كَيْفَ نَجْعَلُ أَفْكارَنَا وَاضِحَةً
فئة : ترجمات
كَيْفَ نَجْعَلُ أَفْكارَنَا وَاضِحَةً
تأليف: تشارلز ساندرس ﭘورس
تحقيق: ناثان هاوْزر وكريستيان كلاوْزل[1]
تقديم وترجمة: الدكتور أحمد فريحي[2]
تقديم:
إنَّ تاريخَ ظهور هذه المقالة هو تاريخُ تأسيس الفلسفة البراغماتية، وتاريخُ تحديد معناها، وتاريخُ تبلورها كمفهوم فلسفي، ومعرفي، ونفسي. وعلى الرَّغم من أنَّ تصور بورس البراغماتي لمْ يُلتفتْ إليه في الوقت الَّذي ظهرت فيه هذه المقالة، واستغرقَ الالتفات إليه ما يقاربُ العشرين سنة، لمَّا طبَّقه صديقُه وليام جيمس على تصوره الدِّيني، وأعلنَ عنه كمذهب جديدٍ في الفلسفة. إنَّ پورس هو صاحبُ المبدأ البراغماتي، وهو المؤسِّسُ الحقيقي للمذهب من خلال هذه المقالة، وصديقُه وليام جيمس هو صائغُ لفظ "براغماتية"، والمُساهم في انتشار المذهب بين الأوساط الفلسفية من خلالِ مُحاضراته وكتبه. قال وليام جيمس، وهو يحكي عن هذا السِّياق التَّاريخي الَّذي تأسس فيه المذهب البراغماتي: «إنَّ إلقاءَ لمحةٍ خاطفةٍ عن تاريخ هذه الفكرة، سيوضح لك ما تعْنيه البراغماتية على نحو أفضل. فاللَّفظ مشتقٌ من اللَّفظ اليوناني "براغما= prάgma"، الَّذي يفيد الفعل، وإليه يُرد اللفظان "ممارسة" و"عملي".[3] لقدْ قدَّم تشالز پورس لأول مرة هذا اللَّفظ سنة 1878؛ وذلك في مقالة عنوانها "كيف نجعل أفكارنا واضحة"، والَّتي نشرت في مجلة "العلم الشعبي الشهرية" في شهر يناير من تلك السنة[4]، حيث أشار إلى أنَّ إيماننا ليس إلاَّ قواعد للفعل، لقد قال، إنَّه لكي نطوِّر معنى فكرة ما، فإنَّنا لسنا في حاجة فقط إلاَّ إلى تحديد السُّلوك الَّذي تصلح هذه الفكرة لإنتاجه: بمعنى أنَّ السُّلوكَ هو الدَّلالة الوحيدة للفكر بالنسبة إلينا. والواقعة الملموسة المتجذرة في كلِّ اختلافاتنا الفكرية، مهما كانت خفية، هي أنه لا يوجد فرقٌ دقيق بينها إلى الحد الَّذي لا يجعلها تنطوي على شيء سوى اختلافٍ ممكنٍ في الممارسة. ولكي نصل إلى الوضوح التَّام في فكرتنا عن شيءٍ ما، فما علينا سوى أنْ ندركَ التأثيرات من النَّوع العملي الَّتي يخلفها هذا الشَّيء- وأنْ ندركَ الإحساسات الَّتي نتوقعها منه، وندركَ ردود الأفعال الَّتي يجبَ أن نستعد لها. إنَّ تصورنا لهذه التأثيرات، سواء كانت مباشرة أو بعيدة، هو كلُّ تصورنا للشيء، بالقدر الَّذي يجعل لهذا التَّصور دلالة إيجابية على نحو مطلق. هذا هو مبدأ پورس، وهذا هو مبدأ البراغماتية. لقدْ ظل هذا المبدأ في طيِّ النِّسيان لمدة عشرين سنة دون أنْ ينتبه إليه أحد، إلى أنْ ألقيتُ محاضرة أمام المجمع الفلسفي الَّذي يترأسُه الأستاذ هوسون بجامعة كاليفورنيا، وعرضتُ لهذا المبدأ مرة أخرى، وطبقتُه على الدِّين بالخصوص. وبحلول سنة 1898 كانتِ الفترة مواتية لقَبولِ لفظ "البراغماتية"، وانتشر بعد ذلك في الآفاق، على صفحات المجلات الفلسفية.».[5]
للاطلاع على تفاصيل الترجمة كاملة المرجو الضغط هنا
[1]- ناثان هاوزر Nathan Houser أستاذ جامعي متخصص في الفلسفة (متقاعد حاليا)، عمل أستاذا بجامعة إندياناپوليس، وأستاذا فخريا بمعهد الفكر الأمريكي، اهتم بفلسفة تشارلز ساندرز پورس، دراسة وتحقيقا بمعية كريسيان كلاوزل Christian Kloesel الذي كان أستاذ كرسي، وأستاذا فخريا متخصصا في الدراسات الإنجليزية، حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة كنساس سنة 1973، دَرَس بألمانيا وبجامعة كنساس.
[2]- أستاذ الفلسفة، حاصل على الدكتوراه من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن طفيل، القنيطرة.
[3]- تجدر الإشارة إلى أن بورس لم يستعمل لفظ "براغماتية" في هذه المقالة، وإنما استعمل ألفاظ دالة عليها، من قبيل "ممارسة"، و"الفعل"، و"التأثير".
[4]- يعتقد بعض الباحثين أن هذه المقالة كتبت لأول مرة باللغة الفرنسية. لكن لما اطلعنا على النسخة الفرنسية وجدنا أنها نشرت في شهر دجنبر من سنة 1878، بـ "المجلة الفلسفية لفرنسا والخارج" Revue Philosophique de la France et de l’étranger، المجلد السادس، ص. 533-569. لكن النسخة الإنجليزية كما هو مصرح به أعلاه، فقد نشرت في شهر يناير من نفس السنة، في مجلة "العلم الشعبي الشهرية" سنة 1878، ص.286-302، العدد الثاني عشر. وبذلك تكون النسخة الإنجليزية قد سبقت الفرنسية بعشر أشهر. لكن ورد في التقديم أنها كتبت ما بين 13 و24 من شهر شتنبر سنة 1877، لما كان پورس مبحرا إلى إنجلترا، ولا نعلم بأي لغة كتبت في البداية.
[5]- James, W., Pragmatism: A New Name for some Old Ways of Thinking, Popular Lectures on Philosophy, Longman, Green CO, New York, 1931, pp. 46-47: «A glance at the history of the idea with show you still better what pragmatism means. The term is derived from the same Greek word prάgma, meaning action, from which our words “practice” and “practical” come. It was first introduced into philosophy by Mr. Charles Peirce in 1878. In an article entitled “How to Make Our Ideas Clear”, in the “Popular Science Monthly” for January of that year Mr. Peirce, after pointing out that our beliefs are really rules of action, said that, to develop a thoughts meaning, we need only determine what conduct it is fitted to produce: that conduct is for us its sole significance. And the tangible fact at the root of all our thought distinctions, however subtle, is that there is no one of them so fine as to consist in anything but a possible difference of practice. To attain perfect clearness in our thoughts of an object, then, we need only consider what conceivable effects of a practical kind the object may involve- what sensations we are expect from it, and what reactions we must prepare. Our conception of these effects, whether immediate or remote, is then for us the whole of our conception of the object, so far as that conception has positive significance at all. This is the principle of Peirce, the principle of pragmatism. It lay entirely unnoticed byany one for twenty years, until I, in an address before Professor Howison’s philosophical union at the university of California, brought it forward again and made a special application of it to religion. By that date (1898) the times seemed ripe for its reception. The word ‘pragmatism’ spread, and at present it fairly spots the pages of the philosophic journals. »