كيفَ كان يكسب مُشركو القرآنِ رزقهم؟


فئة :  ترجمات

كيفَ كان يكسب مُشركو القرآنِ رزقهم؟

كيفَ كان يكسب مُشركو القرآنِ رزقهم؟

تأليف: أ. د. باتريشيا كرون  

معهد الدراسات المتقدمة   

ترجمة: د. عبد الكريم محمد عبد الله الوظّاف

مُقدمة المُترجم

صدرت هذا المقالة، والموسومة بـ "How Did the Quranic Pagans Make a Living?"، في مجلة "Bulletin of the School of Oriental and African Studies"، في المجلد 68، العدد الثالث، الصادر عام 2005، من الصفحة 387-399، والصادرة عن جامعة لندن University of London، ونشرته مطبوعات جامعة كامبردج Cambridge University Press.

والأستاذة الدكتورة باتريشيا كرون Patricia Crone، هي عالمة ومؤلفة ومستشرقة ومؤرخة للتأريخ الإسلاميّ. ولدت عام 1945، وتُوفيت بالسرطان في 11 يوليو 2015م.

بعد إجرائها الامتحان التمهيديّ في جامعة كوبنهاغن University of Copenhagen؛ ذهبت كرون إلى باريس لتعلم اللغة الفرنسيَّة، ثم إلى لندن، المملكة المتحدة، حيث كانت مصممة على الالتحاق بجامعةٍ لتتحدث الإنجليزيَّة بطلاقةٍ. وفي عام 1974، حصلت على درجة الدكتوراه في الفلسفة من كلية الدراسات الشرقيَّة والإفريقيَّة School of Oriental and African Studies بجامعة لندن بأطروحة بعنوان: "الموالي في العصر الأمويّ، The Mawali in the Umayyad period". وكانت، آنذاك، زميلةً باحثةً أولى في معهد واربورغ Warburg Institute حتى عام 1977.

عمِلت كرون في الفترة من سنة 1997 حتى تقاعدها في عام 2014 في معهد الدراسات المتقدمة Institute for Advanced Study في برينستون في نيو جيرسي، وعُرفت باعتبارها مؤرخة للدين الإسلاميّ، وقد تعاملت مع القرآن ككِتاب مُقدسٍ وتأريخيّ، كما هو الحال مع الكتاب المقدس (العهدين القديم والجديد).

تُعدّ كرون من ضمن طبقة المراجعين أو المنقحين الغربيين للتراث الإسلاميّ، واشتهرت بكتابتها الفريدة، ومن ذلك كتابها الهاجريون Hagarism الصادر عام 1977، بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور ميخائيل كوك Michael Cook، كما صدر لها العديد من الكتب والمقالات، وتم جمع مقالاتها في 3 مجلدات؛ إحياءً لذكراها، وهذه واحدةً من مقالاتها.

تُسلط هذه المقالة على المهن والحرف والأعمال التي مارستها قُريش قبل عند ظهور الإسلام. وقد اعتمدت كرون على قراءة ودراسة القرآن الكريم، فحسب، ولم تكن دراستها لوسيلة كسب العيش لدى قريش عادية، بل درست المسألة من خلال تحليل الخطاب لآيات القرآن الكريم؛ أي قراءة ما وراء النص. وتناولت في دراستها الحالية المهن الآتية: الزراعة، والسفر برًا وبحرًا، والتجارة، وصيد السمك.

حاولت كرون، حسب المنهج العلميّ، أن تكون محايدةً؛ لذا يُنظر في هذا العمل احترامها الكامل للقرآن الكريم ككتابٍ مُقدسٍ؛ ولذا جاءت آرائها ونتائجها الواردة هنا غير جارحةٍ لمشاعر أو اعتقادات المسلمين، بقدر ما تفتح لهم أبعادًا للتفكير في كتابهم المُقدس، القرآن الكريم.

تنويه للقارئ:

أولًا: ما كان مِن تَعلِيقٍ مني أو إِضافة أو تصويبٍ؛ فقد وضعتْه بَيْن معقوفتين [ ].

ثانيًا: فيما يتعلق بترجمة الآيات القرآنيَّة؛ فقد أتيتُ بها كما هي في المصحف الشريف.

ثالثًا: ما ورد من أسماء لأعلام أجانب، لأول مرة في ثنايا هذا العمل؛ فقد ذكرتُ الاسم باللغة العربيَّة (الشكل الصوتي للاسم)، ثم أعقبته بذكر اسمه كما هو باللغة الأجنبيَّة، وإذا تكرر ذكر اسمه فيما بعد، فقد اكتفيتُ بذكر الاسم بالرسم الصوتي بالعربيَّة.

رابعًا: قُمتُ بصنع قائمة المصادر والمراجع، وفرزتها على 3 قوائم، فما كانت مصادر عربيَّة؛ وضعتها في القائمة الخاصة بالمصادر والمراجع باللغة العربيَّة، وما كانت مصادر بغير اللغة العربيَّة؛ فقد جعلتها في قائمة المصادر والمراجع التي باللغة الأجنبيَّة، وجعلت القائمة الأخيرة لمصادر الشبكة العنكبوتيَّة.

وأخيرًا... عند ذكر مصادر الكتاب، باللغة الأجنبيَّة، في الهامش، فإذا كانت مصادر عربيَّةٍ، فقد أتيتُ بتعريفها باللغة العربيَّة، وما كان باللغة الأجنبيَّة، فقد ترجمت اسم المؤلف وعنوان الكتاب أو البحث أو المقال الرئيس باللغة العربيَّة، ثم أتبعته بذكر معلوماته، كما جاءت في أصل هذا العمل.

[مقدمة]:

من بين الأسئلة المقاليَّة، الأكثر شهرةً، والتي تم وضعها لطلبة الدراسات الإسلاميَّة في المملكة المتحدة، هو السؤال الذي يطلب التعليق على القول المأثور إن "القرآن هو المصدر الوحيد الموثوق به لظهور الإسلام". ويستجيب الطلبة، عادةً، بسردٍ لتكوين النص القانونيّ وتعليقٍ مفاده: إنه كيفما كان تصورنا لهذه العمليَّة، فإن القرآن ليس مصدرًا غنيًا بالمعلومات التأريخيَّة، قليلون قد يختلفون مع هذ النتيجة. ويستخدم مؤرخو سيرة النَّبِيّ القرآنَ، كما هو موضحٌ في التفاسير، والذي يُوفر الأسماء والتواريخ والقصص وغيرها من البيانات التكميليَّة التي يحتاجون إليها، ويميلون، عن غير قصدٍ، إلى القيام بذلك حتى عندما يعتقدون أنهم يستخدمون القرآن وحده، ولكننا ربما وصلنا إلى حد التقليل من أهميَّة القرآن كمصدرٍ. قد لا يكون القرآن غنيًّا بالأدلة التأريخيَّة؛ ولكننا لسنا معتادين على الضغط عليه للحصول على معلوماتٍ إضافية، ربما لأن الوفرة الهائلة في المواد التفسيريَّة تبدو وكأنها تجعل الأمر غير ضروريٍّ. ومع وجود الكثير من أعمال التفسير والحديث والسِّيرة التي يجب الاهتمام بها؛ يصل التفكير بالمرء، فيما يتعلق بالمقاطع القرآنيَّة، باعتبارها مجرد تفسيراتٍ، إلا أنه يجب البحث عن جوهرها في مكانٍ آخر. وهذا كله من أجل فهم المؤرخين لردود فعل القُراء تجاه القرآن، ولكن من الواضح أن هذا لن يُناسب المهتمين بالمجتمع الذي ظهر فيهم القرآن. وفيما يلي، سأتجاهل التراث التفسيريّ، حتى يتسنى لي النظر إلى القرآن لوحده، بهدف الإجابة عن سؤال واحد وبسيط: كيف يتصور القرآن كسب المشركين لرزقهم؟

للاطلاع على نص الترجمة كاملا المرجو الضغط هنا