علي حرب والتفكيكية العربية المعاصرة: من تفكيك النص والواقع إلى السياسة
فئة : مقالات
قبل الحديث عن ما بعد التفكيك ينبغي أولاً تحديد ماذا نقصد بقولنا بهذه الكلمة، فكلمة مابعد حسب عبد الوهاب المسيري تشير إلى أنّ هناك بداية بعد نهاية فالقول بما بعد الحداثة يعني الحديث عن نهاية عصرها وبداية عصر جديد[1]، والنهاية هنا لا تعني انهيار المشروع التفكيكي بل نحن نقصد بذلك انعكاسات هذا المشروع وتداعياته بعد اكتمال ملامحه على يدي مؤسسه جاك دريدا وفي هذه المداخلة سنخص الحديث حول الحديث عن هذه النهاية في الساحة الفلسفية العربية وذلك من خلال نموذج علي حرب، فيا ترى كيف تبلورت ملامح هذا الفكر الغربي في ملامح الشخصية العربية، وما دواعي الاهتمام بالتفكيك؟ ولماذا التفكيكية بالتحديد؟ وأي نقلة أحدثها في العالم العربي؟ وكيف تم الانتقال من تفكيك النص والواقع إلى تفكيك العالم السياسي؟
1- علي حرب ونقد الحقيقة والأحادية:
من بين مجموع الإنتاجات الفلسفية لعلي حرب هناك كتابه "هكذا أقرأ مابعد التفكيك" وهو في حديثه عن كيفية عنونته لموضوع هذا الكتاب ينتقد عنونة نصر حامد أبي زيد "هكذا تكلم ابن عربي" منتقدًا صيغته التي تدل على جزم أحكام أبي زيد في ما توصل إليه من أفكار حول شرح الرؤية الصوفية لابن عربي وتفسيرها لأنّ في ذلك قتلاً لأفكاره بوضع حد لها لا يتيح لأي قراءة جديدة وبديلة لأنّ قراءة أبي زيد هي مجرد واقعة نتجت عن قراءة لواقع جسده نص ابن عربي وهذا الواقع هو واقع مفتوح من يتعامل معه ينبغي أن يتعامل معه بطريقة مفتوحة، أي أنّه نص يظل في إنتاج وخلق مستمر لوقائع تبث فيه الحياة، وهذا هو سر حياة أفكار الفلاسفة الذين انقضت عليهم أزمنة لحد الساعة. فينبغي أن تكون الرؤية التي نبنيها غير معممة وغير يقينية ولامركزية وإلا وقعنا في وثن القداسة واليقين الوهمي فالأولى أن نقول قراءة بدل حقيقة.[2]
صعوبة الإمساك بالمعنى واستحالة تطابقه مع الواقع راجعة إلى سببين: "لأنّ المعرفة بالواقع هي درك للأسباب أو بحث في شروط الإمكان، فيما الحدث هو خرق للشروط، ثانيًا: لأنّ المعرفة لاحقة على الحدث الذي يجري على نحو غير مسبوق ولا معلوم"[3]
في مشروع هذا المفكر اللبناني، على الرغم من كونه يرفض قول كلمة مفكر واستبدالها بكلمة خالق، يتجه إلى نقد مفهوم الحقيقة حيث يشير إلى أنّ عملية البحث عن الحقيقة عملية تتجه بنا باتجاه معكوس نحو الماضي ولا تدفع بنا لتجاوز اللحظة الآنية والعبور إلى المستقبل، أي أنّها عملية ليست كافية لاستقراء الواقع ومن ثمّ تغييره، هو لا يرفض كلمة الحقيقة ولا مفهومها لكن يرفض مساعي الباحثين والمثقفين على العموم في اللهث وراءها لأنّها عملية غير مجدية فالذي يؤمن بوجود حقيقة واحدة وثابتة هو إنسان متورط في وهم التقديس ووهم العقل الأحادي في التفكير الذي يعتقد علي حرب أنّه سبب كل فساد وسبب كل جهل وكل انتكاسة يعيشها العالم العربي، هذا العقل يؤمن بوجود ثابت مركزي يمثل ناظم كل فكر به يقصي كل الحقائق الأخرى وبالتالي فهو عقل متطرف[4]
وهنا يشير علي حرب بالخصوص إلى العقل الإسلامي الذي يتكلم على أسلمة المعرفة فالحديث عن معرفة إسلامية يعني أنّ هناك علومًا هي حكر على المسلمين فقط على الغرب اتباعها، وهذا يهدد من قيمة العقل الاسلامي وعالميته، فالمعيار الذي اعتمده المسلمون السابقون لم يكن معيارًا دينيًّا وإلا لقالوا بأنّ هناك علومًا إسلامية في مقابل علوم ليست إسلامية، بل كان معيارهم تاريخيًّا فكانوا يتحدثون عن علوم الأوائل، أو معيارًا حسب وسيلة المعرفة كالقول بعلوم العقل وعلوم النقل.[5]
ما يريد أن يقوله علي حرب بخصوص هذا الشأن أي شأن الحقيقة إنّنا لن نستطيع الإمساك بها وهو ما يتفق مع الطرح المعرفي النسبي لاسيما في مجال العلوم التي كان يعتقد بدقة نتائجها ويقينها، والتي تزعزعت خاصة بعد ثورة أينشتاين في مجال النسبية، فأينشتاين يقول بأنّ الحقيقة كلما اقتربنا منها خطوة تراجعت بدورها خطوة أخرى وبالتالي فنحن لن نظفر بها ولن ينال حظنا منها سوى آثارها وهي تتوارى، بيد أنّ أينشتاين يقر بأنّ عمق الفكرة وقوتها يكمن في بساطتها[6] أما علي حرب فيقر بأنّ مصدر قوة الفكرة يكمن في تركيبها وتعقيدها لأنّ الفكرة هي التي تتيح لنا فرصة للقيام بعملية خلق النص والواقع الذي هو نص أيضًا بطريقة أخرى من جهة كونه يتطلب استقراء معطياته ووقائعه وتفسيرها وتأويلها وتفكيكها حتى نقوم بخلق لحقائق جديدة، وليس حقيقة ثابتة واحدة، هنا ينادي علي حرب باستبدال ما أسماه بالعقل الأحادي بعقل تحويلي وهو عقل تواصلي لامركزي متعدد لا يؤمن بشيء ثابت في خلق مستمر للوقائع والنصوص عالمي في أطروحته يرفض كل دوغمائية ووثوقية.
2- المنهج التفكيكي عند علي حرب:
العملية البديلة لعملية البحث عن الحقيقة هي عملية خلقها بخلق الوقائع والنصوص التي تكون مبنية على وقائع ونصوص أخرى تتناسل منها وذلك من أجل استنطاقها والتحكم بها من أجل التحكم في الواقع ومسايرة الفكر الذي بمقدار السيطرة عليها سيطرنا على واقعنا وبالتالي فعملية الخلق هي بعكس عملية البحث عن الحقيقة تتجه نحو الأمام أي أنّها تستشرف المستقبل وتصنعه وهو ما يقوم به الاستراتيجي في تفكيره بعكس الباحث عن الحقيقة الطالب للعودة إلى ماض استهلك وهو لا يرفض كلمة حقيقة على الإطلاق بل يطلب تجاوزها لأنّها كلمة لا تتيح لنا إمكانيات مثل التي تتيحها عملية خلقنا لها وإن اختلفت وهذه العودة لا تلائم في نظره سوى عمل المحقق الذي يقصر عمله بالبحث عنها كما هو الشأن في أعمال التحقق الجنائية.[7]
المنهج الملائم في دعواه يتم عن طريق مثلث يضم تفاعلاً بين التفسير والتأويل والتفكيك. فالتأويل يقتضي تفسيرًا وكلاهما يقتضي التفكيك، بالنسبة إلى التفسير فإنّ أي نص يقتضي تفسيرًا من أجل فهمه وهذه الخطوة هي عبارة عن جسر نمر من خلاله إلى التأويل، التفسير يتوقف فقط عند المعنى الظاهري للنص ومن أجل التوقف على دلالاته. والظاهريون هم الذين يكتفون فقط بالتفسير ظنًّا منهم أنّ تجاوز المعنى الظاهري تحريف للنص أو تجاوز وإعمال عقلي قد يشوهه، أما بالنسبة إلى التأويل فهو ليس مطابقة الذات مع موضوعها أو النص بل هو تجاوز للنص من أجل استنطاق ما هو مسكوت عنه وليس لإبراز دلالاته الظاهرية وليس لتحديد ما يريد أن يقوله النص، بل ما لم يقله النص، وما حجبه عنا، أي أنّه يسعى إلى تجاوز النص والاختلاف معه، وعلي حرب هنا يتبنى نمطًا تأويليًّا لتأويل ما هو مستبعد، إنّه تأويل يعكس موقفًا نقديًّا معرفيًّا (ابستيمي) وموقفًا وجوديًّا يسعى إلى تغيير علاقة الذات مع العالم. وهذا يقودنا إلى أهم أداة أو خطوة ثالثة في مثلثه وهي التفكيك الذي هو أعمق من الـتأويل وتجاوز له، إنّه لا يسعى كما يسعى التأويل إلى استخراج المعنى الباطني الذي تخفيه اللغة أو النص بل هو كما وصفه جاك دريدا "فك وحل ونزع لرواسب البنيات اللغوية من أجل إعادة بنائها". التأويل قد لا يرتبط بالنقد بخلاف التفكيك حيث يسلم بوجود طبقات في الخطاب تخفي بعضها وبسبب هذه السمة المميزة يكتسب التفكيك مشروعيته، فيبدأ بالتنقيب عنها والحفر فيها باحثًا عن الفجوات والثغرات لنكشف عن اللامعقول والمسكوت عنه لأنّ النص في هذه الحالة سيعمل على إخفاء الحقيقة أكثر من الإدلاء بها. يعامل النص والمؤلف بسوء ظن لأنّهما يخفيان الحقيقة فيعمل على إزاحة أقنعتهما وفضح المستور بالنص. لإعطاء مبرره النقدي يلجأ علي حرب إلى الاستعانة بنتائج التحليل النفسي لسيجموند فرويد ويقول بأنّ المؤلف حينما يكتب فإنّ هناك عوامل لا شعورية تتحكم فيه فما يكتبه لا يصدر عن وعي وإرادة مطلقين، وبالتالي فهناك جانب لا معقول يتحكم، هناك ما يسكت عنه ومهمة التفكيك هي الكشف عن كل ذلك. لا يريد مطابقة الذات مع نصها الأصلي ولا الوصول إلى حقيقته بل توليد حقيقة جديدة هي ما يعتقد أنّه مسكوت عنه من الحقيقة التي تصرح بها النصوص[8].
لقد طبق علي حرب تفكيكه في نقد النص، نقد الحقيقة، الواقع، المثقفين والفلاسفة وذلك ما تطالعنا به كتبه فمثلاً في نقد النص: يعلن علي حرب عن الانتقال من نقد العقل إلى نقد النص، إنّها محاولة علي حرب لاكتشاف نظرية للنص أو تأسيس لعلم للنص، وهو ماسماه معرفًا إياه بـ "نقد النقد"، وسبب هذا الانتقال من نقد العقل إلى نقد النص يقول علي حرب: "إنّ نقد العقل، خصوصًا كما يمارس عندنا، قد بلغ مأزقه، وهو يحتاج إلى معالجات مختلفة، وهو مايوفره نقد النص، الذي يوفر إمكانات جديدة للسبر والاستقصاء"[9]
يرى أنّ نقد النص هو بمثابة عملية استغراق لمفهوم النص وسلطته فهو استكشاف لمفهوم وتفكيك لسلطته، [10] أي أنّ نقد النص يعتمد على تفكيك النص ثم خلق الأفكار أو الواقعة الجديدة المترتبة على التفكيك النقدي فالنقد تفكيك وصناعة لمفهوم جديد أو نص جديد أو هو عملية توليد للأفكار.
