هزيمة الإسلام السياسي... زعم يناقضه الواقع


فئة :  مقالات

هزيمة الإسلام السياسي... زعم يناقضه الواقع

 

منذ نشأته كان الإسلام دينا ودولة، وهذا يوجب منطقيا وواقعيا بأن تكون السياسة دوما حاضرة بشكل مستمر ومرتبط بالدين في مجرى تاريخ الإسلام، وهذا فعليا ما كان حال السياسة عليه وما يزال، ولا يمكنها إلا أن تكون كذلك، فهي في التاريخ الإسلامي إما حُكم رسمي يقوم على الشريعة الإسلامية، أو حركات مناوئة تتخذ لنفسها عادة غطاء شرعيا، وتتمظهر غالبا من خلال مذاهب دينية؛ ولو تأملنا في نشأة المذاهب الإسلامية الدينية، فسنجد أن غالبيتها نشأت نتيجة خلاف على خلافة أو إمامة أو إمارة وما شابه!

فإن غابت السياسة حينا، فهذا ليس بسبب فصلٍ ما بينها وبين الدين، وإنما بسبب عدم مناسبة الظروف لأي عمل سياسي بسبب قوة وهيمنة السلطة الحاكمة، القادرة على منع أي عمل سياسي خارج إطارها، حيث يكون العمل السياسي الوحيد المشروع والمسموح به هو فقط الذي يتم من خلالها وبالتبعية لها، ويتناسب مع مصلحتها حصريا، والذي يتم من قبلها كتكليف لأشخاص يمثلونها مثل الوزراء والولاة والقادة العسكريين وهلم جرى، ليتماهى بذلك عموما العمل السياسي مع العمل الحكومي. أما أي عمل سياسي آخر خارج هذا الإطار، فهو حكما عمل مناوئ، ووجوده أو عدمه، وكذلك نجاحه أو فشله، كلها مرتبطة بتوازن القوى بين الجهة المناوئة التي تقوم به، والسلطة الحاكمة التي تتصدى له.

العلاقة الوثيقة بين الدين والسياسة تواترت عبر العصور في الإسلام

هذه العلاقة الوثيقة بين الدين والسياسة تواترت عبر العصور في الإسلام، حتى وصلت إلى حاضرنا الراهن، الذي لم يختلف بعد عن الماضي في هذا الشأن، وليس ثمة ما يدل على تحول قريب في هذه العلاقة على المدى القريب.

وفي حال كحالنا هذه، ليس من الغريب أن تنشأ لدينا تنظيمات إسلامية جديدة تتبنى الإسلام كإيديولوجيا، وتسعى إلى استلام السلطة وإقامة الحكم الإسلامي، تارة عن طريق لعبة شبه سياسية حديثة الشكل، وأخرى عن طريق الضغط على السلطة الحاكمة أو محاصصتها، وثالثة عن طريق العمل المسلح العنيف.

وهذا كله اعتيادي!

فكل بيئة تفرز من النماذج السياسية ما يتوافق مع ثقافتها وظروفها الاجتماعية والمعاشية ومستوياتها المعرفية، ومن الطبيعي لبيئة محافظة متدينة، وذات تقاليد دينية تاريخية لا ينفصل فيها الدين عن الدولة أن تفرز قوى إسلامية سياسية تسعى إلى حكم الدولة والمجتمع على أساس ديني، وهذه القوى قد تكون قوى تقليدية غير منظمة في حركات أو تنظيمات سياسية محددة، ولكنها تعمل من خلال مؤسسة السلطة الحاكمة الرسمية -غير المنفصلة بحد ذاتها عن الشريعة الإسلامية- على غرار الإفتاء الرسمي وزارات الأوقاف والقضاء الشرعي وما شابه، أو تنظيمات منفصلة عن هيكلية السلطة مرخصة حينا وغير مرخصة غالبا، وتتدرج مواقفها بين الموالاة والمعارضة والمواجهة.

من الطبيعي لبيئة محافظة متدينة، وذات تقاليد دينية تاريخية لا ينفصل فيها الدين عن الدولة أن تفرز قوى إسلامية سياسية تسعى إلى حكم الدولة والمجتمع على أساس ديني

وفي الأوقات التي تشتد فيها الأزمات من الطبيعي أن تنمو هذه الحركات والتنظيمات المنفصلة عن السلطة كمّا وتزداد تطرفا؛ فالأزمات في البيئات المحافظة تجعل الناس أكثر تدينا، وهذا يعود إما لصلاحية الدين نفسه للعب دور الملجأ النفسي والاجتماعي للناس في أوقات الشدة، أو لتدهور السوية المعرفية والثقافية العامة في هذه الأوقات وسيطرة النـزعات الغيبية والتسليمية، وفي مثل هذه الظروف تجد الحركات الدينية السياسية البيئة الخصبة المناسبة لنموها الكمي..والظروف اللازمة لتطرفها النوعي، وبقدر ما تشتد الأزمة تنمو أكثر وتتطرف أكثر..لتصبح بحد ذاتها عاملا أساسيا في مضاعفة حجم الأزمة ومفاقمة مفاعيلها!

وهذا ما يمر به عالمنا العربي عموما في المرحلة الراهنة، وإن اختلفت حجوم وأشكال ودرجات الأزمات بين منطقة وأخرى، تبعا لجملة ومحصلة العوامل الفاعلة والمتفاعلة فيها.. واختلافات المواقف والمصالح الداخلية والإقليمية والدولية التي تعمل، إما على تأجيج نيران الأزمات المشتعلة، أو على إخمادها أو كبحها الآنيين!

القوى الإسلامية ليست كلها تكفيرية، وإن كان جلها يتراوح بين التشدد والتطرف، ويشترك في التخارج مع العصر والعقلانية والعلم

مؤخرا ازداد الكلام عن انكفاء أو هزيمة الإسلام السياسي، بل صار البعض يتحدث عن بداية مرحلة "ما بعد الإسلام السياسي"! فما مدى دقة مثل هذه الطروحات؟ وهل هي انعكاس حقيقي لمجريات الواقع، أم إنها مجرد فقاعات إعلامية، أو دعايات سياسية يبثها خصوم وأعداء الإسلام السياسي؟!

قبل محاولة الجواب عن هذه الأسئلة، لا بد من التنويه إلى أن مصطلح "الإسلام السياسي" هو مصطلح فضفاض وغير دقيق المعنى، وهذا يترك سلفا أثرا يزيد بدرجة كبيرة من صعوبة الجواب!

لكن بما أن الشائع هو حصر مسمى "الإسلام السياسي" بالحركات والأحزاب والميليشيات المنظمة، المنفصلة عن السلطات، والتي تتبنى إيديولوجيات إسلامية متشددة غالبا، وتسعى إلى الوصول للسلطة وإقامة الحكم الإسلامي، إما عن طريق اللعبة الانتخابية حينا، أو بالعمل المسلح حينا آخر، والتي يغلب عليها عموما الطابع المتطرف العنيف، فسنحاول ربط الجواب بوضع هذه القوى... لكن دون فصلها -هي نفسها- عن محيطها الموضوعي وظروفه والعوامل والفواعل المؤثرة فيه.

إنه لمن الموضوعي القول إن القوى الإسلامية ليست كلها تكفيرية، وإن كان جلها يتراوح بين التشدد والتطرف، ويشترك في التخارج مع العصر والعقلانية والعلم، وهذه القوى هي ليست لحظة طارئة ظهرت على مسرح الأحداث الراهن في المنطقة العربية، وهي ليست حدثا مفتعلا لفواعل خاصة داخلية أو خارجية منفصلة عن الأوضاع الراهنة في هذه المنطقة، بل هي نتيجة حتمية وموضوعية لحالة التردّي الشامل على كافة مستويات المجتمع والدولة، الذي تتخبط فيه المنطقة من ناحية... ولتضارب مصالح القوى الداخلية والإقليمية والدولية من ناحية ثانية!

التغير الفعلي الذي حدث هو في مجريات اللعبة ونتائجها فقط، وهنا يمكننا الحديث عن انكسار أو تراجع لما يسمى بالإسلام السياسي

فمع الفشل في بناء الدولة الحديثة في جميع الأقطار العربية، وبالتالي عدم حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وهلم جرا، ومع سيطرة قوى متسلطة لا تسعى إلا إلى تحقيق مصالحها مهما تضاربت هذه المصالح مع الصالح العام للدولة والمجتمع، وتحالف هذه القوى السلطوية عموما مع فئة مناسبة من رجال الدين المغرضين ورجال الاقتصاد الانتهازيين الطفيليين، تضاعفت حدة الأزمة الشاملة وانتشر الفساد والقمع، وتفاقمت مستويات الفقر والجهل... وما يرتبط بها من إحساس بالغبن ونمو للعصبية، وهذا كله يجعل البيئة في المحصلة في أنسب حالاتها لإنتاج الحراك الديني المنظم المسيس المتطرف، الذي يعززه بقوة الفقر المدقع في البدائل السياسية والمدنية، العائد لتدهور الظروف المجتمعية بشكل عام، وللسياسات الحكومية التسلطية القامعة لعمل الأحزاب السياسية المستقلة ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات الثقافية بشكل خاص، كما ويعززه أيضا فشل المشاريع القومية والاشتراكية وسواها من المشاريع ذات الطابع غير الديني التي طرحت في العديد من البلدان العربية، ما يجعل المشروع الإسلامي هو الخيار الوحيد المتبقي، ولاسيما أن القوى الديمقراطية هي الأخرى في وضع مزر لنفس الأسباب المذكورة آنفا؛ وإضافة إلى ما تقدم هناك الدور الخارجي، وهو دور على درجات كبيرة من الضخامة والثقل، وتلعبه قوى إقليمية ودولية، فتستغل الأوضاع المتردية في المناطق العربية بما يخدم مصالحها، فتزداد حدة الأزمات، إما بسبب تناقض وتنافس المصالح وصراعها، أو بسبب كون الأزمة بحد ذاتها أمرا مطلوبا وضروريا لمصلحة هذا الطرف الخارجي أو ذاك، فمثلا يؤدي أحيانا تضارب المصالح بين أمريكا وروسيا دوليا، وبين إسرائيل وتركيا وإيران إقليميا إلى دفع الأزمات في العديد من البلدان العربية إلى حدودها القصوى، وأحيانا أخرى تفعل ذلك الحسابات الخاصة لإسرائيل وأمريكا، أو غيرهما... حتى بدون صراع مع منافسين!

وإذا ما تأملنا في كل ما سبق من معطيات، وكلها مرتبطة بشكل جوهري مع ظاهرة الإسلام السياسي المنظم المتطرف، وهي الفواعل الأساسية في إنتاج هذه الظاهرة على مستوييها الذاتي والموضوعي، فسنجد أنه ليس فيها أي تغيير إيجابي حقيقي! بل أصبحت الأوضاع والعوامل الداخلية والخارجية أسوأ بكثير من مرحلة ما قبل ما يسمى بـ"الربيع العربي"!

التغير الفعلي الذي حدث هو في مجريات اللعبة ونتائجها فقط، وهنا يمكننا الحديث عن انكسار أو تراجع لما يسمى بالإسلام السياسي على الصعيد الميداني فقط!

فقد تراجع فعليا في بعض المناطق نفوذ أو سيطرة التنظيمات الإسلامية السياسية والمليشيوية!

ففي مصر مثلا تراجع نفوذ الإسلاميين السياسيين عموما، والإخوان المسلمين وحلفائهم المباشرين خصوصا، نتيجة للحملة الشرسة التي يشنها عليهم نظام السيسي..وهو امتداد مباشر لنظام مبارك بكل عوراته المستفحلة الجمة.

وفي سوريا، خسرت الميليشيات الإسلامية الحربية على اختلاف درجات تشددها أو تطرفها معركتها مع النظام الاستبدادي البوليسي الحاكم غرب الفرات نتيجة الدعمين الروسي والإيراني المباشرين وغير المحدودين لهذا النظام. أما شرق الفرات، فقد حدث هذا على يد الميليشيات العرقية الكردية المدعومة أيضا بشكل كبير ومباشر من قبل أمريكا، وقد سهل كثيرا الخسارة في كلتا المنطقتين تشرذم هذه الميليشيات الإسلامية وصراعها العنيف مع بعضها البعض على المصالح اللحظية كما تفعل المافيات.

وفي العراق، حدثت الخسارة الميدانية في شخصية أسوأ صورة للتطرف والعنف التكفيري، وهي داعش المتخذة وجها سُنّيا، نتيجة تحالف دولي ومحلي متنافس الأقطاب ضدها، دخلت فيه الحكومة العراقية الرسمية ذات الصبغة الشيعية بدعم من أمريكا وإيران، ولعبت فيه دورا فاعلا ميليشيات شعبية شيعية كالحشد الشعبي وكردية كالبيشمارغة!

أما في اليمن، فالصراع ما يزال مستمرا، ولم يخسر الحوثيون الشيعة المدعومين من قبل إيران المعركة على يد التحالف الذي تقوده السعودية لغايات سياسية ومذهبية بتأييد مصلحي من قبل أمريكا، بل إن الانقسامات طالت هذا التحالف نفسه نتيجة الخلافات السعودية الإماراتية.

وفي ليبيا، ما تزال الميليشيات الإسلامية محتفظة بقواها، وثمة هناك حالة من التوازن القلق بينها وبين خصومها ذوي المصالح والارتباطات المختلفة، الذين لا يشكلون رغم شكلهم غير الديني بديلا ديمقراطيا عصريا لها.

وفي بقية المغرب العربي بما في ذلك تونس، ليس هناك تغير في توازنات القوى السياسية حتى الآن، والقوى الإسلامية السياسية ما يزال لها نفوذها وثقلها المحسوسان اللذان لا يبدو أنهما سيتراجعان على المدى القريب.

أما في السودان الذي تفكك بسبب الفشل الذريع في بناء الدولة الحديثة، والذي كان من أهم أسبابه الديكتاتورية واستغلالها للإسلام وفرضه على دولة متعددة الثقافات توطيدا لسلطتها، فرغم سقوط الديكتاتور الحاكم، فتركيبة القوى السياسية والاجتماعية لم يطرأ عليها تغير يذكر بعد، وما تزال القوى الإسلامية هي الغالبة على الساحة، وما يزال التردي المجتمعي الحاد الشامل الصعد على حاله باستثناء بعض التغيير المضطرب وغير المحسوم بعد على المستوى السياسي.

أما في لبنان، فما زال حزب الله -وهو بدوره إسلام سياسي شيعي- محافظا على ثقله الكبير ودوره الفاعل على الساحة اللبنانية، التي ما تزال بدورها منقسمة سياسيا ومحكومة على أسس دينية وطائفية.

وليس هناك من تغير في الأوضاع العامة في الدول الخليجية الشديدة التدين والمحافظة، ولا في طبيعة أنظمة الحكم الملكية المطلقة ذات الطبيعة الإسلامية التقليدية فيها!

وإذا ما عدنا إلى العراق، فسنجد أن الأحزاب والتنظيمات الشيعية هي سيدة الموقف في الساحة الشيعية، ولها ما يقابلها على الساحة السُنية، رغم هزيمة داعش، هذا ناهيك عن الدور الكبير الذي تلعبه في الحسابات السياسية كل من المساعي الانفصالية التي ينتهجها الأكراد في مناطقهم، والعشائر بطبيعتها العشائرية بغض النظر عن طوائفها!

وإضافة إلى كل ما تقدم، فلا شيء تغير على مستوى علاقة الدين بالدولة في كل البلدان العربية، وما يزال الإسلام بشكله التقليدي الموروث فيها هو المصدر الأساسي للتشريع، وما تزال الهيئات الإسلامية الرسمية جزءا أساسيا من مؤسسة السلطة، وليس نادرا أن يقدم بين حين وآخر، المزيد من التنازلات ذات الطابع الديني من قبل الحكومات لهذه القوى الإسلامية الرسمية، في محاولة لكسب رضاها ودعمها أكثر ولسحب البساط من تحت أقدام الإسلام السياسي المضاد.

فأين هو الانكفاء والهزيمة المزعومين للإسلام السياسي بكافة صنوفه في ظل هذه المعمعة من التشرذم الفئوي واستمرار الاستبداد والفساد الحكومي، وخلط الدين بالدولة والتدخلات الخارجية المغرضة؟!

 فلا شيء تغير على مستوى علاقة الدين بالدولة في كل البلدان العربية، وما يزال الإسلام بشكله التقليدي الموروث فيها هو المصدر الأساسي للتشريع

الحديث عن هزيمة للإسلام السياسي المتشدد أو المتطرف...هو واقعي ومنطقي فقط في حالة خسارته للمعركة أمام بدائل حقيقة مختلفة عنه جوهريا في الطبيعة والتكوين، وليس في المواقع والمصالح، كأن تكون الخسارة أمام إسلام عصري متنور أو دولة وطنية حقيقية أو قوى مدنية ديموقراطية! أما الهزيمة على يد تدخلات أجنبية أو سلطات دكتاتورية..أو قوى إسلامية متشددة أخرى أو قوى ذات طابع عشائري أو عرقي، فهذا ليس نصرا فعليا على الإطلاق.. ولا بديلا حقيقيا لهذا النموذج الإسلامي المتخارج مع العصر والحضارة والوطن، وهو لا يخدم حقيقةً مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية العصرية، وما هو في حقيقته إلا ربح معركة صراع مصالح من قبل خصوم أجانب لهم مصالحهم وأطماعهم الأنانية أو العدوانية الخاصة، أو من قبل خصوم مصلحيين محليين هم بدورهم ليسوا بأقل منه تخارجا مع الوطنية والعصرية والحضارة، أو من قبل الجهتين معا في حالة توافق مصالحهما، وهذا في المحصلة لا يبقي الأزمة العامة المستفحلة على حالها وحسب، بل يزيدها سوءا بدرجات كبيرة، وتزداد معها طرديا درجة التعصب والتطرف وإمكانية ظهور مفرزاتها السياسية والميليشيوية الإسلامية وغير الإسلامية المتطرفة بشكل مستمر، رغم خسارتها الآنية في هذه المنطقة الميدانية أو تلك.

فلنكن إذن، واقعيين ومنطقيين في أحكامنا، ومدركين لطبائع وجواهر وخفايا مشكلاتنا، وحذرين من الانسياق الساذج وراء الأوهام والأكاذيب!

فمشكلتنا الجوهرية ليست مع الإسلام السياسي المتطرف وحده، بل مع كافة مسببـي ومسببات الأزمة العميقة الشاملة التي نتخبط فيها على كافة الصعد، والتي يشكل الإسلام المتطرف- حتى بأقصى درجات تطرفه وعنفه التكفيري- أحد إفرازاتها فقط، وإن كان أحد أسوأ هذه الإفرازات.

بالطبع المواجهة المباشرة لهذا الخطر التكفيري العنيف جد واجبة، ولكن هذا هو فقط جزء من الحل على صعيد مواجهة أحد أعراض الداء، لكن الحل الجذري للداء يجب أن يتم بمواجهة المشكلة على صعيد جذورها المتمثلة بالموروث الاجتماعي المتخلف والديكتاتورية السلطوية الحاكمة والتدخلات الأجنبية العدوانية، وهذا يقتضي في طليعة ما يقتضيه نشر الثقافة الحديثة والمعرفة العقلانية والعلم والدمقرطة والتعاون العربي.

أما حصر المشكلة بالتطرف الإسلامي وخطره التكفيري.. وحلها بالانتصارات المزعومة عليه، فما هو إلا وهم باطل لا ينطلي إلا على من تنقصه الرؤية الواضحة والبصيرة الفاعلة، ووراءه تكمن خديعة ماكرة بروجها المتسببون الحقيقيون بالأزمة الكارثة من أصحاب المصالح الخبيثة.