كارل ماركس وعلم الاجتماع

فئة :  مقالات

كارل ماركس وعلم الاجتماع

كارل ماركس وعلم الاجتماع

الملخص:

يتناول هذا المقال بعض مساهمات كارل ماركس في السوسيولوجيا؛ ذلك أن أعماله تشكل جزءًا من أسس الفكر السوسيولوجي. فقد تركزت بصمتها على أربع ثيمات كبرى على الأقل في أعماله تستحق الانتباه، وهي: تصوره العام عن المجتمع وعن ديناميته، نظريته عن الطبقات الاجتماعية، نظريته عن الأيديولوجيات، ونظريته عن الدولة. وفي هذا المقال، سنقف عند علاقة ماركس بعلم الاجتماع، ونعرض نظريته عن الأيديولوجيات، مع التركيز على أبرز الأفكار والمفاهيم التي تتضمنها.

1- كارل ماركس وعلم الاجتماع

يشكّل كارل ماركس إحدى الشخصيات المحورية في الفكر الفلسفي والاقتصادي، إلا أن موقعه في علم الاجتماع ظل موضع جدل بين الباحثين. وفي هذا السياق، يشير هنري لو فيفر في كتابه "ماركس وعلم الاجتماع" أن كارل ماركس لم يكن عالم اجتماع، حتى إن كلمة "السوسيولوجيا" لم تظهر في أعماله، حيث يقول: "نحن لا نعد ماركس عالماً من علماء الاجتماع، ونؤكد أنه لم يكن في يوم من الأيام عالم اجتماع، وإن تضمنت الماركسية سوسيولوجيا".[1] ويبرر ذلك من خلال مفاهيم وحجج سأعرضها بشكل مقتضب:

يقول لوفيفر في كتابه "ماركس وعلم الاجتماع ": "إن الفكر الماركسي يلح على وحدة الواقع والمعرفة، وحدة الطبيعة والإنسان، وحدة علوم المادة والعلوم الاجتماعية، وهو يستقصي الكلية في الصيرورة، وكذلك في ما هو راهن. وهذه الكلية تضم مستويات وأوجهًا تارة متكاملة، وتارة متباينة ومتناقضة. فليست الماركسية إذن مجد ذاتها تاريخيا ولا علما اجتماعيا ولا علما من علوم النفس... إلخ، بل هي تشمل جميع هذه الوجهات والمظاهر والمستويات".[2] بلغة أخرى، يقوم الفكر الماركسي على مبدأ الوحدة بين الواقع والمعرفة، حيث يرى ماركس أن هناك تكاملا بين الطبيعة والإنسان، وبين العلوم الطبيعية والاجتماعية. ويوضح لوفيفر أن الماركسية لا تُختزل في علم الاجتماع أو علم النفس أو أي علم منفصل، بل هي نهج شامل يستقصي الواقع ككل. فهي تهدف إلى فهم الصيرورة التاريخية والراهنة بشكل كلي. لذلك، يرى لوفيفر أن الماركسية لا تقتصر على دراسة جانب واحد من المجتمع، بل تشمل كافة المستويات المختلفة. وبالتالي، لم يكن ماركس عالم اجتماع ضيق النطاق، بل كان مفكرًا يتناول الواقع الاجتماعي في سياقه الأوسع، مما يجعل الماركسية تتجاوز حدود علم الاجتماع، لتكون إطارا تحليليا متعدد الأبعاد يشمل الاقتصاد والتاريخ والفلسفة والسياسة.

ومع ذلك، يمكن تصنيف كارل ماركس، عن حق، كأحد كلاسيكيي هذا الميدان. وقد حظيت أهمية التحليل الذي قدمه باعتراف ليس فقط من الماركسيين، بل أيضا من باحثين مثل ماكس فيبر وريمون أرون، حيث يعترفون به كمرجع لا يمكن تجاوزه. فإذا نظرنا إلى فكر ماركس، نجد أنه لم يكن يعالج العلاقات الاجتماعية بشكل منفصل عن الاقتصاد أو التاريخ، بل كان يركز على الترابط بين هذه العوامل جميعها. وقد أثر الجدل في الطريقة التي نظر بها ماركس إلى العالم الاجتماعي. فبدلاً من أن ينظر إلى مكونات هذا العالم الاجتماعي بوصفها متمايزة ومستقلة عن بعضها البعض، استطاع أن ينظر إليها بوصفها مكونات متداخلة تتبادل التأثير فيما بينها، وأنه يمكن تعريفها من خلال هذه التفاعلات، بما في ذلك العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات والتنظيمات. وهكذا، يتعين – في رأيه – أن يركز التحليل على تلك العلاقات التفاعلية المتداخلة بنفس القدر الذي يركز فيه على الوحدات المعزولة وموقعها على خريطة البناء الاجتماعي؛ [3] ذلك أنه لا يمكن فهم المجتمع دون فهم البنية الاقتصادية التي يقوم عليها، وكيف تشكل هذه البنية العلاقات الاجتماعية بين الافراد داخل المجتمع .

لطالما كانت أفكار كارل ماركس محركا رئيسا في محاولة فهم التحولات التي شهدها المجتمع الأوروبي خلال فترة الثورة الصناعية. ورغم أن أعماله ركزت بشكل أساسي على القضايا الاقتصادية، إلا أن اهتماماته في ربط تلك المشكلات بالمؤسسات الاجتماعية، جعل من إسهاماته مرجعية أساسية في علم الاجتماع، فهذا الأخير لم يقتصر على التحليل الاقتصادي فقط، بل تطرق أيضا إلى دراسة الديناميكيات الاجتماعية التي أثرت وتأثرت بفعل التغيرات الاقتصادية. وقد ترتكز وجهات النظر التي طرحها ماركس إلى ما كان يسميه "بالمفهوم المادي للتاريخ". ومن خلال الربط بين هذا المفهوم والتشكيلة الاجتماعية والاقتصادية، يرى ماركس أن تاريخ كل المجتمعات، من دون استثناء، هو تاريخ الصراعات الطبقية.[4] فالأحرار والعبيد، النبلاء والعامة، البرجوازية والبروليتاريا، المُضطَهِدون والمُضطَهَدون ... في تعارض دائم، وقد خاضوا صراعاً متواصلا، معلنا أحيانا، ومستترا أحيانا أخرى، صراعا كان ينتهي كل مرة بتحول ثوري للمجتمع برمته. بلغة أخرى، يرى كارل ماركس أن كل مجتمع يتشكل ويتحرك بناءً على الاقتصاد؛ بمعنى أن الطريقة التي يتم بها إنتاج الموارد وتوزيعها هي التي تحدد نمط الحياة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يرى هذا الأخير أن الطبقات الاجتماعية في المجتمع، هي دائما في صراع ( على سبيل المثال العمال والرأسماليين...) . وهذا الصراع قد يكون أحيانا معلنا وأحيانا مستترا. علاوة على ذلك، يرى ماركس أن هذا الصراع الطبقي ليس مجرد حدث عابر، بل حركة جوهرية تقود إلى التغيير الاجتماعي، وهذا التغيير ليس مجرد صدفة تاريخية، بل هو نتيجة تراكم التوترات الاقتصادية والاجتماعية التي تصل في نهاية المطاف إلى قفزة نوعية. وهذا التحول في المجتمع ليس مجرد انقلاب سياسي، بل هو تغيير جذري في البنية الاجتماعية نفسها، نتيجة لاستنفاد البنية القديمة قدرتها على التكيف مع التطورات المادية . على سبيل المثال، أدت الثورة الصناعية إلى نشوء طبقات جديدة، وأحدثت تغيرات عميقة في العلاقات الاجتماعية والسياسية، كما أشار المؤرخ إريك هوبزباوم في كتابه "عصر الثورة (أوروبا 1789 – 1848 ) " "الثورات هي التي تولد العصور، وليست العصور التي تولد الثورات". هذا التحول يعكس فكر ماركس في أن المجتمع يتحرك دائما تحت ضغط التناقضات الداخلية .

هذا من جهة، من جهة أخرى، يرى ماركس أن بنية المجتمع تأخذ شكل هرم تتأسس قاعدته على البنية المادية للاقتصاد، والذي يعد المحرك الأساسي لظهور المؤسسات السياسية والقانونية، ومن ثم تتبلور الأفكار . ووفقا لماركس، فإن الأفكار السائدة في أي عصر هي دائما أفكار الطبقة الحاكمة .[5] بمعنى آخر، الطبقة التي تسيطر على وسائل الإنتاج هي أيضا القوة الفكرية المهيمنة في المجتمع . هذه السيطرة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد إلى المجال الفكري، حيث تصبح أفكار الطبقة الحاكمة الأداة التي توجه وعي المجتمع ككل . بذلك، يخضع الأفراد الذين لا يمتلكون وسائل الإنتاج المادي للهيمنة الفكرية للطبقة السائدة، حيث تعد الأفكار المهيمنة مجرد انعكاس مثالي للعلاقات المادية المسيطرة. وللإشارة فإن الأفراد الذين ينتمون إلى الطبقة المهيمنة لا يملكون وسائل الإنتاج فقط، بل يملكون أيضا أدوات إنتاج الوعي[6]، وهو ما يمكّنهم من توجيه الأفكار والتحكم في سير المرحلة التاريخية بما يخدم مصالحهم .

