قراءة في كتاب مسافر الكنبة في إيران للكاتب عمرو بدوي بمركز دال
فئة: أنشطة سابقة
استضاف مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي بالقاهرة، التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، يوم الاثنين الموافق 30 نوفمبر الكاتب عمرو بدوي، في قراءة لكتابه مسافر الكنبة في إيران، وأدار اللقاء الباحثة ولاء عبد الهادي التي رحبت بالكاتب، وجمهور الحاضرين، ونوهت بأهمية أدب الرحلة بشكل عام، والكتاب بشكل خاص، والذي يطرح معطيات جديدة تبدو شديدة الأهمية في اللحظة الراهنة.
يتناول الكتاب الذي ينتمي لأدب الرحلة، العديد من الحكايات عن إيران وأبرز مدنها، وعاداتها ومعالمها وآثارها على مدار تسعة عشر يوما قضاها الكاتب هناك.
في البداية قال الكاتب عمرو بدوي إن عنوان الكتاب قد يبدو غريباً لبعض القراء، وأصل هذا المسمى يعود لموقع "coach travel"، وهو موقع يوفر للمسافر إقامة في أحد منازل أهل المدينة التي يزورها، حيث يخصص له كنبة أو سرير صغير للمبيت، ميزة هذه الوسيلة في السفر أنها تتيح للمسافر التعرف بشكل حقيقي وتفاعلي على أهل البلد وعاداتهم وتقاليدهم، ومعايشتهم، إضافة إلى ذلك فهو يوفر للشخص ثمن الإقامة في الفنادق، وللموقع الذي يشبه الفيسبوك ميزة التواصل الاجتماعي وتوفير فرص اللقاء بين الناس حول العالم.
وأضاف أنه بالأساس مصور وعاشق للسفر، وأن الكتاب يعد أول تجربة يخوضها في عالم الكتابة، حاول من خلاله مشاركة القارئ في الرحلة، وأنه اختار إيران تحديدا؛ لأنها من البلدان التي يكتنفها الغموض، في ظل المعلومات النمطية والأفكار المسبقة التي نعرفها عنها.
وأشار عمرو إلى أن هناك مخاوف كثيرة راودته قبل سفره لإيران، لكنه اكتشف أنها مجرد هواجس غير حقيقية. وفي هذا السياق، أكد أول المخاوف التي واجهته منها الهاجس الأمني المزدوج، فالتخوف من مطاردة الأمن المصري بعد عودته كما يشاع وهذا لم يحدث، والتخوف الآخر كان من المعلومات المغلوطة عن كون إيران دولة بوليسية يطارد الأمن فيها كل الناس وهذا أيضا لم يجده ".
ثم بدأ الكاتب في سرد بعض تفاصيل رحلته التي بدأها من منطقة " شيراز" في جنوب إيران، واكتشف أن هناك تقديرا كبيرا للشعراء؛ لأنهم يرون أن الشعراء ينسب لهم الفضل في حفظ اللغة الإيرانية بعد الفتح العربي، ومدينة شيراز تنتسب للشاعر حافظ الشيرازي، في هذه المدينة تعرف على مجموعة من السكان الذين يحملون قدرا كبيرا من الود، واكتشف أن الإيرانيين يدرسون اللغة العربية في المدارس، كما تكتب النقوش بالعربية في المساجد، مؤكدا أنه طوال رحلته لم تكن هناك أية ملاحظات على كونه سنيا، حتى عندما صلى وكانت صلاته مختلفة عنهم، لم يسأله أحد في شيء.
بعد شيراز زار مدينة "يزد" وهي معقل الطائفة الزرادشتية التي تعرف في الدول العربية بالمجوسية، وهي ديانة ينتمي إليها نحو 25 ألف شخص، ولهم ممثل في البرلمان، ولهم معابدهم، وهم لا يعبدون النار ولكن فقط يقدسونها كما يقبل المسلمون الحجر الأسود الموضوع في الكعبة.
كانت من المفاجأة في نظره وجود بنية تحتية متطورة جدا في إيران، من وسائل المواصلات والمستشفيات والمدارس والصرف الصحفي ونظافة الشوارع، وأيضاً الاهتمام الفائق بفنون العمارة، بالإضافة إلى ازدهار صناعة السجاد اليدوية، فكل مدينة في إيران مشهورة بنوع معين من السجاد.
بعد " يزد " زار مدينة أصفهان، وهي في رأيه من أجمل المدن في إيران، وهناك قام بزيارة الكنيسة الرومانية، ويوجد بإيران نحو 750 ألف أرمني والأرمن هم بناة هذه المدينة.
وأكد الكاتب أنه بعد زيارته لإيران، قرر أن يبحث عن جذور الخلاف السني الشيعي، فوجد أن الخلاف ينحصر في الشعائر فقط، لكن أصول الدين واحدة، وهو ما تأكد من خلال زيارته، بالإضافة إلى أن الخلاف منذ البداية - في رأيه- كان خلافاً سياسياً على الحكم، حيث انقسم الصحابة بعد وفاة النبي محمد، بعضهم يرى أن الإمام علي بن أبي طالب أحق بالحكم، والبعض الآخر يدعم أبا بكر ومن بعده عمر وعثمان وصولاً لمعاوية، حيث تفاقم الصراع وحدثت العديد من المجازر في حق آل البيت.
وبالنسبة إلى تاريخ إيران مع المذهب الشيعي، ذكر الكاتب أنه يعود أيضاً إلى خلاف سياسي أثناء فترة الصراع بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية في القرن السادس عشر، وهو السبب الرئيس في تمركز العقيدة الشيعية في إيران، فقبل الدولة الصفوية كان السنة في إيران أكثر من الشيعة، وبعد أن أعلن العثمانيون في تركيا أنهم دولة سنية، أعلن الصفويون تبعاً أنهم دولة شيعية، ومن ثم ساد المذهب الشيعي حتى الآن، وفي إيران هناك حوالي 12 مليون سني بما يوازي 15 ٪ من عدد السكان.
عقب اللقاء دارت مناقشة بين الكاتب وعدد من جمهور اللقاء حول طبيعة الحياة في إيران، والبنى الاجتماعية وعلاقتها بأنماط التدين الموجودة خاصة المذهب الشيعي السائد، وأفق العلاقات في المستقبل بين إيران وجيرانها في ظل الصراعات السياسية المحتدمة، حيث عرض الكاتب رؤية جديدة للمصالحة والتعايش السلمي، والتعاون الحضاري.