لقاء مع الدكتور عماد أبوغازي
فئة: أنشطة سابقة
شهد مركز دال يوم الخميس الموافق 26مارس 2015م فاعليات اللقاء الذي عقد بمقر الأبحاث بجاردن سيتى مع الدكتور عماد أبوغازي وزير الثقافة الأسبق، أدار تفاصيل الحوار الدكتور سامح إسماعيل مدير قسم الأبحاث بالمركز، والذي بدأ اللقاء بتوجيه سؤال للضيف حول مفهوم الثقافة وتوصيفاته المتباينة، حيث أكد أبو غازي أن مفهوم الثقافة يحمل فكرة الصيرورة والتغير بشكل دائم، مميزا بين مفهومين أساسيين للثقافة: مفهوم ضيق، يربط الثقافة بالعمليات الإبداعية المرتبطة بالآداب والفنون والأعمال القصصية والروائية والسينما والمسرح والغناء والباليه وغيرها، ومفهوم واسع ينطلق من رؤية علماء الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيين، باعتبار الثقافة هي ذلك الكل المعقد من العادات والتقاليد والموروثات الموجودة في المجتمع وسلوكيات البشر وعاداتهم وطرائق الحياة المختلفة، كل هذا في رأيه يدخل في الثقافة بالإضافة إلى المعنى الضيق الخاص بالإبداع بمجالاته المختلفة ؛ فالمعنيان موجودان حسب المعنى المراد .
وبسؤاله عن مدى إمكانية تطبيق طرح إليوت حول قابلية الثقافة للتحليل أو ما يسمى الثقافة في بعدها الإقليمي، بوصفها تنقسم إلى ثقافات متنوعة وثقافات متعددة تسمى الثقافات المحلية على الحالة المصرية، أكد أبوغازي أن أية ثقافة تمر بعملية صيرورة وتغير دائمين، وأن مصر عرفت هذا التنوع الثقافي منذ فجر التاريخ، حيث باءت محاولات فرض ثقافة واحدة بالفشل، وهو ما برز بوضوح إبان ثورة أخناتون الدينية، واستمر هذا التنوع بين منطقة وأخرى؛ فهناك الثقافة النوبية والثقافة الأمازيغية وثقافة أهل سيناء، وثقافة أهل الدلتا، هذا فضلا عن التنوع الثقافي بين الطبقات .
ثم انتقل الحوار إلى المؤثرات الحضارية التي شهدتها مصر إبان تجربة الاحتكاك بالغرب، والتي مثلت الحملة الفرنسية 1798م ذروتها، حيث رفض أبوغازي كل الطروحات التي رأت في الحملة بعدا حضاريا، مؤكدا أن الجانب الثقافي كان ثانويا، وجاء في إطار مشروع استعماري كبير، وأن مصر عرفت الاحتكاك بالخارج منذ الاحتلال العثماني، وانتقل الحوار إلى المؤسسة الدينية الرسمية التي يمثلها الأزهر، وكيف أنها بدأت في تصدر المشهد الاجتماعي والسياسي منذ مجيء حملة بونابرت مرورا بالثورة العرابية وثورة 1919م وصولا لأحداث 30يونيو 2013م، حين بدأ الإنفاق يقل على المدارس الدينية، وبدأ التركيز علي الأزهر، وظهر منصب شيخ الأزهر كأهم منصب في مصر .
وتطرق الحوار إلى المحطات الفكرية الكبرى في تاريخ الأزهر، واستعرض الضيف أهم ملامح حركة الإصلاح منذ عهد محمد عبده والشيخ علي عبد الرازق، ومحاولات طه حسين وابن الخطيب تقديم طروحات مغايرة لما هو سائد، وكذلك رد فعل التيار المحافظ الذي بادر برفض محاولات الإصلاح، وهو ما فتح الطريق لحركات التكفير والجهاد التي نشطت في السبعينيات تحت سمع وبصر النظام الذي سمح لها بالتواجد لمواجهة اليسار والتيار الناصري .
وتواصل الحوار الذي امتد إلى نحو ثلاث ساعات إلى اللحظة التاريخية المفعمة بشتى أنواع الحراك السياسي والاجتماعي إبان ثورة 25يناير 2011م، والتي تولى في أعقابها الدكتور أبو غازي مسئولية وزارة الثقافة، حيث تحدث عن أهم المشكلات التي واجهته والحلول واستراتيجيات المواجهة التي حاول من خلالها دفع الحركة الثقافية إلى الأمام، مع ظهور تجارب شعبية مستقلة عملت في مجال الثقافة، كحركة الفن ميدان والتي ساهمت في إثراء الواقع الثقافي، وأعرب أبو غازي عن رفضه إلغاء وزارة الثقافة، لأن للدولة في رأيه مسؤولية واجبة تجاه دعم ونشر الوعي الثقافي، لكنه طالب بألا يكون ذلك مقترنا بهيمنة الدولة وسيطرتها على الحركة الثقافية، لأن في ذلك تحديدا لروح الثقافة التي يجب أن تكون منطلقة بلا أطر سياسية تحكم حركتها.
وفي نهاية الحوار، استمع الضيف إلى تعقيب الحضور ومداخلاتهم، وأجاب عن استفساراتهم وأسئلتهم، كان من بين الحضور: الدكتور شحاتة صيام أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفيوم، وسيد محمود رئيس تحرير جريدة القاهرة، والباحث العراقي علاء حميد، والدكتور مأمون خلف الباحث الفلسطيني بجامعة روما، وأحمد سامر ورباب كمال من حركة علمانيون، ومنال فاروق الباحثة في التراث الشعبي، ولفيف من المهتمين والمنشغلين بالشأن الثقافي المصري.
الدكتور عماد أبو غازي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، شغل منصب وزير الثقافة عقب ثورة 25 يناير2011م ، وقدم استقالته في نوفمبر من العام نفسه لاعتبارات سياسية، شغل منصب رئيس مجلس الإدارة المركزية للشُعب واللجان بالمجلس الأعلى للثقافة لمدة عشر سنوات في الفترة ما بين 1999م، وحتى 2009م، كما شارك في تمثيل مصر في العديد من المناسبات الدولية، تولى أمانة المجلس الأعلى للثقافة من 2009/2011، وشارك في إصدار عدة مجلات وصحف مصرية منذ مطلع الثمانينيات، وأصدر عدة مؤلفات في مجال الدراسات التاريخية، وأكثر من ثلاثين بحثا في مجالات التاريخ والآثار والوثائق والأرشيف والقضية الفلسطينية، وترجمت بعض أبحاثه إلى اللغة الفرنسية.