انتقد نصوص فلاسفة عرب مثل الجابري، حسن حنفي، جيل دولوز، كانط.. لأنّه يجب إعادة الاعتبار للنص على اعتبار أنّه منطقة للفكر وواقعة من الوقائع أيضًا أو بل هو الواقع، ولذلك يتجه لاستنطاق النصوص ليس بحثًا عن الحقيقة بل من أجل قراءتها[11].
هناك تداخل بين نقد الحقيقة ونقد النص فكلاهما يعتمد على الآليات نفسها لكن نقد الحقيقة هو مرحلة ثانية من نقد النص فبعد تهديم البناء نتجه إلى تهديم ما بداخل البناء أو تقويضه.
ينتقد تأليه الحقيقة الذي هو حجب وتغييب لها فتأليهها ليس بصالحها بل هو ضدها، فعلي حرب سيقوم بمهمة تعرية هذه الحقائق عبر نقدها لكشف دلالاتها الخفية. من أجل إمكانات جديدة، وهو لا يقصد بذلك نفيها، أي ليس هناك حقائق بل نغوص ونتعمق في تلك الحقائق لنكشف عن وجهها الخفي أو نقوم بإدارة وجهها لنرى ظهرها.
الحقيقة تبقى مجرد احتمال من احتمالات متعددة وهي مالا يمكن تعريفه فلا وجود للحقيقة بل هناك حقيقة دون "ال" التعريف، وبالتالي فهو يدعو إلى إنزال الحقيقة من أعلى درجات السمو التي ليس بعدها درجة إلى منزلة هي بين المنزلتين حيث لا ننفيه ولا نعتقد بصدقها ويقينها، فهي كما يقول فجوة يتعذر ردمها ولا يمكن تجاوزها.[12]
3- التطبيق العملي والسياسي للتفكيك ونموذج الثورات العربية:
لا خلق دون قراءة والذي يعرف كيف يقرأ جيدًا له القدرة على تغيير أفكاره وذاته وواقعه، وجميع البشر دون استثناء هم يشاركون في عملية الخلق من أجل الحصول على عالم تختلف فيه العلاقات وبالتالي لوقائع جديدة، الانتقال الكبير في مجال قراءة الواقع يتحقق بالانشغال العربي الراهن على تفكيك الديكتاتوريات والأصوليات وهذا ما فعلته الثورات العربية الراهنة، وهذا ما عبر عنه من خلال كتابه "ثورات القوى الناعمة في العالم العربي من "المنظومة إلى الشبكية"" والوسيط المساعد على ذلك كانت العولمة بإفرازاتها فما يحدث هو نتيجة ربما مباشرة أو غير مباشرة لنتائج العولمة كثمرة من ثمارها، هذه العولمة "التي كانت مصدر فزع لدى الخائفين على هوياتهم الثقافية أو المتمسكين بعقائدهم القديمة والحديثة". لأنّها أعطت القائم بتلك الثورات معطيات ساعدته على إدارة الواقع وتغييره، ومن ثمّ التوجه نحو غاية إعادة التركيب والبناء من جديد فكانت النتيجة تغير موقع الإنسان في العالم فصار هو الفاعل وليس المنفعل لا سيما وأنّ القائمين بهذا الثورات هم ممثلون جدد على الساحة السياسية فهو ليسوا بسياسيين وليسوا بمثقفين لهم مشاريع فكرية، وإنّما هم ناشطون من فئات وطبقات الشعب العادية. وبالنسبة إليه يبدو هذا مكسبًا عربيًّا كبيرًا لأنّه دليل على وجود نوع من الحركة التي تنشد تغيير الواقع والعلاقة الإنسانية معه ومع النظم من خلال قراءة ما هو معيش.
وأكثر من هذا يقول: "هذا التحول الهائل والجذري قد شكل فرصة وجودية أمام المجتمعات العربية لكي تخرج من قصورها العقلي وتنهض من تخلفها الحضاري، عن الركب العالمي بحيث تمارس حيويتها وتستعيد مبادرتها لكي تصنع نفسها وتشارك في صناعة العالم بصورة إيجابية وبناءة".
إذن فهذه الثورات هي فرصة للانتقال نحو العالمية أي نحو مشاركة الحضارة الإنسانية الكونية باسم العولمة، ومن ثم محاكاة قيمها لاسيما قيمة الحرية وخاصّةً التحرر من النماذج الثقافية التي ستصبح آفلةً بعد المرور نحو حقبة فكرية أخرى، حيث سيولد فاعل جديد على المسرح هو "الإنسان الرقمي ذو الأنا التواصلي وصاحب العقل التداولي الذي يتعامل مع معطيات وجوده ووقائع حياته بمفردات: الاختراع، الابتكار، التحويل والبناء والتجاوز" لا سيّما وأنّ علي حرب يفهم فكرة الثورة في أسمى معانيها على أنّها تحرر الإنسان من سجنه الفكري الذي فرضته نماذج ثقافية استهلكت وصارت بائدة، وجودها صار وجودًا ميتًا يعرقل قدرة المرء وتحوله إلى عقل قاصر عن التوجه بنفسه وهذه النماذج هي:
*/ أنموذج نضالي آفل: وهو يشير هنا إلى تلك الحركات النضالية العقيمة لاسيما منها حركات التحرر الوطني التي دعت إلى عودة أصولية وإلى شعارات فارغة وفاشلة وإلى زمن مات وجوديًّا بلغة الوجودية، وأكثر من هذا فقد ساعدت على انهيار مشروع النهضة العربية وأفسدت كل القيم التي أتت بها فعادت بنا إلى الوراء.
*/ الأنموذج النخبوي الفاشل: يمثله مثقفون يدعون بأنّهم نخبة لأنّ ما قاموا به ليس صناعةً وخلقًا لواقع جديد مبدع، وإنّما كرسوا أوهامًا وقاموا بالدعوة إلى الإيمان بها ليخلقوا هشاشة الواقع وتجسيد عزلته في مسرح الأحداث.
*/ الأنموذج البيروقراطي العاجز: وهو يخص الجانب الإداري الذي يعم بممارسات بائدة ما تفعل سوى "كونها تهدر من الجهد والوقت والثروة".
*/ الأنموذج الجهادي القاتل: المسؤولة عنه حركات أصولية قامت بخنق المجتمعات بتحويلها إلى مسالخ ومقابر.
هذه النماذج العطالية هي أنموذج اليوم تسجل الثورات العربية نهايتها على أرض الواقع، العالم العربي في مرحلة يسابق فيها الزمن لاستدراك ما فاته بديناميكية تتدخل على مستوى: بناء قوة اقتصادية ونزع إيديولوجيا القداسة، كسر عقلية النخبة والانتقال إلى عقل تداولي، حيث المشاركة الجماعية في البناء والخلق كل حسب مجال عمله، الانتقال من البيروقراطية إلى الإدارة بطريقة تفاعلية وتواصلية وشبكية رقمية، الانتقال من منطق الإرهاب إلى منطق التواصل والسلام بالاستنجاد بقيم الاعتراف والتواضع.
الواقع الجديد سيؤدي إلى وجود قراءة جديدة تتغير فيها صورة التخيل والتفكير وأدوار المفكرين في إنتاجهم المفاهيمي وأكثر من هذا تغير العلاقة مع العالم وتعولمها أي باندماجها في حضارة العولمة.
