للبحث الفلسفي في الفكر العربي المعاصر (والفكر المصري على وجه التحديد) ابتداءً من الشيخ مصطفى عبد الرازق، ودوره في إثبات أصالة الفلسفة الإسلامية وفي إحياء التراث الفلسفي الإسلامي، وردوده على دعاوى المستشرقين بغياب ما يمكن تسميته فلسفة إسلامية أصيلة؟ حدثنا عن ذلك؟
د. عصمت نصار: لقد نجح مصطفى عبد الرازق في بعث الخطاب الفلسفي في الثقافة المصرية، وأخرج لنا مدرسة ظلت قرابة نصف قرن تحمل راية التنوير والتجديد والإصلاح وتذود في الوقت نفسه عن الإسلام ونبيه وحضارته وأصالة الفكر الإسلامي بمنهج يجمع بين البرهان العقلي والأدلة العلمية والتاريخية، غير أنّ هذه المدرسة سرعان ما تبددت لعجز المتأخرين عن مواصلة ما بدأه الشيخ، أي إعداد التلاميذ، وتثقيف المتجمع فقد انشغل المتأخرون بخطابات ومشروعات وهمية وظنوا أنّ الإبداع والأستاذية في نقد نهج الرواد الأول وأسلوبهم فضلوا الطريق. فإذا ما تأملنا تاريخ المدارس الفلسفية في مصر والعالم العربي سوف ندرك أنّها كانت تسير في خط بياني متصاعد؛ أي يُكمل بعضها بعضًا ويسير لتحقيق غاية واحدة، ألا وهي الارتقاء بعقل الرأي العام التابع والقائد معاً وذوقه وأخلاقياته وعلومه وعوائده فتحدث الاستنارة، وكان ولاؤهم الأوحد يتمثل في دوائر متداخلة هى الوطن والقومية والدين، فأين نحن من هؤلاء؟!
محمد الصغير: صدر لكم كتاب بعنوان «فكرة التنوير بين لطفي السيد وسلامة موسى».. حدثنا عن مفهوم التنوير وأهم رجاله في الثقافة المصرية.. وكيف ترون مسارات التنوير مع الرواد الأوائل ثم كيف يمكن استحداث آليات جديدة لمواجهة التغيرات الطارئة في المجتمع المصري؟
د. عصمت نصار: إنّ حركة التنوير المصرية التي بدأت منذ أخريات القرن الثامن عشر قد تأثرت إلى حد كبير بمسيرتها في أوربا، ويبدو ذلك في تعويلها على العقل في إصدار الأحكام وتحريرها للفكر من قيد التقليد، وفصلها بين السياسة الشرعية بمعناها الحقيقي واجتهادات الفقهاء والفكر الديني بوجه عام، وتقديمها النقد على الحفظ، والشك على المسايرة وربطها بين النظر والعمل، وجعلها الخطاب مقدمة للمشروع، واحترام المشخصات الثقافية، واستيعابها لأصول المدنية، وغير ذلك من آليات التنوير في إصلاح اللغة والآداب والفنون والأوضاع السياسية والاقتصادية. ولم يميز حركة التنوير المصرية والعربية إلا تفهمها لمصطلح التقدم والمدنية، فكان بالنسبة إليهم لا يعني جحد الدين كما كان الحال في أوربا وفلاسفة التنوير الذين أرادوا فصل الكنسية عن شتى أمور الحياة، فرواد الاستنارة العربية قد فطنوا إلى أنّ صلب الدين الإسلامي لا يتعارض مع أصول المدنية والعلم والنهضة والعمران، وأنّ أمور السياسة تنشد تحقيق مقاصد الشرع، وأنّ القيد الواقي لجنوح هذه السياسة هو عدم مخالفة قطعي الثبوت وقطعي الدلالة، الأمر الذي يفرق بين التيار العلماني المصري والتيار الإلحادي الأوربي، فلا سلطة في الإسلام في أمور السياسة إلا للأمة فلا ثيوقراطية في الإسلام، ومن ثم إنّ كل نقود المستنرين المصريين على اختلاف اتجاهاتهم لم تكن موجهة إلى صلب الدين بل إلى الفكر الديني الذي اصطنعه بعض الجانبيين وظنوا أنّه من أصل الدين.
محمد الصغير: لكم أكثر من دراسة عن ابن رشد؛ صدر لكم أولاً كتاب بعنوان «الفكر الفلسفي عند ابن رشد وأثره في كتابات زكي نجيب محمود».. فما هو المقصود بالخطاب الرشدي الذي تجاوز الحدود الزمنية والمكانية والظروف السياسية والاجتماعية والثقافية لينفذ إلى العصر الحديث فيتأثر به ذلك الشيخ الأزهري وذاك المفكر الوضعي؟ وكيف عالج الخطاب الرشدى تماثل الظروف وتكرار الأزمات التي تعوق أي أمة عن اجتياز المحنة والتخلف الحضاري؟
د. عصمت نصار: إنّ المنهج الرشدي الذي تحدثنا عنه يتلخص في قواعد الاستنارة التي ذكرناها منذ قليل ألا وهي التعويل على العقل في فهم النقل والتأليف بين الأصالة والمعاصرة، والتسليم بأنّ كمال الأنا في تسامحها وقبولها للآخر، وأنّ النظر والعمل وجهان لآلة النهضة، وأنّ المجتهد الحق هو الذي يستطيع التمييز بين الثابت والمتحول في شتى أمور الحياة والدين والعلم.
محمد الصغير: لكم دراسة أيضاً بعنوان «ابن رشد والأبعاد التنويرية للفلسفة الرشدية».. فما هي الأبعاد التنويرية للفلسفة الرشدية، وكيف يمكن الاستفادة منها في واقعنا المعاصر؟
د. عصمت نصار: إنّ عظمة ابن رشد تتمثل فى ثورته على كل مظاهر الجمود الفكري انطلاقاً من فهمه الصحيح وأصول الشريعة التي جعلها الأخت الرضيعة للحكمة العقلية، وتوضيح الاتصال بين الوحي والعقل، وتأكيده أنّ النقد لا يعني الهدم بل هو تقويم من أجل الإصلاح والتجديد والإبداع، وأنّ وصفه للحكمة الفلسفية بأنّها الأخت الرضيعة للحكمة الشرعية لم يقصد منه إلا عدم الاغترار بالعقل والتعويل عليه دون صلب النقل؛ أي تقديمه قول السماء على اجتهادات أهل الأرض، فالأخت الرضيعة لا ترث. أما كيفية الاستفادة من المنهج الرشدي ففي تفعيله بعد استيعابه.
محمد الصغير: ما رأيكم في وجهة النظر القائلة بأسبقية الفكر المصري القديم وتهافت مقولة «المعجزة اليونانية»؟ وفي ضوء ذلك، هل من الممكن أن يستعيد العقل المصري الريادة مرة أخرى؟ أم أنّ التاريخ لا يعيد نفسه؟
د. عصمت نصار: إنّ علم تاريخ الأفكار قد مكن الباحثين المعاصرين من الوقوف على مواطن التأثير والتأثر بين الثقافات، فمعظم الأفكار الفلسفية اليونانية كثيرًا ما نجد لها أصولاً متشابهة في الثقافة المصرية والهندية والفارسية، كما أنّ فلاسفة اليونان لم ينكروا تتلمذهم على يد حكماء مصر، وأنّ من يطالع ما كتب في الإلياذة والأوديسا من أساطير سوف يدرك مدى تشابه النسيج الأسطوري في الكتابات الهومرية وما ورد فى أساطير المصريين حول طبيعة النفس والنعيم والجحيم في العالم الأخروي وقصة الطوفان وغير ذلك من أفكار قد لعبت الدور الرئيس في العديد من النظريات الفلسفية اليونانية. أما قياس ذلك على ما نحن فيه فلا يكون، فالفلسفة مخاض الثقافة التي تنبت فيها، وأعتقد أنّ البنية الثقافية اليوم لا يمكنها أن تنبت أو تلفظ فلاسفة بالمعنى المتعارف عليه، إلا إذا عولنا في ذلك على قانون الطفرة والمصادفة.
محمد الصغير: يبدو على الخطاب الفلسفي المصري جمود متغلغل في إنتاج غالبية المتخصصين.. جمود يرجع إلي أنّ معظم التيارات المشهورة ليست، كلها أو أكثرها، من الإنتاج المباشر للواقع الاجتماعي الثقافي/ المعرفي المحلي المعاصر ولحركة هذا الواقع; وإنّما هي نتاج الاستعارة من الخارج أو من الأسلاف وتأويل ما تجري استعارته حسب الفهم أو حسب الحاجة.. كيف يمكن الخروج من ذلك المأزق؟
د. عصمت نصار: قلنا إنّ التقليد آفة الإبداع والتجديد، فإنّ معظم الأقلام المعاصرة ما هي إلا أبواق وأصداء لآراء من هنا أو من هناك من الماضى التليد أو الحاضر الأوربي البعيد، فالمبدع الحق هو الذي يكون مرآة لثقافته وعصره فيحمل همومها ويخلص في معالجة مشكلاتها.
محمد الصغير: لكم كتاب يحمل عنوان «اتجاهات فلسفية معاصرة في الثقافة الإسلامية».. فما هي هذه الاتجاهات المعاصرة وكيف ترونها في أطار دائرة تجديد الخطاب الديني في عمومه؟
د. عصمت نصار: عند ثراء البنية الثقافية لأي شعب تتعدد اتجاهاته وتتباين مدارسه دون صراع، لذلك حاولت في مؤلفي المشار إليه تقديم بعض النماذج من هذه الاتجاهات، فمصطفى عبد الرازاق كان امتداداً لمدرسة الأستاذ الإمام، غير أنّه لم يكن نسخة منه، بل اجتهد وعدل وطور، وكان العقاد وطه حسين من مدرسة الجريدة وشبيبة حزب الأمة، وعلمين من قادة الليبرالية المصرية وقلمين من أبرع أقلام صحافة الرأي، غير أنّ لكل منهما أسلوبه وأدبه ونهجه في النقد ومنهجه في الكتابة تبعاً لمشاربهما المعرفية، وعلى الرغم من تباينهم في أمور السياسة فقد جمع بينهم حب مصر والإخلاص لها. وتحدثت عن زكي نجيب محمود باعتباره المفكر الذي لم يقتله حمق الكبر، إذ نجده يقوم من آرائه ويصلح من عثراته ويعود إلى الوسطية والاعتدال بعد التطرف والانحياز للنظريات الفلسفية الغربية، شأنه في ذلك شأن إسماعيل مظهر وأحمد زكي أبي شادي.
محمد الصغير: استخدمت المنهج البنيوي في أحد مؤلفاتك وهي «الإنسان الكامل من عصر الأساطير إلى عصر الجينوم» بالإضافة إلى استخدام المنهج المقارن في دراستكم لمفاهيم (الألوهية، والنبوة، والعقائد، والإلحاد) في الكتب المقدسة، وذلك في إطار بيان إمكانية الاستفادة من المناهج المعاصرة في مجال مقارنة الأديان.. فكيف تسنى لكم ذلك؟ حدثنا عن تجربتكم في ذلك ليستفيد منها الآخرون؟
د. عصمت نصار: لقد دفعني لدراسة الأديان بحثي عن الحقيقة غير أنّي وجدت أنّ معظم الكتابات في هذا الموضوع تعول على التاريخ دون التحليل الفلسفي والمقارن ولاسيما في ضوء علم تاريخ الأفكار من جهة والدراسات البنيوية الأركولوجية في تتبع الأنساق والسياقات لمسار الديانات الوضعية والسماوية من جهة أخرى، وأيقنتُ أنّ دراسة الدين المقارن يجب أن تقوم على خمسة أسس، أولها النشأة والتطور ثم الكتب المقدسة ثم عقيدة الألوهية ثم العقائد والعبادات وأخيراً الإلحاد. وحاولت تطبيق هذا النهج في الكثير من دراساتي للفكر الديني عند اليونان، ودراسات في مقارنة الأديان، وفلسفة اللاهوت المسيحي، والكتاب الذي أشرتم إليه. وأعتقد أنّ هذا الجهد قد أثمر في الكثير من الدراسات التي ظهرت في مصر عن مقارنة الأديان، وأثر الدين في الفلسفة.
محمد الصغير: من خلال كتابكم «ثقافتنا العربية بين الإيمان والإلحاد» الذي بحثتم فيه عن أثر الرافد العثماني في تشكيل الثقافة العربية من خلال عرضه لمناظرة شهيرة بين إسماعيل أدهم وفيلكس فارس... حدثنا عن هذه عن المناظرة والدلالات التي تشير إليها؟
د. عصمت نصار: خلاصة هذا الكتاب تتمثل في ثلاثة أمور، أولها الكشف عن ذلك المتنفس الصحي الحر الذي كانت تعيش فيه مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ويبدو ذلك في حديثي عن المناظرات والمساجلات التي درات بين المحافظين والتقدميين والمجددين والمجدفين والملحدين في بيئة تحفل بقبول الآراء المتباينة بين أحضان العقلانية والتسامح ووعي الأيقاظ. وثانيهما توضيح أصول العديد من الاتجاهات والمذاهب والنظريات الأيديولوجية والدينية والسياسية وآثارها في البنية الثقافية المصرية والعربية. وثالثها بل وأهمها فضح أبعاد نظرية المؤامرة واستشراف خطط دوائر الاستشراق والماسونية التي فعلوها في مطلع القرن الحادي والعشرين.
محمد الصغير: أليس من حقنا إنتاج فكر فلسفي مصري منسجم مع النسق الفلسفي الإنساني الشمولي على العموم والفكر الفلسفي العربي الإسلامي على الخصوص..!؟! أليس من حقنا الاهتمام بالتراث الفكري الإنساني على العموم والتراث الفكري الفلسفي على الخصوص..!؟! من يقوم بذلك يا دكتور عصمت، على من تقع مسؤولية ذلك؟
د. عصمت نصار: أعتقد أنّ التفلسف والفكر الأصيل يبدأ من الداخل وذلك بعد رحلة طويلة من الدرس والبحث واستيعاب شتى الآراء الجامعة بين صنوف المعارف. والفيلسوف الذي نرجوه فى ثقافتنا العربية هو ذلك المفكر الأصيل النابه الواعي بالواقع المعيش وما يدور من حوله من متغيرات فكرية كانت أو سياسة أو عقدية، والمفكر الحق الذي نفتقده هو الذي يستطيع الإجابة بصدق عن السؤال الذي نطرحه دوماً في كل مؤلفاتنا (من أنا؟ وماذا أريد؟ ولماذا؟) وهو أيضاً ذلك المفكر الحر الذي لا يطرب بعبارات الثناء، ولا يحنق ويغضب من نقاده حتى لو كانوا تلاميذه، فإذا كانت كلمة نعم تطرب الآذان، فإنّ مسؤولية الاعتراض لكلمة لا تحيي العقول وأنّ ثورة المجددين تثمر الإبداع، وأنّ هوجة الفوضويين لا تحصد سوى الندم.
محمد الصغير: بعد الحديث عن إمكانية وجود فلسفة مصرية –إذا جاز التعبير- هل لي بسؤال صريح: أرى أنّ التفكير الفلسفي المغربي أو مدرسة التفلسف المغربي أكثر جرأةً وحضوراً واهتماماً بالقضايا الإنسانية [العقلية والدينية] من المدرسة المصرية وكذلك العراقية.. كيف ترون ذلك خصوصاً مع الأسماء الضخمة التي من الممكن أن يمدنا بها تاريخ التفلسف في المغرب كأمثال: محمد عزيز الحباني ومحمد عابد الجابري وسبيلا وطه عبد الرحمن والعروي وعبد السلام بنعيد وسالم يفوت وعلى أومليل وغيرهم كثير؟
د. عصمت نصار: إنّ المعيار الذي يقاس به نضج الخطابات وفاعلية المشروعات هو الواقع المعيش، فهل هذه الأقطار انتقلت بفعل ما ذكرت من أسماء وما لم تذكره من طور التخلف والتردي والانحطاط إلى طور النهوض والارتقاء والرقي، أعتقد أنّ أمتنا العربية والإسلامية تعاني من آثار التجريف الفلسفي منذ النصف الأول من القرن العشرين.
محمد الصغير: ما هي مشاريعكم المستقبلية؟
د. عصمت نصار: لا أعتقد أنّ لدي مشروعًا أهم من إعداد جيل من الباحثين والدارسين على غرار تلاميذ الشيخ مصطفى عبد الرازق؛ لأصل ما انقطع وأبعث ثانية أصول المنهج العلمي في ميدان الدراسات الفلسفية الجادة. وهذه المهمة لا أعتقد أنّها يسيرة المنال لذا دعوت في آخر مؤلفاتي كل الغيورين على الخطاب الفلسفي بكل ما يحمله من معان وقيم أن يصاحبوني في رحلة الرجوع إلى الأمام. كما أحاول جاهداً تخليص الخطاب الفلسفي من لغته المعقدة المقعرة وتبسيط النظريات الفلسفية وغرسها في ثقافة الرأي العام، والكشف عن أهمية تفعيل المنهج العقلي في كل دراستنا وأبحاثنا، وكان لي شرف الدفاع عن وجود المواد الفلسفية في مناهجنا الدراسية ضد القوة الظلامية التي حاولت تنحيتها، ومازلت أحاول ترغيب تلاميذي في البحث عن الجديد والعزوف عن المألوف، وتبصيرهم بأنّ المحب لا تقعده العراقيل ولا تفل من عزيمته المحن، وأنّ غايتنا هى الحكمة التي لا نرضى بدونها ولا نقبل غيرها.
محمد الصغير: نشكر لكم تفضلكم بهذا الحوار الفلسفي الممتع.