في شروط إمكان التسامح ومعيقاته
فئة : أبحاث محكمة
في شروط إمكان التسامح ومعيقاته
عاصم منادي إدريسي
باحث مغربي
ملخص:
أمام التنامي المُطَّرَدِ للفكر المتطرف وانتشاره في ثقافاتنا الاجتماعية، وما ينتج عنه من سلوكيات العنف والتقتيل والتدمير، نجد أنفسنا في حاجة ماسة إلى مقاومته بخطاب مضاد يَمتَحُ من فكر التسامح وتَقَبُّلِ الآخر واحترام حقه في الاختلاف؛ غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا يتعلق بالصعوبات التي تمنع انتقال قيم التسامح والاعتراف بحق الغير في أن يكون مختلفا من مستوى الخطاب النظري إلى مستوى السلوك العملي والفعل الأخلاقي. والدليل على ذلك، أننا لا نجد لهذا الخطاب النظري (ندوات، أنشطة ثقافية، منشورات، مجلات...) تأثيرا على مستوى السلوك التطبيقي. مما يقودنا إلى التساؤل التالي: لماذا نجحت فكرة التسامح وترسخت في الثقافة الأوروبية منذ العصر الحديث، بينما فشلنا في أن نكون متسامحين، رغم ما نكتبه ونعرفه عن التسامح؟
إجابة عن هذا السؤال، تذهب هذه المقاربة إلى أطروحة / افتراض مؤداه أن فهم فكرة التسامح يقتضي وضعها في سياقها النظري والإشكالي اللَّذَيْنِ ظهرت فيهما، ومن خلال ذلك فقط يمكننا أن نعرف الشروط النظرية الضرورية لاستنبات هذه الفكرة في ثقافتنا الإسلامية. يذهب التفسير الذي تقترحه هذه المقاربة لظهور فكرة التسامح إلى أن شرطها النظري هو "النقد التاريخي الذي خضعت له الكتب المقدسة من قبل الفيلسوفين المؤسسين للفكر السياسي الحديث طوماس هوبز وباروخ اسبينوزا". لقد استطاع النقد التاريخي لأسفار الكتاب المقدس (خاصة العهد القديم) أن ينزع قداستها ويكشف أصلها البشري (التدوين والتطور التاريخي)، وهو العمل الذي انتهى إلى نتيجتين:
1. إذا كانت النصوص المقدسة التي كان يُفتَرَضُ أنها من الله مجرد كتب دوّنَها البشر وتطورت عبر التاريخ، فما الذي يبرر للناس الاقتتال بصددها اليوم؟ ما الذي يمنع من أن يتعايش الناس جميعا بغض النظر عن مقدساتهم وعقائدهم؟.
2. إذا كانت الكتب المقدسة من تأليف البشر الذين أضافوا إليها، وحذفوا منها وطوروها عبر التاريخ، فإن هذا الأصل البشري يسحبُ منها صفة النص التشريعي الذي يجب أن يكون منبعا للتشريعات البشرية، وهو ما يفتح المجال أمام الاجتهاد البشري لإعادة بناء التشريع السياسي بعيدًا عن النصوص الدينية التي يقود الاستناد إليها إلى الخلاف والصراع بين المتدينين وأنصار المذاهب والطوائف. في هذا السياق بالذات، ولدت فكرة التسامح (لوك) وتطورت مسألة الفصل بين الاعتقاد الديني الذي أصبح مسألة فردية لا دخل للسلطة السياسية فيها، وبين الفعل السياسي الذي مجاله هو الاهتمام بتحقيق الخيرات المدنية.
لتوضيح هذه الأفكار والتوسع فيها ستعتمد هذه الدراسة كمرجعية لها كتاب "رسالة في اللاهوت السياسي" لاسبينوزا مع إمكانية الانفتاح على نصوص فلسفية أخرى لهوبز وروسو.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا