مفهوم التكمين (التوقع) عند ستيفان لوباسكو

فئة :  أبحاث محكمة

مفهوم التكمين (التوقع) عند ستيفان لوباسكو

مفهوم التكمين (التوقع) عند ستيفان لوباسكو

ملخص:

في البداية سنذكر بالاختلافات البنيوية بين منطق عدم التناقض الذي يعتمد على قوانين الفكر الأرسطية والمنطق الدينامي للتعارض لستيفان لوباسكو (1900-1988) بناء على نتائج الثورة الميكروفيزيائية التي غيرت من الطريقة التي نرى بها الواقع، خاصة التناقض القائم في العالم الميكروسكوبي، بناء على النتائج التي توصل إليها علماء ميكانيكا الكم انطلاقا من كوانتم ماكس بلانك Max Planck. بعد ذلك سنقوم بدارسة مفهوم التكمين واختلافاته مع مفهوم الممكن من خلال الزاوية المنطقية. وأخيرًا سنبين أهمية هذا المفهوم في صياغة المبادئ الأساسية للمنطق الطاقي للوباسكو، والتي أسهمت في تأسيس نظريته حول المواد الثلاث، بالإضافة إلى امتدادها في فكر بسراب نيكوليسكو Basrab NICOLESCU في ما يتعلق بمفهوم الوحدة المفتوحة.

تقديم:

تطورت العلوم الفيزيائية بشكل غير مسبوق في القرنين الماضيين، يظهر ذلك في الفترة القصيرة لتربع النظريات الحديثة المتوالية على عرش الموضوعية objectivité والمصداقية، لدرجة أننا اليوم لم نعد نملك الشجاعة الكافية لتبني والدفاع عما أطلق عليه النظرية الكاملة الشاملة الواصفة لجلّ الظواهر الفيزيائية التي تحدث في الكون، سواء تعلق الأمر بالجزء اللامتناهي في الكبر أو حتى الجزء اللامتناهي في الصغر.

إن الإشكاليات العلمية والفلسفية التي نشأت عن ظهور فيزياء الكم la physique quantique ونظرية إنشتاين Einstein النسبية، هي مجرد نقطة بداية لتوجه متواصل نحو هدم أساسيات ومبادئ الفيزياء الكلاسيكية la physique classique، خاصة بنيتها التحديدية، بالإضافة إلى المنطق التقليدي الذي أسهم في تقييد حريتها بقدر ما جعلها أكثر متانة ومطلقية واتساقا في الوقت نفسه، حيث إن الجسيمات الذرية ذات الطبيعة الثنائية والصبغة الاحتمالية لعالم بلانك Max Planck أثبتت عكس ذلك. انعكس هذا التوجه في النتائج اللاعقلانية واللامنطقية التي أسفرت عن تقدم هذه العلوم، التي بلغت درجات تكاد تدخل في مجال الخيال، أهمها الاندماج الغريب لفيزياء الكم مع نظرية إنشتاين في شكل نظرية أطلق عليها الأوتار الفائقة la théorie des supercordes، وهي أعقد من مثيلاتها سواء في الرياضيات المعقدة التي تؤطرها، أو حتى المنطق الذي يدعمها.

يعتمد المنطق التقليدي عديدا من المبادئ القديمة جدًّا، التي لم تستطع تجاوز كم التعارض الذي ميز عالم الكم، خاصة بعد ظهور علاقات اللاتعين لهايزنبرغprincipe d’indétermination d’Heisenberg، بالإضافة إلى الحرب المنطقية التي طبعت القرن العشرين بين علماء الموجات والجسيمات، وهي حرب هوية identité بامتياز وفقا لحالة القلق العائدة لعجز منطق عدم التناقض la logique de non-contradiction على توفير عدة مفاهيمية قابلة لتبني الهويتين بشكل سلس، فقط لأنه منطق لا يقبل التعارض، كما أنه يعتمد مبدأ الهوية المطلقة والنهائية، حيث إن كل تعارض يلقى به نحو بحر اللاعقلانية لأجل التخلص منه بصفة نهائية، قبل أن يتغير الوضع بظهور منطق التعارضla logique de contradiction لستيفان لوباسكو Stéphane LUPASCO.

في هذه المقالة، سنتحدث بالأساس على مفهوم التكمين potentialisation للوباسكو، نظرا لأهميته القاعدية في منطقه وفلسفته، في محاولة منا لتوضيحه وإزالة بعض الغموض واللبس الذي يعتريه، كما سنتطرق أيضا قبل ذلك، إلى الاختلافات الجوهرية بين منطق التعارض ومنطق عدم التناقض في ظل التجربة الميكروفيزيائية l’expérience microphysique التي يرجع لها الفضل الأكبر في ظهور هذا المنطق الجديد، سعيا للإحاطة بالدور الجوهري الذي لعبه هذا المفهوم ليس فقط في توضيح وشرح عالم بلانك، بل أيضا في كونه يعبر عن توجه فكري جديد للفكر المركب la pensée complexe، كما يعتقد بسراب نيكوليسكو مؤسس النظرية العبرمنهاجية .La transdisciplinarité

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا