كعب الأحبار وأثره في الإسلام الأوّل
فئة : مقالات
يُعدّ كعب الأحبار اليهودي من الشخصيات البارزة في الإسلام الأوّل، وتحديدًا تلك الفترة بعد وفاة النبي مُحمّد؛ فقد ظهرت بعدها شخصيته، مضطلعة بدور بارز في”الحضارة الإسلامية"، فيبدو أثره ملموسًا لكل مطالع للتراث الإسلامي (العربي) في بنيته وتكوينه، من تفاسير لنصوص القرآن، وما ورد فيه من قصص للأنبياء السابقين على محمّد، ومن مدونات حديثية، ومن أخبارٍ أدرجت في كتب التواريخ العربية، ومن عقائد وتشريعات ترسخت صحتها في ذهنية المسلم. ورُغم دوره إلاّ أنه لم يلق اهتمامًا في الدرس العربي، وسُكت عنه، وسُيّج بهالة مقدسة نسبية، إذ هو الحبر الذي انتهى إليه علم يهود، وهو التابعي الذي اعتمد عليه كبار الصحابة في استمداد المعارف الدنيية .
يُعدّ كعب الأحبار اليهودي من الشخصيات البارزة في الإسلام الأوّل، وتحديدًا تلك الفترة بعد وفاة النبي مُحمّد
يذكر اسمه في المصادر العربية[1]: أبو إسحاق كعب[2] بن ماتع بن هينوع أو هيسوع[3] أوعمرو بن قيس بن معن بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن جهر بن قطن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ الحميري، وهو من اليمن من حمير من آل ذي رعين أو من آل ذي الكلاع من بني متيم[4]. ويُعرف بـ كعب الأحبار، أو كعب الحبر.
يختلف الرواة في تحديد الفترة الزمنية التي تحوّل فيها كعب عن اليهودية للإسلام؛ فبعضهم يرى أنه أسلم زمن النبي وقبل وفاته، وبعضهم يرى أنه أسلم في خلافة أبي بكر، وبعضهم يرى أنه أسلم في خلافة عمر، ويترجح أنه أسلم في فترة الأخير، وهي الفترة التي شهدت اعتمادًا على كعب في تأسيس كثير من المفاهيم والمعارف الدينية، والاهتمام بالعجيب والغريب الأسطوري، خاصة ما غاب ذكره في النص القرآني.
لا يُعرف على وجه الدقة أيضًا أسباب تحوّل كعب للإسلام، إلا أن سببًا حرص عليه الرواة، وحرص هو على جعله سببًا أساسيا في إسلامه، وهو أنه عثر على ورقات أخفاها أبوه عنه، وجد فيها صفة النبي مُحمّد في التوراة، وتتطور الرؤيا فيما بعد ليعثر كعب على صفة أمّة محمد، وأصحابه، والمدن التي تُفتح عليهم، وبحسب موسوعيته التي أكسبها له من حوله يصبح كعب الحبر الذي يُسأل ويوثق في كل ما يلقي به إليهم، فإليه انتهى علم التوراة .
يذكر اسمه في المصادر العربية: أبو إسحاق كعب بن ماتع بن هينوع أو هيسوع، أوعمرو بن قيس بن معن بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن جهر بن قطن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ الحميري
على عكس ما يرويه التراث عن كعب من أنه حظي باهتمام بالغ في فترة حياته من الإسلاميين، إلا أنه لم يلق اهتمامًا على مستوى الدرس العربي، وغاية الاهتمام به أن يُشار إليه بإيجاز، وحديثًا التفت إليه محمد رشيد رضا؛ فخصص له مقالة هو وراوية اليمن (وهب بن منبه) ألقى باللوم عليهما، إذ أكثر ما قالوه ونسبوه للكتب الدينية وللأنبياء محض خرافة وكذب، "فكانا يدسان في الدين بكذب الرواية، ومن جمعيتين دبرتا قتل الخليفتين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان"، كما اهتمّ جواد علي به في تأريخه للعرب قبل الإسلام، ثم اهتم به من بعد كـ(رَاوية) محمود أبو ريّة في دراسته عن شيخ المضيرة (أبي هريرة)، و(أضواء على السنة المحمدية) وخصص له مقالاً على استقلال نشره في مجلة الرسالة تحت عنوان: کعب الأحبار هو الصهيوني الأوّل، وخصصت وديعة طه النجم مقالاً للحديث عن كعب ووهب بن منبه، ضمن اهتمامها بالقصص ومصادره في الإسلام. كذلك كتب الشيخ يوسف الدّجوي عنه ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام مقالاً ونشره في مجلة نور الإسلام، وكتب عبد الحميد عنتر عنه مقالاً ونُشر في مجلة الأزهر، ومن البحوث الفارسية عن كعب الأحبار، ما كتبه علي غلامي دهقي تحت عنوان "مسلمانان صدر إسلام واندیشه هاي اسرائیلي (پذیرش وانکار)".
