غيوم الموربكي وتوما الأكويني أصداقة أم مظاهر "حمًى تاريخية "؟


فئة :  أبحاث محكمة

غيوم الموربكي وتوما الأكويني أصداقة أم مظاهر "حمًى تاريخية "؟

غيوم الموربكي وتوما الأكويني

أصداقة أم مظاهر "حمًى تاريخية[1]

الملخص:

يتناول هذا البحث علاقة الصداقة التي كانت تربط غيوم الموربكي بتوما الأكويني، تلك العلاقة التي وضعت اللبنات الأساسية للانفصال عن الفلسفة العربية الإسلامية إبان العصر الوسيط. بفعل هذا الرابط الأخلاقي بين توما وغيوم، تخلصت أوروبا من التبعية للفكر العربي (العلمي والفلسفي). ولم يكن الأمر مجرد صدفة، إذ يظهر من إلحاح توما على الموربكي للقيام بترجمة للفكر اليوناني مباشرة، طموحه للانفلات من قبضة الإنتاج الفكري العربي، وتعبيد السبيل نحو إنتاج فكري مسيحي خالص. وقد اكتسى هذا الصراع الفكري فيما بعد، صبغة الصراع الهوياتي أو الحضاري، حيث رفض الغرب أن يشاركه العرب والمسلمون في هويته الفكرية، وتمظهر ذلك في شكل حمى تاريخية[2]. ومن هذه الزاوية استطعنا أن نفهم لماذا تخلّت الكنيسة الكاثوليكية- بهذه السرعة- عن الأوغسطينية لصالح التومائية التي لازالت تخطو خطواتها الأولى.

[1]- نيتشه هو صاحب مفهوم الحمى التاريخية، ذكره في كتاب "محاسن التاريخ ومساوئه"(ص.68)، في معرض نقده للمجتمع الألماني المتشبث بالتاريخ بشكل مبالغ فيه. يقول: "يصنع المعنى التاريخي من خادمه شخصا سلبيا ورجعيا، وحين يتم تعطيل هذا المعنى التاريخي، فقط عبر لحظات نسيان سيستعيد الإنسان المريض بالحمى التاريخية نشاطه"، ويضيف في سياق نقده لمجتمعه، مستحضرا عبارة لفيلهلم فاكرناغل "مهما فعلنا سنظل -نحن الألمان- مجرد خلف؛ وذلك على الرغم من علومنا المتفوقة ومن إيماننا، فنحن دائما مجرد خلف للعالم القديم"، يظلون مجرد تلاميذ للعصور القديمة. هذا ما يعيشه العالم الغربي بأسره، مصاب بحمى تاريخية، يسعى بكل الوسائل لتخليص نفسه منها؛ سواء عبر تشويه التاريخ، أو من خلال التقليل من بعض رموزه (كابن رشد مثلا)، أو بمحاولة حجب مرحلة بأسرها (العصر الوسيط) بنعتها بأقدح الأوصاف.

[2]- أتقدم بالشكر الجزيل إلى الأستاذ حسن أسويق الذي وجهني ونبهني إلى مفهوم "الحمى التاريخية" عند نيتشه، مع إضاءات قيمة من لدنه. وأشكره على تعاونه بإمدادي بمقالات وكتب لباحثين وفلاسفة إسبان اهتموا بالموضوع (بعضها قام بترجمتها إلى العربية).

كما أتقدم بالشكر الوفير للأستاذ فؤاد بن أحمد الذي نبهتني مداخلته في إطار الندوة الوطنية: "الفلسفة والكلام وتاريخ العلوم في سياقات المسلمين؛ أسئلة التاريخ والراهن" (28 مايو 2022) التي نظمتها شعبة الفلسفة بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، بشراكة مع مؤسسة البحث في الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية. وأرشدتني مقالته المنشورة حديثا "ما هي الأعمال الفلسفية اليونانية القديمة [...] التي ندين للعرب في أول معرفتنا بها؟ عودة إلى نقاش "قديم" "، إلى أن علاقة أوروبا بالتراث الإسلامي اتسم بصراع هوياتي. فقد صححت بعض المعلومات التاريخية بناء على المقال السالف، إذ لم أستطع -مدة طويلة- فهم علاقة توما الأكويني بغيوم الموربكي إلا من منظور الإضاءتين القيمتين.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا