نشدان العقاب...قراءة في كتاب المازوخية لساشا ناخت


فئة :  قراءات في كتب

نشدان العقاب...قراءة في كتاب المازوخية لساشا ناخت

نشدان العقاب...قراءة في كتاب المازوخية لساشا ناخت

على سبيل الفتح:

غريبة تلك العلاقة بين اللذة والألم بين الحب والعذاب؛ فخلود قصص الحب متوقف على أساس طريف جداً، وهو أن نرسم خط سلوكها النهائي بفراق وجراح مفتوحة على أسئلة معلقة؛ فلا تثير لدينا كلمة "عاشا سعيدين" اهتماما كبيراً كما قال آلان دوبوتون[1]. هذا التقابل الضدي الذي يسكن الإنسان، كمشكلة فلسفية نفسية يدفع بنا إلى التعبير عن هذه الحالة المرضية والشاذة بالمازوخية[2].

تعود تسمية المازوخية إلى الأديب النمساوي زاخر مازوخ (1836-1895م) كان والده النمساوي من أصول إسبانية مديرا للشرطة وأمه سيدة أكرانية تحمل دماء نبيلة، كانت طفولة مازوخ حرجة وحساسة بحيث لم يكن متوقعاً بقاؤه حياً، لكنه بدأ يتحسن حينما قدمته أمه إلى فلاحة أوكرانية متينة تسمى هايديزيا لإرضاعه، التي تحدث في وقت لاحق عنها بأنه لم يلمَّ صحته منها فقط بل روحه أيضاً واصفا إياها بتمام الجمال والمالكة لنواصيه. هكذا وقد حشرت المرضعة رأس الصغير مازوخ بقصص القياصرة الدمويين والتي كانت فيها المرأة دوماً التي تعذب الرجل وتقتله، امرأة جامحة قاسية وسادية ذات فراء تحمل بيدها سوطاً وتعذب عشاقها، فراح في حياته يطلب التألم القاسي وتعذيب الأنا على يد امرأة جميلة ومحبوبة.

اتسمت أعماله الأدبية، ومن أشهرها La Vénus a la fourrure (أطلق مصطلح المازوخية في سنة 1886م، بعد نشر مازوخ لهاته الرواية، من قبل كرافت إبينج وقد قال ساشا ناخت أن سنة تسمية هذا المصطلح 1869م وهذا غير صحيح[3])، حيث أعرب مازوخ عن قلقه من أن تلطخ سمعته بعد أن أطلق عالم النفس كرافت إبينج على هذه الانحراف الجنسي مصطلح المازوخية؛ وهذا ما حصل تماما فقد تم نسيان كل إرث مازوخ، ولم يبقَ في الذكر سوى فينوس ذات الفراء. ويحكى أنه قد دفع زوجته إلى أن تتخذ عشيقاً لها، وكان يتوقف وراء الباب لكي يسمع صراخها حين تتحكم فيها القوى الإيروسية والشتائم التي يلقيها عليها عشيقها، هذا كله كان تحقيقاً لما عاشه مازوخ في صغره عندما كانت يلعب وقد دخل إلى غرفة خالته زنوبيا واختبأ عندما أدخلت خالته عشيقها لها إلى الغرفة، وعندما وجدها زوجها كان ينتظر الطفل أن يصفعها زوجها لكنه شاهد العكس من ذلك، صفعته زوجته ولكزته بالكرباج، وعندما سقط المشجب انكشف الطفل المخبوء وراءها فصارت الخالة تضرب مازوخ برجلها وأغلقت عليه الباب وصار يسمعها وراء الدفة، هذا الحدث انحفر في نفسه بالحديد المحمى، لم يفهم ذلك المرأة المثيرة للشهوة التي تقسوا في معاملة زوجها بعد خيانتها له.

كتاب "المازوخية" لساشا ناخت Sacha Nacht (1901-1977م)، وهو مؤسس معهد التحليل النفسي في باريس ونائب ورئيس الجمعية الدولية للتحليل النفسي، هذا الكتاب الذي ترجمته مي طرابيشي والواقع في 165 صفحة، والذي صنفه ناخت إلى ستة صنوف (تاريخ المسألة؛ المازوخية الشهوية؛ المازوخية المعنوية؛ المازوخية لدى المرأة؛ دور المازوخية في اضطرابات القدرة الجنسية لدى الرجل؛ ملاحضات علاجية)، يذكر فيه واحدة من أهم المشكلات في علم الأمراض النفسية على الأقل في ميدان الأبحاث التحليلية النفسية.

تاريخ المسألة:

عرّف ش. ناخت المازوخية بوصفها انحرافاً جنسياً أو حالة مرضية عُصابية، حيث ينشد المازوخي الألم مباشرة بغية الحصول على إشباع إيروسي تناسلي[4]، وقد ذكر العديد من الشخصيات التي تم تحليل سيرتها نفسياً مثل سقراط مع زوجته "اكزانتيب"، وأرسطو والمومس فيليس التي سقط في حبها، وتم تصوير أرسطو على أربعة قوائم وتمتطي ظهره امرأة تحمل سوطاً. وكانت المومسات في العصور القديمة، يقدمن لفينوس إلهة الحب والجنس والجمال عند اليونان، في عداد النُذر سياطا وألجمة ومهامز ما يؤكد وجود هذه الممارسات الإيروسية.

ومنذ القرن السادس عشر استهل الأدب وصف دور الجلد في الإشارة الجنسية، ولم يكن يرى الكتاب فيها سوى أدوات للإثارة الجنسية الشهوية، لكن مع مطلع القرن 19م شخصت هذه المسألة بوصفها انحرافاً جنسياً، حيث وصف كرافت المازوخية في جملتها نمواً باثولوجياً مفرطاً لعناصر نفسية أنثوية، تعزيزاً مرضياً لبعض سمات نفس المرأة[5].

اعتبر سيغموند فرويد S. Freud المازوخية دفاعاً غريزياً مستقلا سماه "غريزة الموت"، حيث عبر عنها لأول مرة في كتابه "ثلاث مقالات في النظرية الجنسية"؛ فقد أشار إلى:

1-   مشاركة السادية والمازوخية في الحياة النفسية.

2-   السلبية التي تميز موقف المازوخي في الموضوع الجنسي.

3-   العلاقة بين السادية والمازوخية على اعتبار أن الثانية ليست سوى تحول للأولى.

ولم يعد فرويد إلى المسألة إلا عام 1919م؛ وذلك في دراسته حول تخييلات الجلد التي جعل عنوانها "طفل يضرب" فيقول: "إن الشعور بالذنب هو الذي يحول دائماً السادية إلى مازوخية" أي الدور الذي تلعبه "عقدة الذنب" في انقلاب النزعة السادية العدوانية إلى نقيضتها المازوخية السلبية. وعليه يكون الجلد لدى المرضى العصابيين (طفلا يضرب) رغبة مكبوتة في أن يضربه أبوه، تنوب رغبة الطفل في أن يضربه أبوه مناب رغبته المكبوتة في أن يحبه هذا الأب وتترجم هذه الرغبة في صورة عقاب (بمعنى أنه يراه تعبيراً عن الحب عندما يضرب فيسبب في أفعال لكي يتلقى الضرب فيضفي صورة حية للألم بدل استخدام الأنا الأعلى وسيلة لمعاقبة الذات)، فقد لا تكون للطفل وسيلة أخرى لجذب الانتباه غير استثارة الغضب والعقاب وفي البداية سيقول لا شعورياً في نفسه إن أي شيء أفضل من لا شيء، فحرمان الطفل من الحب أو من الإشباع الإيروسي يقوده إلى طلب المعاملة السيئة التي تنتهي بعد أن تخضع للتجنيس إلى تلبية حاجاته الليبيدية ولكن بطريقة مازوخية، وبما أن الأم هي التي توفر جميع الإشباعات الليبيدية لردح من الزمن، فمن المرأة سيطلب فيما بعد هذه الإشباعات. وبالتالي فتفسير فرويد للمازوخية هي تلك العلاقة بين غرائز الموت وغرائز الحياة/ الغرائز الليبيدية والغرائز التدميرية.

وعلى ذكر الأنا الأعلى، فإنه الصورة الرمزية للوالدين، هذا الضمير/ الأنا الأعلى هو السلطة النقدية المبطنة لنواهي الوالدين، هذا الاستبطان يحدث تحث تأثير الخوف، وبالتحديد الخوف من فقدان الوالدين وكذلك من عقاب جنسي (عقدة الإخصاء).

الطفل الذي يرزح تحت وطأة عقدة أوديب وعقدة الإخصاء والعقاب وفقدان حب الوالدين، هذا الخوف يلازمه ولا يستطيع التغلب عليه، فيجد نفسه منساقاً إلى استبطان واستدماج جميع الانتقادات والنواهي، هذا الخوف والحب في نفس الوقت للوالدين يشعر الطفل جراءهما إلى اعتبار الوالد/ الوالدة إلى حليف من هنا تتأتى للطفل القدرة على كبث رغباته المحرمية (حب المحارم)، هذه الازدواجية المبطن في نفسية الطفل، الأب الذي يحبه ويعدوه لأن الغيرة تحمله على الكره، هي التي يتشكل منها مستقبلاً الأنا الأعلى. ولا يخمد نار النزاع/عقدة أوديب إلا حين يظهر ويكتمل تشكل الأنا الأعلى، هذه الهيئة النفسية الناقدة والتي تحظر على منوال الأب الميول والنوازع الجنسية[6].

إن الخوف المشتق من العدوانية والعداء تجاه الوالدين، سيرتد إلى الداخل فسيميل الأنا الأعلى للراشد إلى معاقبة وحظر كل ميل ورغبة جنسية، صرامته المفرطة التي تكون على صورة قصاص ذاتي، تتيح الأنا الانفلات من أسر الخوف المستبطن الذي يناظر في الواقع الخوف من الإخصاء (رفض الإشباع الليبيدي يطلق العنان بمشاعر العداء).

المازوخية الشهوية:

في النوع الأول من المازوخية؛ وهي المازوخية الشهوية التي يطلب المريض فيها الألم بهدف الحصول على إشباعات إيروسية، فقد أقام بكامل وعيه العلاقة بين الألم والإشباع الذي يوفره له هذا الألم، فقد نرى امرأة (أو رجلا في حالات استثنائية) ذات صفات ذكورية والسلطوية والقوة في النهار وفي الليل تطلب المعني بتنفيذ ما كان من الأوامر أبعدها تصديقاً، كأن توضع في موقف مذل ومحز أو أن تنهال عليها الضربات....إلخ.

وهناك من المازوخيين ما يكتفون بالتخييلات في صور استيهامية إيروسية، وهو عصاب أكثر منه انحراف، وهذه المازوخية كما وصفها كرافت تمثل مغالاة مرضية في الجنسية الأنثوية لدى الرجل.

في "طفل يضرب" لفرويد يرى من تجنيس العقاب أنه لا يمكن فهمه إلا عن طريق النكوص، العودة إلى مراحل قبتناسلية من النمو الطفلي. فعادة ما يساهم الوالدين والجو العائلي والميول الجبلية من توجيه الميول الطفلية والنمو الجنسي.

إن عقدة أوديب لهي بمثابة منعطف في النمو الجنسي النفسي وعلى الطفل أن يتخطاه، وإذا لم يتمكن من تجاوزه وجد نفسه مجبراً على الرجوع إلى الوراء.

إن الموضوع الجنسي لدى المازوخي يتعلق بامرأة ذات صفاة ذكورية تشهر سوطاً (السوط يمثل العضو الذكري رمزيا ويرمز الضرب بالسوط الجماع في نظر المازوخيين) وتلبس فرواً، ومنها يستعيد الطفل الراشد صورة الأم الذكورية القادرة على كل شيء.

المازوخية المعنوية:

تمتاز المازوخية المعنوية عن الشهوية بضربين: لا ترتبط في الوهلة الأولى بالوظائف الجنسية ولا من جهة أخرى ظاهرة شعورية فلا يعرف صاحبها أنه مازوخي ويجهل أنه الذي يصطنع آلامه فهو يختار الألم لاشعورياً. فالألم عنده وسيلة فقط للوصول إلى غاية الإشباع اللذِّي. هذا الميل العقابي الذاتي، الذي من خلاله تتظاهر عقدة الذنب الطفلية لا يشكل حاجزاً أما الشفاء فحسب بل يساهم بقسط وفير في نشوء النفسي لحالات مرضية عصابية.

ويكون الطبع المازوخي كصفات نموذجية على النحو التالي:

ü   ذاتياً: شعور دائم بالشقاء يصعب تحديده وبتوتر وجداني وبعدم الرضى (الحاجة إلى الاشتكاء والظهور بمظهر الإنسان البئيس المسحوق تحت وطأة الحياة).

ü   موضوعياً: سلوك يفتقر إلى المرونة ويبعث على الدهشة، ولا سيما إذا كان صادراً عن الشخص ذي ذكاء عادي فهو يجذب عداوة المحيط، يستفز المحيطين به ويستدعي سلوكه انفلات السادية لدى الآخرين (فرويد: "كلما لاحت في الأفق نذر ضربة، مدَّ لها المازوخي خذه").

إن هذه الدوافع الغريزية الجنسية للأنا الراشد تحاكم بصرامة وقسوة لأن من يحاكمها هو أنا أعلى طفلي (إبعاد الخصاء المتوهم فيعاقب نفسه لاشعورياً كحركة دفاعية)، بقي في الطور الأوديبي، وفرويد يعلمنا عن طريق تحليل التخييلات المازوخية أن رغبة الطفل في أن يضرب من قبل الأب هو تعبير لاشعوري عن الحاجة إلى أن يلعب الطفل دوراً جنسياً سلبياً، أو العكس يعني أمّ متسلطة (أمّ "خصاءة") أو أن تحدث له خيبة أمل كبيرة من الأم متبوعة بكراهية، فتحمل المازوخي المعنوي على أن يسلك مسلك الماوزخي المنحرف.

المازوخي متلهف دائماً أكثر من أي شخص آخر إلى الحب، ويتوق باستمرار إلى تلقي براهين حب، الحاجة إلى التألم وبالتالي الاشتكاء. ومن هنا يكون الطفل غير المحبوب أمام خيار وحيد هو أن يصبح إنساناً تعيساً أو لا يطاق، وهكذا يستجدي الاهتمام والعناية والحب ممن يحيط به، ولا يتوقف عن الإكثار من المشاكل حتى يجذب عداوة الآخرين الذي يطلب منهم الحب فيتم ضربه.

من هنا يسيء المازوخي معاملة نفسه، فصرامة الأنا الأعلى القاسي هو العنصر المميز لللجهاز النفسي لديه، فيؤدي حظر الأنا الأعلى/السلطة الوالدية للإشباع الجنسي إلى بعض أشكال مازوخية من العنّة[7].

المازوخية لدى المرأة:

ذهب الكثير من الدراسين إلى اعتبار المازوخية طبيعية لدى المرأة، ومن السهل الطعن في هذه الدعاوى؛ فالرجل المازوخي يتبنى عصابياً صفات السلوك الأنثوي لكن هذا لا يأذن إلى اعتبار هذه الصفات ذاتها مازوخية لدى المرأة، والحضارات من نمط مذكر فرضت على المرأة موقف السلب والخضوع والتبعية ومرد ذلك على الأرجح أن المرأة بيولوجياً أدنى من الرجل وأضعف بدنياً ولا تملك عضوا تتخذ من خلاله دوراً جنسياً إيجابياً أساساً.

الرجل الذي يتصرف كما لو أنه مخصي، ويرغب في لعب دور سلبي في الجماع، ويتخيل نفسه امرأة قيد المخاض فهو مازوخي. أما بالنسبة إلى المرأة فهذه أشياء حتمت الطبيعة عليها أن تسير وفقه مجبولة.

الليبيدو الطفلي والتخييلات الجنسية تنمو نمواً متماثلا لدى الصبي كما لدى البنت، فهي تعبر عن الحاجة المبهمة إلى امتلاك الأم، وفي هذا الطور تتماهى البنت مع أبيها، حتى تكشف الفارق بين الجنسين، فإذا لم يكن هناك حائل أقلعت عن رغباتها الجنسية الإيجابية/ المذكرة إزاء أمها وتتماهى معها (تكون محبة لأمها ومعجبة بها) وكما أنها تكون المسؤولة عما ينقصها (القضيب) حينها تدخل المرحلة الأوديبية وتقف موقفاً أنثوياً إزاء أبيها وتأمل أن تحصل منه على ولد أي أنها تريد أن تنوب مناب والدتها.

تصر البنت قبلها على إنكار الفارق الجنسي ما سيقودها تدريجياً إلى الإفصاح عن ميول مميزة لعقدة الذكورة لدى المرأة، سيسلك هؤلاء النساء مسلك الرجال المازوخيين، فيخشين على ذكورتهن (عقوبة الإخصاء) ومن تم ستتمخض لديهن استجابات عقابية ذاتية مازوخية محتجبة خلف سلوك ذكوري وعدواني في ظاهره ليبعدن عنهن خطر الإخصاء الوهمي.

وتتصور في حالات أخرى أنها مادامت لا تملك قضيباً فهذا أن أحدهم قطعه لها (خصيت) وتتخيل أن هذا عقاب مستأهل بحكم الممارسات الاستمنائية المعنوية وأحياناً أخرى بحكم الميول الأوديبية المعكوسة.

دور المازوخية المعنوية في اضطرابات القدرة الجنسية لدى الرجل:

المصابون بالعنة يخفون سبب صعوباتهم بقولهم إنهم يخافون أن يوجعوا نساءهم أثناء الفعل الجنسي وما لا يعلمونه أنهم يشكون من الخوف بنوع ما في أنفسهم، يقود الأنا الأعلى إلى المعني إلى الرد على هذه العدوانية بمعارضة عنيفة وتامة، فإن كبتت هذه المعارضة قد يؤدي إلى كف لمجمل الفعل الجنسي، فالسمات المشتركة بين كل أنماط الرجال المصابين بالعنة، تتمثل في المكسب الاقتصادي لعصابهم يتسم بواحدة من الصفات البارزة للمازوخية المعنوية إرضاء الأنا الأعلى وما هو إلا استطالة للقلق الطفلي بمعنى استئهال حب الوالدين أو المحافظة عليه مهما كلف الثمن وكثيراً ما تعمل مازوخيتهم في خدمة هذه الحاجة.

يقيم الصبي إزاء أبيه على موقف من السلبية وصار عنيفاً فجميع الآلام التي سينزلها بغيره أو بنفسه، تكون جميع الضربات بدائل عن العنف الذي كان يتمنى لو أن أباه أنزله به، وفي نفس الوقت تكون العلة القمينة بأن تقود المازوخي إلى الجنسية المثلية تتمثل بالخوف من الرجل (صورة الأب) مما يؤدي إلى الهروب نحو التماهي الأنثوي السلبي مع الأم للإفلات من العدوان المرتهب، كما أنها تؤدي أيضاً بالفرد إلى المازوخية.

وينجم عنها أيضاً عصاب وسواسي ومن مميزاته:

1-   أنا أعلى قاس قسوة سافرة، وتكون قواه السادية تغذيها عدوانية قوية منعكسة على ذات الشخص.

2-   الازدواجية الوجدانية الناجمة عن انفكاك نمطي بين الدوافع الغريزية والليبيدية.

3-   إشباع ليبيدي نكوصي، عدواني مبطن بعقابه الذاتي، وهو الدلالة للعرض الوسواسي.

وأخيراً، على السويداء بحيث يوجه المازوخي عدوانية نحو العالم ونحو الذات، فيحيط ذاته بالحداد جراء الشعور بفقدان الذات والتي تصل أحياناً إلى تدمير كلي للذات عبر الانتحار كخاتمة.

على سبيل الختم:

تظل المازوخية حالة عصابية شديدة التواشج مع حالات مرضية أخرى كثيرة، ما يصعب معها أن يترجم الطب النفسي طباعها صراحة. مع ذلك، فقد حصرها المؤلف في ضربين مازوخية شهوية ومعنوية اللتين تشتركان في إضفاء طابع حي على الألم.

[1] دوبوتون (آلان)، دروس الحب، ترجمة الحارث النبهان، دار التنوير، الطبعة الأولى، 2020م، ص.19

[2] أطلق مصطلح المازوخية Masochisme عالم النفس ريتشارد فون كرافت إبينج في عام 1869م في كتابه "علم الأمراض النفسية الجنسية".

[3] نشرت الرواية لأول مرة في سنة 1870م ومنذئذ اتسعت شهرته، وترجمت هذه الرواية إلى اللغة العربية بعنوان "فينوس ذات الفراء".

[4] ناخت (ساشا)، المازوخية، ترجمة مي طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1983م، ص5

[5] نقلا عن ساشا ناخت، المرجع نفسه، ص11

[6] هذا التقهقر للوراء لا يعني أن الميول الجنسية المحرمية قد كبتث، وتم تصفيتها بشكل كامل بل هي قادرة على الطفو إلى العلن في أي وقت.

[7] العنة النفسية هي اضطراب القدرة الجنسية لدى الذكر؛ أي عدم القدرة على المحافظة على انتصاب العضو التناسلي.