في الترجمات التي مسخت هايدغر

فئة :  أبحاث محكمة

في الترجمات التي مسخت هايدغر

في الترجمات التي مسخت هايدغر

نريد أن نتشاطر بعضاً مجموعة من النتائج التي توصلنا إليها أثناء محاولتنا النفاذ إلى فكر هذا الفيلسوف الذي أثار الجدل وصار يُعدّ كل من قرن اسمه باسمه، إن ترجمة أو ((شرحا)) متصدرًا بهذا القدر أو ذاك لائحة الفكر والثقافة في العالم العربي، وتتعلق هذه النتائج بمجموعة من الاختيارات الخاطئة في نقل المفاهيم الفلسفية المستخدمة من طرف هيدغر؛ وذلك من طرف عدة مترجمين، الأمر الذي صيّر ترجمات أعماله إلى لغة الضاد أقرب إلى الهِذر والهتر وكلام المحمومين منه إلى الفلسفة، حيث لا نظفر فيها بأي معنى واضح يستحق الوقوف عنده، فأحرى الالتذاذ به كما هو الأمر مع كل فلسفه حقة ! وهو ما سنقيم عليه الحجة، ويقف عليه القارئ بنفسه من خلال مقارنة ما قصده هيدغر حقا، وبين تلك الترجمات رغم أن الدارسين والمهتمين مستمرون في الحديث عن فكر الرجل من خلال تلك النقول والمفاهيم الخاطئة مدعين الفهم والتفاهم وبعبارة واحدة، فإن تلك الترجمات قد تكون أي شيء إلا أن تكون فلسفة. وسأقف عند أهم تلك الأخطاء نظرًا لهدفي الحالي، وهو تنبيه الدارسين والمهتمين بفلسفة هيدغر الذين ينجزون ترجمات حالية وأطاريح حوله أنهم يسيرون في طرق لا تؤدي إلى أي مكان، وأن يراجعوا ما خطّت أناملهم قبل إصداره؛ لأننا لو استمرينا في إبراز تلك الأخطاء في محاضرة "في ماهية الحقيقة" -كما كان هدفنا في البداية- لوحدها للزمنا وقت غير يسير إذا ما تحرينا الدقة وأردنا استيفاء أغراضنا ولاحتفظنا بتلك النتائج لأنفسنا إلى غايه الفراغ منه في الوقت الذي يهيم الناس في الأخطاء ظانين أن ما يأتونه فلسفة ! وإن جزءًا كبيرًا مما أدى إلى نقل ما تم نقله بشكل خاطئ يعود في نظرنا إلى عدم الانتباه إلى تشابه، بل مطابقة ما هو موجود عند أرسطو وفي التراث الفلسفي الممتد من الفلسفة العربية الإسلامية إلى العصور الوسطى الأوروبية؛ فإلى الفلسفة الحديثة ثم المعاصرة، حيث تم نقل الاصطلاحات الفلسفية إلى العربية في عصر التدوين العربي بوضع مقابلات تؤديها على التمام، فتم شرح فلسفة المعلم الأول بأدق ما يكون، لكن المحدثين أعادوا ترجمتها بألفاظ لا فلسفية بعيدة كل البعد عن المقصود، معتقدين ربما أنها تستعمل لأول مرة وأنها من اجتراح هيدغر، فتاهوا وتاه معهم الجم الغفير، وأخص بالذكر ترجمة إسماعيل المصدق وعبد الغفار مكاوي ومحمد سبيلا لمحاضرة "في ماهية الحقيقة" كمثال وترجمة فتحي المسكيني لكتاب الوجود والزمان بمراجعة إسماعيل المصدق، وهي كلها ترجمات/أخطاء أضاعت تاريخ الفلسفة والأنطولوجيا بأكمله كما سنرى. أما الجزء الآخر في سبب هذه الأخطاء هو أن مترجمينا قد تعاملوا مع فلسفه هيدغر، وكأنها خارجة عن أفقنا وشرطنا الإنساني كعرب، وأنه لا يمكن الإحاطة بها ! في حين أن ما قاله هيدغر قد قيل في فلسفة أرسطو وجان جاك روسو وهيغل، وانطلق منه هيدغر وليس من إبداعه رأسا.

للاطلاع على تفاصيل البحث كــامــلا