فوكو ورفض الانغلاق في العقل اكتمالًا أو بين مراقبة الجسد وتدبّر الحياة
فئة : أبحاث عامة
الملخص:
شرع (فوكو) في ارتسام مهمة طريفة، تتمثل في إعادة تحليل ودرس مسألة تغير وتحول أخلاقيات المجتمع، تلك الأخلاقيات التي يطرأ عليها التبدل، ذلك أن لكل مجتمع إكراهاته وقوانينه القسرية، وكل من يخترق هذه القوانين، سوف يقصى ويستبعد، وليس أقل الأمارات على ذلك؛ أن "الجنون" كان عنوان تهميش.
لقد أراد أن يقف عند جذور العقلانية الغربية (الحداثة)، ويلفت نظرنا، في هذا الطريق الذي انتهجه، استجلاء فرق لطيف بين العقل والجنون، تدبر من خلاله نسبية وتاريخية هذه العقلانية، وقد ظفر بمكاسب مبتكرة، تحضنا على الخوض معه فيها، ذلك أن هذا السياق، هو الإطار الإشكالي عينه الذي تكون فيه المفهوم.
ولا نغالي إن قلنا: إننا لا نكاد نبين هذه الحقيقة، حتى نتفطن إلى مركزيتها، ألا يقتضي الأمر أن نباشر هذا السؤال؟ سؤال الحداثة على الدوام، قصد الوقوف على الخيط الرابط الذي ينتظمها، ليصبح تعاملنا مع الحداثة حميميًا، وبفضل هذه النظرة وحدها، نقوى على الظفر بما امتنع علينا زمنًا طويلًا؛ ذلك أن القول الوجيز: هو أنّ التفكير المعاصر، هو تفكير في الاختلاف والتعدد؛ بل إعادة الاعتبار إلى الهامش، الذي وحده يستطيع تصديع وهمية أهمية المركز، فهذا بحث يعمل على زحزحة يقين الحداثة بذاتها. وهو يود أن يفكر على طريقة فوكو، فيطرح أسئلة مشاغبة ومدمرة، نسفًا للتطابق، وانفتاحًا على الاختلاف على الآخر المطموس، والمنبوذ، والمغيب.
وهكذا، يتضح أن حرمان المجنون من حقيقته؛ أي من اختلافه وجنونه: هو إرادة إخضاعه للقوانين الاجتماعية الأكثر صرامة؛ فالمستشفى يُخضع المريض لضبط أخلاقي، يصبح معه يشعر بالخطيئة والذنب، ويصبح مراقبًا.
وأقام فوكو الدليل على أنهم إنّما كانوا قد استعادوا أساليب المعالجة في العصر الكلاسيكي، ولكن بعد إسباغ الصفة الأخلاقية والقمعية عليها، وبعد فراغه من ذلك، وضّح أنّه أصبح مادة للملاحظة والدراسة، وهكذا، تآزرت النزعة الوضعية والنزعة العلموية، كتجسد من تجسدات الحداثة، إلّا أنّ صوت الجنون الأعظم (آرتو، نيتشه، نرفال)، سيجبر العقلانية الصارمة على ضرورة الإنصات، ذلك أنّ هذه الإبداعات أصبحت مقياس العالم الحديث.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا