مبغى المعبد
فئة : قراءات في كتب
نسج المعبد لنفسه صورة بكونه حريص كل الحرص على العفة والشرف و تطهير المجتمع من البغاء. ومن ثم نصب نفسه وصيا على موضوع الزواج، إلى درجة يصح معها القول إن الزواج تم تأميمه من طرف المعبد وكهنته. سيكون عنوان كتاب عبد الرزاق الجبران "مبغى المعبد" مستفزا وصادما للقارئ، لكونه يشكل خروجا عن المألوف وعن المتعارف عليه، خاصة في هذا الموضوع بالذات، موضوع الزواج.
يمضي عبد الرزاق الجبران في خطه الانقلابي - كما يحلو له أن يسميه- فهو لا يؤمن بمقولة التجديد في عملية الإصلاح إذ إن فكرة الإصلاح لديه ليست إلا انقلابا على جل المعاني والمفاهيم المتداولة في التراث الذي يصفه بأنه عاقر علميا ومعرفيا[1]، فهو ليس إلا مسودة كذب[2] من لدن الفقهاء والكهنة على الدين؛ فالتحدي اليوم هو تحدي العمل على تخليص الدين من كذب الفقهاء والكهنة ورجال الدين. فكتاب "مبغى المعبد" يفند كل مقولات الفقه ويعري كل تناقضاته، و ظهر مدى ابتعاده عن البعد الوجودي لدى الإنسان.
مع الفهم الوجودي للدين، يصير الزواج بدرجة أولى ارتباطا قلبيا، وهذا ما ضيعه الفقه، إذ خطيئة رجل الدين لا تكمن في كونه يحرم الزواج بين أناس لا تجتمع أديانها، بل خطيئته تكمن في كونه يحلل الزواج بين أناس لا تجتمع قلوبها؛[3] فرجل الدين هنا لا يعترف بالحب، والأكثر من ذلك أنه يحرمه أحيانا، لذا نجده لا يعرف حقيقة الزواج، وهذا هو أهم أس بديهي يكفي لطرد الكاهن من حاكمية الزواج.[4]
إن الفهم الوجودي لموضوع الزواج، وما يرتبط به وما يترتب عنه، يعد مدخلا مهما في خلخلة الموروث الديني، مع العلم أن موضوع الزواجيغطي مساحة واسعة من مجال التشريع. ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب "مبغى المعبد" الذي يفتح أعين القارئ على فهم آخر للدين وموضوعاته، يكون أقرب للإنسان من حيث إحساسه ووجدانه وعقله.
[1] مبغى المعبد، عبد الرزاق الجبران، دار نون، رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة، طبعة 2012 ص. 23[1]
[2]نفسه، ص. 24[2]
[3]نفسه، ص.11[3]
[4]نفسه، ص 19