هذه الثورة للعالم الرقمي دور فيها، وتغير عالمه أدى إلى حدوث مثل هذا التغير؛ وطبيعة الساحة العالمية التي تشهد هذه المسرحية التي بطبيعة الحال ستؤثر فيها الأحداث في تصورات مفكري العالم وإعادة النظر في رؤيتهم إلى العرب، وهو يعيش في واقع له سمة مزدوجة تجمع بين التشابك والتوطؤ ونقصد بالأولى وحدة المصير العالمي الذي صارت فيه المصائر تتداخل فيما بينها وتشابكها لوجود اعتقاد بأنّ الدفاع عن الحقوق مرتبط بمصالح وحقوق غيرية تتم عن طريقها.[13]
خاتمة:
يعتبر علي حرب بحق ممثل التفكيكية في العالم العربي بسبب اشمئزازه المعرفي من كلمات مثل الحقيقة، المعرفة، المثقف.. الخ، فالتفكيك يكشف أنّه ليس هناك حقيقة بل خلق لحقائق ننتجها، أنّه نقد في أعنف صورة، وبعد نقد التفكيك وممارسته على النص واللغة يتجه إلى الوقائع والأحداث العربية على اعتبارها تخفي جانبًا مسكوتًا عنه ليقدم قراءته لهذا الراهن الذي يتفاءل به معتقدًا، ودون أدنى شك، أنّ مثل هذه الثورات كان منطلقها إعادة النظر في بنية المجتمع العربي الذي استقرأ واقعه بفضل ارتقائه إلى مستوى العقل الرقمي التواصلي التحويلي الذي مكنه بفضل آلية العولة من تغيير علاقته مع العالم وبناء واقع جديد بعد تفكيكه من الأفكار الأصولية والديكتاتورية.
قائمة المصادر المعتمدة:
- علي حرب، هكذا أقرأ ما بعد التفكيك، المؤسسة العربية، لبنان، 2005، ط1
- علي حرب، ثورات القوى الناعمة في العالم العربي، الدار العربية للعلوم ناشرون، لبنان، 2012، ط2
- علي حرب، الإنسان الأدنى: أمراض الدين وأعطال الحداثة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2010، ط2
- علي حرب، نقد النص، المركز الثقافي العربي، بيروت، 2005، ط4
- علي حرب، نقد الحقيقة، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1993، ط1
قائمة المراجع:
- ألبرت أينشتاين، أفكار وآراء، ترجمة رمسيس شحاتة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986.
الموسوعات:
- مجموعة من الأكاديميين العرب، موسوعة الأبحاث الفلسفية: الفلسفة العربية المعاصرة، منشورات الاختلاف، الجزائر، 2014، ط1
الأشرطة:
- أحمد منصور، بلاحدود، مقابلة مع عبد الوهاب المسيري، قناة الجزيرة، www.aljazeera.com
[1] أحمد منصور، بلاحدود، مقابلة مع عبد الوهاب المسيري، قناة الجزيرة، www.aljazeera.com.
[2] علي حرب، هكذا أقرأ ما بعد التفكيك، المؤسسة العربية، لبنان، 2005، ط1، ص 14
[3] علي حرب، ثورات القوى الناعمة في العالم العربي، الدار العربية للعلوم ناشرون، لبنان، 2012، ط2، ص 41
[4] علي حرب، هكذا أقرأ ما بعد التفكيك، المصدر نفسه، ص ص 11-16
[5] علي حرب، الإنسان الأدنى: أمراض الدين وأعطال الحداثة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2010، ط2، ص ص 161-162
[6] ألبرت أينشتاين، أفكار وآراء، ترجمة رمسيس شحاتة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986، ص 06
[7] علي حرب، هكذا أقرأ ما بعد التفكيك، المصدر نفسه، ص ص 12-13
[8] مجموعة من الأكاديميين العرب، موسوعة الأبحاث الفلسفية: الفلسفة العربية المعاصرة، منشورات الاختلاف، الجزائر، 2014، ط1، ص ص 749-756
[9] علي حرب، نقد النص، المركز الثقافي العربي، بيروت، 2005، ط4، ص 08
[10] المصدرنفسه، ص 08
[11] المصدر نفسه، ص 08
[12] علي حرب، نقد الحقيقة، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1993، ص 02
علي حرب، ثورات القوى الناعمة في العالم العربي، المصدر السابق، ص ص 14-19. [13]