2- نظرية عن الأيديولوجيات

يُعدّ مفهوم الأيديولوجيا من أكثر المفاهيم شمولا وابتكارًا التي تناولها كارل ماركس، كما أنه من أصعب المفاهيم وأكثرها غموضا. ولفهم هذا المفهوم بشكل أفضل، يمكننا البدء ببعض الآراء التمهيدية: المعروف أن لفظة "الأيديولوجيا" هي من صنع مدرسة فلسفية (تجريبية حسية مع ميل إلى المادية) كان لها شأن كبير ونفوذ بالغ أواخر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر. في تلك الفترة، كان مفهوم الأيديولوجيا يشير إلى نظرية تهدف إلى شرح الأفكار الإنسانية من خلال استنادها إلى مبدأ الحسية والتجربة. هذا الاستخدام كان ينحصر في التفسيرات الفردية للسلوك الإنساني، حيث كان يُنظر إلى الأفكار بوصفها نتاجا للعقل الفردي والمبادئ النفسية. لكن ماركس تناول معنى هذه المفهوم بالتغيير (أو بالأحرى أقرّ مع إنجلز تغييرا كان قد بدأ منذ نهاية مدرسة الأيديولوجيين)، وأصبح للمفهوم مدلول سيء. فلم تعد الأيديولوجيا مجرد نظرية تُستخدم في الشرح والتوضيح، بل أصبحت تدل أيضا على الشيء ذاته الذي يجب شرحه. [7]هنا يظهر الجانب النقدي لماركس؛ إذ إنه لم ينظر للأيديولوجيا كأداة تفسيرية فحسب، بل كوسيلة لتبرير الأوضاع القائمة وتغليفها بشكل يخدم الطبقات المهيمنة. بينما كانت الأيديولوجيا، في الفكر الفرنسي، تقتصر على توضيح التصورات الفردية من خلال علم النفس السببي، أصبحت، في نظر ماركس وإنجلز، تشمل مجمل التصورات التي تميز فترة معينة أو مجتمعا معينا. هذا التحول يعكس فهم ماركس للبنية الاجتماعية، حيث إن الأيديولوجيا لم تعُد مجرد تصورات فردية، بل أضحت تمثل "وعياً زائفًا" شاملا يعبر عن الفئات المهيمنة في المجتمع، ويحدد الأطر الفكرية والسياسية التي تهيمن على الوعي الجماعي. يُحدد ماركس وإنجلز موقع الأيديولوجيا كمجموعة من الأفكار المهيمنة التي يحملها المجتمع أو فئة اجتماعية معينة. هذه الأفكار ليست منفصلة عن واقعها المادي، بل هي تعبير عن مصالح طبقة معينة (مثل البرجوازية في المجتمعات الرأسمالية) تسعى إلى إخفاء حقيقة الصراع الطبقي وجعل النظام الاقتصادي القائم يبدو طبيعيا وغير قابل للتغيير. هذه الأفكار توجد في إطار البنى الفوقية للمجتمع، وهي مشروطة بالإطار الاقتصادي، مما يجعلها تعكس الظروف الاقتصادية السائدة.[8] هنا نرى الربط الأساسي بين البنية الفوقية (السياسية، القانونية، الثقافية) والبنية التحتية (الاقتصادية). الأيديولوجيا، وفقا لماركس، ليست مجرد بناء فوقي مستقل، بل هي تعبير عن الهيمنة الاقتصادية لطبقة معينة، وتخدم في تثبيت هذه الهيمنة من خلال التغطية على الواقع المادي وتشويهه.

وتتسم الأيديولوجيات كما عرضها ماركس وإنجلز بالمساهمات التالية: [9]

أنها تنطلق من واقع لكنه واقع جزئي محدود؛ بمعنى أن الأيديولوجيات ليست انعكاسا كاملا للواقع، بل تقدم صورة مشوهة تخدم مصالح الفئات المسيطرة. والواقع المعروض هنا هو جزء من الحقيقة، لكن يتم التلاعب به من خلال انحيازات واعتبارات محددة، مما يجعل الكلية الحقيقية للأوضاع غائبة أو مشوهة. أيضا يرى ماركس وإنجلز أن الأيديولوجيا تُبسط الواقع وتغفل الجوانب المعقدة والمترابطة، مما يجعل فهمها قاصرا وغير قادر على استيعاب الحركية التاريخية الشاملة. إلى جانب ذلك، تعكس هذه الأيديولوجيات هذا الواقع مع بعض التشويه من خلال تصورات مسبقة، تحيزها الجماعات المتسلطة . هنا، نرى كيف أن الأيديولوجيا تُستخدم كأداة لتبرير الهيمنة من خلال تقديم صورة زائفة أو مشوهة للواقع. الأفكار التي تنقلها الأيديولوجيا ليست فقط غير كاملة، بل هي أيضا منحازة بشكل واعٍ أو غير واعٍ لتعزيز المصالح الطبقية. مثل هذه التصورات المشوهة ليست مشوهة بسبب مصير غامض، بل بسبب التاريخ الذي تندمج فيه. يشير هذا إلى أن التشويه الأيديولوجي ليس مصادفة، بل هو نتيجة تاريخية تنبثق من علاقات الإنتاج والصراع الطبقي. فمقادير الواقع والوهم (إن صح التعبير) التي تدخل في تركيب الأيديولوجيات تتحول وتتغير حسب العهود والظروف والعلاقات الطبقية؛ بمعنى آخر إن الأيديولوجيا ليست ثابتة، بل تتغير بتغير العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، ما يعدّ "حقيقة" في سياق تاريخي معين، يمكن أن يتحول إلى "وهم" في سياق آخر، حسب موقع الطبقات الاجتماعية في بنية القوة.

وتمتد الأيديولوجيات إلى ما يتجاوزها بوصفها طريقة عمل تنطلق من الواقع لتفسره وتصعّده، فتؤول إلى مذهب (نظرية فلسفية، سياسية، وحقوقية) تتسم كلها بسمة واحدة مشتركة هي تخلفها عن حركة التاريخ. بلغة أخرى أن الأيديولوجيا ليست مجرد بناء فكري، بل هي تتطور إلى نظام متكامل من الأفكار التي تؤثر على الممارسات الاجتماعية والسياسية. ومع ذلك، تظل الأيديولوجيا في نظر ماركس متخلفة عن حركة الواقع؛ لأنها تعكس وضعاً تاريخياً معينا يسعى دائما إلى الحفاظ على الوضع القائم بدل من تغييره. ومع ذلك، يبقى الشمول والسعي إلى التناسق من جملة المقومات اللازمة للأيديولوجيات الجديرة بهذا الاسم. وفي نفس السياق تجدر الإشارة أيضا إلى أنه بالرغم من أن الأيديولوجيات تخدم الهيمنة، فإنها تسعى دائما إلى تقديم نفسها كنظام متماسك ومنطقي، يشرح الواقع بشكل شامل. وهذا الشمول يمنحها القوة والنفوذ، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن تناقضها، عندما يتغير الواقع الاجتماعي، وتظهر التناقضات التي لا تستطيع الأيديولوجيا تفسيرها. وفي هذا السياق، لا يُمكن فصل نظرية الأيديولوجيا عن تحليل ماركس للدين؛ إذ يعدّ الدين أحد أشكال الأيديولوجيا، حيث يُستخدم كأداة للتعبير عن التوترات والاختلالات الاجتماعية. وفي هذا الإطار، يرى ماركس أن الدين، في العديد من المجتمعات، يقدّم تفسيرًا روحانيا ومعنويا للأزمات الاجتماعية والاقتصادية، فهو يتجلى في سردٍ ملحمي يتحدث عن الفداء والتضحية، ما يُغلف التضحيات الواقعية في ظروف قاسية بغلافٍ مثالي يُعزز من الهيمنة.