ومؤخرًا لقي كعب اهتمامًا في الجامعات العربية، من قِبل الباحث خليل إلياس؛ فخصص أطروحة دكتوراه عن أثر كعب في التفسير، وكذا فعل الباحث يوسف محمد رحمة حميد الشامسي في أطروحته ”كعب الأحبار مروياته وآراؤه في التفسير”.
لكنه حظي بنصيب وافر من الدرس في الوسط الأكاديمي في اللغات الأعجمية؛ فكتب شابير (Bernard Chapira) عن قصص الكتب المقدّسة المنسوبة إلى كعب الأحبار”Légendes Bibliques Attribués à Ka`b al-Abar.” Revue des Études Juives 69 (1919) .
وكتب إسرائيل ولفنسون (أبو ذؤيب) عن كعب الأحبار ومكانته في الحديث والقصص الإسلامي- أطروحته للدكتوراه في ألمانيا، وأجيزت في 1933 ثم ترجمها إلى العربية فيما بعد وراجعها صديقه محمود عباسي :
Wolfensohn, I., Kab al-Ahbar und seine Stellung im Hadith und der Islamischen Legendenliteratur , Frankfurt, Glenhausen, 1933. وهي دراسةٌ مهمة يتتبع فيها المؤلف تأثير الموروثات اليهودية على الأدب الشعبي والحكايات الإسلامية، كما رصد فيها تأثير كعب الأحبار في كل من الحديث النبوي والقصص الشعبية.
أن سببًا حرص عليه الرواة، وحرص هو على جعله سببًا أساسيا في إسلامه، وهو أنه عثر على ورقات أخفاها أبوه عنه، وجد فيها صفة النبي مُحمّد في التوراة
وكتب برلمان عن قصّة أسطورية لإسلام كعب الأحبار:M. Perlmann, 'A Legendary story of Ka'b al-Ahbar's Conversion to Islam', in The Joshua Starr Memorial Volume (New York 1953) 85-99. وله مقال آخر بعنوان : M. Perlmann, AnotherKa'b.. Story, JQRNS. 45/1954- 55/48- 58.
آثارٌ منسوبةٌ لكعب الأحبار
ينسب إلى كعب الأحبار مؤلفات، مثل: سيرة الإسكندر الأكبر وما فيها من العجائب والغرائب في مكتبة جامعة القاهرة صورة عن نسخة خطية من اسطنبول في مجلدين 262،260 ورقة، وفي معهد المخطوطات العربية نسخة منه برقم (703) تاريخ [ مصادر تاريخ اليمن في العصر الإسلامي – أيمن فؤاد سيد- المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية – القاهرة - 1974] وفاة موسى نسخة المكتبة الظاهرية 6 ورقات. السلك الناظم في علم الأول والآخر 11 ورقة.
حديث ذي الكفل طبع بولاق 1883م. حديث حمامات الذهب، وحديث افراقيسون بنت الملك (القاهرة ملحق 1/277،1-14). وحديث الواق واق وقصة وادي النمل.
رسالة في معجزات النبي.([5])
رسالة في الجفر، وهي رسالة فيما نُقل عن النبي دانيال من كلام فـي الملاحم، وهي تبحث كذلك في الأنواء وأحوال الرعد والبرق و الخسوف وغيــرها.([6])
أحاديث قدسية.([7])
[1] : راجع : تهذيب الكمال للمزّي 24/189-193 ط بيروت 1980، و الأنساب للسمعاني 6/85 ط الهند 1964، تاريخ دمشق لابن عساكر 50 ص ص 151-176 ط بيروت 1997، تفسير الطبري 6/250، الإصــابة لابن حجر 5/647-651، تحقيق علي محمد البجاوي، دار الجيل ببيروت، ط1،1412هـ 316، مقدمة ابن خلدون 1/203،205، وانظر : بروكلمان، ملحق 1/151، تاريخ التراث العربي، النشرة العربية مج 1 ج 2 ص 119 حلية الأولياء لأبي نعيم 5/364، طبعة دار الكتب العلمية ببيروت، تهذيب الأسماء و اللغات للنووي 2/68-69 طبعة دار الكتب العلمية، سير أعلام النبلاء للذهبي 3/489-494 تحقيق محمد العرقسوسي و آخرين، مؤسسة الرسالة، ط9، 1413هـ، تذكرة الحفاظ للذهبي 1/49 الطبعة الهندية، تهذيب التهذيب لابن حجر 8/438-40، الطبعة الهندية، تقريب التهذيب لابن حجر (5684)، ط1 دار العاصمة بالرياض،1412هـ، شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد الحنبلي 1/201، تحقيق محمود الأرناؤوط، دار ابن كثير بدمشق، ط1، 1406 هـ، الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام و مصر الحجاز لعبد الغني النابلسي ص34، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1986 م، الأعلام للزركلي 5/85.
[2] : ربما كان اسم (كعب) هو الاسم الأصلي له قبل الإسلام، و ربما كان مجهولاً اسمه الحقيقي، على خلاف غيره من اليهود قبل الإسلام، فعبد الله بن سلام كان يعرف في عهد يهوديته باسم الحصين فلما أسلـم سماه الرسول عبد الله.
[3] : يميل العالم هرشفلد Hirschfeld إلى الاعتقاد بأن هيسوع هو تحريف الاسم العبري يسوع أو يوشع
Jew Enc. Vll p.400.
[4] : يُعلق ولفنسون على سلسلة نسب كعب قائلا :" مما لا شك فيه أن جميع أسماء أجداد كعب الأحبار ملفقة و ذلك لسببين : (1) أنها لم ترد في المصادر القديمة مثل ابن سعد و الطبري وإضرابهما.
(2) أن جميع هذه الأسماء ليست من أسماء الأعلام اليمنية، التي كانت مألوفة في اليمن قبل الإسلام بل هي من الأعلام الشائعة في شمال بلاد العرب، و على العموم تظهر في جدول أنساب كعب تلك السذاجة التي نألفها في أنساب غيره من رجالات العرب في العصر الأول للهجرة الذين يرجع نسبهم إلى زمن بعيد في الجاهلية، حتى لتبدو كأنها مأخوذة من مصادر مكتوبة يعتمد عليها [انظر: كعب الأحبار لأبي ذؤيب ص 23 ط القدس].
([5]) انظر ( استدراكات على تاريخ التراث العربي ) - قسم السيرة و التاريخ - (6/13)،إعداد حسين النعيمـي و ابنه، و ذكرا بوجود نسخة منه لدى المكتبة المركزية بجامعة الملك عبد العزيز في (10) ورقات، والكتاب من مطبوعات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، دار ابن الجوزي بالدمام، ط1،1422هـ .
([6]) المصدر السابق -قسم الكيمياء- (8/197)، إعداد حمزة النعيمي، و ذكر أنه تـوجد مخطوطته بالمكتبة القادرية بجامع الشيخ عبد القادر الجيلاني ببغداد؛ ويقع في (33) ورقة .
([7]) المصدر السابق - قسم علوم الحديث - (4/34)، إعداد د. نجم خلف، وعنها نسخة بدار الكتب المصرية في (8) ورقات.