لقاء حواري حول موضوع: " إشكاليات وراهن الترجمة ... الأدب الروسي أنموذجا"
فئة: أنشطة سابقة
استضاف مركز دال للأبحاث والإنتاج الاعلامى التابع لمؤسسة مؤمنون بلاحدود، يوم الخميس الموافق 11 أغسطس 2016م، فعاليات ندوة علمية تحت عنوان: "إشكاليات وراهن الترجمة؛ الأدب الروسي أنموذجا" للكاتب والمترجم الدكتور أنور إبراهيم والأستاذ أحمد صلاح الدين .
بدأ اللقاء بكلمة للدكتور أنور إبراهيم تحدث فيها عن تاريخ الترجمة في روسيا وإشكالياتها، والتي أشار فيها إلى تاريخ دخول روسيا إلى المسيحية في القرن الحادي عشر الميلادي، وفي هذا الوقت لم تكن ثمة كتابة روسية، كان على روسيا أن تترجم الكتاب المقدس وسير القديسين، وعليه استعانت بمترجمين من بلاد أخرى، إلى أن جاء الشخص الطموح وصاحب الخطط القديس بطرس الأكبر في القرن 18، وهو من استعان بدول مجاورة مثل ألمانيا، وهو قيصر روسيا العظيم الذي تخفى في ملابس بحار، وسافر إلى السويد ليدرس البحرية، ويؤسس الأسطول الروسي . في المقابل، نجد "محمد علي" في مصر، وكان عليه أن يستخدم المترجمين في هذه الفترة لتحقيق طموحاته، فاعتمد في البداية على الإيطاليين، ومن ثم كان الفرنسيون، هنا فكر محمد علي في أول بعثة ليكون علماؤه ومترجموه في البعثات الأولى، وكان رفاعة الطهطاوي على رأس البعثة للمحافظة على البعثة من الانحرافات، تعلم الطهطاوي وقتها اللغة الفرنسية، ومن ثم عاد المترجمون الأوائل إلى مصر، حجز محمد علي المترجمين ليترجموا ما درسوه بفرنسا، وكانت هذه هي النقلة الأولى النوعية لخدمة مؤسسات الدولة وقتها . ومن هنا جاء التفكير في إنشاء مدرسة الألسن تحت إشراف مشايخ الأزهر المستنيرين العطار والطهطاوي وغيرهم، فقاموا بالتأليف والترجمة والنشر .
وعن سؤال حول بدايات الترجمة أشار الدكتور إبراهيم إلى أن الترجمة عن الروسية بدأت بترجمة سلامة موسى لـلجريمة والعقاب، وكانت ترجمة حرة، وقدم رواية خالية ونظيفة من الدم، ويبدو أنه خشي على جمهوره مفضلا النهاية السعيدة، من هذه الترجمة يخرج تساؤل: لماذا أقدم سلامه موسى على الترجمة من الروسية لدستوفسكى؟ أكد الدكتور إبراهيم أن ما تمت ترجمته من الروسية اعتمد اعتمادا كليا على الذائقة الأوروبية، وخاصة الفرنسية منها، وما تمت ترجمته هو أغلبه من اللغة الوسيطة الفرنسية. ثم جاءت كلمة المترجم أحمد صلاح الدين، والذي قدم فيها رؤيته حول حركة الترجمة من الروسية في مصر، وأشار فيها إلى جيل دكتور أنور إبراهيم ، وأشرف الصباغ وغيرهم ممن أقدموا على ترجمة الأعمال الفكرية والإبداعية من الروسية إلى العربية بشكل فردي، وفي سياق مشروع فكري يخص كلاهما، شاركا به في تطوير الوعي الجمعي لدى جمهور القراء ومعرفتهم بالثقافة الروسية . ثم اتجه مسار الندوة إلى الاشتباك بالأسئلة وطرح التساؤلات، والتي بدأ بها " صلاح الدين " بسؤال: ماذا نترجم ولمن نترجم ؟ وألحقها بسؤال عن تاريخ ظهور كتابات جاءت محتفية بالجريمة، وهل هي مناسبة لإتمام ترجمتها إلى العربية ويتقبلها القارئ العربي؟ وجاء رد الدكتور أنور إبراهيم ليؤكد أن هذا النوع منتشر جدًا في روسيا، وضرب مثالا بانتشار ورايات أجاثا كريستي وأفلامها حتى "ناباكوف"، "وديستوفسكى " هذه النماذج الثلاثة تقدم الرواية البوليسية، ولكن ثمة دور فلسفي وعميق وأسئلة كبرى تشغل أعمال ديستوفسكى، وأنا باكوف غير ما تفعله أجاثا كريستى، وهذا هو الفرق، ويؤكد أنه ممكن لهذا النوع من الأدب أن يكون له جمهوره في المنطقة العربية .
وعن سؤال لماذا نترجم ولمن؟، أكد الدكتور أنور أن الترجمة في النهاية اختيار وعمل فردي، وأشار إلى كتاب مهم هو "المشروع القومي للترجمة، وأشار إلى أن ثمة أجهزة ومؤسسات ثقافية مصرية لا تعمل على التواصل مع المؤسسات الروسية منها معهد الاستشراق في موسكو، وهم يرحبون جدا بهذا ا لتواصل، لكن هذا للأسف لا يحدث لأسباب متعلقة بالبيروقراطية الموجودة . امتدت الندوة لنحو ساعتين من الاشتباك بالأسئلة وطرح كل منهما تجربته في الترجمة من الروسية الى العربية، واقترابه من المشهد الثقافي الروسي، وطرح كل منهما رؤيته حول معوقات عمل مشروع حقيقي للترجمة في ظل غياب مؤسسي عربي لا يشتغل على استراتيجية واضحة؛ لتقديم منجز معرفي وفكري ونقدي من خلال ما يتم إنتاجه .
والدكتور أنور إبراهيم هو المستشار السابق لوزارة الثقافة المصرية للعلاقات الخارجية، وواحد من كبار المترجمين المصريين، تخرج من كلية الألسن قسم اللغة الروسية عام 1970، وحصل على درجة الدكتوراه في فقه اللغة والأدب من جامعة موسكو1983م، كما حصل على وسام الشرف من روسيا الاتحادية لجهوده في دعم العلاقات الثقافية بين مصر وروسيا الاتحادية. له عدد كبير من الكتب المترجمة عن الروسية، منها: (العربية السعودية والغرب)، (تاريخ القرصنة في العالم)، (عمارة المسرح في القرن العشرين)، (ذات يوم في مصر)، (الشرق والغرب صدام أم انسجام)، (نماذج من النقد الروسي الحديث)، و(تطور الفكر الاجتماعي العربي من 1017 وحتى 1947).
أما المترجم أحمد صلاح، فهو المدير السابق لتحرير سلسلة الجوائز للترجمة، بدأ نشاطه في مضمار الترجمة بالترجمة عن الإنجليزية، ثم اتجه إلى الروسية، ودرس الأدب الروسي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، شارك في تنفيذ ترجمات في كل المجالات تقريبا، ترجم للأمم المتحدة، البنك الدولي، منظمة الصحة العالمية، منظمة التجارة العالمية، وغيرها، من أعماله: ورثة تولستوي، صلاة تشرنوبل، أورشليم.