من منظور ماركس، يُعدّ الدين جزءا من التراكيب الأيديولوجية التي تُسهم في تبرير الفوارق الطبقية وتحافظ على الوضع القائم.[10] فعندما يتعرض الأفراد للاضطهاد أو المعاناة، يصبح الدين أداة لتخفيف تلك المعاناة، حيث يمنح الأمل للمعذبين بأنهم سيجدون الخلاص في الآخرة. وهذا ما يعكس كيف أن الأيديولوجيا، بما في ذلك الدين، لا تعكس الحقيقة المادية بشكل دقيق، بل تُجسد "وعي زائف" يحرّف الواقع لخدمة الطبقات المهيمنة. إلى جانب ذلك، يشير لوفيفر في كتابه "ماركس وعلم الاجتماع" أن الدين لا يُعبر فقط عن القيم والمعتقدات، بل يُصبح أداة تُستخدم لتبرير السيطرة واستغلال الطبقات الاجتماعية الأخرى. وبالتالي، يمكن القول إن الدين، كما تصوره ماركس، هو تجسيد للأيديولوجيا التي تعمل على توجيه وعي المجتمع بشكل يتماشى مع مصالح الفئات الحاكمة، مما يجعل الدين بمثابة أداة فعالة في الحفاظ على النظام القائم .

بناء على ما سبق، يتضح أن كارل ماركس يُعدّ أحد الأسماء البارزة في مجالات الفلسفة والاقتصاد، إلا أن مكانته في مجال علم الاجتماع تبقى موضوعا للجدل والنقاش بين الباحثين . لكن بالرغم من عدم كونه عالماً اجتماعياً بالمعايير التقليدية، تظل إسهاماته الفكرية جوهرية لفهم الظواهر الاجتماعية والاقتصادية. ومن خلال نقده العميق للأيديولوجيات وتحليله للصراعات الطبقية، قدم ماركس رؤية متكاملة للواقع الاجتماعي، حيث رأى أن الاقتصاد يعدّ القوة المحركة الأساسية للعلاقات الاجتماعية والسياسية. لقد تجاوزت تحليلاته الحدود التقليدية، لتشمل تفاعل العوامل الاقتصادية والسياسية والثقافية، مما جعله مرجعاً أساسياً لا يمكن تجاوزه في الأبحاث السوسيولوجية. كل هذا يدفعنا للتساؤل: كيف يمكننا اليوم، في ظل التحولات الاجتماعية، إعادة تقييم أفكار ماركس حول الهيكل الطبقي، الدين، والأيديولوجيا؟ إلى أي مدى تظل هذه الأفكار قادرة على تفسير مشهدنا الحالي؟

 

المصادر والمراجع المعتمدة:

1-      كارل ماركس وفريديريك إنجلز، الإيديولوجية الألمانية، ترجمة الدكتور فؤاد أيوب (سوريا: دار دمشق للطباعة والنشر، 1976).

2-      ماركس وعلم الاجتماع، إعداد هنري لوفيبر، ترجمة وتقديم بدرالدين قاسم الرفاعي (كتابك للنشر والتوزيع).

3-      ميل تشيرتون وآن براون، علم الاجتماع النظرية والمنهج، ترجمة هناء الجوهري.

4-      الفرد والمجتمع في السوسيولوجية الكلاسيكية: نصوص مختارة. إعداد وترجمة محمد ياقين، مراجعة محمد الإدريسي. (دار النشر المعرفة، الرباط، 2020).

5-      علم الاجتماع من النظريات الكبرى إلى الشؤون اليومية، أعلام وتواريخ وتيارات، تحرير فيليب كابان - جان فرانسوا دورتيه، ترجمة الدكتور إياس حسن (كتابك للنشر والتوزيع).

[1]- ماركس وعلم الاجتماع، إعداد هنري لوفيبر، ترجمة وتقديم بدرالدين قاسم الرفاعي، ص 23

[2]- نفس المرجع السابق، ص 23

[3]- علم الاجتماع النظرية والمنهج، تأليف ميل تشيرتون وآن براون، ترجمة هناء الجوهري، ص 27

[4]- الفرد والمجتمع في السوسيولوجية الكلاسيكية: نصوص مختارة. إعداد وترجمة محمد ياقين، مراجعة محمد الإدريسي، ص 83

[5]- كارل ماركس وفريديريك إنجلز، الإيديولوجية الألمانية، ترجمة الدكتور فؤاد أيوب، ص 30

[6]- الفرد والمجتمع، إعداد محمد ياقين، مرجع سابق. ص، 83

[7]- نفس المرجع السابق، ص 65

[8]- علم الاجتماع من النظريات الكبرى إلى الشؤون اليومية، أعلام وتواريخ وتيارات، تحرير فيليب كابان – جان فرانسوا دورتيه، ترجمة الدكتور إياس حسن، ص 40

[9]- ماركس وعلم الاجتماع، مرجع سابق ص 75

[10]- ماركس وعلم الاجتماع، مرجع سابق ص 89